لا لديكتاتورية القذافي , لا لعدوان الناتو , هناك طريق ثالث , هناك دائما طريق ثالث
مازن كم الماز
هناك اتفاق بين الاستبداد الذي يحكمنا مباشرة و استبداد الاحتكارات الذي يحكم العالم كله , ما يقوله إعلام الأنظمة المستبدة أن الفساد و الاستبداد وطني أما الدعوة للحرية فأجنبية , مدسوسة أو تروجها عناصر مندسة , إنها القاعدة في ليبيا , إيران في البحرين , الفلسطينيون في درعا , و كل هؤلاء في مصر قبل سقوط مبارك , إعلام نظام الاحتكارات المعولم يرى الشيء نفسه , فالحرية ( هو يسميها ديمقراطية ) شيء غريب عنا يجب أن نتدرب عليه بإشراف أجنبي غربي و أن نخضع لوصاية غربية إما مباشرة أو غير مباشرة لكي نتجاوز جينات الخضوع للاستبداد , الفارق هنا بسيط و النتيجة واحدة بالنسبة لنا و إن اختلفت بالنسبة لمن يتنافس على استبعادنا و نهبنا , لقد جاء التطور العسكري للانتفاضة الليبية بردا و سلاما على منظري الاستبداد و نظرية الخضوع للاحتلال التبشيري في نفس الوقت , لقد أرادت النخب و الطغم منذ بداية موجة الثورات العربية أن تعيد حشرها من جديد بين الاستبداد و الاحتلال , أن تلغي بسرعة المساحة الهائلة التي احتلتها الجماهير بنضالها مفاجئة الاثنين و مجبرة إياهما على الكذب و المناورة و استخدام القمع و القتل , الآن يحاولون من جديد حشر الناس , الثوار , الشباب , بين ثنائية الاستبداد و الاحتلال , الجميع , و هم يفعلون ذلك بسعادة غامرة ,
لكن الحقيقة مختلفة تماما , هذا الخيار زائف , وهمي , فهو كالاختيار بين الموت غرقا أو شنقا , بين العبودية و العبودية , بين الاستبداد و الاستبداد , فخلافا لثقافة و خيار القوة و الموت التي يتقنها القذافي و الناتو على حد سواء و يتقنان ممارستها على حد سواء , هناك طريق ثالث , دائما كان هناك طريق ثالث , ديمقراطي حقا , حر , هو حرية الجماهير نفسها , خيار تحررها من كل قمع و قهر و وصاية , لنقرأ ما جرى و يجري في ليبيا على الأرض , لقد ثار الشعب الليبي كما جرى و يجري في كل مكان من هذا الشرق الآن , لكن قمع النظام كان همجيا لدرجة أن الثورة الليبية لم تتمكن من الانتصار , لملم النظام قواه و بدأ بهجوم مضاد , جرت عسكرة الانتفاضة , الأمر الذي اعتبره مثلا رفيقنا سعود سالم , أناركي تحرري ليبي , خطأ , خطيئة كبرى في وجه نظام بهوس و جنون و ولع القذافي بالقمع الدموي , كان واضحا أن الثورة لن تنتصر و أن النظام يحضر لمجزرة قادمة في بنغازي , و من ثم في كل مكان ابتداءا بطرابلس نفسها بما يتفق مع جنون عظمة الزعيم الذي خدش في كبريائه , كان الشعب الليبي بحاجة إلى نجدة , هنا كان هناك احتمالان , أن تقدم هذه النجدة الشعوب و الجماهير العربية و في العالم كله , أو القوى الطامعة بالنفط الليبي على أن تقبض الثمن فيما بعد , ليجد الليبيون أنفسهم و قد استبدلوا قيودا بأخرى , استغلالا بآخر , استبدادا بآخر , نعم , خلافا لكل ما كان الستالينيون يدرسونه و القوميون العرب في أحزابهم الشمولية و الليبراليون الجدد في حركاتهم التابعة , فإن هناك بالفعل شيئا اسمه أممية بروليتارية و لكنه لا يعني التبعية المطلقة للأخ الأكبر , في موسكو أو بكين , و لا يعني إضاعة الوقت في تبرير جرائم الأخ الأكبر و تدريس تاريخ و سيرة حياة الزعماء المختارين للحركة العمالية العالمية , إننا اليوم نعيد قراءة النظرية الثورية و إعادة اكتشافها من جديد , لقد ظهرت الأممية البروليتارية ظهرت مع البدايات الأولى للحركة العمالية العالمية قبل أن يجري تحويل هذه الحركة إلى حركة تمارس التصفيق و الابتهال للزعماء وصولا إلى عبادتهم , ظهرت كنتيجة لطبيعة صراع العمال و المهمشين في النظام الرأسمالي سواء في الأطراف أو المراكز بمعنى أن الصراع الحقيقي مع قوى رأس المال , مع قوى الاستغلال و التهميش و الاستلاب , يجري في الواقع على نطاق أممي و لا يمكن تحقيق النصر الحاسم فيه إلا على نطاق أممي , إننا اليوم في خضم ثوراتنا نعيد قراءة و تفسير , نعيد معرفتنا الثورية هذه المرة لا الإصلاحية و معرفتنا الجماهيرية لا النخبوية و لا الحزبية , الديمقراطية لا الشمولية , لمفهوم الأممية البروليتارية , تعني الأممية البروليتارية أن معركة الجماهير الليبية و معها الشغيلة في كل مكان , هي معركة كل عامل و مهمش على هذه الأرض , و أنه في مواجهة الطغاة و في مواجهة قوى الموت الرأسمالية على حد سواء فإن انتصار ثورات كثورة الشعب الليبي يمكن أن يتحقق فقط بتضامن كل العمال و المهمشين على الأرض … هناك أيضا تضامن عربي , هذا صحيح , و هذا يتضح في الواقع اليوم بين الشعوب الثائرة , لكنه ليس تضامن أنظمة الاستبداد , ليست المجالس العربية على مستوى القادة بين الطغاة العرب و قادة أجهزتهم الجهنمية أو الأمنية و موظفيهم الأغبياء و التافهين , إنه تضامن الجماهير في نضالها من أجل حريتها , تضامننا نحن , تضامن الشباب العربي الثائر في كل مكان مع الشباب الليبي و كل الشباب العربي الثائر و ليس تضامن الأنظمة مع بعضها البعض , لا يمكن اليوم , أكثر من أي وقت مضى , أن يطالب أي شعب بالخنوع , و الاستسلام لمصيره , لمن يسلبه حياته , لأي ديكتاتور , لا من بني جلدته أو من غيرهم , ما كان مجرد نفاق في أيام الركود هو اليوم جريمة , فمن يتضامن مع القتلة مشارك في جرائمهم , هناك شيء اسمه شرعية القوة الغاشمة التي تمثلها في نفس الوقت أنظمة الاستبداد العربية و أيضا النظام العالمي الجديد , كلاهما يقوم على شرعية القوة وحدها , ليس صحيحا أن القذافي مستعد لتسليح شعبه , هذا الشعب الذي عمل طوال 41 عاما على قتل شخصيته و تفكيره المستقل ليتماهى بشخص الطاغية , و الذي عمل في الأسابيع الأخيرة على قتل أي إرادة أو حتى أمل في الحرية فيه حتى لو اضطره هذا لإرتكاب أشنع الجرائم , و ليس صحيحا أن أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا تريد تحرير أي شعب و لا حتى أن يقترب من شيء اسمه حرية , إنها جاهزة للثرثرة عن هذه الأشياء لكنها في الحقيقة تدعم كل الديكتاتوريات و ستبقى تفعل في كل مكان , إن إمبراطورية الاحتكارات تعيش على مص دماء الشعوب و الفقراء , و هي تريد فقط إعادة إنتاج ظروف مستقرة لممارسة هذا العمل دون مشاكل ما أمكن بواسطة بنى قمعية جديدة , بواسطة نخب , طغاة , جدد , ذوي أشكال و خطاب أقل همجية و قبحا ممن حكمونا حتى اليوم … إن الحرب اليوم التي يقوم فيها القذافي و الناتو , باسم الرأسمال العالمي , بتدمير ليبيا و تهيئة الأجواء المطلوبة لتأبيد عبودية شعبها هي إلى حد كبير نتيجة ضعفنا نحن , نحن الجماهير و المهمشون على امتداد العالم بأسره , علينا في مواجهة هذه الحرب التي يتفق طرفاها على ضرورة سلب الشعب الليبي حريته , أن نخلق أشكال و مؤسسات للتضامن الفعلي ضد الطغاة , ضد المستغلين و المتاجرين بدماء الشعوب , تقوم على شرعية الناس العاديين , لا القوة الغاشمة للقوى السائدة اليوم , هذا إلى حد ما شرط ضروري , ليس فقط لانتصار الثورة الليبية اليوم , بل لانتصار الثورة في كل مكان , للانتصار النهائي للفقراء و المهمشين على الأنظمة و القوى التي لا يمكنها أن تسيطر و تهيمن إلا إذا أبقتهم فقراءا و مهمشين ,علينا أن نبدأ بتطوير مؤسسات للتضامن بين الجماهير التي تتعرض للاضطهاد في كل مكان و لتنسيق نضالاتها في حركة عالمية كبيرة لدحر الظلم و الطغيان في كل مكان , علينا أن نعيد الاعتبار لمفهوم الأممية البروليتارية بمضمون و محتوى جماهيري ثوري ديمقراطي و أن نطور آلياتها و مؤسساتها لأنها ضرورة لانتصاراتنا الجزئية و لانتصارنا الأخير …
ملاحظة للسيد عبد الله الداخل , قلة اليوم ما زالوا يمارسون كما تفعل تلك النخبوية الفوقية و بمثل هذه اللهجة القاطعة للعارف بالحقيقة المطلقة , منهم صاحب أغنية زنكة زنكة الذي يدافع عنه السيد الداخل , هذه أوقات ثورية أيها الداخل , أوقات أنصاف الأميين , و الرعاع , التي ينتزعون فيها مصيرهم من كل من زعم سابقا أنه أدرى منهم بأمور حياتهم و مارس ذلك وصولا إلى قتلهم إذا لزم الأمر لمصلحتهم طبعا … انتظر حتى تسقط هذه الثورات على الأقل و عندها مارس نخبويتك التعليمية البطريركية بتلذذ , اليوم هذا صعب , الناس تريد من يحاورها كواحد منها , لأنها اليوم فجرت ثورات في كل مكان باسم حريتها لا باسم أية إيديولوجيا وطنية أو ستالينية أو شمولية و لا ليبرالية جديدة سرقت منها عمرها لجيل كامل , و هكذا كان الحال دوما , تظهر النخب مرة أخرى عندما يجري تهميش الناس لصالح إيديولوجيا ما نخبوية تشترط أن يمارسوا السمع و الطاعة , عليك أن تتحمل هذا كله الآن , و أن تنتظر سقوط الثورات , أما نحت فسنقاتل حتى ذلك اليوم بكل قوتنا في سبيل حريتنا , و لذلك ليسقط القذافي و الناتو , المجد للشعب الليبي …..
Be the first to comment.