نحو أناركية أخرى
ترجمة : احمد زكى
يتضح أكثر فأكثر أن عصر الثورات لم ينته بعد. وبنفس المنوال يتضح أكثر فأكثر أن الحركة الثورية الكوكبية في القرن الواحد وعشرين، لن تكون هي تلك الحركة التي تستمد أصولها من التقاليد الماركسية لحد كبير، أو حتى من الاشتراكية بمعناها الضيق، ولكنها سوف تستمد أصولها أكثر كثيرا من الأناركية.
في جميع الأنحاء من أوروبا الشرقية حتى الأرجنتين، ومن سياتل حتى بومباي، تتوالد من الأفكار والمبادئ الأناركية رؤى وأحلام راديكالية جديدة. وغالبا ما لا يطلقون على أنفسهم، أولئك المدافعون عن هذه الأفكار، اسم “الأناركيون”. انهم مستودع أسماء اخرى: أنصار التسيير الذاتي – autonomism، اللا- سلطوية – anti-authoritarianism، الأفقية – horizontality، الزاباتيستية – Zapatismo، الديموقراطية المباشرة – direct democracy… وعلى الرغم من ذلك، يبقى أن يكتشف المرء فيهم جميعا نفس جوهر المبادئ: اللامركزية، الانضمام التطوعي للجمعيات، المعونة المتبادلة، نموذج شبكات العمل، وفوق كل شيء، نبذ فكرة أن الغاية تبرر الوسيلة، بل وإهمال فكرة أن شغل الفرد الثوري الشاغل هو الاستيلاء على سلطة الدولة ثم يتلوه، بعد ذلك، البدء في فرض رؤيتهم بقوة السلاح. فوق كل شيء، الأناركية، كأخلاقيات للممارسة العملية – وقد تطورت لتصبح الفكرة بناء مجتمع جديد “من داخل قشرة القديم” – هي الإلهام الأساسي “لحركة الحركات” (المؤلفان جزء منها)، التي هي من البدء اقل تركيزا على مسألة الاستيلاء على سلطة الدولة منها على مسألة فضح، ونزع شرعية، وتفكيك آليات الحكم؛ مع الظفر بمساحات أوسع فأوسع من التسيير الذاتي والإدارة بالمشاركة داخل هذه المساحات.
توجد أسباب واضحة لجاذبية الأفكار الأناركية عند مطلع القرن الواحد وعشرين: أكثرها وضوحا، هو السقوط والكوارث التي لحقت بعدد كبير جدا من تجارب القرن العشرين التي استهدفت هزيمة الرأسمالية بالاستيلاء على جهاز الحكم. بدأ عدد كبير من الثوريين إدراك أن “الثورة” لن تأتي كلحظة عظيمة أسطورية القداسة، مماثلة للاجتياح الهائل لقصر الشتاء [في الثورة السوفييتية – المترجم] مثلا، ولكنها عملية طويلة جدا استمرت وتستمر معظم فترات التاريخ الإنساني (حتى ولو أنها مثل بعض الامور قد تتسارع بعد تلكؤ) ذاخرة باستراتيجيات الانطلاق في حشود واستراتيجيات المراوغة في المكان مثلها في ذلك كمثل كل المواجهات الهائلة، والتي هي، في الواقع، لن ويجب ألا تصل إلي نقطة نهاية محددة، ذلك هو اعتقاد كل الأناركيين.
انه شيء يثير الارتباك قليلا، ولكنه يمنح عزاءا هائلا: لسنا مضطرين للانتظار إلى أن “تحدث الثورة” حتى يسطع علينا وميض الحرية المنشودة. فكما يقول التعاونيون الكرايمثنيك – Crimethinc، أعظم دعاة الأناركية الأمريكية المعاصرة: “تتحقق الحرية فقط في لحظة الثورة. وهذه اللحظات ليست نادرة الحدوث كما تعتقد.” واقعيا، محاولة خلق تجارب غير مغتربة، تجارب ديموقراطية حقيقية، بالنسبة للأناركي، هي أمر أخلاقي لازم؛ وذلك يتحقق فقط عن طريق صنع شكل التنظيم الخاص بالمرء في الزمن المعاش، محاكيا بصورة تقريبية على الأقل، لما يمكن أن يكون عليه المجتمع الحر في المستقبل، وعلى الصورة التى يكون كل شخص، في يوم من الأيام، قادرا على أن يحياها، بشرط أن يكون قادرا على أن يضمن إن ذلك الشكل التنظيمي لن يؤدي إلى الانتكاس مسببا كارثة. الثوار العابسون الفاقدون لروح المرح الذين يضحون بكل المتع من اجل القضية لا يستطيعون سوى إنتاج مجتمعات عابسة خالية من المرح.
من الصعب توثيق هذه المتغيرات لان الأفكار الأناركية تكاد لا تجد أي اهتمام أكاديمي لهذا الحد. لا يزال الآلاف من الأكاديميين ماركسيون، ولكن لا يوجد تقريبا أكاديميا أناركيا واحدا. هذه الفجوة من الصعب تفسيرها. فهي تعود في جانب منها، بلا شك، إلى خاصية انجذاب الماركسية الدائم نحو الأكاديمية بينما تفتقد الأناركية لذلك الميل بشكل واضح: الماركسية، رغم كل شيء، الحركة الاجتماعية الكبيرة الوحيدة التي ابتدعت علي يد حامل لدرجة الدكتوراة – Ph.D. تفترض معظم بيانات تاريخ الأناركية أنها كانت مماثلة جوهريا للماركسية: برزت الأناركية كبنات أفكار لعدد معين من مفكري القرن التاسع عشر (برودون، وباكونين، وكروبتكين…) ، واستمرت حينئذ في الهام منظمات الطبقة العاملة، ودخلت في نسيج النضالات السياسية وانقسمت إلى شيع…
في الحسابات المعتادة، تأتي الأناركية عادة، كابن عم الماركسية الأكثر فقرا، نظريا مصابة بداء الفلات فوت الذي يعوق سيرها؛ ولكن يقف العقل أمامها متدبرا، ربما، لحماسة عواطفها وإخلاصها. حقا المقارنة متكلفة. لم يعتقد “مؤسسو” الأناركية في أنفسهم انهم يبتكرون شيئا جديدا على نحو خاص. لقد رأوا في مبادئها الجوهرية – المعونة المتبادلة، والاشتراك التطوعي في الجمعيات، والأنصبة المنصفة في عملية صنع القرار – أنها مبادئ قديمة قدم البشرية. وهو نفس الشيء مع فكرة نبذ الدولة وكل أشكال العنف الهيكلي، وعدم المساواة، والسيطرة (الأناركية تعني حرفيا “بدون حكام”) – حتى الافتراض بأن كل هذه الأشكال هي على نحو ما على علاقة ببعضها البعض ويدعم كل منها الآخر. لم ير احد في أي منها [المبادئ الجوهرية للأناركية] كما لو أنها مذهب جديد مذهل، ولكنها ميل طويل الأمد ومستمر في تاريخ الفكر الإنساني، وأمر لا يمكن سجنه في نظرية عامة من الأيديولوجية.
على احد مستوياتها، الأناركية هي نوع من الإيمان: هي الاعتقاد بان معظم أشكال عدم المسئولية، التي تبدو أنها تجعل من وجود السلطة ضرورة، هي في الحقيقة مؤثرات يتسبب وجود السلطة نفسه في حدوثها. في الممارسة العملية، برغم أنها محل تساؤل مستمر، الأناركية هى جهد موجه لتعريف كل علاقة للقهر أو كل تراتب هرمي كهنوتي في المعيشة الإنسانية، وهي تحد لهذه العلاقات حتى تبرر وجودها، وإذا لم تستطع – كما هي الحالة دائما – تصبح جهدا لتقليص مدى نفوذ هذه العلاقات وهكذا تفسح المجال للحرية الإنسانية. بالضبط كما يقول الرجل الصوفي أن الصوفية هي لب الحقيقة وراء كل الأديان، منطق الأناركي في الجدل أن الأناركية هي السعي الحثيث من اجل الحرية وراء كل الأيديولوجيات السياسية.
لدى مدارس الماركسية دائما مؤسسون. وبالضبط، كما أن الماركسية انبثقت من عقل ماركس، فهكذا لدينا اللينينيون Leninists، والماويون Maoists، والالتوسيريون Althusserians… (لاحظ كيف أن القائمة تبدأ برؤساء الدول وتتدرج بلا فواصل حتى تصل إلى أساتذة الجامعات الفرنسيين – الذين بدورهم يستطيعون توليد شيعهم الخاصة: لاكانيون Lacanians، وفوكوديون Foucauldians…)
مدارس الأناركية على العكس، تنبثق من بعض أشكال المبادئ التنظيمية أو أشكال الممارسة العملية: النقابيون الأناركيون Anarcho-Syndicalists، الأناركيون الشيوعيون Anarcho-Communists ، والانتفاضويون Insurrectionists ، والبرنامجيون Platformists ، والتعاونيون Cooperatives ، والمجالسيون Councilists ، والفردويون Individualists وهكذا دواليك.
يتمايز الأناركيون بما يفعلونه، وكيف ينظمون أنفسهم من اجل القيام بتنفيذه. وفعلا هذا ما قد ينفق الأناركيون جل وقتهم في التفكير والجدل حوله. انهم لا يهتمون كثيرا بمناقشة نوعية القضايا الاستراتيجية أو الفلسفية العريضة، تلك التي تحتل تفكير الماركسيين مسبقا، مثل: هل الفلاحون طبقة ثورية محتملة؟ (الأناركيون يعتبرون أن هذا السؤال يقرر الفلاحون إجابته بأنفسهم) أو ما هي طبيعة شكل السلعة؟ فضلا عن انهم يميلون إلى الجدل حول ما هي الطريقة الديموقراطية حقا لعمل اجتماع، وعند أي نقطة يتوقف التنظيم عن تمكين الناس ويبدأ في إسكات الحرية الفردية. هل القيادة أمر سيء بالضرورة؟ أو، على نحو آخر، حول أخلاقيات معارضة السلطة: ما هو العمل المباشر؟ هل يجب أن يدين المرء شخصا آخر اغتال رأس الدولة؟ متى نقول نعم لرمي الحجارة؟
مالت الماركسية، من ثم، لتكون حوارا نظريا أو تحليليا حول الاستراتيجية الثورية. والانا ركية تميل لأن تكون حوارا أخلاقيا حول الممارسة الثورية. كنتيجة، وحيث أنتجت الماركسية نظريات لامعة لنماذج الممارسة العملية، غالبا ما كان الأناركيون هم الذين قاموا بتنفيذ تلك التطبيقات نفسها.
في هذه اللحظة، يوجد نوع ما من التمزق بين أجيال الأناركية: بين أولئك الذين تشكلوا سياسيا أثناء الستينات والسبعينات – الذين لم يحطموا قواعد العادات الحلقية المنغلقة للقرن الماضي – أو ببساطة الذين ما زالوا يعملون في ظل نفس هذه الشروط، وبين النشطاء الأكثر شبابا الذين لديهم الخبرة الأكبر، من بين عناصر اخرى، بقضايا السكان الأصليون، وقضايا المرأة، وقضايا التوازن البيئي والثقافات الحاسمة. ينتظم الفريق الأول بشكل رئيسي من خلال اتحادات فيدرالية أناركية ذات وجود ظاهر جدا مثل IWA, NEFAC, IWW. الجيل الجديد يعمل بشكل أكثر وضوحا في شبكات عمل الحركة الاجتماعية الكوكبية، شبكات عمل مثل العمل الكوكبي للشعوب، التى توحد تعاونيات الأناركيين في أوروبا وفي الأماكن الأخرى مع جماعات تتنوع من نشطاء الماوري في نيوزيلندا، وأهالي الصيادين في اندونيسيا، أو نشطاء النقابة الكندية لعمال البريد (2). الأخيرون – ما قد يشار إليهم على نحو عام “بحرف الـ a الصغير”، هم الأغلبية الآن وبشكل كاسح. ولكن في بعض الأحيان يكون من الصعب اكتشافهم، حيث أن العديد منهم لا يصخبون بالإعلان عن انتماءاتهم عاليا. انهم كثيرون. فى الواقع، الذين يأخذون المبادئ الأناركية في معاداة الحلقية ويتبعون مبدأ الغايات اللانهائية على محمل خاص من الجد، يصلون إلى الدرجة التي يرفضون عندها الإشارة إلى أنفسهم ’كأناركيين‘ ولنفس هذا السبب بالذات. (3)
ولكن الأمور الجوهرية الثلاث التي تسري في كل ظاهرات الأيديولوجية الأناركية تتواجد عندهم وبشكل محدد – معادة الدولة، معاداة الرأسمالية، السياسات المجازية prefigurative (أي أنماط التنظيم التي تتمثل عن وعي العالم الذى تريد خلقه.) أو، كما قد صاغها احد المؤرخين الأناركيين للثورة في أسبانيا “جهد فكري ليس فقط في مجال الأفكار ولكن في حقائق المستقبل نفسه”. (4) وترى هذا موجودا في أي شيء، من أول تعاونيات مربى الفاكهة حتى موقع الإعلام البديل على الانترنت INDYMEDIA.ORG، كل منهم نستطيع تسميتهم أناركيون بالمعنى الحديث للكلمة. (5) في بعض البلاد، هناك درجة محدودة جدا من الالتقاء في نقطة أو اخرى بين الجيلين المتجاورين، غالبا ما تأخذ صورة متابعة الآخر لما يفعله كلا منهم – ولكن لا شيء أكثر من ذلك.
احد الأسباب هو أن الجيل الحديث يهتم كثيرا جدا بتطوير أشكال جديدة من الممارسة أكثر من الجدل حول النقاط الأكثر تفصيلا في الأيديولوجية. والذي يترك انطباعا أعظم في النفس هو تطويرهم للأشكال الجديدة في عملية اتخاذ القرار، وهي على الأقل بدايات ثقافة بديلة للديموقراطية. المجالس المفصلية الشهيرة في أمريكا الشمالية، حيث ينسق فيها آلاف النشطاء الأحداث الجماهيرية الضخمة عن طريق الاتفاق بالإجماع، وبدون هيكل قيادة رسمي، تبرز كأكثر الأشكال مدعاة للإعجاب.
وفعليا، حتى إطلاق وصف “الجديد” على هذه الأشكال قد يكون مخادعا إلى حد ما. مقاطعات الزاباتيستا المدارة ذاتيا في شياباس، هي واحدة من مصادر الإلهام الكبرى للجيل الجديد من الأناركيين، وهي تقوم في المجتمعات المحلية الناطقة بلغة التزلتال والتوجولوبال، تلك المجتمعات التي كانت تستخدم عملية الاتفاق بالإجماع في اتخاذ القرار لآلاف السنين – والآن فقط اعتمد الثوار هذه العملية ليضمنوا للنساء وصغار السن أصوات بنسبة عادلة. في أمريكا الشمالية، نشأت “عملية الإجماع” من الحركات النسوية في السبعينات أكثر من أي شيء آخر، كجزء من رد فعل عام عريض على نمط فحولة القيادة الذكورية الذي ساد اليسار الجديد في الستينات. فكرة الإجماع ذاتها تم استعارتها من جماعات الكويكرز، الذين بدورهم، يقولون انهم استلهموها من ’الأمم الستة‘ وممارسات سكان أمريكا الأصليين.
غالبا ما يساء فهم الإجماع. فكثيرا ما يسمع المرء ناقدين يدعون أن الإجماع سوف ينتج نمطية خانقة ولكن بالكاد لا يلحظ ذلك احد ممن شاهدوا فعليا الإجماع وهو يبنى في الممارسة العملية، على الأقل، وهي في ظل توجيه من ميسَرين facilitators مدربين ذوي خبرة (تبدو بعض التجارب الحديثة في أوروبا، حيث تندر مثل هذه التقاليد، ساذجة لدرجة ما). في الحقيقة، الافتراضية الفاعلة وراء ذلك هي انه لن يستطيع احد بشكل حقيقي تحويل الآخر بشكل كامل إلى وجهة نظره هو، أو بمعنى اصح عليه ألا يحاول ذلك. البديل، بيت القصيد في عملية الإجماع هي أن تسمح لجماعة باتخاذ قرارها في مجرى عام من الحركة. فبدلا من التصويت على الاقتراحات صعودا وهبوطا، يتم تحليل الاقتراحات وإعادة تحليلها، وصنفرتها وإعادة تركيبها، أي أن هناك عمليات مساومة وتخليق تتم، حتى ينتهي الواحد منا إلى أمر ما يستطيع كل فرد منا أن يعيش به.
عند الوصول إلى المرحلة النهائية، التي هي فعليا “مرحلة اكتشاف الإجماع”، هناك مستويان محتملان للاعتراض: يستطيع المرء أن يعلن “أنا اتنحى جانبا”، وهو ما يعني “أنا لا يعجبني هذا ولن أشارك ولكنني لن أعرقل أحدا يفعله”، أو “المعارضة block”، التي لها نفس تأثير الفيتو. يستطيع الفرد أن يعترض فقط إذا ما شعر أن الاقتراح المقدم ينتهك المبادئ أو الأسباب الجوهرية لكونه عضو في الجماعة. يستطيع المرء أن يقول أن الوظيفة التي يحيلها الدستور الأمريكي للمحاكم، بإسقاط القرارات التشريعية التي تنتهك المبادئ الدستورية، نفس هذه الوظيفة تحال هنا لأي شخص لديه الشجاعة ليقف فعليا ضد الإرادة المشتركة للجماعة (رغم أن هناك بالطبع طرق لمواجهة المعارضات غير المبدأية).
يستطيع المرء أن يستمر في التحدث على هذا المنوال عن الأساليب المدهشة العالية التكنيك لدرجة الكمال التي تم تطويرها لتأمين كل هذا العمل؛ عن أشكال تحقيق الإجماع المعدل المطلوب بين الجماعات العديدة كبيرة العضوية؛ عن الطريقة التي يدعم بها الإجماع نفسه اللامركزية حيث يضمن ألا يرغب احد في طرح مقترحاته أمام الجماعات الواسعة إلا إذا كان يضمن المساواة بين النوع داخله ويضمن كذلك حل المنازعات… النقطة هي أن هذا هو شكل من أشكال الديموقراطية المباشرة التي هي نوع مختلف تماما عما نربطه عادة بالمصطلح – أو، بالنسبة لهذه النقطة، تختلف في نوعها عن نظام تصويت الأغلبية المتبع عادة عند الأجيال الأولى للأناركية الأوروبية أو أناركية أمريكا الشمالية، أو كالتي تستخدم مثلا في مجالس الطبقة الوسطى المدينية بالأرجنتين – asambleas، (بالرغم من أنها ليست الطريقة المستخدمة بواسطة الجماعات الأكثر راديكالية – piqueteros ، ومنظمات العاطلين عن العمل، الذين يميلون إلى العمل بواسطة الإجماع.) بمزيد من الاتصال بين الحركات المختلفة دوليا، وانضمام جماعات السكان الأصليين والحركات من أفريقيا واسيا والاوقيانوس بتقاليدهم الراديكالية المختلفة، نرى بدايات إعادة صياغة عالمية لمفاهيم جديدة عن ماهية “الديموقراطية” التي يجب أن نعنيها، ديموقراطية بعيدة كل البعد بأقصى ما نستطيع عن البرلمانية النيوليبرالية التي تروج لها القوى العظمى العالمية حاليا.
مرة اخرى، من الصعب تتبع هذه الروح الجديدة من الخلق والتركيب بقراءة اغلب الأدبيات الأناركية الموجودة، لان هؤلاء الذين ينفقون معظم طاقاتهم في المسائل النظرية، بدلا من صنع الأشكال الناشئة للممارسة العملية، هم على الأغلب الناس الذين يحافظون على المنطق الانقسامي الحلقي القديم. الأناركية المعاصرة مطبوعة بتناقضات تفوق الحصر. فبينما ترتبط الجماعات الصغيرة – a، ببطء شديد بالأفكار والممارسات المستلهمة من حلفائها السكان الأصليين وتضمها لأسلوبها التنظيمي أو مجتمعاتها المحلية البديلة، تكون العلامة الرئيسية في الأدبيات المكتوبة هي ظهور طائفة البدائيون – Primitivists، تلك العصبة شريرة المحتوى التي تدعو إلى الإلغاء التام للحضارة الصناعية، وحتى في بعض الأحيان إلغاء الزراعة أيضا. (6) يبقى بعض زمن، وهي مسألة وقت، قبل أن يخلي هذا القديم أو على الاحرى هذا المنطق الطريق لشيء أكثر قربا من ممارسات الجماعات التي تقوم على أساس الإجماع.
ما هو الشكل الذي قد يكون عليه هذا التركيب الجديد؟ بعض الملامح يمكن رصدها خلال الحركة الحالية. ذلك أنها سوف تصر على التوسيع الدائم لبؤرة اللا سلطوية، وتبتعد عن النظرة الطبقية الضيقة بمحاولة الاحاطة “بكلية التسلط والسيادة”، بمعنى، تسليط الضوء ليس على الدولة وفقط، ولكن على علاقات النوع أيضا، وليس على الاقتصاد فقط، ولكن أيضا على العلاقات الثقافية وعلى التوازن البيئي، والجنس، والحرية في كل صور يمكن أن تصل إليها، وكل من هذه الصور سوف ينظر اليها ليس من خلال المنظور الوحيد لعلاقات السلطة، ولكن أيضا من خلال معرفة بالمفاهيم الأغنى والأوسع والأكثر تنوعا.
هذا التوجه لا ينادي بالتوسع اللانهائي للإنتاج المادي، أو يتبنى موقف أن التكنولوجيا محايدة، ولكنه أيضا لا يقف ضد التكنولوجيا في حد ذاتها. بدلا من ذلك، انه سوف يألف ويستعمل أنواع شتى من التكنولوجيا بما يناسب. انه، لا يشجب فقط المؤسسات في حد ذاتها، أو الأشكال السياسية لذاتها، انه يحاول وضع تصورات لمؤسسات جديدة وأشكال سياسية جديدة للعمل ومن اجل المجتمع الجديد، متضمنة أساليب جديدة للاجتماعات، وأساليب جديدة لصنع القرار، وطرق جديدة للتنسيق، على نفس الخطوط التي تسير عليها توا مع الجماعات المؤتلفة – affinity groups وهياكل المفصلة – spokes councils.
أنها لا ترفض الإصلاحات لذاتها وفقط، ولكنها تحدد وتنتصر لإصلاحات غير إصلاحية، تلبي الاحتياجات المباشرة للناس، وتحسن من ظروف حياتهم في المكان والزمان في نفس الوقت الذي تتحرك فيه نحو مزيد من المكاسب، وواقعيا، نحو التغيير الكلي الشامل. (7)
وبالطبع على النظرية أن تلاحق الممارسة العملية وتسير معها. على الأناركية المعاصرة أن تتضمن، حتى تصبح ذات فاعلية كاملة، ثلاثة مستويات على الأقل: النشطاء العمليون، منظمات الشعب، والباحثين. فى اللحظة الراهنة المشكلة هي مع المثقفين الأناركيين الذين يريدون السير لأبعد من الطراز القديم، لأبعد من عادات الطليعة – العادات القديمة الانعزالية للماركسية التي ما زالت تحوم كثيرا على عالم المثقفين الراديكاليين بشبحها- وهم على غير يقين بالمفترض أن يكون عليه دورهم.
تحتاج الأناركية لأن تصبح ذات قدرة على الاستجابة. ولكن كيف؟ على احد المستويات تبدو الإجابة واضحة. يجب ألا يلقي المرء محاضرات، وألا يملي مواقف، ولا حتى يفكر بالضرورة في نفسه على انه أستاذ، ولكنه يجب أن يصغي، ويجب أن يسبر عمق الأشياء، وان يكتشف. أن يثير الأسئلة ويكشف المنطق الضمني للأشياء المميزة لأشكال الممارسة الراديكالية الجديدة. أن يضع نفسه في خدمة النشطاء عن طريق تزويدهم بالمعلومات، أو بواسطة فضح مصالح النخبة المسيطرة التي تدارى بعناية خلف الخطاب المفترض انه موضوعي ومسئول، بدلا من فرض نسخة اخرى من نفس الخطاب. ولكن فى نفس الوقت يدرك معظم الناس أن كفاح المثقفين يحتاج إلى إعادة تأكيد لمكانه. يبدأ الكثيرون في الإشارة إلى واحد من مواطن الضعف الأساسية في الحركة الأناركية اليوم، منسوبة إلى زمن، فلنقل، كروبتكين أو ركليوز أو هربرت ريد، وهو بالضبط إهمال المثال، إهمال الرؤية، وهو التغاضي عن فعالية النظرية. كيف تنتقل من العمل بمفاهيم علم السكان إلى العمل تحت هدى مفاهيم اليوتوبيا – نموذجيا إلى رؤى طوباوية كثيرة بقدر الإمكان؟ إنها بالكاد لمصادفة أن يكون بعض من أعظم الماهرين في الإقناع بالانضمام إلى صف الأناركية في بلاد مثل الولايات المتحدة هم كاتبات خيال علمي من الحركة النسوية مثل ستارهوك واورسولا ك. لوجوين (8)
احد الطرق ليتحقق ذلك هو ما يتم والأناركيون يستردون لأنفسهم خبرات الحركات الاجتماعية الأخرى التي تحمل نظرية، وأفكار أكثر تماسكا مستمدة من الدوائر القريبة من، والتي هي فعلا مستلهمة من، الأناركية. ولنأخذ مثالا من فكرة اقتصاد المشاركة، والتي تمثل رؤية اقتصادية أناركية متكاملة الأركان والتي تضيف إلى، وتصحح تقاليد أناركية اقتصادية. منطق منظري “الباريكون” يقول بوجود ليس فقط مجرد طبقتين رئيسيتين في الرأسمالية المتقدمة ولكن يوجد فيها ثلاث طبقات رئيسية: ليس فقط البروليتاريا والبرجوازية، ولكن أيضا “طبقة المديرين – coordinator class ” التي يكون دورها هو الإدارة والمتابعة والإشراف على عمل الطبقة العاملة. هذه هي الطبقة التي تتضمن مراتب الإدارة العليا والمستشارين والخبراء المتخصصين الذي يتمحور حولهم نظام السيطرة – كالمحامين والمهندسين الاستشاريين والمحاسبين، وهكذا. انهم يحافظون على وضعهم الطبقي نتيجة احتكارهم للمعرفة والمهارات والعلاقات. كنتيجة لذلك، يحاول الاقتصاديون والآخرون أصحاب هذه الأفكار خلق نماذج لاقتصاد يقوم نظامه الهيكلي على إنهاء التقسيم القائم بين العمل الذهني والعمل البدني.
والآن حيث أصبحت الأناركية بشكل واضح محور الإبداع الثوري، أنصار مثل هذه النماذج وبشكل متزايد، إذا لم يكونوا في حالة التفاف حول العلم، فهم بالضبط، من ثم على الأقل، يشددون على الدرجة التي تتفق فيها رؤيتهم مع الأفكار الأناركية. (9)
ولقد بدأت تحدث أيضا أشياء مماثلة على صعيد تطور الرؤية السياسية للأناركية.
الآن، في هذه المساحة تتقدم الأناركية الكلاسيكية فعلا بخطوات على الماركسية الكلاسيكية، التي لم تقم أبدا بتطوير نظرية للتنظيم السياسي على الإطلاق. دافعت مدارس أناركية مختلفة في غالب الأحيان عن أشكال نوعية جدا من التنظيم الاجتماعي، ولو أنها غالبا متباينة جدا عن احدها الآخر بشكل ملحوظ. ويبقى، أن الأناركية قد مالت ككل لتقديم المفهوم الذي يحب الليبراليون تسميته “بالحريات السلبية”، ’شكل الحريات‘، أكثر من مفهوم ’الحريات إلى‘ الواقعي. وغالبا ما يحتفل الأناركيون بهذا الالتزام كدليل على تعددية الأناركية، وعلى تسامحها الايديولوجي، أو قدرتها على الإبداع. ولكن نتيجة ذلك، كانت النفور من الذهاب إلى ابعد من تطوير إشكال تنظيمية صغيرة الحجم، واعتقاد بأن إشكال التنظيم الأكبر حجما، والأكثر تعقيدا، يمكن ارتجالها فيما بعد في نفس الإطار.
وقد حدثت استثناءات. حاول بيير جوزيف برودون أن يقدم رؤية شاملة لكيفية عمل مجتمع تحرري. (10) وهي الرؤية التي اعتبرت عموما أنها فشل كامل، ولكنها دلت على الطريق لرؤى أكثر تطورا، على شاكلة رؤية أنصار التوازن البيئي الاجتماعي الأمريكيين الشماليين “المقاطعات التحررية – libertarian municipalism”. هناك عملية حيوية لتطوير، على سبيل المثال، كيفية إيجاد توازن بين مبادئ سيطرة العمال – التي يشدد عليها أنصار الباريكون – والديموقراطية المباشرة، التي يشدد عليها أنصار التوازن البيئي الاجتماعي. (11)
وما تزال هناك تفاصيل كثيرة يجب أن تقرر مثل: ما هي المجموعة الكاملة للبدائل المؤسسية الايجابية التي يتبناها الأناركيون تجاه المؤسسات التشريعية الراهنة، والمحاكم، والبوليس، والأجهزة التنفيذية العديدة؟ كيف نقدم رؤية سياسية تشمل التشريع، والتنفيذ، وإصدار الأحكام، وسلطة تنفيذ الأحكام، وان تشرح هذه الرؤية كيف يمكن تحقيق كل ما سبق ذكره بفعالية وبطريقة غير سلطوية – وليس عن طريق منح أمل طويل الأمد، ولكن عن طريق إعلامنا بالإجابات الفورية على نظامنا الحالي الانتخابي، والتشريعي، والقضائي، والشرطي، ونظام المحاكم، وهكذا، إعلامنا بخيارات استراتيجية كثيرة. من الواضح انه لا يمكن وجود خط سياسي حزبي أناركي يتعلق بذلك أبدا، على الأقل، فالشعور العام بين منظمات الأناركيين الصغيرة حرف- a، هو إننا في حاجة لرؤى ملموسة عديدة. وما يزال العمل في بدايته، ما بين التجارب الاجتماعية الفعلية داخل المجتمعات المحلية المدارة ذاتيا في أماكن مثل شياباس والأرجنتين، وبين الجهود التي يبذلها نشطاء/مثقفين مثل الشبكات المشكلة حديثا مثل منتديات شبكة البدائل الكوكبية – Planetary Alternatives Network، والحياة بعد الرأسمالية – Life After Capitalism، الذين يراكمون نماذج اقتصادية وسياسية ناجحة. (12) من الواضح أنها عملية طويلة الأمد. ولكن القرن الأناركي، اليوم، قد شرع فقط في بدايته.
——————————————————————————–
ديفيد جريبر، أستاذ مساعد بجامعة يال في الولايات المتحدة وناشط سياسي. أندريه جروباتشيك، مؤرخ وناقد اجتماعي من يوغوسلافيا. كلاهما يشترك فى شبكة البدائل الكوكبية (PAN).
(1) هذا لا يعني أن الأناركيين يجب أن يكونوا ضد النظرية. ربما انهم لا يحتاجون إلى نظرية عليا، بالمعنى المتعارف عليه اليوم. من المؤكد انهم لا يحتاجون نظرية أناركية عليا واحدة. ذلك سوف يكون مناقضا لروح الأناركية. أفضل كثيرا، كما نعتقد، هو شيء ما، لصيق بروح عمليات صنع القرار الأناركية: إذا ما طبقناه على موضوع النظرية، فهذا يعني القبول بحاجتنا إلى تعدد المنظور النظري الأعلى، يوحد بينهم فقط فهم والتزامات مشتركة محددة. فبدلا من مناظير نظرية عليا تقوم على أساس الحاجة لبرهنة خطأ افتراضات الجانب الآخر الجوهرية، فإنها تبحث عن اكتشاف مشاريع معينة يدعم بها كل منهم الآخر. وليس لمجرد أن النظريات المختلفة غير قابلة للقياس بمعايير واحدة من عدة زوايا، فلا يعني ذلك انه من غير الممكن تعايشهم معا أو دعم وجود احدهم للآخر، وهذا لا يعني شيئا أكثر من حقيقة أن كل الأشخاص لديهم رؤى فريدة عن العالم وأيضا غير قابلة للقياس، ولا يعني ذلك انهم لا يستطيعون أن يكونوا أصدقاء، أو محبين، أو يعملون معا في مشاريع مشتركة. والأكثر من النظرية العليا، ما تحتاجه الأناركية هو ما يمكن أن يسمى بنظرية دنيا: تستقر مع هذه الأسئلة الحقيقية المباشرة التي تنشأ من مشروع التغيير.
(2) لمزيد من المعلومات حول التاريخ المثير لشبكة العمل الكوكبي للشعوب، نقترح كتاب “نحن في كل مكان”: المد الذي لا يقاوم ضد الرأسمالية الكوكبية. شاهد أيضا موقعهم: www.agp.org
(3) مقالة ديفيد جريبر “الأناركيون الجدد”، نيو لفت ريفيو، عدد يناير/فبراير 2002.
(4) انظر دييجو عباد ده سانتيلان، بعد الثورة، نيويورك، 1937.
(5) لمزيد من المعلومات قم بزيارة موقعهم www.indymedia.org:
(6) راجع جيسون ماكوين، “لماذا أنا لست من دعاة البدائية”، صحيفة الرغبة المسلحة. موقع: www.arnarchymag.org وراجع أيضا، جون زيرزان، البدائية المستقبلية ومقالات اخرى، Autonomedia، 1994.
(7) راجع أندريه جروباتشيك، نحو أناركية اخرى، فى كتاب سن جاي، وانيتااناند، وارتورو اسكوبار وبيتر واترمان، المنتدى الاجتماعي العالمي: ضد كل الإمبراطوريات، نيودلهي: فيفكا 2004.
(8) www.starhawk.orgراجع ستارهوك، شبكات القوة: ملاحظات عن الانتفاضة الكوكبية، سان فرانسيسكو 2002. انظر أيضا
(9) مايكل ألبرت، اقتصاد المشاركة، فرسو، 2003. انظر أيضا: www.parecon.org
(10) شلومو افينيري، الفكر السياسي والاجتماعي عند كارل ماركس. لندن: دار نشر جامعة كمبريدج، 1968.
(11) انظر، Murray Bookchin Reader ، تحرير جانيت بيهل، لندن كاسل 1997. انظر موقع معهد الايكولوجي الاجتماعي: www.social-ecology.org
(12) لمزيد من المعلومات عن الحياة بعد الرأسمالية: http://www.zmag.org/lacsite.htm
نحو أناركية أخرى
ترجمة : احمد زكى
يتضح أكثر فأكثر أن عصر الثورات لم ينته بعد. وبنفس المنوال يتضح أكثر فأكثر أن الحركة الثورية الكوكبية في القرن الواحد وعشرين، لن تكون هي تلك الحركة التي تستمد أصولها من التقاليد الماركسية لحد كبير، أو حتى من الاشتراكية بمعناها الضيق، ولكنها سوف تستمد أصولها أكثر كثيرا من الأناركية.
في جميع الأنحاء من أوروبا الشرقية حتى الأرجنتين، ومن سياتل حتى بومباي، تتوالد من الأفكار والمبادئ الأناركية رؤى وأحلام راديكالية جديدة. وغالبا ما لا يطلقون على أنفسهم، أولئك المدافعون عن هذه الأفكار، اسم “الأناركيون”. انهم مستودع أسماء اخرى: أنصار التسيير الذاتي – autonomism، اللا- سلطوية – anti-authoritarianism، الأفقية – horizontality، الزاباتيستية – Zapatismo، الديموقراطية المباشرة – direct democracy… وعلى الرغم من ذلك، يبقى أن يكتشف المرء فيهم جميعا نفس جوهر المبادئ: اللامركزية، الانضمام التطوعي للجمعيات، المعونة المتبادلة، نموذج شبكات العمل، وفوق كل شيء، نبذ فكرة أن الغاية تبرر الوسيلة، بل وإهمال فكرة أن شغل الفرد الثوري الشاغل هو الاستيلاء على سلطة الدولة ثم يتلوه، بعد ذلك، البدء في فرض رؤيتهم بقوة السلاح. فوق كل شيء، الأناركية، كأخلاقيات للممارسة العملية – وقد تطورت لتصبح الفكرة بناء مجتمع جديد “من داخل قشرة القديم” – هي الإلهام الأساسي “لحركة الحركات” (المؤلفان جزء منها)، التي هي من البدء اقل تركيزا على مسألة الاستيلاء على سلطة الدولة منها على مسألة فضح، ونزع شرعية، وتفكيك آليات الحكم؛ مع الظفر بمساحات أوسع فأوسع من التسيير الذاتي والإدارة بالمشاركة داخل هذه المساحات.
توجد أسباب واضحة لجاذبية الأفكار الأناركية عند مطلع القرن الواحد وعشرين: أكثرها وضوحا، هو السقوط والكوارث التي لحقت بعدد كبير جدا من تجارب القرن العشرين التي استهدفت هزيمة الرأسمالية بالاستيلاء على جهاز الحكم. بدأ عدد كبير من الثوريين إدراك أن “الثورة” لن تأتي كلحظة عظيمة أسطورية القداسة، مماثلة للاجتياح الهائل لقصر الشتاء [في الثورة السوفييتية – المترجم] مثلا، ولكنها عملية طويلة جدا استمرت وتستمر معظم فترات التاريخ الإنساني (حتى ولو أنها مثل بعض الامور قد تتسارع بعد تلكؤ) ذاخرة باستراتيجيات الانطلاق في حشود واستراتيجيات المراوغة في المكان مثلها في ذلك كمثل كل المواجهات الهائلة، والتي هي، في الواقع، لن ويجب ألا تصل إلي نقطة نهاية محددة، ذلك هو اعتقاد كل الأناركيين.
انه شيء يثير الارتباك قليلا، ولكنه يمنح عزاءا هائلا: لسنا مضطرين للانتظار إلى أن “تحدث الثورة” حتى يسطع علينا وميض الحرية المنشودة. فكما يقول التعاونيون الكرايمثنيك – Crimethinc، أعظم دعاة الأناركية الأمريكية المعاصرة: “تتحقق الحرية فقط في لحظة الثورة. وهذه اللحظات ليست نادرة الحدوث كما تعتقد.” واقعيا، محاولة خلق تجارب غير مغتربة، تجارب ديموقراطية حقيقية، بالنسبة للأناركي، هي أمر أخلاقي لازم؛ وذلك يتحقق فقط عن طريق صنع شكل التنظيم الخاص بالمرء في الزمن المعاش، محاكيا بصورة تقريبية على الأقل، لما يمكن أن يكون عليه المجتمع الحر في المستقبل، وعلى الصورة التى يكون كل شخص، في يوم من الأيام، قادرا على أن يحياها، بشرط أن يكون قادرا على أن يضمن إن ذلك الشكل التنظيمي لن يؤدي إلى الانتكاس مسببا كارثة. الثوار العابسون الفاقدون لروح المرح الذين يضحون بكل المتع من اجل القضية لا يستطيعون سوى إنتاج مجتمعات عابسة خالية من المرح.
من الصعب توثيق هذه المتغيرات لان الأفكار الأناركية تكاد لا تجد أي اهتمام أكاديمي لهذا الحد. لا يزال الآلاف من الأكاديميين ماركسيون، ولكن لا يوجد تقريبا أكاديميا أناركيا واحدا. هذه الفجوة من الصعب تفسيرها. فهي تعود في جانب منها، بلا شك، إلى خاصية انجذاب الماركسية الدائم نحو الأكاديمية بينما تفتقد الأناركية لذلك الميل بشكل واضح: الماركسية، رغم كل شيء، الحركة الاجتماعية الكبيرة الوحيدة التي ابتدعت علي يد حامل لدرجة الدكتوراة – Ph.D. تفترض معظم بيانات تاريخ الأناركية أنها كانت مماثلة جوهريا للماركسية: برزت الأناركية كبنات أفكار لعدد معين من مفكري القرن التاسع عشر (برودون، وباكونين، وكروبتكين…) ، واستمرت حينئذ في الهام منظمات الطبقة العاملة، ودخلت في نسيج النضالات السياسية وانقسمت إلى شيع…
في الحسابات المعتادة، تأتي الأناركية عادة، كابن عم الماركسية الأكثر فقرا، نظريا مصابة بداء الفلات فوت الذي يعوق سيرها؛ ولكن يقف العقل أمامها متدبرا، ربما، لحماسة عواطفها وإخلاصها. حقا المقارنة متكلفة. لم يعتقد “مؤسسو” الأناركية في أنفسهم انهم يبتكرون شيئا جديدا على نحو خاص. لقد رأوا في مبادئها الجوهرية – المعونة المتبادلة، والاشتراك التطوعي في الجمعيات، والأنصبة المنصفة في عملية صنع القرار – أنها مبادئ قديمة قدم البشرية. وهو نفس الشيء مع فكرة نبذ الدولة وكل أشكال العنف الهيكلي، وعدم المساواة، والسيطرة (الأناركية تعني حرفيا “بدون حكام”) – حتى الافتراض بأن كل هذه الأشكال هي على نحو ما على علاقة ببعضها البعض ويدعم كل منها الآخر. لم ير احد في أي منها [المبادئ الجوهرية للأناركية] كما لو أنها مذهب جديد مذهل، ولكنها ميل طويل الأمد ومستمر في تاريخ الفكر الإنساني، وأمر لا يمكن سجنه في نظرية عامة من الأيديولوجية.
على احد مستوياتها، الأناركية هي نوع من الإيمان: هي الاعتقاد بان معظم أشكال عدم المسئولية، التي تبدو أنها تجعل من وجود السلطة ضرورة، هي في الحقيقة مؤثرات يتسبب وجود السلطة نفسه في حدوثها. في الممارسة العملية، برغم أنها محل تساؤل مستمر، الأناركية هى جهد موجه لتعريف كل علاقة للقهر أو كل تراتب هرمي كهنوتي في المعيشة الإنسانية، وهي تحد لهذه العلاقات حتى تبرر وجودها، وإذا لم تستطع – كما هي الحالة دائما – تصبح جهدا لتقليص مدى نفوذ هذه العلاقات وهكذا تفسح المجال للحرية الإنسانية. بالضبط كما يقول الرجل الصوفي أن الصوفية هي لب الحقيقة وراء كل الأديان، منطق الأناركي في الجدل أن الأناركية هي السعي الحثيث من اجل الحرية وراء كل الأيديولوجيات السياسية.
لدى مدارس الماركسية دائما مؤسسون. وبالضبط، كما أن الماركسية انبثقت من عقل ماركس، فهكذا لدينا اللينينيون Leninists، والماويون Maoists، والالتوسيريون Althusserians… (لاحظ كيف أن القائمة تبدأ برؤساء الدول وتتدرج بلا فواصل حتى تصل إلى أساتذة الجامعات الفرنسيين – الذين بدورهم يستطيعون توليد شيعهم الخاصة: لاكانيون Lacanians، وفوكوديون Foucauldians…)
مدارس الأناركية على العكس، تنبثق من بعض أشكال المبادئ التنظيمية أو أشكال الممارسة العملية: النقابيون الأناركيون Anarcho-Syndicalists، الأناركيون الشيوعيون Anarcho-Communists ، والانتفاضويون Insurrectionists ، والبرنامجيون Platformists ، والتعاونيون Cooperatives ، والمجالسيون Councilists ، والفردويون Individualists وهكذا دواليك.
يتمايز الأناركيون بما يفعلونه، وكيف ينظمون أنفسهم من اجل القيام بتنفيذه. وفعلا هذا ما قد ينفق الأناركيون جل وقتهم في التفكير والجدل حوله. انهم لا يهتمون كثيرا بمناقشة نوعية القضايا الاستراتيجية أو الفلسفية العريضة، تلك التي تحتل تفكير الماركسيين مسبقا، مثل: هل الفلاحون طبقة ثورية محتملة؟ (الأناركيون يعتبرون أن هذا السؤال يقرر الفلاحون إجابته بأنفسهم) أو ما هي طبيعة شكل السلعة؟ فضلا عن انهم يميلون إلى الجدل حول ما هي الطريقة الديموقراطية حقا لعمل اجتماع، وعند أي نقطة يتوقف التنظيم عن تمكين الناس ويبدأ في إسكات الحرية الفردية. هل القيادة أمر سيء بالضرورة؟ أو، على نحو آخر، حول أخلاقيات معارضة السلطة: ما هو العمل المباشر؟ هل يجب أن يدين المرء شخصا آخر اغتال رأس الدولة؟ متى نقول نعم لرمي الحجارة؟
مالت الماركسية، من ثم، لتكون حوارا نظريا أو تحليليا حول الاستراتيجية الثورية. والانا ركية تميل لأن تكون حوارا أخلاقيا حول الممارسة الثورية. كنتيجة، وحيث أنتجت الماركسية نظريات لامعة لنماذج الممارسة العملية، غالبا ما كان الأناركيون هم الذين قاموا بتنفيذ تلك التطبيقات نفسها.
في هذه اللحظة، يوجد نوع ما من التمزق بين أجيال الأناركية: بين أولئك الذين تشكلوا سياسيا أثناء الستينات والسبعينات – الذين لم يحطموا قواعد العادات الحلقية المنغلقة للقرن الماضي – أو ببساطة الذين ما زالوا يعملون في ظل نفس هذه الشروط، وبين النشطاء الأكثر شبابا الذين لديهم الخبرة الأكبر، من بين عناصر اخرى، بقضايا السكان الأصليون، وقضايا المرأة، وقضايا التوازن البيئي والثقافات الحاسمة. ينتظم الفريق الأول بشكل رئيسي من خلال اتحادات فيدرالية أناركية ذات وجود ظاهر جدا مثل IWA, NEFAC, IWW. الجيل الجديد يعمل بشكل أكثر وضوحا في شبكات عمل الحركة الاجتماعية الكوكبية، شبكات عمل مثل العمل الكوكبي للشعوب، التى توحد تعاونيات الأناركيين في أوروبا وفي الأماكن الأخرى مع جماعات تتنوع من نشطاء الماوري في نيوزيلندا، وأهالي الصيادين في اندونيسيا، أو نشطاء النقابة الكندية لعمال البريد (2). الأخيرون – ما قد يشار إليهم على نحو عام “بحرف الـ a الصغير”، هم الأغلبية الآن وبشكل كاسح. ولكن في بعض الأحيان يكون من الصعب اكتشافهم، حيث أن العديد منهم لا يصخبون بالإعلان عن انتماءاتهم عاليا. انهم كثيرون. فى الواقع، الذين يأخذون المبادئ الأناركية في معاداة الحلقية ويتبعون مبدأ الغايات اللانهائية على محمل خاص من الجد، يصلون إلى الدرجة التي يرفضون عندها الإشارة إلى أنفسهم ’كأناركيين‘ ولنفس هذا السبب بالذات. (3)
ولكن الأمور الجوهرية الثلاث التي تسري في كل ظاهرات الأيديولوجية الأناركية تتواجد عندهم وبشكل محدد – معادة الدولة، معاداة الرأسمالية، السياسات المجازية prefigurative (أي أنماط التنظيم التي تتمثل عن وعي العالم الذى تريد خلقه.) أو، كما قد صاغها احد المؤرخين الأناركيين للثورة في أسبانيا “جهد فكري ليس فقط في مجال الأفكار ولكن في حقائق المستقبل نفسه”. (4) وترى هذا موجودا في أي شيء، من أول تعاونيات مربى الفاكهة حتى موقع الإعلام البديل على الانترنت INDYMEDIA.ORG، كل منهم نستطيع تسميتهم أناركيون بالمعنى الحديث للكلمة. (5) في بعض البلاد، هناك درجة محدودة جدا من الالتقاء في نقطة أو اخرى بين الجيلين المتجاورين، غالبا ما تأخذ صورة متابعة الآخر لما يفعله كلا منهم – ولكن لا شيء أكثر من ذلك.
احد الأسباب هو أن الجيل الحديث يهتم كثيرا جدا بتطوير أشكال جديدة من الممارسة أكثر من الجدل حول النقاط الأكثر تفصيلا في الأيديولوجية. والذي يترك انطباعا أعظم في النفس هو تطويرهم للأشكال الجديدة في عملية اتخاذ القرار، وهي على الأقل بدايات ثقافة بديلة للديموقراطية. المجالس المفصلية الشهيرة في أمريكا الشمالية، حيث ينسق فيها آلاف النشطاء الأحداث الجماهيرية الضخمة عن طريق الاتفاق بالإجماع، وبدون هيكل قيادة رسمي، تبرز كأكثر الأشكال مدعاة للإعجاب.
وفعليا، حتى إطلاق وصف “الجديد” على هذه الأشكال قد يكون مخادعا إلى حد ما. مقاطعات الزاباتيستا المدارة ذاتيا في شياباس، هي واحدة من مصادر الإلهام الكبرى للجيل الجديد من الأناركيين، وهي تقوم في المجتمعات المحلية الناطقة بلغة التزلتال والتوجولوبال، تلك المجتمعات التي كانت تستخدم عملية الاتفاق بالإجماع في اتخاذ القرار لآلاف السنين – والآن فقط اعتمد الثوار هذه العملية ليضمنوا للنساء وصغار السن أصوات بنسبة عادلة. في أمريكا الشمالية، نشأت “عملية الإجماع” من الحركات النسوية في السبعينات أكثر من أي شيء آخر، كجزء من رد فعل عام عريض على نمط فحولة القيادة الذكورية الذي ساد اليسار الجديد في الستينات. فكرة الإجماع ذاتها تم استعارتها من جماعات الكويكرز، الذين بدورهم، يقولون انهم استلهموها من ’الأمم الستة‘ وممارسات سكان أمريكا الأصليين.
غالبا ما يساء فهم الإجماع. فكثيرا ما يسمع المرء ناقدين يدعون أن الإجماع سوف ينتج نمطية خانقة ولكن بالكاد لا يلحظ ذلك احد ممن شاهدوا فعليا الإجماع وهو يبنى في الممارسة العملية، على الأقل، وهي في ظل توجيه من ميسَرين facilitators مدربين ذوي خبرة (تبدو بعض التجارب الحديثة في أوروبا، حيث تندر مثل هذه التقاليد، ساذجة لدرجة ما). في الحقيقة، الافتراضية الفاعلة وراء ذلك هي انه لن يستطيع احد بشكل حقيقي تحويل الآخر بشكل كامل إلى وجهة نظره هو، أو بمعنى اصح عليه ألا يحاول ذلك. البديل، بيت القصيد في عملية الإجماع هي أن تسمح لجماعة باتخاذ قرارها في مجرى عام من الحركة. فبدلا من التصويت على الاقتراحات صعودا وهبوطا، يتم تحليل الاقتراحات وإعادة تحليلها، وصنفرتها وإعادة تركيبها، أي أن هناك عمليات مساومة وتخليق تتم، حتى ينتهي الواحد منا إلى أمر ما يستطيع كل فرد منا أن يعيش به.
عند الوصول إلى المرحلة النهائية، التي هي فعليا “مرحلة اكتشاف الإجماع”، هناك مستويان محتملان للاعتراض: يستطيع المرء أن يعلن “أنا اتنحى جانبا”، وهو ما يعني “أنا لا يعجبني هذا ولن أشارك ولكنني لن أعرقل أحدا يفعله”، أو “المعارضة block”، التي لها نفس تأثير الفيتو. يستطيع الفرد أن يعترض فقط إذا ما شعر أن الاقتراح المقدم ينتهك المبادئ أو الأسباب الجوهرية لكونه عضو في الجماعة. يستطيع المرء أن يقول أن الوظيفة التي يحيلها الدستور الأمريكي للمحاكم، بإسقاط القرارات التشريعية التي تنتهك المبادئ الدستورية، نفس هذه الوظيفة تحال هنا لأي شخص لديه الشجاعة ليقف فعليا ضد الإرادة المشتركة للجماعة (رغم أن هناك بالطبع طرق لمواجهة المعارضات غير المبدأية).
يستطيع المرء أن يستمر في التحدث على هذا المنوال عن الأساليب المدهشة العالية التكنيك لدرجة الكمال التي تم تطويرها لتأمين كل هذا العمل؛ عن أشكال تحقيق الإجماع المعدل المطلوب بين الجماعات العديدة كبيرة العضوية؛ عن الطريقة التي يدعم بها الإجماع نفسه اللامركزية حيث يضمن ألا يرغب احد في طرح مقترحاته أمام الجماعات الواسعة إلا إذا كان يضمن المساواة بين النوع داخله ويضمن كذلك حل المنازعات… النقطة هي أن هذا هو شكل من أشكال الديموقراطية المباشرة التي هي نوع مختلف تماما عما نربطه عادة بالمصطلح – أو، بالنسبة لهذه النقطة، تختلف في نوعها عن نظام تصويت الأغلبية المتبع عادة عند الأجيال الأولى للأناركية الأوروبية أو أناركية أمريكا الشمالية، أو كالتي تستخدم مثلا في مجالس الطبقة الوسطى المدينية بالأرجنتين – asambleas، (بالرغم من أنها ليست الطريقة المستخدمة بواسطة الجماعات الأكثر راديكالية – piqueteros ، ومنظمات العاطلين عن العمل، الذين يميلون إلى العمل بواسطة الإجماع.) بمزيد من الاتصال بين الحركات المختلفة دوليا، وانضمام جماعات السكان الأصليين والحركات من أفريقيا واسيا والاوقيانوس بتقاليدهم الراديكالية المختلفة، نرى بدايات إعادة صياغة عالمية لمفاهيم جديدة عن ماهية “الديموقراطية” التي يجب أن نعنيها، ديموقراطية بعيدة كل البعد بأقصى ما نستطيع عن البرلمانية النيوليبرالية التي تروج لها القوى العظمى العالمية حاليا.
مرة اخرى، من الصعب تتبع هذه الروح الجديدة من الخلق والتركيب بقراءة اغلب الأدبيات الأناركية الموجودة، لان هؤلاء الذين ينفقون معظم طاقاتهم في المسائل النظرية، بدلا من صنع الأشكال الناشئة للممارسة العملية، هم على الأغلب الناس الذين يحافظون على المنطق الانقسامي الحلقي القديم. الأناركية المعاصرة مطبوعة بتناقضات تفوق الحصر. فبينما ترتبط الجماعات الصغيرة – a، ببطء شديد بالأفكار والممارسات المستلهمة من حلفائها السكان الأصليين وتضمها لأسلوبها التنظيمي أو مجتمعاتها المحلية البديلة، تكون العلامة الرئيسية في الأدبيات المكتوبة هي ظهور طائفة البدائيون – Primitivists، تلك العصبة شريرة المحتوى التي تدعو إلى الإلغاء التام للحضارة الصناعية، وحتى في بعض الأحيان إلغاء الزراعة أيضا. (6) يبقى بعض زمن، وهي مسألة وقت، قبل أن يخلي هذا القديم أو على الاحرى هذا المنطق الطريق لشيء أكثر قربا من ممارسات الجماعات التي تقوم على أساس الإجماع.
ما هو الشكل الذي قد يكون عليه هذا التركيب الجديد؟ بعض الملامح يمكن رصدها خلال الحركة الحالية. ذلك أنها سوف تصر على التوسيع الدائم لبؤرة اللا سلطوية، وتبتعد عن النظرة الطبقية الضيقة بمحاولة الاحاطة “بكلية التسلط والسيادة”، بمعنى، تسليط الضوء ليس على الدولة وفقط، ولكن على علاقات النوع أيضا، وليس على الاقتصاد فقط، ولكن أيضا على العلاقات الثقافية وعلى التوازن البيئي، والجنس، والحرية في كل صور يمكن أن تصل إليها، وكل من هذه الصور سوف ينظر اليها ليس من خلال المنظور الوحيد لعلاقات السلطة، ولكن أيضا من خلال معرفة بالمفاهيم الأغنى والأوسع والأكثر تنوعا.
هذا التوجه لا ينادي بالتوسع اللانهائي للإنتاج المادي، أو يتبنى موقف أن التكنولوجيا محايدة، ولكنه أيضا لا يقف ضد التكنولوجيا في حد ذاتها. بدلا من ذلك، انه سوف يألف ويستعمل أنواع شتى من التكنولوجيا بما يناسب. انه، لا يشجب فقط المؤسسات في حد ذاتها، أو الأشكال السياسية لذاتها، انه يحاول وضع تصورات لمؤسسات جديدة وأشكال سياسية جديدة للعمل ومن اجل المجتمع الجديد، متضمنة أساليب جديدة للاجتماعات، وأساليب جديدة لصنع القرار، وطرق جديدة للتنسيق، على نفس الخطوط التي تسير عليها توا مع الجماعات المؤتلفة – affinity groups وهياكل المفصلة – spokes councils.
أنها لا ترفض الإصلاحات لذاتها وفقط، ولكنها تحدد وتنتصر لإصلاحات غير إصلاحية، تلبي الاحتياجات المباشرة للناس، وتحسن من ظروف حياتهم في المكان والزمان في نفس الوقت الذي تتحرك فيه نحو مزيد من المكاسب، وواقعيا، نحو التغيير الكلي الشامل. (7)
وبالطبع على النظرية أن تلاحق الممارسة العملية وتسير معها. على الأناركية المعاصرة أن تتضمن، حتى تصبح ذات فاعلية كاملة، ثلاثة مستويات على الأقل: النشطاء العمليون، منظمات الشعب، والباحثين. فى اللحظة الراهنة المشكلة هي مع المثقفين الأناركيين الذين يريدون السير لأبعد من الطراز القديم، لأبعد من عادات الطليعة – العادات القديمة الانعزالية للماركسية التي ما زالت تحوم كثيرا على عالم المثقفين الراديكاليين بشبحها- وهم على غير يقين بالمفترض أن يكون عليه دورهم.
تحتاج الأناركية لأن تصبح ذات قدرة على الاستجابة. ولكن كيف؟ على احد المستويات تبدو الإجابة واضحة. يجب ألا يلقي المرء محاضرات، وألا يملي مواقف، ولا حتى يفكر بالضرورة في نفسه على انه أستاذ، ولكنه يجب أن يصغي، ويجب أن يسبر عمق الأشياء، وان يكتشف. أن يثير الأسئلة ويكشف المنطق الضمني للأشياء المميزة لأشكال الممارسة الراديكالية الجديدة. أن يضع نفسه في خدمة النشطاء عن طريق تزويدهم بالمعلومات، أو بواسطة فضح مصالح النخبة المسيطرة التي تدارى بعناية خلف الخطاب المفترض انه موضوعي ومسئول، بدلا من فرض نسخة اخرى من نفس الخطاب. ولكن فى نفس الوقت يدرك معظم الناس أن كفاح المثقفين يحتاج إلى إعادة تأكيد لمكانه. يبدأ الكثيرون في الإشارة إلى واحد من مواطن الضعف الأساسية في الحركة الأناركية اليوم، منسوبة إلى زمن، فلنقل، كروبتكين أو ركليوز أو هربرت ريد، وهو بالضبط إهمال المثال، إهمال الرؤية، وهو التغاضي عن فعالية النظرية. كيف تنتقل من العمل بمفاهيم علم السكان إلى العمل تحت هدى مفاهيم اليوتوبيا – نموذجيا إلى رؤى طوباوية كثيرة بقدر الإمكان؟ إنها بالكاد لمصادفة أن يكون بعض من أعظم الماهرين في الإقناع بالانضمام إلى صف الأناركية في بلاد مثل الولايات المتحدة هم كاتبات خيال علمي من الحركة النسوية مثل ستارهوك واورسولا ك. لوجوين (8)
احد الطرق ليتحقق ذلك هو ما يتم والأناركيون يستردون لأنفسهم خبرات الحركات الاجتماعية الأخرى التي تحمل نظرية، وأفكار أكثر تماسكا مستمدة من الدوائر القريبة من، والتي هي فعلا مستلهمة من، الأناركية. ولنأخذ مثالا من فكرة اقتصاد المشاركة، والتي تمثل رؤية اقتصادية أناركية متكاملة الأركان والتي تضيف إلى، وتصحح تقاليد أناركية اقتصادية. منطق منظري “الباريكون” يقول بوجود ليس فقط مجرد طبقتين رئيسيتين في الرأسمالية المتقدمة ولكن يوجد فيها ثلاث طبقات رئيسية: ليس فقط البروليتاريا والبرجوازية، ولكن أيضا “طبقة المديرين – coordinator class ” التي يكون دورها هو الإدارة والمتابعة والإشراف على عمل الطبقة العاملة. هذه هي الطبقة التي تتضمن مراتب الإدارة العليا والمستشارين والخبراء المتخصصين الذي يتمحور حولهم نظام السيطرة – كالمحامين والمهندسين الاستشاريين والمحاسبين، وهكذا. انهم يحافظون على وضعهم الطبقي نتيجة احتكارهم للمعرفة والمهارات والعلاقات. كنتيجة لذلك، يحاول الاقتصاديون والآخرون أصحاب هذه الأفكار خلق نماذج لاقتصاد يقوم نظامه الهيكلي على إنهاء التقسيم القائم بين العمل الذهني والعمل البدني.
والآن حيث أصبحت الأناركية بشكل واضح محور الإبداع الثوري، أنصار مثل هذه النماذج وبشكل متزايد، إذا لم يكونوا في حالة التفاف حول العلم، فهم بالضبط، من ثم على الأقل، يشددون على الدرجة التي تتفق فيها رؤيتهم مع الأفكار الأناركية. (9)
ولقد بدأت تحدث أيضا أشياء مماثلة على صعيد تطور الرؤية السياسية للأناركية.
الآن، في هذه المساحة تتقدم الأناركية الكلاسيكية فعلا بخطوات على الماركسية الكلاسيكية، التي لم تقم أبدا بتطوير نظرية للتنظيم السياسي على الإطلاق. دافعت مدارس أناركية مختلفة في غالب الأحيان عن أشكال نوعية جدا من التنظيم الاجتماعي، ولو أنها غالبا متباينة جدا عن احدها الآخر بشكل ملحوظ. ويبقى، أن الأناركية قد مالت ككل لتقديم المفهوم الذي يحب الليبراليون تسميته “بالحريات السلبية”، ’شكل الحريات‘، أكثر من مفهوم ’الحريات إلى‘ الواقعي. وغالبا ما يحتفل الأناركيون بهذا الالتزام كدليل على تعددية الأناركية، وعلى تسامحها الايديولوجي، أو قدرتها على الإبداع. ولكن نتيجة ذلك، كانت النفور من الذهاب إلى ابعد من تطوير إشكال تنظيمية صغيرة الحجم، واعتقاد بأن إشكال التنظيم الأكبر حجما، والأكثر تعقيدا، يمكن ارتجالها فيما بعد في نفس الإطار.
وقد حدثت استثناءات. حاول بيير جوزيف برودون أن يقدم رؤية شاملة لكيفية عمل مجتمع تحرري. (10) وهي الرؤية التي اعتبرت عموما أنها فشل كامل، ولكنها دلت على الطريق لرؤى أكثر تطورا، على شاكلة رؤية أنصار التوازن البيئي الاجتماعي الأمريكيين الشماليين “المقاطعات التحررية – libertarian municipalism”. هناك عملية حيوية لتطوير، على سبيل المثال، كيفية إيجاد توازن بين مبادئ سيطرة العمال – التي يشدد عليها أنصار الباريكون – والديموقراطية المباشرة، التي يشدد عليها أنصار التوازن البيئي الاجتماعي. (11)
وما تزال هناك تفاصيل كثيرة يجب أن تقرر مثل: ما هي المجموعة الكاملة للبدائل المؤسسية الايجابية التي يتبناها الأناركيون تجاه المؤسسات التشريعية الراهنة، والمحاكم، والبوليس، والأجهزة التنفيذية العديدة؟ كيف نقدم رؤية سياسية تشمل التشريع، والتنفيذ، وإصدار الأحكام، وسلطة تنفيذ الأحكام، وان تشرح هذه الرؤية كيف يمكن تحقيق كل ما سبق ذكره بفعالية وبطريقة غير سلطوية – وليس عن طريق منح أمل طويل الأمد، ولكن عن طريق إعلامنا بالإجابات الفورية على نظامنا الحالي الانتخابي، والتشريعي، والقضائي، والشرطي، ونظام المحاكم، وهكذا، إعلامنا بخيارات استراتيجية كثيرة. من الواضح انه لا يمكن وجود خط سياسي حزبي أناركي يتعلق بذلك أبدا، على الأقل، فالشعور العام بين منظمات الأناركيين الصغيرة حرف- a، هو إننا في حاجة لرؤى ملموسة عديدة. وما يزال العمل في بدايته، ما بين التجارب الاجتماعية الفعلية داخل المجتمعات المحلية المدارة ذاتيا في أماكن مثل شياباس والأرجنتين، وبين الجهود التي يبذلها نشطاء/مثقفين مثل الشبكات المشكلة حديثا مثل منتديات شبكة البدائل الكوكبية – Planetary Alternatives Network، والحياة بعد الرأسمالية – Life After Capitalism، الذين يراكمون نماذج اقتصادية وسياسية ناجحة. (12) من الواضح أنها عملية طويلة الأمد. ولكن القرن الأناركي، اليوم، قد شرع فقط في بدايته.
——————————————————————————–
ديفيد جريبر، أستاذ مساعد بجامعة يال في الولايات المتحدة وناشط سياسي. أندريه جروباتشيك، مؤرخ وناقد اجتماعي من يوغوسلافيا. كلاهما يشترك فى شبكة البدائل الكوكبية (PAN).
(1) هذا لا يعني أن الأناركيين يجب أن يكونوا ضد النظرية. ربما انهم لا يحتاجون إلى نظرية عليا، بالمعنى المتعارف عليه اليوم. من المؤكد انهم لا يحتاجون نظرية أناركية عليا واحدة. ذلك سوف يكون مناقضا لروح الأناركية. أفضل كثيرا، كما نعتقد، هو شيء ما، لصيق بروح عمليات صنع القرار الأناركية: إذا ما طبقناه على موضوع النظرية، فهذا يعني القبول بحاجتنا إلى تعدد المنظور النظري الأعلى، يوحد بينهم فقط فهم والتزامات مشتركة محددة. فبدلا من مناظير نظرية عليا تقوم على أساس الحاجة لبرهنة خطأ افتراضات الجانب الآخر الجوهرية، فإنها تبحث عن اكتشاف مشاريع معينة يدعم بها كل منهم الآخر. وليس لمجرد أن النظريات المختلفة غير قابلة للقياس بمعايير واحدة من عدة زوايا، فلا يعني ذلك انه من غير الممكن تعايشهم معا أو دعم وجود احدهم للآخر، وهذا لا يعني شيئا أكثر من حقيقة أن كل الأشخاص لديهم رؤى فريدة عن العالم وأيضا غير قابلة للقياس، ولا يعني ذلك انهم لا يستطيعون أن يكونوا أصدقاء، أو محبين، أو يعملون معا في مشاريع مشتركة. والأكثر من النظرية العليا، ما تحتاجه الأناركية هو ما يمكن أن يسمى بنظرية دنيا: تستقر مع هذه الأسئلة الحقيقية المباشرة التي تنشأ من مشروع التغيير.
(2) لمزيد من المعلومات حول التاريخ المثير لشبكة العمل الكوكبي للشعوب، نقترح كتاب “نحن في كل مكان”: المد الذي لا يقاوم ضد الرأسمالية الكوكبية. شاهد أيضا موقعهم: www.agp.org
(3) مقالة ديفيد جريبر “الأناركيون الجدد”، نيو لفت ريفيو، عدد يناير/فبراير 2002.
(4) انظر دييجو عباد ده سانتيلان، بعد الثورة، نيويورك، 1937.
(5) لمزيد من المعلومات قم بزيارة موقعهم www.indymedia.org:
(6) راجع جيسون ماكوين، “لماذا أنا لست من دعاة البدائية”، صحيفة الرغبة المسلحة. موقع: www.arnarchymag.org وراجع أيضا، جون زيرزان، البدائية المستقبلية ومقالات اخرى، Autonomedia، 1994.
(7) راجع أندريه جروباتشيك، نحو أناركية اخرى، فى كتاب سن جاي، وانيتااناند، وارتورو اسكوبار وبيتر واترمان، المنتدى الاجتماعي العالمي: ضد كل الإمبراطوريات، نيودلهي: فيفكا 2004.
(8) www.starhawk.orgراجع ستارهوك، شبكات القوة: ملاحظات عن الانتفاضة الكوكبية، سان فرانسيسكو 2002. انظر أيضا
(9) مايكل ألبرت، اقتصاد المشاركة، فرسو، 2003. انظر أيضا: www.parecon.org
(10) شلومو افينيري، الفكر السياسي والاجتماعي عند كارل ماركس. لندن: دار نشر جامعة كمبريدج، 1968.
(11) انظر، Murray Bookchin Reader ، تحرير جانيت بيهل، لندن كاسل 1997. انظر موقع معهد الايكولوجي الاجتماعي: www.social-ecology.org
(12) لمزيد من المعلومات عن الحياة بعد الرأسمالية: http://www.zmag.org/lacsite.htm
كوميونة باريس وفكرة الدولة
بقلم: ميخائيل باكونين
ترجمة: احمد زكي
هذا العمل مثل كل اعمالي التي نشرتها، وهي ليست بالكم الكبير، عمل اكتبه بسبب احداث وقعت. انه استمرار طبيعي لعملي الاخير، “رسائل الى رجل فرنسي” (سبتمبر ١٩٧٠)، الذي امتلكت فيه وضوحا بسيطا ولكنه مؤلم حين استشرفت وتنبأت بالمصائب الخبيثة التي تضرب فرنسا الان وكل العالم المتحضر، والتي لن يكون لها علاج سوى الثورة الاجتماعية.
هدفي الان هو البرهان على ضرورة مثل هذه الثورة. سوف اقوم بمراجعة التطورات التاريخية للمجتمع ومراجعة ما يحدث الان في اوروبا، مراجعة ما يقع امام انظارنا مباشرة. وبذلك كل هؤلاء المتعطشين باخلاص للحقيقة يمكنهم ان يقبلوا بهذه التطورات ويجمعون على النداء علنا بالمبادئ الفلسفية والاهداف العملية التي تشكل جوهر ما نسميه الثورة الاجتماعية.
انا اعرف ان المهمة التي عينتها بنفسي وفرضتها على نفسي ليست بالمهمة البسيطة. ربما يصفونني بالتهور في حالة اذا ما كانت لي اي دوافع شخصية في الاضطلاع بهذه المهمة. دعني اؤكد لقارئي، انني لا امتلك اي دوافع خفية. لست دارسا ولا فيلسوفا، ولا حتى كاتب محترف. أنا لم اقم بكتابة الكثير خلال حياتي ولم اكتب ابدا سوى دفاعا عن النفس، وفقط عندما تجبرني قناعات شديدة على الكتابة حتى اتغلب على كراهية فطرية داخلي ضد اي نوازع استعراضية.
حسنا، اذا، من انا، وما الذي يدفعني لنشر هذا العمل في هذا الوقت؟ انا باحث يمتلئ حماسا من اجل الحقيقة، وانا عدو مرير للاساطير الشريرة التي يستخدمها النظام القائم – نظام يربح من كل الزيف المفضوح الاجتماعي والاقتصادي والتشريعي والسياسي والميتافيزيقي والديني لكل الازمان – لترويع واستعباد العالم. انا عاشق متعصب للحرية. انا اعتبر ان الحرية هي البيئة الوحيدة التي يمكن ان تحيا فيها الالمعية والكرامة والسعادة البشرية وان تتطور فيها. انا لا اعني الحرية الشكلية التي تصرفها لنا الدولة بقدر وتقيدها باللوائح والقوانين؛ هذه الحرية هي كذبة مستمرة من سنة لسنة ولا تمثل شيئا سوى امتياز للقلة، امتياز يقوم على اساس عبودية البقية الباقية من الناس. ولا انا اعني بها الحرية المخادعة، المتخلفة النرجسية الفردية التي تدعو لها مدرسة جان جاك روسو وكل مدرسة اخرى من مدارس الليبرالية البرجوازية، والتي تعتبر حقوق الجميع، ممثلة في الدولة، حدودا لحقوق كل منا؛ فهي دائما، وبالضرورة تنتهي الى ان تختزل حقوق الافراد الى صفر. لا، انا اعني الحرية الوحيدة الجديرة بالاسم، الحرية التي تملي ضرورة التنمية الكاملة لكل الطاقات المادية والفكرية والاخلاقية الكامنة في كل واحد منا؛ الحرية التي لا تعرف اي قيود اخرى سوى تلك القيود التي صنعتها قوانين طبيعتنا الخاصة. وبالنتيجة، اذا ما تكلمنا بشكل سليم، لا توجد قيود، حيث ان تلك القوانين لا يفرضها علينا اي مشرع من خارجنا، او مشرع من بيننا، او مشرع من فوقنا. تلك القوانين هي قوانين ذاتية، موروثة فينا؛ فهي تؤسس القاعدة نفسها التي يقوم عليها بناء وجودنا ذاته. بدلا من السعي لاخفاء هذه القوانين، يجب ان نرى فيها الشرط الحقيقي والسبب الفعال لحريتنا – تلك هي حرية كل رجل لا يرى في حرية كل رجل اخر حدودا لحريته، ولكنه يراها بوصفها تأكيدا وامتدادا شاسعا لحريته؛ الحرية من خلال التضامن، الحرية في المساواة. اعني الحرية المنتصرة على القوة الوحشية، وما كان دائما تجسيدا لمثل هذه القوة، مبدأ السلطة. اعني الحرية التي سوف تحطم كل المعبودات في السماء وكل المعبودات على الارض فتحيلهم حطاما وركاما متناثرا ومن ثم تبني عالما جديدا للبشرية في التضامن، على انقاض كل الكنائس وكل الدول.
انا محامي شديد الاقتناع يدافع عن المساواة الاقتصادية والاجتماعية لانني اعرف انه، دون تلك المساواة، رفاهية الافراد واخلاقياتهم، وكرامتهم الانسانية، والعدالة والحرية، اضافة الى ازدهار الامم، لن تصل ابدا الى اكثر من كومة من الاكاذيب. ولكن حيث اني اقف من اجل الحرية كشرط اولي للبشرية، انا مؤمن ان المساواة يجب ان تؤسس في العالم بواسطة التنظيم التلقائي للعمال والملكية الجماعية للاصول عن طريق جمعيات المنتجين المنظمة بشكل حر وعن طريق فدراليات الكوميونات التلقائية بشكل متساو، لتحل مكان الدولة الابوية ذات السطوة الاستثناءية.
عند تلك النقطة ينشأ انقسام جوهري بين الاشتراكيين ومعهم انصار الجماعية (collectivists) الثوريين، في جانب، وبين الشيوعيين السلطويين الذين يدعمون سلطة الدولة المطلقة في الجانب الآخر. هدف كل منهما النهائي يتطابق تماما. كلاهما يرغب في خلق نظام اجتماعي جديد يقوم اولا على اساس التنظيم الجماعي للعمل، المفروض لا محالة على كل منهما وعلى الجميع بواسطة القوة الطبيعية للاحداث، وفي ظل شروط مساوية على الجميع، وثانيا، على اساس الملكية الجماعية لادوات الانتاج.
الاختلاف هو فقط ان الشيوعيون يتخيلون انهم يستطيعون بلوغ هدفهم بواسطة تنمية وتنظيم القوة السياسية للطبقات العاملة، واساسا بروليتاريا المدن، بمعاونة الراديكالية البرجوازية. الاشتراكيون الثوريون، من ناحية اخرى، يؤمنون بأنهم يستطيعون النجاح فقط من خلال تنمية وتنظيم القوة الاجتماعية الغير سياسية او المعادية للسياسة للطبقات العاملة في المدينة والريف، ومن ضمنهم الرجال ذوي النيات الطيبة من الطبقات العليا الذين يقطعون الصلة بماضيهم ويرغبون علانية في الانضمام الى الطبقات العاملة الحضرية والريفية ويقبلون ببرنامجها السياسي كاملا.
هذا الانشقاق يؤدي الى اختلاف في التكتيكات. يعتقد الشيوعيون ان من الضروري تنظيم قوى العمال من اجل الاستيلاء على السلطة السياسية للدولة. الاشتراكيون الثوريون ينتظمون في منظمات بهدف تدمير – او، نطرحها بشكل اكثر ادبا – تصفية الدولة. يدافع الشيوعيون عن مبدأ وممارسات السلطة، بينما يضع الاشتراكيون الثوريون ايمانهم كله في الحرية. كلاهما بشكل متساوي في صالح العلم، الذي يعمل لانهاء الخرافة وليحل محل العقيدة الدينية. الاولون [الشيوعيون] يودون فرض العلم بالقوة؛ والاخيرون [الاشتراكيون الثوريون] سوف يحاولون نشر العلم حتى ان الجماعات البشرية، فور ما تقتنع بذلك، سوف تنتظم وتشكل فدراليات بشكل تلقائي، وحر، من اسفل الى اعلى، وبرضاهم الخاص، صادقين مع مصالحهم الخاصة، وغير متبعين لخطة موضوعة سلفا مفروضة على “جهلاء”؛ مفروضة على جموع بواسطة قلة من عقول “متفوقة”.
يتمسك الاشتراكيون الثوريون بأن هناك قدرا عظيما من الحس السليم والحكمة العملية في الطموحات الفطرية والاحتياجات الحقيقية للجماهير اكثر منها في العبقرية العميقة لكل الدكاترة ومرشدي الانسانية الذين بعد كل هذه الخيبات العديدة، ما زالوا متمسكين بمحاولة ارغام الانسان على ان يكون سعيدا. اكثر من ذلك، يؤمن الاشتراكيون الثوريون ان البشرية قد خضعت طويلا لفكرة ان تكون تحت سيطرة حكومة؛ وان سبب مشاكلها لا يكمن في اي شكل خاص من اشكال الحكومات ولكن مشاكل البشرية تكمن في المبادئ الجوهرية للحكومات وفي وجود الحكومات ذاتها، مهما كان الشكل الذي تتتخذه هذه الحكومات.
اخيرا، هناك التناقض المعروف جيدا بين الشيوعية كما تطورت علميا بواسطة المدرسة الالمانية واصبحت مقبولة جزئيا عند الامريكيين والانجليز، وبين البرودونية (Proudhonism)، التي تطورت بشكل عظيم ووصلت في مسيرتها الى استنتاج نهائي بواسطة بروليتاريا البلاد اللاتينية. وقد حاولت الاشتراكية الثورية ان تضرب ضربتها الاولى وتستعرض نفسها عمليا في كوميونة باريس.
انا مناصر ومؤيد لكوميونة باريس، التي رغم كل سفك الدماء الذي عانت منه على ايدي الرجعية الملكية والكهنوتية، تنمو اكثر ديمومة واكثر قوة في قلوب وعقول البروليتاريا الاوروبية. انا من مؤيديها، وفوق كل شيء، بسبب جسارتها، فقد تشكلت هذه الكوميونة بوضوح بوصفها نفيا للدولة.
وإنه لأمر ذو مغزى بشكل هائل ان هذا التمرد في وجه الدولة قد وقعت احداثه في فرنسا، التي اصبحت وحتى الان ارض المركزية السياسية بلا منازع، ولأنها بكل دقة كانت هي باريس، زعيمة منبع الحضارة الفرنسية العظيمة، التي قامت بمبادرة الكوميونة. باريس، التي نحت تاجها جانبا واعلنت هزيمتها الخاصة بشجاعة من اجل ان تعطي الحياة والحرية لفرنسا، ولاوروبا، وللعالم بأكمله؛ باريس التي اعادت تأكيد سلطة زعامتها التاريخية، لتظهر لكل الشعوب المستعبدة (وهل هناك اي جماهير لا تخضع للاستعباد؟) اظهرت لهم الدرب الوحيد للتحرر والسلامة؛ باريس التي انزلت ضربة ماحقة بالتقاليد السياسية للراديكالية البرجوازية واعطت حجر اساس حقيقي للاشتراكية الثورية ضد رجعيي فرنسا واوروبا! باريس التي تكفنت في خرائبها، لتمنح كذبة مهابة للرجعية المنتصرة؛ منقذة عبر كارثتها نفسها، شرف ومستقبل فرنسا، ومبرهنة للبشرية على انه لو كانت الحياة، والالمعية والقوة الاخلاقية قد ارتحلت عن الطبقات العليا، فإن هذه القيم كلها قد احتفظت بقوتها وما يوعدون في البروليتاريا! باريس التي افتتحت الحقبة الجديدة للتحرر الاكيد والكامل للجماهير ولتضامنهم الحقيقي عبر حدود الدول؛ باريس التي دمرت النزعة القومية واقامت دين الانسانية على حطام الروح القومية؛ باريس التي اعلنت نفسها انسانية وملحدة، واستبدلت الاوهام المقدسة بالحقائق العظمى للحياة الاجتماعية والايمان بالعلم، مستبدلة الاكاذيب واشكال انعدام المساواة في الاخلاقيات القديمة استبدلتها بمبادئ الحرية، والعدل والمساواة والاخاء، تلك الاسس الخالدة لكل الاخلاقيات الانسانية! باريس البطولية، العقلانية والواثقة، اكدت ايمانها القوي بمقادير البشرية عن طريق سقوطها المجيد، وموتها؛ مسلمة عقيدتها، بكل قوتها، الى الاجيال التي سوف تأتي! باريس، الغارقة في دماء انبل اطفالها – انها الانسانية نفسها، المصلوبة بايدي الرجعية الدولية الموحدة في اوروبا، في ظل الإلهام المباشر من كل الكنائس المسيحية، وذلك الحبر الاعظم للشر، البابا. ولكن الثورة الاممية الآتية، المعبرة عن تضامن الشعوب، سوف تكون البعث لباريس.
هذا هو المعنى الحقيقي، وتلك هي النتائج الهائلة والحميدة للشهرين الذين احاطا بحياة وموت كوميونة باريس؛ الخالدة في ذكرانا للابد.
استمرت كوميونة باريس وقتا قصيرا للغاية، وعرقل تطورها الداخلي الكفاح المميت الذي انخرطت فيه ضد رجعية فرساي من اجل السماح لها على الاقل بأن تصوغ نظريا، برنامجها الاشتراكي، وليس تنفيذه. يجب ان ندرك، ايضا، ان اغلبية اعضاء الكوميونة لم يكونوا اشتراكيين، اذا ما تكلمنا بشكل صحيح. ولو بدوا انهم كذلك، فذلك يعود الى انهم انجروا في هذا الاتجاه في مجرى الاحداث العنيد، ولطبيعة الاوضاع، ولضروريات الموقف الذي تواجدوا فيه، اكثر منه بسبب قناعاتهم الشخصية. الاشتراكيون كانوا اقلية ضئيلة – كان هناك، على اقصى حد، اربعة عشر الى خمسة عشر من الاشتراكيين؛ البقية كانت يعاقبة. ولكن، دعنا نقولها بوضوح، هناك يعاقبة ويعاقبة. هناك محامون ومذهبيون يعاقبة، مثل السيد غامبيتا؛ اكثرهم ايجابية… مندفعين، مستبدين، نزعتهم الجمهورية التشريعية تتغلب على العقيدة الثورية القديمة وتضيعها، لم تترك لهم شيئا من اليعقوبية سوى تشيعها للوحدة والسلطة، وقد سلموا شعب فرنسا للبروسيين، وفيما بعد سلموه ايضا الى الرجعيين وطنيي المولد. وهناك يعاقبة ثوريون باستقامة، الابطال، اخر الممثلين المخلصين للعقيدة الديموقراطية لعام 1793؛ القادرين على التضحية بكلا من وحدتهم وسلطتهم المسلحة جيدا بدلا من اخضاع ضمائرهم لفجور الرجعية الرخيص. هؤلاء اليعاقبة العظام الذين يقودهم بشكل طبيعي دلسكليوز، الروح العظيم والشخصية العظيمة، يرغبون في انتصار الثورة فوق كل شيء اخر؛ وحيث انه لا توجد ثورة دون جماهير، وحيث ان الجماهير في يومنا هذا تكشف عن غريزة تنزع للاشتراكية وتستطيع فقط ان تقوم بثورة اقتصادية واجتماعية، اليعاقبة من ذوي العقيدة السليمة، تاركين انفسهم لينصاعوا بشكل متزايد تحت ضغط منطق الحركة الثورية، ينتهون الى ان يصبحوا اشتراكيون رغم ارادتهم.
ذلك بالضبط هو الوضع الذي وجد فيه اليعاقبة انفسهم ممن شاركوا في كوميونة باريس. دلسكليوز، وعديد من الاخرين معه، وقعوا بامضائهم على برامج واعلانات مردودها العام وما وعدت به كان ذا طبيعة اشتراكية بشكل ايجابي. ومع ذلك، ورغم حسن نواياهم وارادتهم الحسنة، كانوا مجرد اشتراكيين اشتراكية املتها عليهم ظروف خارجية اكثر منها قناعات داخلية؛ كان ينقصهم الوقت وحتى الطاقة من اجل التغلب على افكارهم البرجوازية المسبقة المضادة لاشتراكيتهم التي اكتسبوها حديثا وكبتوا العديد منها. يستطيع المرء ان يتفهم ذلك، وقد وقعوا في فخ الصراع الداخلي، لم يستطعوا ابدا المضي ابعد من عموميات ولم يستطعوا اتخاذ اي من تلك التدابير الحاسمة التي كانت سوف تقضي على تضامنهم واتصالهم بالعالم البرجوازي للابد.
كان ذلك هو سوء بخت الكوميونة واولئك الرجال. لقد كابدوا شللا فعليا، واصابوا الكوميونة بالشلل. الا اننا لا نستطيع لومهم. لا يتحول الرجال بين عشية وضحاها؛ انهم لا يغيرون طبائعهم او عادتهم بمجرد الارادة. لقد برهنوا على اخلاصهم بترك انفسهم يقتلون في سبيل الكوميونة. من يجرؤ على طلب المزيد منهم؟
لا يمكن اعتبارهم موضعا للوم اكثر من اهل باريس، الذين عمل هؤلاء اليعاقبة وتداولوا الافكار تحت تأثيرهم. الناس كانوا اشتراكيين بالغريزة اكثر من كونهم اشتراكيين بالفكرة. كل طموحاتهم هي طموحات اشتراكية من اعلى درجة ولكن افكارهم، او بالاحرى طرق تعبيرهم التقليدية، لم تكن كذلك. بروليتاريا المدن الكبرى في فرنسا، وحتى في باريس نفسها، ما زالت تتعلق بكثير من الافكار المسبقة الخطأ عند اليعاقبة، والتي تتعلق بمفاهيم عديدة سلطوية واستبدادية. عبادة السلطة – النتيجة المميتة للتعليم الديني، ذلك المنبع التاريخي لكل الشرور، والحرمان، والعبودية – لم يتم استئصالها بعد من داخلهم. وهذا صحيح جدا لدرجة ان حتى الاطفال النابهين للشعب، الاشتراكيون الاكثر ايمانا، لم يحرروا انفسهم بالكامل من هذه الافكار. لو سبرت اغوار عقولهم قليلا، سوف تجد واحدا من اليعاقبة، يدافع عن فكرة الحكومة، قابعا في ركن مظلم، متواضعا ولكنه لم يمت تماما بعد.
وايضا، المجموعة الصغيرة من الاشتراكيين المؤمنين بالاشتراكية من الذين شاركوا في الكوميونة وجدوا انفسهم في وضع صعب جدا. ففي الوقت الذي يشعرون فيه بنقص التأييد بين الجماهير العظيمة من اهل باريس لهم، وبينما تلتف بالكاد حفنة من عدة الاف قليلة من الاشخاص حول منظمة الجمعية الاممية للعمال [الاممية الاولى]، وهي نفسها جمعية تعاني من العيوب، كان على هؤلاء الاشتراكيين المؤمنين بالاشتراكية الاستمرار في نضال يومي ضد الاغلبية اليعقوبية. وفي غمار هذا الصراع، كان عليهم إطعام عدة الاف من العمال وايجاد عمل لهم، وتنظيمهم وتسليحهم، والتيقظ والحذر الحاد لتحركات الرجعيين. كل ذلك في مدينة هائلة كباريس ، محاصرة، وتواجه خطر المجاعة، وفريسة لكل المكائد والمؤامرات المستترة للرجعية، التي تدبرت تأسيس مراكزا لها في فرساي بإذن وفضل البروسيين. كان عليهم كاشتراكيين اقامة حكومة ثورية وجيش ثوري ضد حكومة وجيش فرساي؛ من اجل قتال الرجعية الملكية والكهنوتية اضطر الاشتراكيون لتنظيم انفسهم باسلوب اليعاقبة، وتناسوا او ضحوا بأول شروط الاشتراكية الثورية.
في حالة الاضطراب والتشوش هذه، كان من الطبيعي ان اليعاقبة، القسم الاقوى، الذي يشكل الاغلبية في الكوميونة، والمالك ايضا لغريزة سياسية عالية التطور، والمالك لتقاليد وخبرة التنظيم الحكومي، كان لابد وان يكونوا هم اصحاب اليد العليا على الاشتراكيين. وانه لامر مدهش انهم لم يضغطوا بمميزاتهم تلك اكثر مما فعلوا فعلا؛ فهم لم يصبغوا انتفاضة باريس بصبغة يعقوبية خالصة؛ بل انهم على العكس تركوا انفسهم لتحملهم موجة الثورة الاجتماعية في تيارها.
انا اعرف ان اشتراكيين عديدين، تتمتع نظريتهم الاشتراكية بمنطق قوي جدا، يلومون اصدقاءنا الباريسيين على عدم التصرف بشكل كاف كاشتراكيين في ممارستهم الثورية. من ناحية اخرى، ألوان النواح الذي تصرخ به الصحافة البرجوازية، يتهمهم بأنهم اخلصوا لبرنامجهم الاشتراكي زيادة عن اللازم. دعنا ننسى للحظة الوشاية الغير شريفة التي تذيعها هذه الصحافة. اريد ان ادعو انتباه اكثر المنظرين لتحرير البروليتاريا تشددا الى حقيقة انهم لا يتصفون بالعدل في حكمهم على اخوتنا في باريس، لانه بين اكثر النظريات صحة وبين تطبيقها العملي تقع مسافة هائلة لا يمكن عبورها في ايام قلائل. من اسعده الحظ بالتعرف الى فارلان، مثلا (لنحدد اسم رجل واحد فقط من المؤكد انه مات)، يعرف انه واصدقاءه عملوا تحت توجيه وهدى من القناعات الاشتراكية العميقة والمخلصة ذات البناء الفكري المتين. هؤلاء كانوا رجالا سعيهم الحثيث واخلاصهم وعقيدتهم السليمة ليست محل تساؤل ابدا من قبل من عرفهم. ومع ذلك، وبالضبط لانهم كانوا رجال ذوي عقيدة سليمة، كان يملأهم شك داخلي في وجه المهمة الهائلة الذين كرسوا عقولهم وارواحهم لها؛ كانوا يتواضعون بانفسهم كثيرا جدا! وكانوا مقتنعين انه في الثورة الاجتماعية، والتي هي النقيض على طول الخط للثورة السياسية في هذا السبيل كما في السبل الاخرى، العمل الفردي يكاد يكون لا شيء، بينما الاعمال التلقائية للجماهير يجب ان تكون كل شيء. كل ما يستطيع اولئك الافراد صنعه هو صياغة الافكار وتوضيحها ونشرها، الافكار التي تعبر عن رغبات الشعب الفطرية، ويساهمون بجهودهم الدائمة في التنظيم الثوري لقوى الجماهير الطبيعية. هذا وليس اكثر من ذلك؛ كل الباقي يمكن انجازه فقط بواسطة الجماهير نفسها. ولو مضت الامور على نحو غير ذلك سوف ينتهي الامر بنا الى ديكتاتورية سياسية – اعادة تأسيس الدولة، بكل امتيازاتها، وبكل مظالمها وصور عدم المساواة؛ عبر اتخاذنا لطريق خادع ولكن حتمي سوف نصل الى تأسيس عبودية للجماهير اقتصادية وسياسية واجتماعية .
فارلان وكل اصدقاءه، مثل كل الاشتراكيين المخلصين، وعموما مثل كل العمال الذين ولدوا وترعرعوا وسط الشعب، يشتركون في هذا الشعور المشروع تماما بالحذر من الحركة المستمرة لجماعة واحدة من الافراد لا تمثل سوى نفسها وضد الهيمنة التي تمارسها الشخصيات النجوم. وحيث انهم رجال عدل وذوي رأي منصف فوق كل شيء اخر، فهم يستخدمون هذه البصيرة، هذا الارتياب ضد انفسهم بنفس القدر الذي يستخدمونه ضد الاشخاص الاخرين.
وعلى عكس ما يؤمن به الشيوعيون السلطويون – الذي اعتبره خطأ تماما – بأن ثورة اجتماعية يجب ان تصدر عن اما ديكتاتورية او جمعية تأسيسية تنشأ من ثورة سياسية ويتم تنظيمها بواسطة ايهما، اصدقاءنا، الاشتراكيون الباريسيون، آمنوا ان الثورة لا يمكن صنعها او الوصول بها الى تطورها الكامل بأي وسيلة اخرى سوى العمل العفوي والمستمر للجماهير، جماعات ومؤسسات الشعب.
اصدقاءنا الباريسيون كانوا على حق الف مرة. في الواقع، اين هو العقل، الرائع كما يبدو، او – لو تكلمنا عن الديكتاتورية الجماعية، ولو انها حتى تتشكل من عدة مئات من الشخصيات الموهوبة بعقليات عبقرية متفوقة – او اين هي الملكات الفكرية القوية بما يكفي لاحتضان التنوع والتعددية التي لا حصر لها للمصالح والطموحات والرغبات والاحتياجات الحقيقية التي تشكل مجموع الارادة الجماعية للشعب؟ كيف يمكن اختراع منظمة اجتماعية لا تمثل رحما حاضنا لفرض التنميط بالقوة الذي يعتمد عليه عنف الدولة في اجبار شعب تعيس على ان يسترخي بشكل او بآخر؟ ودائما ما كانت الامور تسير هكذا، وهو بالضبط النظام القديم للتنظيم بالاجبار، حيث يجب ان تنتهي الثورة الاجتماعية بتفويض الحرية الكاملة للجماهير، والجماعات، والمجتمعات المحلية، والجمعيات وللافراد ايضا؛ بواسطة تدمير السبب التاريخي لكل اشكال العنف مرة واحدة وللابد، وهي السلطة وفعليا وجود الدولة في حد ذاته. سقوط الدولة سوف يهدم معه كل انواع اجحاف القانون وكل اكاذيب الاديان المتنوعة، وحيث ان كلا من القانون والدين لا يحتويان ، على المستوى الفكري وفي الواقع العملي، على اي شئ سوى القداسة الارغامية لكل اشكال العنف الذي تمثله الدولة وتؤمنه وتحميه.
من الواضح ان الحرية لن تمنح للبشرية، فالمصالح الحقيقية للمجتمع، ولكل الجماعات، والجمعيات المحلية، والافراد الذين يتشكل منهم المجتمع، لن توف طالما هناك اي نوع من الدول. من الواضح ان ما يسمى المصالح العامة للمجتمع، التي من المفترض ان الدولة تمثلها والتي هي في الحقيقة الواقعية مجرد نفي دائم وعمومي للمصالح الحقيقية للاقاليم والمجتمعات المحلية والجمعيات والافراد رعايا الدولة، ما يسمى المصالح العامة للمجتمع هو مجرد تجريد، وخيال، وكذبة. الدولة مثلها مثل مجزر كبير او مدافن هائلة، تدخله كل الطموحات الحقيقية، وكل القوى الحية في بلد ما تدخلها بسعادة وكرم، وفي ظل هذا التجريد، يستسلمون هناك للذبح ثم الدفن. وبالضبط حيث انه لا يوجد تجريد لذاته او بذاته، دون ارجل يقف عليها، ولا اذرع يبدع بها، ولا معدة يهضم بها جموع الضحايا المقدمة له، وهو بالمثل امر واضح ان التجريد الديني او السماوي، الرب، يمثل فعليا المصالح الحقيقية نفسها لطبقة، ولرجال دين، بينما شقيقه الارضي، ذلك التجريد السياسي، الدولة، التي لا تقل تمثيلا عن المصالح الحقيقية للطبقة التي تمارس الاستغلال والتي تميل لابتلاع مصالح كل الاخرين – طبقة البرجوازية. وبينما اتصف رجال الدين دائما بالانقسامية، وهم هذه الايام يميلون لفصل الرجال حتى بدرجة اكبر عن بعضهم البعض الى اقلية ذات نفوذ قوي جدا وثرية ثراءا فاحشا واغلبية تعيسة وبالاحرى اكثر بؤسا، وهكذا على نفس المنوال البرجوازية، بتنظيماتها الاجتماعية والسياسية في الصناعة، والزراعة، والاعمال البنكية، والتجارة، اضافة الى كل وظائف الدولة العسكرية والشرطية والتعليمية والقضائية والمالية والادارية تميل بشكل متزايد الى ضم كل تلك الوظائف في طغمة حاكمة مهيمنة بشكل حقيقي من ناحية، ومن الناحية الاخرى جماهير هائلة تتكون بشكل او باخر من مخلوقات لا حول لها ولا قوة، مخلوقات مخدوعة تعيش في وهم خالد، مدفوعة باضطراد وحتما الى وضع طبقة البروليتاريا نتيجة لقوة لا تقاوم من التطورات الاقتصادية الحالية، ويختزل دورها الى مجرد خدم بوصفهم أدوات عمياء لهذه الطغمة الحاكمة كلية القوة.
يجب ان يكون الغاء الكنيسة والدولة الشرط الاول الذي لا يمكن الاستغناء عنه من اجل منح المجتمع صوتا حقيقيا يستطيع بل ويجب عليه ان يعيد به تنظيم نفسه؛ وليس من اعلى الى اسفل طبقا لخطة مثالية يطبخها رجل حكيم او عالم من العلماء، ولا عبر قرارات رسمية تصوغها بعض اشكال السلطة الديكتاتورية او حتى بواسطة جمعية وطنية منتخبة بالاقتراع العام المباشر. مثل هذا النظام، كما قلت توا، سوف يقود لا محالة الى خلق دولة جديدة، وبالنتيجة، الى تشكيل ارستوقراطية حاكمة، بمعنى، طبقة كاملة من الاشخاص لا تربطهم بالجماهير اي علاقة مشتركة. وطبعا، هذه الطبقة سوف تستغل الجماهير وتخضعها، تحت مسوغات انها تخدم الرفاهية المشتركة للوطن او تنقذ الدولة.
التنظيم الاجتماعي في المستقبل يجب ان يشيد من القاع الى القمة، بواسطة الجمعيات او الفدراليات الحرة للعمال، بادئا بالجمعيات، ثم يسري الى الكوميونات، وإلى المناطق والامم واخيرا يصعد الى قمة في اممية عظمى وفدرالية كونية. ساعتها فقط سوف يتحقق في الدنيا النظام الاجتماعي للحرية الحقيقي المانح للحياة والرفاه العام، نظام اجتماعي، سوف يؤكد مصالح الافراد والمجتمع وسوف يتصالح معها ولسوف يكون ابعد من ان يشكل قيدا عليها.
يقال ان الانسجام والتضامن الشامل بين الافراد والمجتمع لا يمكن ان نصل اليه في الواقع العملي ابدا لان مصالحهما [الافراد والمجتمع]، كونها متناقضة، لا يمكن التقاءهما ابدا. ردي على هذا الاعتراض هو لو ان هذه المصالح لم تأت الى توافق متبادل ابدا، فذلك يعود الى ان الدولة قد ضحت بمصالح الاغلبية لصالح وفائدة الاقلية صاحبة الامتيازات. هذا هو سبب ذلك التناقض الشهير، هذا الصدام بين المصالح الشخصية وبين مصالح المجتمع تلك، ليس سوى تزوير، ليس سوى كذبة سياسية، خرجت من رحم كذبة كهنوتية اخترعت مذهب الخطيئة الاصلية من اجل تلويث شرف الانسان وتدمير احترامه لذاته. نفس الفكرة الزائفة المتعلقة بالمصالح المتعارضة الغير قابلة للتصالح صنعتها ايضا احلام ميتافيزيقية، هي كما نعرف لصيقة النسب بالفكر الديني الكهنوتي. الافكار الميتافيزيقية، التي فشلت في ادراك الشخصية الاجتماعية للطبيعة الانسانية، تنظر للمجتمع بوصفه تجمعات افراد اصطناعية تماما وميكانيكية، التقوا معا فجأة باسم بعض صور شكلية او سرية إما بطريقة حرة او تحت تأثير سلطة عليا. قبل التوحد في مجتمع، هؤلاء الافراد، نتيجة لمنحة من نوع ما من انواع الروح الخالدة التي لا تموت، تمتعوا بحرية كاملة، طبقا لاقوال الميتافيزيقيين. نحمل اقتناعا ان كل ثروة الانسان من التطورات الذهنية، والاخلاقية والمادية، اضافة الى استقلاله الظاهر، هو نتاج حياته في مجتمع. خارج المجتمع، لن يفقد الانسان فقط كونه رجلا حرا، بل انه حتى لن يصبح انسانا متفردا، كونه واعيا بذاته، الكائن الوحيد الذي يعقل ويتكلم. فقط مزيج من الذكاء مع العمل الجماعي استطاع اجبار الانسان على الخروج من حالة البربرية والوحشية تلك التي شكلت طبيعته الاصلية، او بالاحرى نقطة انطلاق تطوراته المضطردة. نحن مقتنعون بعمق من ان كامل حياة الرجال – مصالحهم، وميولهم، واحتياجاتهم، واوهامهم، وحتى غباواتهم، اضافة الى قليل من عنفهم، وظلمهم، وفيما يبدو انه نشاطهم الطوعي – يمثل ببساطة نتيجة قوى مجتمعية حتمية. لا تستطيع الشعوب رفض فكرة الاستقلال المتبادل، ولا تستطيع انكار التأثيرات العكسية المبتادلة والتنميط الذي يعرض مظاهر الطبيعة الخارجية.
في الطبيعة نفسها، هذا الترابط والاعتماد المتبادل المبهر للظاهرة لم يحدث بالتأكيد دون كفاح. على العكس، انسجام قوى الطبيعة يظهر فقط كنتيجة للصراع المستمر، الشرط الحقيقي للحياة والحركة. في الطبيعة، كما في المجتمع، النظام دون كفاح هو الموت.
لو ان النظام هو طبيعي وممكن في الكون، فذلك يعود فقط الى ان الكون لا يحكم طبقا لبعض النظم المتخيلة بشكل مسبق والتي تفرضها ارادة عليا. الفرضية الكهنوتية للتشريع السامي تقود الى عبث واضح، الى نفي ليس فقط لكل النسق ولكن للفرضية نفسها. القوانين الطبيعية تصبح حقيقية فقط في حالة كونها مكون موروث داخلي في الطبيعة؛ بمعنى، انها لا تقوم بناء على اي سلطة. تلك القوانين ليست الا مظاهر بسيطة، او بالاحرى متغيرات مستمرة، للانماط التي تشكل ما نسميه ’الطبيعة‘. الذكاء الانساني وعلومه قد لاحظت تلك القوانين، واختبرتها باجراء التجارب العلمية، وقامت بتجميعها في نظام واطلقت عليها اسم قوانين. ولكن الطبيعة في حد ذاتها لا تعرف قوانينا. انها تتصرف بشكل غير واعي؛ انها تمثل في نفسها تنوعا لا ينتهي للظواهر التي تظهر وتكرر نفسها حتميا. هذه الحتمية للحركة هي السبب وراء امكانية ووجود النظام الكوني.
مثل هذا النظام يظهر ايضا في المجتمع الانساني، والذي يبدو انه ارتقى وتطور فيما يزعم بطريقة مناهضة للطبيعة ولكن تطوره فعليا حددته احتياجات الحيوان الطبيعي وطاقتة على التفكير الذي ساهم بدوره كعنصر خاص في تطوره – كعنصر هو بالكامل من عناصر الطبيعة، نفلا، بمعنى ان الرجل، مثل كل شيء موجود، يمثل انتاجا ماديا لاتحاد قوى الطبيعة وعملها. هذا العنصر الخاص هو العقل، القدرة على التعميم والتجريد، الذي بفضله يستطيع الرجل ان يسبح في افكاره، ويتفحص ويلاحظ نفسه بوصفه شيء خالد غريب. عندما يرتفع الانسان في فكره فوق نفسه، وفوق العالم حوله، فإنه يصل الى تشخيص للتجريد التام والفراغ المطلق. وهذا المطلق ليس شيئا اقل من قدرته على التجريد، والذي يزدري كل ما هو موجود ويكتشف راحته في بلوغ مرتبة النفي الكامل. هذا هو الحد الاعلى للتجريد الاعلى للعقل؛ هذا اللاشيء المطلق هو الإله.
هذا هو معنى والمنبع التاريخي لكل مذهب لاهوتي. وكما انهم لم يفهموا طبيعة الاسباب المادية لتفكيرهم الخاص، ولم يمسكوا حتى بالشروط او القوانين الطبيعية التي تحدد مثل هذا التفكير، هؤلاء الرجال الاولون والمجتمعات الاولى لم يكن لديهم ادنى شك في ان افكارهم المطلقة كانت ببساطة نتيجة قدرتهم الخاصة على صياغة الافكار المجردة. ومن هنا ارتأوا تلك الافكار، وسحبوها من الطبيعة، كاشياء حقيقية، توقفت الطبيعة ذاتها بعد ذلك عن الاتيان بأي شيء. بدأوا عبادة افكارهم الخيالية، وافكارهم الموهومة عن المطلق، وبدأوا في تكريم هذه الافكار. ولكن حيث انهم شعروا بالحاجة الى اعطاء بعض الاشكال الملموسة للفكرة المجردة عن اللاشيء او الاله، خلق هؤلاء الناس مفهوم القداسة وبالمزيد اسبغوا عليه كل الصفات التي تشكل سلطات، الشر والخير، والذي يجدونه فقط في الطبيعة وفي المجتمع. هذا هو منشأ كل الاديان وتطورها التاريخي، من عبادة الاوثان الى المسيحية هبوطا.
نحن لا ننوي عمل دراسة عن تاريخ السخافات الدينية واللاهوتية والميتافيزيقية او مناقشة عملية مسار كل التجسدات المقدسة والرؤى المقدسة التي خلقتها قرون البربرية السابقة. نحن نعرف كلنا ان الخرافة والاسطورة جلبت الكوارث وسببت تفجر انهار الدم والدموع. كل هذه التشوهات المتمردة للبشرية الفقيرة كانت مراحل تاريخية وحتمية في النمو الطبيعي والارتقاء الاجتماعي للمنظمات. مثل هذه التشوهات ولدت فكرة قاتلة، هيمنت على خيال البشر، بأن الكون محكوم بواسطة قوة وارادة فوق طبيعية. جاءت قرون ومضت، ونمت مجتمعات وتعودت على هذه الفكرة الى مثل هذا الحد الذي دمروا به في الاخير اي تحريض او قدرة نحو تحقيق مزيد من التطور الذي نشأ في اوساطهم.
النهم للسلطة عند بعض الافراد اصلا، وعند العديد من الطبقات الاجتماعية فيما بعد، اسس العبودية والغزو كمبدأ مهيمن، وزرع هذه الفكرة الرهيبة عن القداسة في قلب المجتمع. بعد ذلك، لم يعد يرى احد في اي مجتمع مجتمعا صالحا دون وجود هاتين المؤسستين، الكنيسة والدولة، كقاعدة له. هذان السوطان يدافع عنهما كل الدعاة الاعتذاريين المذهبيين التابعين لهما.
فور ظهور هاتين المؤسستين في العالم، فجأة نظمت طبقتان حاكمتان – الكهنة والارستقراطية – انفسهما ولم تضيعا وقتا من اجل مذهبة الشعوب المستعبدة بفكرة قداسة الكنيسة والدولة وعدم القدرة عن الاستغناء عنهما والجدوى الجمة من استخدامهما.
بحران ساختار سلطه در تاریخ معاصر جنبش-های افقی و آنارشیک و جایگاه اسلاوی ژیژک/12
م_ع آوریل 2009
جدال دو جناح بورژوازی چپِ بلشویک و منشویک
لنین در این زمان خود را آماده یورش به تمامی این نظرات و فعالیت های مبارزاتی ای که در قالب ایدئولوژی او قرار نمیگیرند، میکند. او و یارانش انتشار روزنامه ایسکرا (جرقًه) را در سال 1900 در اروپا راه می اندازند و آنرا مخفیانه در روسیه توزیع می کردند تا کل فعالیت های درون جنبش را زیر پرچم پرلتاریایی خودشان آورند و هر کس اعتراض کرد منزوی و تصفیه شود. خواهیم دید که با وجود چنین تنوعی از گرایشات فکری و خواست های آزادیخواهی این نمیتوانست کار ساده ای باشد و نیاز به سازش ها و توطئه های زیادی داشت. مارتوف، پوتره سوف و زاسولیچ که از منطقه تبعید با لنین به مونیخ فرار کرده بودند جز کادر اصلی ویرایش مقالات روزنامه بودند. لنین مدام در ایسکرا می نوشت اگر ما یک تشکیلات قوی داشتیم میتوانستیم اعتصابات را به تظاهرات سیاسی تبدیل کنیم و بر تزار پیروز شویم.(ص78-75 ).
p { margin-bottom: 0.08in; }
دوستان توجه کنند که جامعه روسیه به طور طبیعی از گرایشات نظری متفاوتی برخوردار بود که بر یکدیگر تاثیر میگذاشتند آنها در کوران روند دینامیک تحولات اجتماعی شان قرار گرفته بودند که سمت و سوی های فکری شان میتوانست بطور آزادانه تغییر کند و این از خصوصیات رشد انسانیست و نه اینکه نوع زندگی و تصمیم گیری از بالا بر آنها تحمیل شود. در حالیکه لنین مهندسی یک تشکیلات سیاسی آهنین و انضباطی را در سر می پروراند و میکوشید تا برای اجرای این پروژه، یک گروه زبده و نخبه روشنفکر جاه طلب که در سخنوری، نویسندگی، تبلیغات و سیاستمداری و توطئه گری، حرفه ای باشند را دست چین کند تا به یاری آنها خود را بر سلطنت قدرت بنشاند. در حقیقت ناسیونالیسم کارگری مارکسیسم حکومتی، تنها یک پوشش ایدئولوژیک بود تا هر اعتراض و صدای آزادیخواهی درون جامعه را بعنوان مخالفت و دشمنی با منافع کارگران جلوه دهد. متاسفانه این چیدمان اصول کلیشه ای ایدئولوژی دیکتاتوری دولت کارگری از قبل به طور علمی ابزاری و عینی گرایی مکانیکی از جایگاه کارگر صنعتی، توسط مارکس طراحی شده بود که باید به دست گروهی روشنفکر بورژوا خارج از طبقه که معتقد به انضباط تشکیلاتی محکمی باشند اجرا شود. در چنین تشکیلات آهنینی وجود عواطف انسانی اجرای امور دیکتاتوری پرلتاریا را مختل مبکند. اساسا وقتی جنایات دوران لنین و استالین را یک انسان مشاهده میکند میتواند به راحتی متوجه شود که این فرمول های تئوری بافی حکومت کارگری، ایدئولوژی کارگری، دیکتاتوری گارگری توسط جناحی از روشنفکران سرمایه داری که غرور و شهوت قدرت حکومتی دارند، به چه منظور است که تا این حد در جزئیات اساسنامه ای حزبی با هزار دنگ و فنگ رئیس روئسایی، گُنده نمایی میکنند. این همه فلسفه بافی برای چیست که تنها این اقشار زحمتکش و محروم اجتماعی را وسیله ای برای ادعاهای مریض گونه خود قرار دهند. این یک سیاست کثیف احزاب چپ بورژوازی بوده و هست که با ایدئولوژی و شعارهای حمایت از اقشار محروم جامعه می خواهند سادیسم قدرت طلبی خود را در رقابت با دیگر سلطه گران بورژوازی به اثپات رسانند. از این جهت این خیانتی از درون جنبش آزادیخواهی محسوب میشود. زیرا بورژوازی راست آشکارا از سیستم با برنامه کنترل تولید برای منافع بازار رقابت کالایی هزار چهرۀ حمایت میکند و پیروان این سیستم سرمایه داری با انگیزه های جاه طلبی و زیاده خواهی کاملاً روشنی در جهت بهره برداری از آن گام بر میدارند و اکثراً بدون هیچ شرمی به زرنگی و فرصت طلبی کاسبکارانه خود فخر میفروشند. اما پیروان احزاب بورژوازی چپ اکثراً با انگیزه آزادی خواهی و توهمات خود شیفته ناجی گری، جذب حزب قدرتی چپ میشدند. زیرا چپ بورژوازی از واژه سرمایه داری استفاده نمی کرد و خیانت کارانه در چهره حزب انقلابی ضد سرمایه داری خود را مطرح میساخت. جالبه زمانیکه به قدرت میرسید اکثر پیروانش شوکه شده کنار میکشیدند و یا تصفیه میشدند و اکثر پیروان بورژوازی تیپیکال، به سرعت در خدمتش قرار میگرفتند. امروزه به خاطر افشا شدن دول کمونیستی در چشم جنبش های آزادیخواهی جهانی، پیروان احزاب چپی از ارزش روشنگری اساسا خالی شده اند. حال از جوانان پیرو چپهای حزبی باید پرسید، چرا نمیتوانید در کنار مردم قرار گیرید؟ بله حقیقت این است که در کنار مردم بودن یعنی صداقت، عاطفه، شکیبایی، فداکاری و مهمتر از همه عشق به آزادی و همه آن چیزهایی که سرشار از روح زندگیست که منش سلطه و تسلیم را بر نمی تابد، دقیقا همان چیزهایی که در درون احزاب قدرتی هرگز یافت نمیشود.
حال مثلاً حزب لنین از فرمانده هان و رهبران روشنفکر معتقد به ایدئولوژی کارگری تشکیل شده و هر چه رهبران بگویند نماد مطلق آزادیست زیرا آنها تجسم زحمتکش ترین طبقه جامعه هستند و هر گونه برخورد انتقادی از جانب معترضین جامعه به فرماندهی دولت کارگری، حمله به منافع کارگری محسوب میشود و بعنوان ضد انقلاب و دشمن پرلتاریا سرکوب میشوند . مضحکتر اینکه اگر انتقاد، اعتراض و اعتصاب از طریق خود کارگران (آن کارخانه مقدس نمای سرمایه) صورت گیرد این دیگر خیانت کارگر به طبقه مقدس خودش که در قدرت قرار گرفته، بحساب می آید و حکم قتلش واجب است اما اگر اعتراض از طبقه اجتماعی کارگران نباشد و طبق نظریۀ ایدئولوژی مارکسیسم متعلق به طبقه بینا بینی(میانی) به مانند معلم، دانشجو، نویسنده، هنرمند، پرستار، کشاورز، کارمند و جز آن باشد، اتهامش خرده بورژوای است که ایمانش به طبقه مقدس کارگر (کارخانه لشکر سازی سرمایه)، سست است و مخفیانه دارد به شیطان بورژوا مدام چشمک میزند پس قتل این اقشار اجتماعی مستحب است به شرط اینکه سریعا توبه کنند زیرا دولت کارگری لنینی و پلیس امنیتی چکا برای محاکمه وقت تلف نمیکنند تا کارِ تولید کارِ کارگری به عقب بی افتد پس در کشتن مکثی جایز نیست. لنین در واقع چپ رادیکال بورژوازی صنعتی مدرن روسیه را نمایندگی می کرد آنهم به شیوه دیکتاتوری سیاسی ژاکوبن ها، بلانکیست ها، نچایف ها و ناپلئون ها و هرگونه آزادی در جامعه را رمانتیسیسم بورژوازی و خرده بورژوازی و وقت کشی در کار پرولتاریا میدید.
در طی سال های بین 1900 تا 1903 همسر لنین، کروسپکایا به او ملحق شده و مادر و خواهرش در پاریس زندگی میکنند و لنین از مونیخ نقل مکان کرده و مشغول یاد گرفتن انگلیسی است و وقت زیادی را درکتابخانه لندن به مانند گذشته مارکس میگذراند هر چند رفت و آمد ها و ارتباطات سیاسی در اروپا برقرار است. او قبلا در نامه ای به همسرش در رابطه با نمایشات و کارناوال های خیابانی که آدم ها ماسک برچهره زده بودند، نوشته بود که این چه کار احمقانه ای است شاید مردم در اینجا میدانند چگونه شادی کنند. او به مرد حرفه ای 24 ساعت کار سیاسی معروف شده بود. تروتسکی را که تعریفش را از یارانش شنیده بود در سال 1902 در لندن ملاقات میکند و از توان فکری و نویسندگی او خوشش میآید و اسرار میکند که او به روسیه باز نگردد و با هیئت تحریریه ایسکرا همکاری کند. تروتسکی اندیشه نسبتا مستقلی داشت و به یک گرایش فکری حزب مارکسیستی وابسته نبود و مورد پسند مارتوف،پوتره سوف و پلخانوف در اوایل کار نبود اما لنین معتقد بود که او برای حزب مفید و سودمند خواهد بود(البته در اینجا مسئله رقابت برای جایگاه های قدرتی را نباید از نظر دور کرد).
در این دوران لنین بر روی حفظ یک خط فکری منضبط دیکتاتوری پرولتاریایی بی وقفه میکوبید وآیین حرفه ای انقلابیگری برای کسب قدرت را تنها توسط یک گروه رشنفکری مقتدر با تشکیلات آهنین میسر میدانست از این جهت برنامه انتقال قدرت بدست یک حزب واحد کمونیستی را پایه ریزی می کرد. لنین میگفت ….. آیین سوسیالیسم ثمره آن نظریه های فلسفی، تاریخی و اقتصادی است و چنانکه خواستگاه اجتماعی را در نظر گیریم، مارکس و انگلس، این بانیان سوسیالیسم نوین، نیز در زمره روشنفکران بورژوا بودند(ص86 ).
لنین با یک عینی گرایی کلیشه ای، تمرکزش را صرفاً روی جنبش کارگران منظم پادگانی کارخانه های صنعتی میگذارد تا آن ها را مثل یک ارتش منظم به تولید پیشرفته کار سرمایه داری زیر نظر قدرت مهندسین سیاسی حزب کارگران به کار سیستماتیزۀ فوردیسم و تیلوریسم وادار کند.ص408 ، شوب(وظایف فوری شورا ها، جلد دوم، لنین). جالبه کتاب اصول مدیریت علمی سرمایه دارای آقای تیلور در کارخانه بردگی برای بالا بردن انضباط و مدیریت کار، پروسه اتمیزۀ جز کاری، و شدت کار، تفاوت دستمزدی و…. مورد ستایش آقای لنین است و استالین در کتاب مبانی لنینیسم این روش خردمندانه مکتب اقتصادی لنین را تمجید میکند(همان صحفه). لنین اصلا حق آزادی اندیشه و عمل مبتکرانه و داوطلبانه تصمیم گیری در جهت انتخاب نوع زندگی را نه تنها برای کارگران حتی برای دیگر اقشار متنوع اجتماعی قایل نمیشد. اساسا در چشم او آزادی انتخاب نوع مبارزه و زندگی جز تحت نظر برنامه حزب کمونیست معنی دیگری نداشت زیرا به توجیه لنین، کارگران به تنهایی شعور درک آزادی را ندارند و این شعور عالی توسط رهبران حزبی از خارج به آنها منتقل میشود. از این جهت او به مانند مارکس فعالیت و مبارزه جنبش های فی البداه آنارشیک کمونی را بدون داشتن طبقه بندی های رهبری و نظارت حزبی پوچ میشماردند. این نظرات در مقاله چه باید کرد لنین که به پلورالیسم قدرت سیاسی پلخانوف هم می تازد، آمده است، کشمکش های قدرتی ای که در اوایل 1900 دیگرآغاز گشته است. در همان زمان بسیاری از مارکسیست ها این نظریات لنین را به نچایف و تکاچف نسبت میدادند تا به مارکس. در صفحات پایانی کتاب شوب هم چکیده هایی از این قبیل مباحث را می بینید.
به زودی استروه خودش را از اردوگاه حزبی لنین در روسیه جدا میکند و لنین در روزنامه ایسکرا تحت عنوان گرایشات لیبرالی، او را مرتد و خائن خطاب میکند. کم کم شکاف و نفاق در درون اعضاء نویسندگان ایسکرا اوج میگیرد و نزدیک ترین یارانش پوتره سوف و مارتوف احساس کردند که لنین سودای فرقه گرایی و انشعاب را در سر می پروراند و پلخانوف هم تحمل تند گویی ها و جزم گرایی لنین را نداشت و لنین هم به همه آنها بد گمان شده بود. تصویب مقالات بحث انگیز از آن به بعد با رای 6 نفر با اضافه شدن زاسولیچ و آکسلرد اتخاذ میشد اما به نتیجه نمیرسیدند و شدیداً جبهه گیری شده بود.= پوتره سوف غالبا جانب لنین را میگرفت او نتیجه گیری کرده بود که لنین دنیا را به دو بخش تقسیم کرده، کسانی که با او هستند و کسانی که با او نیستند=. و باز میگفت= در سازمان مورد نظر لنین انضباط به مرحله ای میرسد که تقریبا مشابه اطاعت امر در ارتش بود. در طرح این سازمان، فرمانده عالی و عوامل اجرایی حزب یکی میشدند….سازمانی بود از اقلیت انقلابی و این اقلیت می بایست در لحظه مناسب، بقایای قدرت را قبضه کند= ص88 و89
به قول شوب این قدرت نمایی لنین در دست چین کردن انقلابیون حرفه ای بود تا حزب مستقل خودش را سازماندهی کند. متاسفانه پیکار برای کسب قدرت، مردم را می بایست به وسیله ای رام و مطیع در دستان گروه های حرفه ای آنها قرار دهد. پس لشکر کشی های قدرتی در صفوف جامعه چه از طریق کادرها و روزنامه دامن زده میشد.
بنابر این تبلیغات چی های تحصیل کرده در روسیه مسایل مارکسیسم روزنامه ایسکرا را در گروه های کوچک کارگری مخفیانه در جهت آرمان حزب لنینی آموزش میدادند و برخی کارگران که جذب این موضوعات میشدند نشریات و جزوات را دست به دست میچرخاندند و با دستگیر شدن برخی از معلمین حزب، محافلشان هم منحل میشد. کارگری که به دنبال آگاهی بیشتر بود به تدریج مسایل مخفی حزب را در اختیارش میگذاشتند و بعد از یک پروسه آزمایشی عضو حزب میشدند. این جزوات به سرباز خانه ها هم پست میشد و به صورت اعلامیه بر دیوار های شهر و مکان های خاص و اطراف کارخانه ها پخش می کردند و یا از بالکن سینما ها در تاریکی اعلامیه ها را روی سر تماشاچیان میریختند.
کنگره دوم حزب سوسیال دمکرات روسیه در ژنو سال 1903 از 43 نماینده تشکیل شد بغیر از چها عضو کارگر، بقیه همه کادرهای حرفه ای تحصیل کرده بودند. در مجموع سه گروه کوچک از جامعه بزرگ روسیه بودند. سوسیالیست های یهودی بوند، اکونومیست ها و حزب جنجالی ایستگرایی های لنینی. دو گروه کوچکتر حاضر نشدند فرماندهی نظرات روزنامه ایسکرا را بپذیرند و از حزب خارج شدند و کار لنین را برای حمله به آنها در روزنامه ایسگرا به عنوان خائنین به پرلتاریا راحت تر ساخت. اما اختلافات اصلی قدرت بین خودشان بود که سر انجام به دو جناح بلشویک و منشویک تقسیم شدند. مارتوف و پوتره سوف، زاسلیچ و آکسلرد به طرف منشویک ها رفتند و پلخانوف گرایش به بلشویک نشان داد. اما با تمام آن برچسب ها و توهین ها به یکدیگر باز آنها ترجیح دادند که نویسندگان ایسکرا از مارتوف، لنین و پلخانوف تشکیل شود. لنین بعدا اعتراف کرد که تنها میخواست مشت آهنینی بر دهان مخالفین خط فکری اصلی ایسکرا بزند. اما مصوبات حزب سوسیال دمکرات مارکسیستی مثل یک پارلمان دولتی بر جای ماند. به هر حال این یاران قدرتی گرایش کمونیستی باین سادگی نمیتوانستند دست از سر هم بردارند. نوع سخنوری لنین بسیار جنبشی و شورشی بود و در روحیه هوادارانش در روسیه انگیزه حرکتی و انقلابی علیه استبداد تزاری را ایجاد می کرد اما در جامعه حد اقل صد میلیونی روسیه، هواداران نظریه مارکسیستی شاید به بیست هزار نفر هم نمیرسید و حضور متنوعی از سازمان ها و اقشار اجتماعی در ارتباط با خواست های جنبش های دهقانی، کارگری و آنارشیکی سر به فلک میزد چنانکه در انقلاب اکتبر 1917 اعضای حزب بلشویک که بیشتر از پایه کارگری بودند از چهل هزار نفر عدول نکرد که این بخش بسیار ناچیزی از کل مردم روسیه محسوب میشد و حتی در شهر پطروگراد کارگری در اوایل انقلاب اکتبر تنها پانزده درصد کارگران از بلشویک ها دفاع می کردند که لنین در نحوه حفظ قدرت سیاسی در حکومت، مدام بر ضرورت هوشیاری به واقعیات در اتخاذ سیاست های مناسب و فرصت طلبانه به یاران حزبی اش هشدار میداد. بنابراین پلخانوف این روحیه قدرتی لنین را ستایش می کرد اما از جاه طلبی بیش از حد او میترسید. زمانیکه آکسلرد در نشست کنگره تلاش می کرد پلخانوف را بطرف منشویک ها بکشاند، او فریاد بر آورد شما لنین را نمی فهمید= او از خمیره روبسپیر ها ساخته شده است=(روبسپیر در انقلاب فرانسه به دیکتاتوری مطلق اعتقاد داشت) و یا زمانی که آکیموف سعی کرد شکاف بین لنین و پلخانوف را زیاد کند او جواب داد، این کاریست که ناپلئون(دیکتاتور بزرگ انقلاب فرانسه) با ژنرالهایش می کرد تا آن ها را از همسرانشان جدا کنند… ولی من قصد جدایی از لنین را ندارم.(ص94).
دو گروه قدرتی، درگیری را ادامه دادند مارتوف با حامیانش به پاریس رفت و حاضر نشد در ایسگرا چیزی بنویسد. چندی بعد کنگره دیگری در ژنو بین آنها برپا شد که شکاف رقابت قدرتی شان بیشتر شد. مارتوف نظرش این بود که لنین تصمیم دارد که تنها نظرات خودش را بر ایسکرا مسلط کند. پلخانوف با سیاستمداری، زاسولیچ، پوتره سوف، و آکسلرد را به هیئت نگارش ایسکرا برگرداند تا اتحاد همه را حفظ کند و تروتسکی هم به مارتوف پیوست و در کنار جناح منشویک ها قرار گرفت. لنین از هیئت تحریریه ایسکرا استعفا داد و به پلخانوف گفت، شما هم به زودی میفهمید که با آنها نمیتوان در یک جا ماند و مسئولیت رویداد های آینده با خود شماست(ص95) این جدایی، سیل اتهامات را از طرف گروه های مارکسیستی جدید و قدیم به سوی لنین جاری کرد که او مستبد، دیوانسالار، یک دنده، فرمالیست، کوته نظر و جز آن است. از نظر لنین این یکی از دشوارترین تصمیم هایی بود که او گرفت و به کلی تنها شد و بهترین یارانش را از دست داد. اما لنین مقاله یک گام به جلو و دو گام به عقب را نوشت و همه این برچسب ها را از بزدلی خود آنها خواندکه زمینه ای برای فرارشان از اصول تشکیلات آهنین مارکسیسم میدانست چون آن ها به آرمان پرلتاریا که او نمایندگی می کرد پشت کرده اند و مثلاً حالا آنها گام در راه پارلمان بورژوازی گذاشته اند پس ابلهانی بیش نیستند. تروتسکی شدیدترین انتقادها را به لنین کردکه او فردی مستبد و خونخوار که میخواهد کمیته مرکزی حزب را به کمیته امنیت عمومی(در انقلاب فرانسه) تبدیل کند و خودش نقش روبسپیر را ایفاکند….و اگر او به قدرت برسد کله مارکس اولین سری خواهد بود که به زیر گیوتین خواهد رفت….و منظور لنین از دیکتاتوری پرولتاریا، همان دیکتاتوری بر پرولتاریست.ص96
لازم است به این موضوع اشاره کنم که احزاب خارج از قدرت دولتی با احزاب درون دولت کاملاً دو وضعیت متفاوت اعمال قدرتی دارند. دولت مکانیزم های قدرت متمرکز اجرایی را در دست دارد و قوانین را از طریق تقسیم شبکه های دیوانسالاری تثبیت شده در سراسر کشور و با کمک سیستم ایدئولوژیک رسانه ها، به فوریت و در ظاهر به طور جا افتاده عملی میسازد. و از طریق دستگاه پلیسی، ارتش و قضایی و غیره هم تا جایی که بتواند مخالفت ها را سرکوب میکند. شیوه های سرکوب و مهار واکنش های اجتماعی هم طبعا در همه کشورها نسبت به بافت مناسبات حقوقی شهروندی اجتماعی و مکانیزم ایدئولوژیکی قدرت تا حدی متفاوت عمل میکند اما در ماهییت ساختاری سلطه و استثمار مشابه هستند. و مهمتر از همه اعضاء و کارکنان ساختار متمرکز گسترده دیوانسالاری دولت همه استخدامی و حقوق بگیر هستند تا بقا کنند و اکثریتشان بسته به شرایط متحول اجتماعی، لزوما آرمانگرایی عقیدتی ثابتی نسبت به دستگاه حاکمیت ندارند. اما احزاب سیاسی خارج از قدرت دولتی، تنها به صورت بالقوه ماهییت ساختاری یک دولت را دارند و قدرت اجرایی آنها فقط حربه ایدئولوژیک آنهاست. البته بسته به نوع احزاب که آیا از قبل امکانات مالی داشته اند یا نه؟ آیا علنی هستند یا مخفی؟ آیا از دول ذینفع مزایایی میگیرند یا نه؟ آن موقع تازه بیشتر روشن میشود که پیروان چگونه باید حق عضویت هم بپردازند که خرج رهبری و کادرها و هزینه های تبلیغاتی آنها فراهم آید. این پیروان و جارچی ها فعلا بصورت دست و پای قرضی این اختاپوس کوچک دولتی عمل میکنند و حفظ و مهار کردنشان تا کسب قدرت حکومتی، کاری بس دشوار است و کارشناسان حزبی تا آن زمان باید هزار شگرد و حیله سیاسی، هم با پیروان و هم با دیگر رقبای قدرتی شان پیاده کنند تا پیروان را در خط فکری ایدئولولوژی خود نگهدارند. چرا که اگر انسان ها در فرایند زندگی اندیشه انتقادی در برخورد نظرات متفاوت درون جامعه رشد کنند احزاب بدون شک تحمه هایشان را از دست میدهند. اما برای احزاب چپ و راست این یک تجارت سیاسی است که زیرکانه به پیروانشان وعده دست رسی به بخشی از گنجینه دولتی را در آینده دهند. بنا براین سیستم متمرکز تشکیلات اجرایی احزاب قدرتی اساسا و به ناچار باید بر محور ایدئولوژیک عقیدتی تمرکز گذارند تا افراد ناراضی از وضع موجود به امید زندگی و امکاناتی بهتر در آینده داوطلبانه و مجانی در خدمت تشکیلات قدرتی آنها قرار گیرند و مدام با رفع ابهامات عقیدتی، ذهنییت آن ها را در جهت وابستگی هر چه بیشتر به سیاست های قدرتی خود کانالیزه کنند تا مبلغان مفیدی برای قدرت گیری حزبشان باشند. در این رابطه رمه و شبانی است که فرد به تدریج خود را بخشی از بت قدرتی حس میکند و زیر نفوذ آن ایدئولوژی بت وارگی به آرمان هایش هویت کاذب می بخشد تا قادر باشد به انجام وظایف محوله و یا عقیدتی بپردازد. بدون شک و متاسفانه این پتانسیل و میل به تمکین و سلطه در شخصیت خود این افراد هم نهفته است و احزاب قدرتی آگاهانه زمینه رشد منش های خود خواهانه و سودجویانه آنها را در چنین فضای تخریبگرایانه مناسبات حزبی، به نفع مقاصد خود فراهم می آورند تا آن پیروان و زیر دستان در آینده خود به یکی از کادرهای قدرتی تبدیل شوند.
چنانکه یوگنی دومبادزه دوست و همرزم بریا که یک جوان بیست ساله در اوایل انقلاب اکتبر بود مینویسد: بیشتر کسانیکه به دستگاه پلیسی چکا بلشویکی می پیوستند انقلابی های جوان بی تجربه با عقاید آرمانگرایانه، حاضر به هر گونه فداکاری بودند. برای من چکا به رغم شهرت نفرت انگیزش، چیزی شکوهمند بود هر بیرحمی ای که چکا مجبور به انجام دادن آن بود در اندیشۀ جوانانۀ من در آن هنگام به صورت دورنمای مبهمی درآمد و من تنها وظایف دشوار و خطرناک را به نام خوشبختی بشریت میدیدم (از کتاب بریا،ص34) . اما دومبادزه موزیانه از پاسخ به این موضوع که فرق همان انسان هایی که در مقابل جنایات شما ایستادگی می کردند با خود شما که آنها را میکشتید در چه چه چیزی بوده است؟ هرمان گورتیگ که سازمان گشتاپو را در آلمان پایه ریزی کرد و خود فرماندهی نیروی هوایی را بعهده داشت و قدرتمند ترین معاون هیتلر بود در سال 1945 مورد خشم هیتلر واقع شد و به مرگ محکوم شد، وگفت من تنها دستورات را اجرا می کردم. ومک نامارا وزیر جنگ نیکسون در کشتار مردم ویتنام، همین را گفت.
وقتی لنین با کودتای زبردستانه در اکتبر1917 قدرت سیاسی حکومتی رامرحله به مرحله قبضه کرد بسیاری از شیوه های یگانهای ضربتی و اعمال قدرت ترور را که از قبل طراحی کرده بود به سرعت پیاده کرد. او ضمن یک کارشناس ماهر سیاسی اقتصادی بورژوازی، یک تئورسین نظامی حرفه ای هم بود و حتی در طی 17 سال کار سیاسی و فرماندهی تشکیلات مخفی از اروپا توانسته بود در فرصت کافی با بهترین، موفقترین و کوبنده ترین آثارسبک های نظامیگری عصر خودش آشنا شود و برخی از این تجربیات را در قیام های 1905 تا قبل از انقلاب اکتبر در روسیه به کار گیرد. او بغیر از مطالعات آثار تکاچف، ماکیاولی، نچایف، روبسپیر و….. با جنگهای ناپلئون و بخصوص فوکیه تنویل دادستان معروف در دوره “حکومت وحشت در فرانسه” که تمام آزادی های اجتماعی را لغو کرد تا ناپلئون بدون هیچ شریکی خود را مظهر انقلاب بخواند، آشنایی کامل داشت. از نظر لنین جنگ در اکتبر تازه شروع شده بود از این جهت فرمان صادر شده لغو مجازات مرگ برای سربازانی که ترک خدمت می کردند توسط بلشویک ها را به انتقاد کشید و با نادیده گرفتن حکم جدید، اعلام کرد اعدام سربازان فراری به روال سابق دولت تزاری پیش میرود. تروتسکی مینویسد: ” آن زمان دوره ای بود که لنین از هر فرصتی استفاده می کرد تا در کله ما فرو کند که ایجاد رعب و وحشت یک امر اجتناب ناپذیر است او میگفت: پس دیکتاتوری شما کجاست؟ آن را به من نشان دهید. آنچه ما داریم یک آشفتگی اوضاع است و نه یک دیکتاتوری. اگر ما نتوانیم یک خرابکار را تیرباران کنیم پس انقلاب ما از چه قُماشی است و به چه درد میخورد”؟ ص317 . فراموش نشود که تروتسکی از نظر هنر جنگی خود مورد ستایش لنین بود و وزرات کمیسریای جنگ و فرماندهی ارتش سرخ به عهده او بودو بسیاری از ژنرالهای تزار بمانند توخاچفسکی و برویویچ…. را بکار گرفت و در سرکوب شورشهای دهقانی و اعتراضات کارگران بخصوص در پطروگراد به همراه زینویف قصاوتش زبانزد مردم روسیه بود و بگفته مدودوف (در دادگاه تاریخ) او را لُرد تروتسکی و یا ژنرال تروتسکی خطاب می کردند.
لنین وقتی در همان روزها در گردهمایی کمیته مرکزی، گذارشات شورشهای داخلی و دشمنان را شنید فریاد زد یعنی از بین شما یک فوکیۀ تنویل(دادستان بیرحم ناپلئون) برای مهار کردن انقلاب یافت نمیشود؟ و در این جاست که فلیکس دزرژینسکی در بیستم دسامبر 1917 تنها دو ماه بعد از انقلاب اکتبر،کمیسر عالی سازمان پلیسی چکای خلق میشود. او پسر یک زمیندار بزرگ ثروتمند از اهالی ویلنو بود، وقتی در دانشگاه تحصیل می کرد عضو حزب در ایالت لتونی شد. او در کتاب خاطراتش می نویسد که تا سن 16 سالگی یک کاتولیک متعصب بوده است.ص318 . بی جهت نبود که لنین در انتخاب او دریغ نکرد و بهترین گاردهای ویژه و یگان های تیراندازش را هم از ایالت لتونی انتخاب کرد که در وفاداری و اطاعت بی چونه و چرا و وظیفه شناسی سرآمد بودند و به لحاظ نژادی قومی علاقه ای به فرهنگ مردم پطروگراد و مسکو نداشتند و چند سال بعد به تنها نیروی مسلحِ منظم ویژه شوروی در آمدند که لنین به آن ها اطمینان کامل داشت. دزرژینسکی میدانست که با تمام توان باید از امنیت قدرت رهبرش لنین حمایت کند و برای نابودی دشمنان انقلاب بلشویکی، گذشت جایز نیست. روش کشتارجمعی سازمان یافته به عنوان پیکار راستین با دشمنان طبقه کارگر و مخالفین بلشویک ها تنها چیزی بود که او به آن افتخار می کرد. او در پست ریاست چکا اعلام میکند: ” فکر نکنید من در صدد پیدا کردن راه های قانونی عدالت هستم، عدالت به درد ما نمی خورد. ما نباید (حتی) سئوال و جواب کوتاه داشته باشیم، من فقط طالب یک چیز هستم – تأسیس یک سازمان که به کار تصفیه حساب انقلابی به پردازد-” در نظر داشته باشید که این افراد کادرهای حرفه ای صاحب نظر قدرتی هستند و خود نه صرفاً مجریان بلکه عاملین قدرت هم هستند. که لنین به یاری آن ها استبداد سرخ را پایه ریزی کرد و سایه شوم همین سازمان در اواخر 1922 چنگالش را به لنین هم نشان داد وسالهای بعد دیگر غول های خودی بلشویک را هم درسته قورت میدهد. ص 322- 319. (بهرام که گور میگرفتی همه عمر، دیدی که گور چگونه بهرام گرفت)
در جلسات شورای کمیسرهای خلق (وزیران) لنین همواره یادداشت هایی را با دیگر اعضاء رد و بدل می کرد در یک مناسبت به جا ماندنی او یادداشتی را به دزرژینسکی میدهد” چند نفر زندانی شرور در زندان هستند؟ دزرژینسکی در کاغذی نوشت حدود 1500 (هزار پانصد) نفر، لنین آنرا خواند، بینی اش را بالا کشید و یک علامت ضربدر کنار آن رقم، کشید و به دزرژینسکی برگرداند. دزرژینسکی از جایش بلند شد و جلسه را ترک گفت. فردایش زمزمه هایی پیچید که به دستور دزرژینسکی 1500 زندانی همگی اعدام شده اند”. آیا او قصد لنین را از علامت ضربدر نفهمیده بود؟ اتفاقا دمیتری ولکوکونوف در کتابش، شیوه اعدام های استالینی را همینگونه با تایید علامت ضربدر ذکر کرده است. طبق اسناد مارتین لاتسیس (معاون دزرژینسکی) عملکرد چکا در 1923-1917 تنها 568/861/1 (نزدیک به دو میلیون) تیرباران شدند در حالیکه در دوران استبداد تزار از سال 1821 تا 1917 در عرض یک قرن هزار نفر و اکثراً با محاکمه اعدام شدند (ص322). بدون شک هیتلر، موسیلینی، پل پت، بوش، تونی بلر، سرکوزی و…از اقتدار لنین حتما در دلشان به هیجان آمده بودند.
در اوایل سال 1918 لنین مرکز حکومت را از پتروگراد به کاخ کرملین در مسکو انتقال داد و سازمان چکا هم به همراه او در مسکو، عمارت بیمه مرکزی را که مملو از اتاقها و سردابه ها بود و در خیابان 22 لوبیانکا قرار داشت تسخیر کرد. همین ساختمان لوبیانکا که به قول خانم آلباتس در قیام مردمی بعد از کودتای اوت 1991 مورد حمله واقع شد اما جان سالم به در برد و فربه تر شد. اما دولت گورباچف بخاطر نشان دادن فرایند باز سیاسی و واکنش به کودتا، اجتناب ناپذیرا بسیاری از این اسناد را بیرون داد(ص10دولت در دولت). جالبه این دولتها با چه بیشرمی ای تاریخ ننگین خودشان را مدام میخواهند پنهان نگهدارند. در روسیه پرونده های بایگانی شده تا 75 سال موضوع امنیتی محسوب میشود و در آمریکا 40 سال، اینها حتی از افشای حقایق چهل سال پیش هم وحشت دارند چون پای خودشان در قدرت گیر است . به قول هوارد زین که کتاب تاریخ آمریکا را در جنایات بیشمارش بخصوص در ارتباط با نسل کشی سرخپوستان نوشته، میگوید: اگر دولت ها میخواستند از حقیقت درون خودشان بگویند دیگر هرگز دولتی برجای باقی نمیماند.
پس اگر جنبش های افقی و مبارزه مستقیم و آنارشیک، مناسباتشان را از پایین به صورت مساوات جویانه و خود انگیخته بر قرار میکنند تا خلًاقیت هایشان را آزادنه در رشد یکدیگر تجلی دهند چرا باید از جانب مارکس و لنین و استالین و دیگر احزاب چپ و را ست قدرتی هرج و مرج طلب و بی بند و بار خطاب شوند؟ بله، البته که ما میدانیم چرا؟ زیرا آنها بند و بساط خشک و انضباط سیاسی سلطه، تمکین، اطاعت و وظیفه شناسی ایدئولوژیکی بیمارگونۀ تشکیلات احزاب قدرتی و دیوانسالاری هرمی آنها را به هم ریخته اند و این خود بزرگ بینی های پرستیژی قدرت مرد سالارانه را به سخره گرفته اند. پس طبیعی است که حتی نظام حاکمیت غرب مدرن هم از آنها تنفر و وحشت داشته باشد. بله هرج و مرج آنها به مفهوم به هم ریزی نظام پادگانی و ارتشی قدرت هاست. بله این یک شورش از جانب جنبش های افقی علیه نظام دول خشک و بی عاطفه، غارت گر و آدم کش، استثمارگر و مستبد جهانی است.
حالا اگر بخواهیم به جنگ قدرتی ای که بین پلخانوف، تروتسکی و مارتوف و لنین و دیگر شیفتگان قدرت که به طرز خصمانه ای شروع شده شده بود برگردیم، متوجه میشویم که بازی ایدئولوژیک واژگان آزادی برای زحمتکشان و کارگران صرفاً یک حقه استدلالی کثیف برای جذب لشکریان عقیدتی به دفاع از باند قدرتی خودشان بوده است. لنین با از دست دادن روزنامه ایسکرا می بایست فکر یک روزنامه جدید در رقابت با ایسکرا را می کرد. او چند ماه بعد با کمک بوگدانوف یک گروه 22نفره ا از نویسندگان جوان مارکسیست را که بتوانند بنده وارانه خط ایدئولوژیک لنین را مو به مو اجرا کنند گرد هم آورد. در دسامبر 1904 روزنامه وپروید به معنای “به سوی آینده” را بیرون داد و هیئت تحریریه جدید آن از بوگدانوف، لونا چارسکی، اولمینسکی و وروسکی تشکیل شد. هسته روشنفکری لنین در مورد اصول خطا ناپذیر مارکس در روزنامه وپروید شدیداً جا افتاده بود. او در کتاب ماتریالیسم و نقد تجربی چنین مینویسد: ” نظریه مارکس در باره ماترالیسم دیالکتیک یک حقیقت عینی است. در پیروی از این نظریه، رهیافت ما از حقیقت عینی نیز در نهایت دقت می باشد، در حالیکه اگر هر روش دیگری را پیش گیریم، قادر نخواهیم بود به چیزی جز سردرگمی و کذب دست یابیم. فلسفه مارکسیسم همچون یک تکه فولاد است و حذف هر یک از قضایای اصلی آن (بخش های اساسی آن) باعث خواهد شدکه از حقیقت عینی آن منحرف شده و به دامان کاذب بورژوا-ارتجاع بیفتیم…” (ص101-98 ). لنین دیگر حزب آهنین خورا پایه ریزی کرده بود و بر پایی کنگره های حزب سوسیال دمکرات صرفاً یک پارلمان تشریفاتی فرقه های قدرتی برای سازش ها، دلجویی ها و لشکر کشی های فرصت طلبانه در سطح جامعه بود و در عین حال بتوانند غیر خودی های کمپ مارکسیسم را از طریق آن منزوی کنند.
الاناركية كوميونة باريس / 1
الاناركية مجتمع بلا رؤساء او المدرسة الثورية التي لم يعرفها الشرق
إعداد وعرض: احمد زكي
كوميونة باريس
كوميونة باريس هي اسم الانتفاضة العمالية التي انفجرت داخل مدينة باريس في اعقاب الحرب الفرنسية البروسية (١٨٧٠) التي انتهت بهزيمة لفرنسا. هناك سببان رئيسيان لتلك الانتفاضة: من ناحية، الكارثة العسكرية في الحرب، ومن ناحية اخرى السخط المتنامي بين الطبقة العاملة الفرنسية، الذي يمكن تتبع اثاره الى ثلاثينات القرن التاسع عشر، عندما نشبت اول انتفاضات عمالية في ليون وباريس.
مسلسل تاريخ احداث الكوميونة
عام ١٨٧٠
١٠ يناير مظاهرة لحوالي ١٠٠ الف ضد امبراطورية بونابرت الثانية بعد موت فيكتور نوار، الصحفي الجمهوري الذي قتله بيير بونابرت، ابن عم الامبراطور بونابرت الثالث.
٨ مايو استفتاء قومي عام يمنح الثقة للامبراطور بنسبة ٨٤٪. عشية الاستفتاء يلقى القبض على اعضاء فدرالية باريس بتهمة التآمر على حياة الامبراطور نابليون الثالث. استخدمت الحكومة هذه الذريعة بشكل اكبر لتشن حملة اضطهاد لاعضاء الاممية الاولى في انحاء فرنسا.
١٩ يوليو بعد صراع دبلوماسي ضد محاولات بروسيا الاستيلاء على العرش الاسباني، يعلن لويس بونابرت الحرب على بروسيا.
٤ اغسطس فردريك، امير العرش الالماني، على رأس احد الجيوش البروسية الثلاث التي اجتاحت فرنسا، يهزم المارشال الفرنسي ماكماهون عند ورث وفايسنبرج، ويدفعه الى خارج الالزاس (الشمال الشرقي لفرنسا)، ويحاصر ستراسبورج، ويندفع نحو نانسي. الجيشان البروسيان الاخران يعزلان قوات المارشال بازين في ميتز.
١٨ اغسطس محاولات القائد الفرنسي بازين لاختراق الخطوط الالمانية بجنوده تنكسر بخسارة فادحة عند مار لا تور وجرافيلوت. يتقدم البروسيون نحو شالون.
١ سبتمبر معركة سيدان. ماكماهون وبونابرت، في محاولة لتخفيف الضغط عن بازين في ميتز واغلاق الطريق، يدخلان في معركة وينهزمان في سيدان.
٢ سبتمبر الامبراطور نابليون الثالث والمارشال ماكماهون يستسلمان في سيدان ومعهم ٨٣ الف جندي.
٤ سبتمبر عند وصول اخبار سيدان، عمال باريس يجتاحون قصر البوربون ويجبرون الجمعية التشريعية على اعلان سقوط الامبراطورية. في المساء، اعلان الجمهورية الثالثة في مبنى اوتيل دي فيل (مبنى البلدية) بباريس. تأسيس حكومة الدفاع الوطني المؤقتة للاستمرار في المجهود الحربي لاجلاء الالمان عن فرنسا.
٦ سبتمبر اصدرت حكومة الدفاع الوطني اعلانا: يقع اللوم بالحرب على الحكومة الامبراطورية، ومطلوب السلام الان، لكن دون التنازل عن “بوصة من ارضنا، ولا حجر من قلاعنا”. ومع استمرار احتلال بروسيا للالزاس واللورين، ظلت الحرب دائرة.
١٩ سبتمبر بدأ الجيشان الالمانيان حصارهم الطويل لباريس. تخيل بسمارك ان العمال الفرنسيون “المخنثون” سوف يستسلمون سريعا. ارسلت سريعا حكومة الدفاع الوطني بوفد الى تور، سرعان ما لحق بهم غمبيتا (الذي هرب من باريس المحاصرة في منطاد)، لتنظيم المقاومة في المحافظات.
٢٧ اكتوبر الجيش الفرنسي في ميتز، تحت قيادة بازين، وقوامه بين ١٤٠ الى ١٨٠ الف جندي، يستسلم.
٣٠ اكتوبر هزيمة الحرس الوطني الفرنسي في لوبورجيه.
٣١ اكتوبر عند وصول انباء قرار حكومة الدفاع الوطني بالبدء في مفاوضات مع البروسيين، قاد عمال باريس والاقسام الثورية في الحرس الوطني تمردا بقيادة بلانكي. استولى المتمردون على الاوتيل دي فيل واقاموا حكومة ثورية – لجنة السلامة العامة، يترأسها بلانكي.
١ نوفمبر تحت ضغط العمال وعدت حكومة الدفاع الوطني بتقديم استقالتها وتحديد موعد لاجراء انتخابات بلدية عامة للكوميونة (المجلس البلدي في باريس) – وهو الوعد الذي كانت تنوي عدم تنفيذه. بعد تهدئة العمال الثائرين بذريعة “الشرعية” هذه، استولت الحكومة مرة اخرى على الاوتيل دي فيل (مبنى البلدية) باستخدام العنف واعادت سيطرتها مرة اخرى على المدنية المحاصرة. تم القبض على بلانكي وواجه بشكل رسمي تهمة الخيانة.
عام ١٨٧١
يناير قاد انصار بلانكي مظاهرة تشكلت من عمال باريس والحرس الوطني مطالبين بالاطاحة بالحكومة واقامة كوميونة. الحرس البريتوني المتنقل الذي كان يحمي مبنى الاوتيل دي فيل، فتح النار بأوامر من الحكومة على المتظاهرين. بدأت الحكومة، بعد هذه المذبحة ضد العمال، في الاستعداد لتسليم باريس الى الالمان.
٢٨ يناير بعد اربعة شهور من الكفاح العمالي، استسلمت حكومة الدفاع الوطني للبروسيين وسمحوا لقوات الاحتلال الالماني بدخول جزء صغير فقط من المدينة بشكل رمزي ومؤقت. وفي الوقت الذي تم فيه نزع سلاح كل القوات النظامية الفرنسية، سمحوا للحرس الوطني بالاحتفاظ بسلاحه. مئات الالاف من سكان باريس كانوا مسلحين بوصفهم اعضاء في ميليشيا مدنية معروفة باسم الحرس الوطني، والتي كانت قد توسعت عضويتها كثيرا بغرض المساعدة في الدفاع عن المدينة. انتخبت وحدات الحرس الوطني ضباطها، الذين كانوا في الاحياء العمالية من القيادات الراديكالية والاشتراكية.
٨ فبراير اقيمت الانتخابات في فرنسا دون علم معظم الجمهور من اجل اختيار جمعية وطنية جديدة، وفاز المحافظين باكثر من ثلثي مقاعدها.
١٢ فبراير افتتحت الجمعية الوطنية الجديدة في بوردو؛ الاغلبية المحافظة كانت ترغب في انهاء الحرب.
١٦ فبراير انتخبت الجمعية الوطنية ادولف تيير رئيسا تنفيذيا للحكومة
٢٦ فبراير تم توقيع اتفاقية السلام الاولية بين فرنسا والمانيا في فرساي، وقعها تيير وجول فافر، من ناحية، وبسمارك من الناحية الاخرى. سلمت فرنسا الالزاس واللورين الشرقية الى الالمان ودفعت لهم غرامة بلغت ٥ بليون فرنك. انسحب جيش الاحتلال الالماني ببطء وتدريجيا مع كل مرة تدفع فيها اقساط الغرامة المالية. تم توقيع اتفاقية السلام النهائية في فرانكفورت على الماين في ١٠ مايو ١٨٧١.
١ مارس وحتى ٣ مارس بعد شهر من الكفاح والمعاناة، رد عمال باريس بغضب على دخول القوات الالمانية المدينة، والاستسلام الذي لا يتوقف من جانب الحكومة. انشق الحرس الوطني وشكل لجنة مركزية. اتخذت اللجنة المركزية التي تشكلت من جمهوريين وطنيين واشتراكيين، عدة خطوات للدفاع عن باريس ضد هجوم الماني محتمل، وايضا للدفاع عن الجمهورية ضد عودة الملكية المحتملة، خاصة بعد الاغلبية البرلمانية المحافظة التي تحققت في الانتخابات الاخيرة.
قبل دخول القوات الالمانية، قام الحرس الوطني وبمساعدة سكان باريس من العمال بالاستيلاء على عدد كبير من المدافع التي خلفها الجيش الفرنسي (التي اعتبرها سكان باريس والحرس الوطني ملكية عامة حيث ان ثمنها مقتطع من الضرائب العامة) واخفوها بعيدا عن الانظار في احياء آمنة. احد اشهر اماكن اخفاء تلك المدافع كانت مرتفعات مونمارتر.
١٠ مارس مررت الجمعية الوطنية قانونا بتأجيل دفع اقساط الديون المستحقة عليها؛ واصبح طبقا لهذا القانون في الامكان ارجاء دفع الاقساط المستحقة من ١٣ اغسطس حتى ١٢ نوفمبر ١٨٧٠. وهكذا ادى هذا القانون الى افلاس عديد من البورجوازيين الصغار.
١١ مارس تم تعطيل الجمعية الوطنية. مع حدوث الاضرابات في باريس،
١٧ مارس تم القبض على لويس اوجوست بلانكي الزعيم الثوري المخضرم، واودع سجنا سريا.
١٨ مارس حاول ادولف تيير نزع سلاح باريس وارسل بقوات نظامية من الجيش الفرنسي لتنفيذ ذلك، ولكن، تآخي الجنود مع عمال باريس، ورفضوا تنفيذ اوامر ضباطهم. عند مونمارتر، قتل الجنود قائديهم الجنرال كلود مارتان لوكومت والجنرال جاك ليونار كليمنت توماس. انسحبت العديد من وحدات الجيش النظامي في فوضى طبقا لاوامر تيير، وتشتت عديد من الجنود في شوارع واحياء باريس، مشاركين في التمرد.
٢٠ مارس بعد اخلاء باريس طبقا لاوامر تيير من قوات الجيش النظامية، وقوات الشرطة والادارة المدنية، وبعد ان فر هو نفسه في مقدمة الفارين الى فرساي، اقامت الجمعية الوطنية حكومة مؤقتة في فرساي. اصبحت اللجنة المركزية للحرس الوطني هي الحكومة الفعلية الوحيدة في باريس ورتبت اجراء انتخابات بلدية.
٢٦ مارس انتخب مواطنو باريس المجلس البلدي – كوميونة باريس. تشكلت الكوميونة (او بالاحرى المجلس البلدي) من ٩٢ عضوا الحصة الكبيرة منهم كانت من العمال المهرة وتضمنت عضوية الكوميونة ايضا العديد من المهنيين (مثل الاطباء والصحفيين). كان العديد من كل هؤلاء نشطاء سياسيين، من الجمهوريين الاصلاحيين الى انماط متنوعة من الاشتراكيين، الى اليعاقبة الذين دفع بهم الحنين الى الماضي الى استرجاع اجواء الثورة الفرنسية الكبرى عام ١٧٨٩.
انتخبت الكوميونة الزعيم المخضرم لجماعة الاشتراكيين الثوريين، لويس اوجوست بلانكي، رئيسا للمجلس، لكن تم ذلك في غيابه، لانه كان سجينا منذ ١٧ مارس في سجن سري واستمر حبسه طوال عمر الكوميونة .
٢٨ مارس اعلان كوميونة باريس الثورية رسميا
٣٠ مارس الغت الكوميونة التجنيد الاجباري والجيش النظامي؛ الحرس الوطني الذي بإمكان كل القادرين على حمل السلاح الانضمام له، اصبح هو فقط القوة المسلحة الوحيدة. الغت الكوميونة كل الايجارات المستحقة للدور السكنية من اكتوبر ١٨٧٠ حتى ابريل ١٨٧١. في نفس الوقت تم تثبيت كل الاجانب المنتخبين في الكوميونة في مناصبهم، لأن “علم الكوميونة هو علم الجمهورية العالمية”. اتخذت الكوميونة العلم الاحمر علما لها بدلا من علم الثورة الفرنسية مثلث الالوان، وعادت لاستخدام تقويم الثورة الفرنسية.
رغم الاختلافات الداخلية، بدأت الكوميونة بمحاولة الحفاظ على استمرار اداء الخدمات العامة لمدينة يبلغ تعداد سكانها وقتها ٢ مليون نسمة. استطاعت الكوميونة ايضا الوصول الى تحقيق اجماع حول عدد من السياسات الذي استهدف محتواها تحقيق اشتراكية ديموقراطية تقدمية وعلمانية اكثر من كونها ثورة اجتماعية. قصر عمر الكوميونة (اقل من ٦٠ يوم) كان يعني ان العديد من القرارات والقوانين لم يتم تطبيقها فعليا.
١ ابريل اعلنت الكوميونة ان اعلى مرتب يتقاضاه اي عضو في الكوميونة لن يتعدى ٦٠٠٠ فرنك، وهو اجر العامل المتوسط انذاك.
٢ ابريل استغاث تيير ببسمارك من اجل قمع كوميونة باريس ليأذن لهم بامداد جيش فرساي بالاسرى الفرنسيين في سيدان وميتز. في مقابل الغرامة البالغة ٥ بلايين فرنك، وافق بسمارك على ذلك. بدأ الجيش الفرنسي حصار باريس. تعرضت باريس بشكل مستمر للقصف بالمدافع.
اصدرت الكوميونة قانونا بفصل الكنيسة عن الدولة، والغاء كل الميزانيات التي كانت تدفعها الدولة لاغراض ومصالح دينية اضافة الى تحويل كل ممتلكات الكنيسة الى ملكيات عامة وطنية. اعلنت الكوميونة ان الدين شأنا شخصيا صرفا.
٥ ابريل اصدرت الكوميونة قانونا بشأن الرهائن في محاولة لمنع اعدام الحكومة الفرنسية لمن يسقط من رجال الكوميونة في الاسر. في ظل هذا القانون، كل الاشخاص المدانين بانهم على اتصال بالحكومة الفرنسية تم احتجازهم بوصفهم رهائن. هذا القانون يختلف المؤرخون حول هل تم تنفيذه فعليا ام لا.
٦ ابريل اخرجت الكتيبة رقم ١٣٧ مقصلة الثورة الفرنسية الكبرى من مكانها وتم احراقها في العلن وسط تهليل الجمهور المحتشد.
٧ ابريل استولى الجيش الفرنسي على السين عند مروره بنويي، في الجبهة الغربية من باريس. في رد فعل على اعدام الحكومة الفرنسية لرجال الكوميونة الذين يقعون في اسرها، اصدرت الكوميونة تصريحا سياسيا بتبنيها سياسة “العين بالعين”، مهددة بالثأر.
٨ ابريل اصدرت الكوميونة قانونا بمنع كل الرموز والصور والشعارات والصلوات الدينية من المدارس – بكلمة “كل ما يمت بصلة الى مجال ضمير الفرد” صدر قرار بحظره من المدارس. تم تطبيق القانون تدريجيا.
١١ ابريل في هجوم على ضواحي باريس الجنوبية، اجبرت قوات العمال المسلحة بقيادة الجنرال ايود الجيش الفرنسي على التراجع وقد تكبد خسائر ثقيلة.
١١ ابريل ناتاني لو ميل، عاملة اشتراكية في تجليد الكتب، واليزابث ديمترييف، احدى الشابات الروسيات المنفيات ومساعدة لكارل ماركس، مع نسوة اخريات انشأن اتحاد النساء من اجل الدفاع عن باريس ورعاية الجرحى. طالبت هذه الجمعية رغم اقتناعها بأن كفاحهن ضد الاستبداد الابوي يتحقق من خلال كفاحهن ضد الرأسمالية، بالمساواة بين النوعين، والمساواة في الاجر، وحق الطلاق للنساء، وحق الزواج المدني والتعليم المهني للفتيات. وطالبن ايضا بعدم التمييز ضد العشيقات ومساواة الاطفال الغير شرعيين، الغاء الدعارة.
١٢ ابريل قررت الكوميونة ان عمود النصر في ميدان فيندوم، والذي تم بناءه من المدافع التي وقعت في ايدي نابليون بعد حرب ١٨٠٩، يجب ازالته وتدميره كرمز للروح الوطنية المتعصبة وتحريض على الكراهية الوطنية. تم تنفيذ هذا القرار في ١٦ مايو.
١٦ ابريل اعلنت الكوميونة تأجيل كل التزامات الديون لمدة ثلاث سنوات والغاء الفوائد عليها. امرت الكوميونة بعمل جداول احصائية للمصانع التي تم اغلاقها بواسطة اصحابها، ووضعت خطط تشغيلها بواسطة عمالها التي كان يعملون بها سابقا، والذين يجب انتظامهم في جمعيات تعاونية، وايضا وضعت خطط لتنظيم هذه التعاونيات في اتحاد كبير للصناعة.
٢٠ ابريل قطع تيير المفاوضات من اجل تبادل الرهائن مع الكوميونة، والتي كانت قد اقترحتها الكوميونة لتبادل اسقف باريس الاكبر جورج داربوي وقساوسة اخرين كانوا رهائن لدى الكوميونة، مقابل رجل واحد فقط، وهو بلانكي، الذي كان قد انتخب مرتان للكوميونة بينما هو يقبع سجينا في كليرفو.
٢٧ ابريل والانتخابات البلدية على الاعتاب، قام تيير بتمثيل واحد من مسرحياته العظيمة للمصالحة. فقد صاح من على منصة الجمعية الوطنية: “لا توجد مؤامرة على الجمهورية سوى تلك المؤامرة في باريس، والتي تجبرنا على ان نريق الدم الفرنسي. انا اكرر مرة اخرى واخرى…”. لم يحصل انصار الشرعية المتحدون وانصار اورليانز والبونابرتيون (حزب النظام) من ٧٠٠ الف صوت في البلدية سوى على ٨ الاف فقط.
٣٠ ابريل الكوميونة تصدر قانونا باغلاق محلات الرهونات والربا، على ارضية انها محلات لاستغلال العمال، وفي تناقض مع حق العمال في ادوات عملهم وفي الحصول على ائتمانات.
٥ مايو امرت الكوميونة بهدم مصلى التوبة، الذي تم بناءه من اجل التكفير عن اعدام لويس السادس عشر
٩ مايو استولى الجيش الفرنسي على قلعة ايسي، التي تحولت الى حطام وخرائب تامة بسبب القصف المدفعي الفرنسي.
١٠ مايو معاهدة السلام التي تم ابرامها في فبراير، تم التوقيع عليها الان، والمعروفة باسم معاهدة فرانكفورت. (اقرتها الجمعية الوطنية في ١٨ مايو)
١٦ مايو هدم عمود الفندوم. اقيم عمود الفندوم بين عامي ١٨٠٦ و١٨١٠ في باريس تكريما لانتصارات فرنسا النابليونية؛ شيد هذا العمود من مدافع العدو التي وقعت في ايدي الجيش الفرنسي وتوجوه بتمثال لنابليون.
الاسبوع الدموي (من ٢١ الى ٢٨ مايو)
٢١ مايو سمح البروسيون الذين امتلكوا قلاع شمال وشرق باريس لقوات فرساي بالتقدم عبر الاراضي شمال المدينة، والتي كانت ارضا محرمة عليهم في ظل شروط الهدنة. اقتحمت قوات فرساي بوابة في الجزء الغربي من سور المدنية المحصن وبدأت اجتياح المدنية. احتلت قوات فرساي الاحياء الغربية الراقية بمساعدة وترحيب من سكانها الذين لم يغادروا باريس بعد الهدنة. كانت المقاومة في الجزء الغربي من باريس ضعيفة. استمر الجيش الفرنسي يذبح العمال، ويطلق النار على المدنيين فور الاشتباه. قاد هذه الحملة مارشال ماكماهون، الذي اصبح فيما بعد رئيسا لفرنسا. تم اعدام عشرات الالاف من رجال الكوميونة والعمال، ودون محاكمات.
٢٤ مايو تقول الموسوعة الكاثوليكية ان اكثر من خمسين رهينة لدى الكوميونة، وفي بعض تلك الحالات كان الاعدام بناء على اوامر مكتوبة من قادة الكوميونة، وفي حالات اخرى قام الدهماء بالقتل. من بين هؤلاء الضحايا كان اسقف باريس الاكبر، جورج داربوي.
كانت اعنف مقاومة في الاحياء الشرقية من المدينة، احياء الطبقة العاملة، حيث دار القتال من شارع الى شارع.
٢٧ مايو بقي القليل من جيوب المقاومة، خصوصا في الاحياء الافقر في المناطق الشرقية مثل بيلفيل ومينيلمونتان.
٢٨ مايو يقال ان القتال توقف اواخر فترة ما بعد ظهيرة او اوائل مساء هذا اليوم. طبقا لتاريخ هذه الفترة، اخر المتاريس كان المتراس في شارع رامبونو في بلفيل.
اصدر المارشال مكماهون اعلانا: “الى سكان باريس. جاء الجيش الفرنسي لانقاذكم. باريس قد تحررت. في الساعة الرابعة استولى جنودنا على اخر معاقل المتمردين. اليوم: قد انتهى القتال. ولد النظام والعمل والامن من جديد”.
بدأت حملات الانتقام المحمومة. مساندة الكوميونة باي شكل من الاشكال اصبحت جريمة سياسية توجه للالاف. بعض رجال الكوميونة اطلق عليهم الرصاص وظهورهم الى ما بات يعرف بجدار الكوميونة في مدافن بير لا شيز بينما قدم الاف اخرين الى محاكمات صورية سريعة ونفذ فيهم الاعدام رميا بالرصاص. تمت هذه المذابح في اماكن عديدة اشهرها حدائق لكسمبورج وقشلاقات لوبو خلف مبنى الاوتيل دي فيل. تقريبا سيق اكثر من ٤٠ الف شخص لفرساي من اجل محكامتهم. طابور طويل من الرجال والنساء والاطفال ذهبوا بهم الى فرساي من اجل المحاكمة: حاكموا ١٢ الف شخص، وثبتت التهمة بحق ١٠ الاف، واعدموا ٢٣ رجلا. تم ترحيل ٤٠٠٠ الى نيوكاليدونيا كمنفى دائم.
يقدر عدد من قتل في الاسبوع الدامي بين ١٠ الاف الى ٥٠ الف. طبقا لبنيديكت اندرسون، “سبعة الاف اعتقلوا او تم ترحيلهم” و”تقريبا ٢٠ الف تم اعدامهم” .
بينما نجح الاف اكثر، من بينهم قادة الكوميونة، في الهرب الى بلجيكا وبريطانيا (ملجأ آمن لحوالي ٣ او ٤ الاف لاجئ)، وايطاليا واسبانيا والولايات المتحدة. تم العفو عن هؤلاء اللاجئين في ١٨٨٠. بعضهم اصبحوا سياسيين بارزين، وتقلدوا مناصب مستشارين او نواب او سيناتورات.
سيرة حياة باكونين
١٨١٤ في الثلاثين من مايو، ولد ميخائيل الكسندروفيتش باكونين في قرية برموخينو في مقاطعة تفار من روسيا.
١٨٢٨ ارسلته عائلته الى سان بطرسبورج لاعداده من اجل الالتحاق بمدرسة المدفعية
١٨٢٩ دخل مدرسة المدفعية في سان بطرسبورج
١٨٣٢ تخرج من المدرسة كضابط حديث وارسل الى ميسك وجرودنو في بولندا.
١٨٣٥ استقال من الجيش
١٨٣٦ انتقل الى موسكو ليدرس الفلسفة
١٨٣٦ ترجم للفيلسوف الالماني فختة “محاضرات حول مهنة العالم الاكاديمي”
١٨٣٨ في مارس نشر مقدمة لكتاب هيجل “محاضرات الجيمنازيوم”
١٨٤٠ انتقل الى سان بطرسبورج وفي يونيو الى برلين للدراسة والاعداد للاستاذية في جامعة موسكو.
١٨٤٢ انتقل الى درسدن وتعاون مع ارنولد روج في نشر الحوليات الالمانية
١٨٤٢ في اكتوبر نشر كتابه “الرجعية في المانيا”
١٨٤٣ انتقل الى برن وزيورخ، وتلاقى مع فيلهلم وايتلنج
١٨٤٤ في فبراير، انتقل الى باريس عبر بروكسل
١٨٤٤ في فبراير، صدرت اوامر الحكومة الروسية بعودته الى روسيا
١٨٤٤ صدر ضده حكم بنزع مرتبة النبالة عنه وحكم غيابي بالاشغال الشاقة في سيبريا
١٨٤٤ حتى عام ١٨٤٧،تقابل مع برودون مرارا ومع ماركس احيانا، ونسج علاقات صداقة بجورج صاند
١٨٤٧ في ٢٩ نوفمبر، في احتفال لذكرى الانتفاضة البولندية لعام ١٨٣٠، القى باكونين خطابا ندد فيه بالحكومة الروسية مما عرضه لاحقا للطرد من فرنسا. اشاع السفير الروسي في باريس في محاولة منه لتلويث سمعة باكونين اشاعات كاذبة عن استخدام الحكومة الروسية للاخير كعميل سري داخل الحركة الثورية.
١٨٤٧ خرج بكونين مطرودا من فرنسا وانتقل الى بروكسل حيثى التقى بماركس مرة اخرى.
١٨٤٨ في فبراير، عاد الى باريس بعد ثورة فبراير هناك
١٨٤٨ في مارس، التقى ماركس وانجلز في كولونيا وبدأ الانشقاق معهم بعد تنديد ماركس بهرفيغ صديق باكونين، الذي قاد حملة تعيسة كان مصيرها الدمار من المنفيين الالمان الى بادن على امل اشعال انتفاضة هناك.
١٨٤٨ في يونيو، شارك في المؤتمر السلافي وفي انتفاضة براغ
١٨٤٨ في يونيو، نشر ماركس تقارير كاذبة عن ان باكونين عميل روسي تسبب في القبض على عدد من البولنديين.
١٨٤٨ في الجزء الاخير من العام، خرج باكونين مطرودا من بروسيا وساكسونيا وامضى بقية العام في مقاطعة انهالت.
١٨٤٨ في ديسمبر، نشر نداء الى السلافيين
١٨٤٩ وصل باكونين سرا الى لايبزج للاعداد لانتفاضة في بوهيميا
١٨٤٩ انتقل الى درسدن
١٨٤٩ في ٤ مايو، انفجر التمرد الجماهيري في درسدن وبزغ نجم باكونين كزعيم “بطولي”.
١٨٤٩ في ٩ مايو، سحقت الانتفاضة، وهرب باكونين وريتشاد فاجنر وهيوبير الى خيمنتز حيث قبض على الاثنين باكونين وهيوبير بينما اختبأ فاجنر عند اخته وهرب.
١٨٥٠ في ١٤ يناير، وهو محتجز في قلعة كونيجشتاين، صدر الحكم عليه بالموت.
١٨٥٠ في يونيو، خفف حكم الاعدام الى السجن المؤبد، وبعده طرد خارج البلاد الى النمسا.
١٨٥١ في مارس، اعتقل باكونين اولا في براغ، ثم في اولمتز حيث حكم عليه بالاعدام شنقا. ورغم تخفيف الحكم الى السجن المؤبد، قيدوا باكونين بالاغلال من اليدين والقدمين بجدار الزنزانة وتسبب ذلك في معاناته بشدة. بعد ذلك بزمن قصير، تم تسليمه للروس وسجن في دهاليز قلعة بيتر وبول.
١٨٥١ تقدم باكونين بطلب العفو من القيصر نيقولا الاول
١٨٥٤ انتقل الى سجن شوسلبرج حيث مرض بالبلاجرا، مما سبب سقوط اسنانه كلها.
١٨٥٧ لان موقف القيصر الكسندر واطلق سراحه من السجن وحكم عليه بالنفي المؤبد في سيبريا
١٨٥٨ تزوج من انطونيا كوياتكوفسكي، وهي فتاة بولندية شابة، في الخامس من اكتوبر وانتقل الى اركوتسك.
١٨٦١ في يونيو، بذل باكونين جهودا مضنية ليهرب من سيبريا، ويصل الى يكولافسكي في يوليو، ثم يبحر من ستريلوك الى كاستري حيث يركب ظهر سفينة تجارية امريكية، فيكري، الى هاكودات، باليابان. ثم يشق باكونين طريقه الى يوكوهاما، وفي اكتوبر، يبحر الى سان فرانسيسكو. في نوفمبر يصل الى نيويورك، وفي ٢٧ ديسمبر، ١٨٦١، يصل الى لندن.
١٨٦٢ ينشر كتابه رسالة الى اصدقائي الروس والبولنديين والسلاف الاخرين، وكتاب قضية الشعب: رومانوف ام بوجاتشييف ام بيستيل؟
١٨٦٣ يذهب الى استكهولم ويجمع شمله مع زوجته، ثم يعود الى لندن، ومنها الى ايطاليا.
١٨٦٤ في منتصف العام، يعود الى السويد، ثم الى لندن، حيث يرى ماركس، ومنها الى باريس حيث يعيد تجديد صداقته مع برودون، وفي النهاية ينتقل الى ايطاليا حيث يمكث هناك حتى عام ١٨٦٧. في ايطاليا مكث باكونين اولا في فلورنسا.
١٨٦٤ اسس صحيفة الحرية والعدالة
١٨٦٥ انتقل الى نابولي
١٨٦٦ اسس جمعية الاخوان الدوليين، او تحالف الاشتراكيين الثوريين
١٨٦٧ ارتحل الى جينيف، وحضر وخطب في المؤتمر الافتتاحي لعصبة السلام والحرية وكتب كتاب “الفدرالية، والاشتراكية وضد اللاهوتية.
١٨٦٨ اسس في ٢٥ سبتمبر التحالف الدولي للديموقراطية الاشتراكية
١٨٦٨ انضم باكونين في يوليو الى قسم جنيف من جمعية العمال الدوليين، وانتقل الى هناك.
١٨٦٩ في يناير، انحلت جمعية التحالف السرية
١٨٦٩ في مارس بدأ التعاون مع نيتشاييف
١٨٦٩ في الخريف، انتقل الى لوكارنو وترجم المجلد الاول من رأس المال لماركس.
١٨٦٩ في ٢٨ مارس، ارسل ماركس “بالمراسلات السرية” الى اصدقاءه الالمان ليثير فيهم الكراهية ضد باكونين باعلانه عميلا سريا لحزب كل السلافيين لقاء مبلغ مزعوم يساوي ٢٥ الف فرنك في العام.
١٨٧٠ قطع باكونين في يونيو علاقته مع نيتشاييف.
١٨٧٠ في اغسطس، تم طرد باكونين من قسم جنيف في الاممية بسبب دعمه لفصيل الجورا.
١٨٧٠ نشر باكونين كتابه “رسائل الى رجل فرنسي”.
١٨٧٠ في ٩ سبتمبر، غادر باكونين لوكارنو ووصل الى ليون في ١٥ سبتمبر.
١٨٧٠ في ٢٨ سبتمبر، قمعت السلطات انتفاضة جماهيرية، واضطر باكونين الى الهرب امام امر بالقبض عليه. اختبأ باكونين في مارسيليا.
١٨٧٠ في ٢٤ اكتوبر، ابحر من مارسيليا الى لوكارنو.
١٨٧٠ وحتى ١٨٧١، كتب كتاب امبراطورية السوط الالمانية، متضمنا الاقسام التي نشرت منفصلة بعد ذلك مثل الإله والدولة
١٨٧١ كتب مقالة كوميونة باريس وفكرة الدولة ونشر النظرية السياسية عند ماتزيني والاممية
١٨٧٢ في صيف وخريف هذا العام، مكث باكونين في زيوريخ
١٨٧٢ في ٧ سبتمبر، تم طرد باكونين من الاممية الاولى في مؤتمر لاهاي.
١٨٧٣ نشر باكونين كتابه الدولاتية والاناركية
١٨٧٣ في ١٢ اكتوبر، تقاعد باكونين عن الكفاح واستقال من فدرالية الجورا
١٨٧٤ في النصف الاول من العام، مكث باكونين في ايطاليا حيث عاش مع كافييرو بالقرب من لوكارنو
١٨٧٤ في يوليو، لحق باكونين باصدقائه في بولونيا حيث خططوا للقيام بانتفاضة، ولكنهم اجبروا على العودة لسويسرا متنكرين واستقروا في لوجانو.
١٨٧٥ سافر باكونين وصحته بالغة السوء الى برن ودخل المستشفى هناك.
١٨٧٦ في الاول من يوليو عند الظهر اسلم باكونين الروح
مجالس شعبية كردية لا مجلس سياسي كردي
مازن کم الماز
ما سمعته من بعض شباب الحركة السياسية الكردية السورية يعبر عن شيء من الصدمة بمشاهد مظاهرات السليمانية و سائر مدن كردستان الغاضبة , قال البعض أن كلام البرزاني عن أنه لن يكون رئيسا مدى الحياة أو نفيه للتوريث , نزل عليه كالصاعقة , فمن يتحدث لم يكن بشار الأسد و لا حسني مبارك أو بن علي أو القذافي , الذين يعاملهم الشارع , بما في ذلك الكردي , على أنهم ببساطة ديكتاتورات متعفنة , بل من كان يعتبر حتى الأمس فقط , على الأقل في كردستان سوريا , بطلا قوميا للشعب الكردي , كانت الحقيقة هناك واضحة للعيان لكن لسبب ما لم يرها هؤلاء الشباب , و فجأة صحوا على حقيقة أن مام جلال و البرزاني هما كأي زعيمين في هذا الشرق يمارسان السلطة كنوع من البلطجة ليس فقط ضد الخصوم السياسيين أو الصحفيين الذين يتجرؤون على نقد فساد أولادهم أو بناتهم أو أصهارهم و أنسباءهم بل ضد الأكراد العاديين أنفسهم في الحقيقة .. طبعا كانت البوادر هناك , لكن كما كان الحال في كل مكان جرى تجاهلها ببساطة , لأنه حتى قبل الثورات الحالية , كانت تلك البوادر تعامل على أنها آثار جانبية شبه ضرورية في كل معركة تحرير وطني , ليس فقط الشباب الكردي الذي يتظاهر اليوم ضد تهميشه و ضد فساد السلطة , بل قبل وقت قصير فقط , انتفض جزء من قيادات الحزبين الكرديين الرئيسيين و شكلا جبهة معارضة فاجأت النخبة الحاكمة في أربيل و السليمانية بانتصارات انتخابية كبيرة أظهرت مدى امتعاض الشارع الكردي من ممارسات و سياسات هذه النخبة , لقد تحولت عبادة فرد الزعيم في مرحلة النضال لانتزاع حق تقرير المصير للشعب الكردي , تحولت بعد نيل حكم ذاتي حقيقي , إلى كارثة حقيقية كان الشباب الكردي و بقية الشارع الكردي ضحيتها الأولى …
لقد اندلعت الثورات الحالية من سيدي بو زيد إلى صفاقص و ميدان التحرير و بنغازي و المنامة و القطيف و صنعاء و … الخ , نتيجة التهميش و الإقصاء و النهب التي مارستها الأنظمة بشكل منفلت و وقح , حتى شبيبة الحزب الشيوعي الإسرائيلي تمردت محتجة على أمين عام و قيادة “تاريخية” منذ حوالي 20 عاما , لقد وحد واقع التهميش و الاستغلال شعوب الشرق عمليا في خضم ثوراتها التي امتدت عدواها إلى كل مكان متجاوزة الحدود الطائفية و القومية إلى كل مكان فيه قهر و استغلال و قمع , من قبل أظهرت انتفاضة القامشلي 2004 أن الشعب المضطهد لا يمكنه في الأغلب أن يجر الغالبية القومية التي يحاول النظام و النخب المختلفة إقناعها بأن ثورة الأقليات القومية المضطهدة موجهة ضد حقيقة كونها هي الأكثرية القومية الغالبة , و ليس ضد حقيقة القمع و الظلم القومي الذي يقع على هذا الشعب أو الأقلية القومية , قد يمكن أن نعتبر من مظاهر هذا الموقف الذي يوحد عادة النخب في الأغلبية القومية مع النظام الذي يمارس القمع ضد الأقليات القومية , تلك الردود التي نشرت على صفحات طريق اليسار الناطقة بلسان تجمع اليسار الماركسي التي شنت حملة شعواء على تحليل لأحد الرفاق من الحزب اليساري الكردي في سوريا , بغض النظر عن مدى توفيق الرفيق من الحزب اليساري الكردي في عرض قضية الشعب الكردي في سوريا , لكن تلك الردود كانت في الحقيقة تشكل نكسة فيما يتعلق بموقف اليسار السوري من القضية الكردية في سوريا , إذا أخذنا بالاعتبار مثلا موقف حزب العمل الشيوعي من هذه القضية في الثمانينات , و أذكر أني كنت قد قرأت تحليلا متقدما لمحمد سيد رصاص يتعلق بالقضية الكردية في سوريا , ما جرى تداوله وقتها من حديث عن مساواة هنا بين الأكثرية و الأقلية من منطق من ساواك بنفسه ما ظلمك لا يصح على هذه القضية بالتحديد , فهذا الطرح “المساواتي” ظاهريا يعني شيئا واحد فقط هو إلغاء حقيقة وجود الأقلية أي الشعب الكردي نفسه , تبدأ المساواة الفعلية هنا بالاعتراف المبدئي باختلاف الشعب الكردي في سوريا عن الأغلبية العربية , هذا هو المدخل الفعلي لمنطق المساواة بين الأغلبية و الأقلية , ربما فهم البعض من تحليل الرفيق من الحزب اليساري الكردي أنه دعوة أو تبرير للمحاصصة بين النخب السياسية و الاجتماعية و حتى التقليدية العربية و الكردية , لكن يجب أن نفهم أيضا أنه هناك أكثر من بديل لهذه المحاصصة , أحدها بالفعل أن يكون كل سوري أيا تكن قوميته و طائفته هو الذي يتحكم بشؤون حياته و هو من يتخذ القرارات التي تؤثر فيها , لكن هناك بديل آخر لهذه المحاصصة التي تقوم على اعتراف النخب ببعضها البعض كممثلة لجمهورها , هذا البديل هو استئثار نخبة قومية , اجتماعية , سياسية كانت أو حتى تقليدية , بعينها , بحق اتخاذ القرارات عن الجميع و أن تقوم هي بتوزيع الثروة التي يخلقها السوريون , لصالحها طبعا في حقيقة الأمر , هذا ليس فقط احتمال ممكن الحدوث , إن هذا هو ما يمارسه النظام بالفعل يوميا , صحيح أن العرب أيضا بغالبيتهم العظمى مهمشون و مقموعون من جانب النظام , لكن التهميش و القمع الذي يقع على الأكراد في سوريا هو تهميش و قهر مضاعف , مركب , اجتماعي و سياسي و قومي أيضا , لا أعتقد أن الرفاق في صوت اليسار انتقدوا , لنقل بالشكل الكافي على الأقل , هذه الممارسة الفعلية للنظام أو حتى لنفترض أنها ممارسة افتراضية لنخبة حالية أو قادمة خارج أية محاصصة بين النخب المختلفة بأن تستأثر نخبة من الأغلبية القومية بالسلطة و الثروة معا , هذا لا يعني و لا يساوي أن الأغلبية القومية هي التي تحكم و تملك , و بدا , لي على الأقل , أن هدفهم ليس سوريا يملكها جميع أبنائها بل سوريا تملك هي أبناءها و توجههم و تسخرهم لبناء مشروع “حضاري نهضوي تنويري” “عربي” , و في كل مرة نتحدث عن الوطن بهذا الشكل المجرد عن أبنائه , فإننا في حقيقة الأمر نعلن سلطة جديدة فوق البشر الفعليين , لا وجود لوطن مجرد , هناك نخب تحكم الوطن و تحكم باسم الوطن , ما يوجد في الواقع هم البشر , فقط , الذين يقمعون و يهمشون باسم الوطن , سواء أكان كرديا أو عربيا , و في النهاية سيثور المهمشون و المقموعون كما نرى , من السليمانية إلى بغداد , و ربما دمشق في وقت لاحق , لانتزاع حقهم في المشاركة , لانتزاع وطنهم , وجودهم , و حياتهم من النخب التي تهمشهم و تقمعهم … أزعم أن صدمة مظاهرات السليمانية قد أحيت أيضا جدلا آخر حول قضية التحرر الوطني الكردية , و هو الشكل “اللينيني” للحزب الذي تبنته و تمارسه بحماسة النخبة السياسية الكردية , بما في ذلك الكردية السورية …. عندما شكلت بعض الأحزاب و التنظيمات الكردية مجلسا سياسيا , كتبت يومها في تحليل غير منشور أن هذا المجلس هو شكل نخبوي فوقي سيساعد النخبة السياسية و النخبة المسيسة الكردية في حوارها أو حتى في صراعها , سواء مع المعارضة السورية , النخبوية هي الأخرى , أو حتى مع النظام السوري … هذا الشكل طبعا هو أحد ثلاثة أشكال للمقاومة تلجأ إليها الشعوب و القوميات المضطهدة , إما شكل تنظيم عسكري يمارس على الأغلب أسلوب حرب العصابات ضد القوى العسكرية و الأمنية للنظام الذي يمارس القهر القومي على هذا الشعب , أو شكل تنظيم سياسي يمارس لعبة المساومات الفوقية , و أحيانا عند اللزوم الضغط في الشارع , مع نظام القمع هذا , أو شكل مقاومة محلي لا مركزي , يمكن تسميته بالتحرري , يأخذ شكل مجالس , أو لجان محلية , تمارس على الأرض و تنظم فعل المقاومة و استمرار الحياة في صفوف الشعب المضطهد .. حاليا بسبب تعقيد الأوضاع الدولية و الإقليمية يصبح استخدام السلاح دفاعا عن الشعب المضطهد أصعب أكثر فأكثر , حتى حزب العمال الكردستاني مثلا يجد نفسه مضطرا للتخلي تدريجيا عن استخدام السلاح ضد النظام التركي , و في الحقيقة فقد كان الشكل الثالث المحلي و اللامركزي لتنظيم المقاومة هو أحد أهم أشكال مقاومة الشعوب المضطهدة , حتى حزب العمال الكردستاني في تركيا ترك مهمة تنظيم الحياة و المقاومة في الريف الكردي الواسع للناس أنفسهم مبقيا قضية المنظمات المسلحة و السياسية و توقيت وتكتيكات العمل المسلح و المساومات الممكنة أو التفاوض مع النظام بيد المركز – الزعيم … لقد بنيت الحركة السياسية الكردية السورية إلى حد كبير على طراز الحزب البكداشي , و تعرضت كما تعرض هذا الحزب لانقسامات كبيرة أفقية و عمودية أدت لظاهرة تكاد نراها بنفس تفاصيلها بين اليسار السوري و الحركة الكردية السورية , كما أن محاولات لملمة صفوف الاثنين تتشابه أيضا في لامبدئية أغلبها و شخصنة العلاقة بين القيادات المختلفة الأمر الذي تتم على أساسه تلك الانشقاقات و محاولات التوحيد اللاحقة , لكن حتى بعيدا عن الحزب البكداشي فإن الأحزاب هي عمليا مؤسسات تدريب و إنتاج و تفريخ لكوادر و زعامات سلطة ما حالية أو قادمة , فالأحزاب هدفها السلطة , و هي تمارس تمرينات دورية على هذه السلطة في داخلها , مؤتمرات , اجتماعات لجان مختلفة , تنتج فيها قيادات “محترفة” شبه دائمة , أو في كثير من الأحيان , من تلك التي تستمر و تدوم “إلى الأبد” , إنها تعبير عن ممارسة سلطة الأعلى على الأدنى , و هي بنظرياتها و إيديولوجياتها التي تنتجها تبحث عن تبرير و تفسير لإنتاج سلطة القيادة , سلطة من هم في الأعلى , على القواعد , و في وقت لاحق , سلطة هذه القيادة على المجتمع الذي يحيط بها , هذا الشكل نفسه هو اليوم في أزمة حقيقية , لقد فشلت الأحزاب , أحزاب السلطة كالتجمع الدستوري في تونس و الوطني الديمقراطي في مصر مبارك و البعث السوري و العراقي و لجان القذافي الثورية و غيرها تلك التي اختفت بمجرد زوال أو سقوط رأس النظام الذي كان يستخدمها كزينة ديمقراطية أو كمستودع للمنافقين من جهة , و على الطرف الآخر أيضا أحزاب المعارضة التي فشلت في انتزاع المبادرة التاريخية و فرض مشروع تغيير حقيقي , صحيح أن بعضها لعب دورا , يختلف في أهميته , في طرح مشاريع تغيير ما , و حتى خاض في سبيلها معارك جزئية غير حاسمة و لا مؤثرة , لكن التغيير الجذري الثوري الذي نعيشه اليوم كان في الأساس نتاج مبادرة الجماهير , الشارع , و خاصة الشباب , الفئة الأكثر إحساسا بالتهميش و القمع و القهر الاجتماعي و السياسي و الروحي و الفكري الخ , إن الشكل الحزبي لا يتماشى مع مهمة التغيير لأنه بعيد عن واقع و فكرة و إيديولوجيا التغيير , إنه في الحقيقة شكل راكد فوقي نخبوي يناسب الأوقات الراكدة , لإنتاج محاصصات داخل القوى المسيطرة أو لإنتاج مساومات مع القوى المسيطرة , صحيح أن بعض المنظمات السلطوية , بل و السلطوية بشدة , تمكنت في فترات مختلفة من ممارسة نضال جدي و فعال ضد القوى المهيمنة , لكن هذا الفعل المعارض كان في الأساس تآمريا نخبويا أيضا , و حتى إرهابيا في بعض الأحيان , و لم يكن شعبيا في الأساس أي اعتمد بشكل ثانوي فقط على دور الجماهير نفسها كمادة للصراع , أزعم أن الناس تحركت في كل مرة بمبادرة خاصة ذاتية و دون أوامر من أحد , ربما يكون التاريخ قد أعيدت كتابته لصالح النخب التي سيطرت فيما بعد لكننا شاهدنا بأعيننا كيف تقوم الثورات , لا أحد يأمرها و لا أحد يملك حتى أن يفعل أو يزعم ذلك , يظهر القادة في وقت لاحق لاغتيال الثورات فقط , على العكس من ذلك أنا أعتقد أن النمط التنظيمي غير التقليدي , القائم على فكرة الشبكة الأفقية التي لا يوجد فيها مركز حقيقي أكثر من مركز تنسيقي يدير تبادل الأفكار و الحوار الحر الديمقراطي بين بشر متساوين , كان هو وراء الموجة الثورية الحالية , و قد رافق هذا النمط التنظيمي غير التقليدي الشبابي نمط آخر ظهر في الشارع في خضم الصراع مع قوى النظام القديم , هو نمط اللجان الشعبية , نمط لا مركزي , محلي , ديمقراطي , لا توجد فيه قيادة دائمة أو محترفة , و يمارس فيه الناس في نفس الوقت عملية اتخاذ القرارات و تنفيذها , كما شاهدنا في مصر و تونس و بنغازي و غيرها , المؤسف هنا هو أن تلك الدفعة المنعشة من الحرية يحاول الكثيرون اغتيالها , و أن الثورة المضادة ستنجح عندما تلغي و تدمر هذه الأشكال التحررية الشعبية من ممارسة الديمقراطية المباشرة و تعيد فرض مؤسساتها الفوقية النخبوية الجامدة و القائمة على التلقين و الانصياع للقيادة , على الصعيد الكردي فإن الممارسة السياسية الحزبية السائدة انتهت بثورات الشباب في كردستان العراق ضد النخب التي قادت حتى اليوم , بذات منطق الأسد و مبارك و غيرهما , نضال الشعب الكردي .. إن العراق , و ربما سوريا و إيران حتى , مقبلة على أيام مختلفة , على أحداث مختلفة عن الحراك السابق الفوقي و السلطوي الطابع , إن رسالة اليسار التحرري اليوم للجماهير الكردية في خضم هذه الثورات بسيطة و واضحة , و تعبر عن خبرة و روح و معنويات الجماهير الثائرة في كل مكان اليوم في هذا الشرق : يحتاج الشعب الكردي , الجماهير الكردية , إلى مجالس , لجان شعبية , أكثر مما تحتاج إلى مجلس سياسي فوقي , هذا لا يعني تجاهل أو إلغاء الحقوق القومية للشعب الكردي في أي مكان , بل يترك المسألة ليحددها الأكراد أنفسهم في حوار بين بشر متساوين و أحرار يقررون الطريقة الأمثل لممارسة حياتهم و لتنظيمها , لا تملك الأغلبية العربية و لا أية نخبة و لا النظام الحالي أن تنهي هذه القضية أو أن تفرض حلا لها على الجماهير الكردية , هذا صحيح بالنسبة لكل إنسان في هذا الشرق اليوم و ليس فقط في كردستان , و لهذا تثور الجماهير في كل مكان اليوم , في سبيل حريتها , في هذه الأيام هناك كلمة واحدة فقط لها معنى و مدلول حقيقي في هذا الشرق هي الحرية , و الحرية تعني نفس الشيء لكل الشعوب , لكل المقهورين و المهمشين , تعني أن يحكموا أنفسهم , و أن ينتهي الاستبداد و التهميش , أيا كان من يمارسه , بفضل ثورة الناس المقهورين أنفسهم …..
جهلالییه مهلاییهکان، مهلاییه جهلالییهکان، مرۆڤخۆرن!
سهلام عارف
سهرهتای ڕاپهڕینه جهماوهرییه خۆخۆییهکهی کوردستان، میدیای ئهمبهر و ئهوبهر، دهسهڵات و دهسهڵاتخواز، بارودۆخێکی وههایان دروست کردبوو، ئەگهر کهسێك چهند دێڕێکی بنووسیبایه و تهواو ورد و بهئاگا نهبووایه، ئهوا ئهو چهند دێڕه دەبوون به خێر و بهرهکهت و بهسهر ئهمیان یا ئهویاندا دادەبارین، بهڵام بهردهوامبوونی خهباتی شۆڕشگێڕانهی خهڵك، به تایبهتی دوای دروستکردنی ئهنجومهنی گشتیی کاتی مانگرتن و خۆپیشاندانهکان -ئهو ئهنجومهنه دوور بوو و دوورە له پرانسیپی کاری کهڵهگایی ڕێکخراوهیی باو، واته دوورە و دوور بوو له پرانسیپی سێپایی پرۆزهوه -باوك و کوڕ و گیانی پیرۆزەوە و ئهو بارودۆخه دهستکرده گۆڕانی بهسهردا هات.
p { margin-bottom: 0.08in; }
ئهو خهباته مهزنه جارێکی تر سهلماندی که:
*بزووتنهوهکه بزووتنهوهیهکی جهماوهری خۆخۆییه و به بانگهواز و فیکه و چهقهنهی هیچ کهس و لایهنێك نهخوڵقاوه و له واقعه مادییه کۆمهڵایهتی و ئابووری و سیاسییهکهوه سهرچاوهی گرتووه. به کورتی و به کوردی، له زهوتکردنی نان و ئازادی و لە ئەنجامی بێکارییهوه سهرچاوهی گرتووه. ههروهها جارێکی دی ئهوهی سهلماند که بزووتنهوه، یا بزووتنهوهی جهماوهر خۆیهتی یا بوونی نییه.
سهرهتا دهسهڵات بۆ ڕهزاقورسکردن و پووچهڵکردنی ناوهڕۆکی ئهو بزووتنهوه جهماوهرییه شۆڕشخوازه، شێوازی ئاژاوهنانهوه و گێرهشێوێنیی فهوزهوی بهکارهێنا -خڕکهبهرد، چهك و ئاگری دایه دهست ههندێك له گهجهروگوجهرهکانی خۆی بۆ ئاژاوه و ئاشوبنانهوه و ههر کهسێکیش پهردهی لهسهر ئهو نهێنییه دیموکراتییهی سهرهوه لاببردایه دهگیرا و دهکوژرا.
ئهو کۆمهڵگه و دهسهڵاته که گوێ له جهماوهر ناگرێت و دهبێته بهربهست له بهردهمی هێز و توانای دهستپێشخهری و داهێنانی جهماوهریدا، بهتایبهتی هیی گهنجان، کۆمهڵگه و دهسهڵاتێکه گێرهشێوێن و ئاژاوهچی و مێژوو ڕاستیی لۆجیکی ئهو هاوکێشهیهی سهلماندووه.
سیاسهتباز و پهرلهمانبازهکان دوای سهرنهکهوتنی پیلانی -بهرد و دهمانچه، دهستیان دایه شێوازێکی تری دامرکاندنهوه ئهوهش به:
* بانگهشهکردن بۆ چاکسازیی سیاسی و ههڵبژاردنی پێشوهخت. به واتهیهکی دی، چاکسازیی سهرتوێژی. وەک ئەوەی مهرگهساته جهماوهرییهکان تهنها له گرفته سیاسییهکانهوه سهرچاوهیان گرتبێت!
* گواستنەوەی کێشمهکێشهکان بۆ ناو هۆڵی سهرتهنوری کوردستان؛ (پهرلهمانی کوردستان).
* کۆکردنهوهی جهماوهری حزبهکان به زۆری زۆرداری.
* جۆشدان به گیانی شارۆچکه و شارچێتی و مهلا و شێخچێتی.
* تاوانبارکردنی مانگران و خۆپیشاندهران بهوهی که گوایه بوونهته ڕێگهگران له کار و کاسپیی کاسپکاران.
* زیندووکردنهوهی پرسی کهرکوك و ناوچه دابڕاوهکان و قهبهکردنی گیانی نهتهوهیی و نیشتمانی، به مهبهستی ختووکهدانی ههستی جهماوهر، تا بتوانرێت داواکارییه ئابووری و کۆمهڵایهتییهکانیان له بیر ببرێنهوه و به ئاسانی ئاڕاستهی ڕاپهڕین به لاڕێدا ببرێت.
* داهێنانی بیری ههڵبژاردنی پێشوهخت.
ئهمانه و بهیتوبالۆرهکانی تری دهسهڵاتی سهپێنراو و دهسهڵاتخوازان،
دهسهڵات جڵهوی بارودۆخهکهی له دهست داوه، خهباتی سهربهخۆی جهماوهری ڕاپهڕیوویش، ڕۆژ دوای ڕۆژ، بهرفراوانتر و بههێزتر دەبێت و جهماوهر خۆی سهرقاڵی دروستکردنی ڕێکخستنی سهربهخۆی خۆیهتی و نایهوێت پشت به هیچ کهس و لایهنێك ببهستێت. دروشمهکانیان بۆ داواکردنی-نان و ئازادی و دادپهروهریی کۆمهڵایهتی- دهستخهتی خۆیانن و لهوه ناچێت که بیری ههڵبژاردنی پێشوهخت و بیر و گیانی شار و شارچێتی و حزب وحزبچێتی، بتوانێت ڕاپهڕین به لاڕێدا بهرێت.
ڕهوشی بارودۆخهکهی ڕۆژانی سهرهتای ڕاپهڕین وهها بوو، ئەگهر کهسێك پشتگیری ڕاپهڕینهکهی بکردایه دهبووه خێر و بهرهکهت و بهسهر ئهم لایهن یا ئهو لایهنی سیاسیی حازرخۆری بهر سێبهردا دادەبارین. ڕۆژی ئهمڕۆ ڕهوشهکه وا نهماوه، ئەگهر لهنزیکهوه تهماشای دروشمهکانی دهستی ڕاپهڕیووهکان بکهین، به باشی دیاره که ئهوان خۆیان داهێنهری ڕاستهقینهی دروشمهکانی خۆیانن، ئازاد و سهربهخۆ دایانڕشتوون دژی دهسهڵاتی مرۆڤخۆرەکان و ڕاستهوخۆ داوای-نان و ئازادی دەکهن. له تهك ئهوهشدا داهێنهرانه و خۆخۆیی دهستیان داوهته خۆڕێکخستن و خۆبهڕێوهبردن، بۆ نموونه دروستکردنی ئهنجومهنی گشتیی کاتی خۆپیشاندان و لقوپۆپهکانی بهپێی توانا و ههنگاونان بهرهو بهستی کۆنگرهیهکی گشتیی ئازادیخواز.
جهلالییه مهلاییهکان ههر زوو به غهریزهی بەرژەوەندییە چینایهتییهکانیان ههستیان به مهترسیی کڵپهی ڕاپهڕینی جهماوهر کرد. زوو کهوتنه خۆیان و چهند گەجهروگوجهرێکی خۆیان هان دا بهردبارانیان بکهن، تا دواتر بتوانن بیکهنه کهرهسهی ڕهزاقورسکردن و پووچهڵکردنهوهی ڕاپهڕین. سیاسهتمهداره دهوڵهتمهندهکان گهلحۆن و گهلحۆیانه سهرهتا لاسایی سیاسهتمهداره دهوڵهتمهنده مۆدێرنهکانی!! ئهمریکا و ئهوروپایان کردهوه به مهبهستی پووچهڵکردنهوه و لهباربردن، بهڵام لهگهڵ ئهوهشدا جهماوهری بهشمهینهت بهردهوامی دا به بهرگریکردن، ناچار سیاسهتمهدارهکان بایاندایهوه سهر بهڕهی کۆن و بۆ به مۆدێرنکردنی!! کێشمهکێشمهکه، پهنایان برده بهر سهرتهنور و مهزادخانهکهی کوردستان؛ پهرلهمانی کوردستان! هاوکات، وهك ههموو جارێکی تر، دهستیان کردهوه به هورووژاندن و زیندووکردنهوه و فووکردنه مهسهلهی کهرکووك و یادی ڕاپهڕین و شههیدان بۆ ختووکەدانی ههستونهستی خهڵکه ڕهشوڕووتهکه، بهڵام جهماوهری کوردستان هۆشمهنده له تاقیکردنهوهکانی خۆیهوه له کاکڵهی فێڵ و تهڵهکەبازیی جهلالییهکان و مهلاییهکان گهیشتووه، تا ئهو ڕادهیه که ئهمجاره به لێشاو دوای سیاسهتی ههڵخهڵهتاندنی ههڵبژاردنی پێشوهختیش-سیاسهتی ههڵبژاردنی دهسهڵاتداران و دهسهڵاتخوازان- ناکهوێت.
هل يمكن لواشنطن أن تصبح مثل القاهرة ؟
هل يمكن لواشنطن أن تصبح مثل القاهرة ؟
مايكل ألبرت
11 فبراير شباط 2011
أن ترى الملايين يحتفلون فهذا شيء يرفع المعنويات . لكن أن تراهم يحتفلون ليس بنصر رياضي أو حتى بانتصار انتخابي مفاجئ , بل بتدفق هائل للمقاومة تمكن من الإطاحة بديكتاتور مكروه ( بغيض ) , كما يردد الناس في شوارع القاهرة – فإن هذا شيء يفوق الوصف – لا توجد كلمات يمكن أن تصفه .
أما الآن ماذا بعد ؟
حسنا , نحن لا نعرف النتيجة في الأيام , الأسابيع , الأشهر التالية , لكننا نعرف من هم المتنافسون .
ستطالب النخب في مصر و على امتداد العالم بما تسميه “بانتقال هادئ” الذي هو مصطلح تقني يعني , أو إذا أردت كناية عن , “أقل ما يمكن من التغيير و بالتأكيد عدم المساس ببنى المجتمع الأساسية” .
إن هدف النخب سوءا داخل مصر أو خارجها هو أن تستمر في الحصول على فوائد أكثر تواضعا أو تهذيبا مع تجنب خسائر كبيرة بسبب “إزاحة رجلها” بينما تعمل على أن تضمن ألا يقوم أي كان بأن يقف أطول مما ينبغي في البيئة الحرة الجديدة ما لم ينصب ليفعل ذلك . أو لنصوغ القضية بشكل أقل دراماتيكية فإن الهدف هو إقامة “ديمقراطية” انتخابية ذات حقوق رسمية أكثر مما في الماضي , و حتى بعض المكاسب الحقيقية فيما يتعلق بمستوى الحياة اليومية , لكن أن يبقى الأغنياء و الأقوياء يملكون كل السلطة تقريبا .
على الطرف الآخر لدينا الشعب العريض . هذا سيضم الكثيرين ممن يرغبون بالعودة إلى الاستقرار , حتى لو كان يعني استقرار سيطرة النخبة . لكنه أيضا يضم آخرين ممن يريدون تغييرا حقيقيا , بما في ذلك توزيع السلطة على الناس , لكن ممن لديهم فكرة محدودة جدا عن أي شكل يجب أو يمكن لمثل هذا التوزيع أن يأخذه . بعد هؤلاء سيكون هناك الكثير أو البعض , أو لا أحد يدري أعدادهم , ممن يملكون بعض الأفكار , ربما المتناقضة مع بعضها البعض غالبا , عما يجب أن تكون عليه مصر الجديدة .
إذن فالمجموعة الأولى , النخب , سوف تتصارع مع المجموعة 3 , أي أولئك الذين يريدون تغييرا حقيقيا . و بينهما , توجد المجموعة التي ستقرر النتيجة من خلال الطريق الذي ستميل نحوه و تقرر السير فيه .
ستستمر المعركة الأولى طالما استمر العسكر بالحكم . إذا أمكن معارضة الوصاية العسكرية , فسينتقل التركيز عندها إلى المعركة على الرئيس الجديد . إذا استمرت هاتين المعركتين باحتلال مركز المشهد لفترة طويلة , فعلى الأغلب أن المجموعة الثالثة ستكون قد هزمت , على الأقل مؤقتا . لكي تنتصر المجموعة الثالثة , فيجب عوضا عن ذلك أن تنتقل المعركة بسرعة إلى إقامة دستور جديد يتضمن تغييرات بنيوية حقيقية , أو ربما الدعوة إلى استفتاء شعبي قادر على أن يقرر تغييرات حقيقية , أو تنصيب رئيس يساري حقا قادر على الدعوة ( و الدفاع ) عن تغييرات كهذه , أو حتى أن يتولى الناس أنفسهم زمام ( مقاليد ) الأمور و أن يبدؤوا بإدارة المعامل و الأحياء ذاتيا فارضين ( محققين ) التغيير وفق خيارهم هم .
حتى الآن أظهرت مصر أن شعبا شجاعا بما يكفي يمكنه أن ينزع سلاح جهازي الجيش و الشرطة و أن يطيح بحاكم بغيض . هذه ليست رسالة صغيرة أو بسيطة . ما يمكن أن يحدث في مصر يمكن أن يحدث , إذا تشكل نفس التصميم و القناعة و الشجاعة عند الناس , في أماكن أخرى كثيرة جدا من العالم , بما في ذلك أوروبا و أمريكا الشمالية . إن المشكلة في التغيير هو أنه لا توجد بعد قوة كافية لتحقيقه . المشكلة هي في أن يثور ( ينهض ) الناس أنفسهم بدرجة كافية .
لماذا احتاجت مصر لأكثر من عقدين لتطرد ديكتاتورية وحشية و كريهة ؟ غالبا بسبب الخوف , التشكك , و خاصة الاعتقاد المكتوم بأنه لا يمكن تحقيق شيء أفضل . و الأمر هنا لا يختلف في بقية البلدان . إن القيود التي تقيدنا بظروف الاستبداد هي بشكل هائل قيود التشكك . إن الاعتقاد أنه لا يوجد بديل , أو بديل قابل للتحقق , هو ما يمنع الناس من التحرك إلى الأمام و الانتصار . إن التشكك هو أكبر عقبة أمام التغيير من أية مجموعة دبابات أو أوامر . إن الأمل المبني على العلم ( أو على المعرفة ) هو أكثر عوامل التغيير قوة من أي جمعية سرية , أو قضية أمام المحاكم أو انتخابات ما .
إذا كنا في بقية البلدان , خاصة في بلدي الولايات المتحدة , نريد أن نحتفل بانتصارات حركاتنا فعلينا أن نتغلب على التشكك . لكن لا يمكننا التغلب على التشكك فقط بأن نرفض الديكتاتورية أو العلاقات القائمة . لدينا هنا في الولايات المتحدة بالفعل ما يعنيه رفض الديكتاتورية , و بالنسبة للأغلبية , فإنهم يعرفون أن مجتمعنا ينكر الكرامة و التحقق الإنسانيين .
يمكننا فقط أن نكتسب قوة كافية لكي نحظى بانتصارات نحتفل بها ليس فقط إذا رفضنا المؤسسات المحددة للمجتمع , بل أيضا إذا طورنا اعتقادا مشتركا , أملا مشتركا , و رغبة قوية مشتركة , فيما يتعلق بالمؤسسات التي نريد أن نستبدلها بها .
هذه الملاحظة واضحة . لكن معناها ( دلالتها ) بالنسبة لما يجب علينا فعله لكي نكسب عالما أفضل – أي استخدم عقولنا و طاقتنا لننهض بتصميم تعززه المعرفة ليس فقط في سبيل مكاسب آنية مؤقتة بل عوضا عن ذلك أيضا في سبيل غاية ( هدف ) إيجاد طريقة حياة جديدة في مجتمع جديد – تتبخر ( تتلاشى ) في مواجهة ما نختار أن نفعله في الواقع .
لو أننا تحركنا بقناعة حقيقية , و رغبة , في أن نحصل نحن أيضا على لحظات احتفالنا , لكنا قد طورنا رؤية , و بدأنا بتطبيقها في الحاضر , و كسبنا الدعم لها بالنقاش ( الحوار ) , و بقوة المثال , و بممارسة الباع الطويل في تحقيق مكاسب جزئية تتوافق مع خوض معارك أكبر لاحقا .
عندما تتحقق الثورة في بلد ما لا يمكن نسخ طريقته في الثورة حرفيا من بلد آخر . هناك الكثير من الاختلافات بين البلدان أمام مثل هذا النسخ المجرد . لكن يمكننا أن ننظر و أن نقرر ما الذي جرى على مستوى أكثر عمومية في مصر , و ما الذي أنتج هذا التغيير العام – مكتشفين ليس فقط الأفعال القريبة أو حتى البعيدة المدى , بل نوع التغيير في التفكير و الإحساس بين الناس – و عندها يمكننا أن نسأل , مهما بدا ذلك صعبا , و أيا كان طويلا الوقت الذي قد يأخذه ذلك – ما الذي يمكننا أن نفعله هنا في بلدنا بحيث أن سيؤدي بنا إلى ذلك النمط الواسع من التغيير في التفكير و الإحساس , حتى و نحن نواجه العقبات في طريقنا , لكي نحصل على مستقبل أفضل نستحقه .
هذا هو الدرس المصري حتى اليوم , و أرجو أن يصبح حتى أكثر وضوحا و اكتمالا مع مرور الأسابيع .
مايكل ألبرت ( ولد 1947 ) ناشط و كاتب أمريكي , من مؤسسي موقع و مجلة ز نت التقدمية , كان ناشطا في الحركة الطلابية ضد حرب فيتنام في الستينيات , مؤلف كتاب الحياة بعد الرأسمالية .
نقلا عن http://www.zcommunications.org/can-washington-be-cairo-by-miclael-albert
بحران ساختار سلطه در تاریخ معاصر جنبش-های افقی و آنارشیک و جایگاه اسلاوی ژیژک/11
م_ع آوریل 2009
آغاز مسیر رشد دیکتاتوری لنین
در چنین دورانی است که ولادیمیر اولیانوف در آوریل 1870 در منطقه سیمبرسک روسیه بدنیا آمد که بعدها در جنبش حزب سوسیال دمکراسی، معروف به لنین شد او نوجوان 16 ساله ای بود که پدرش در مقام بازرس کل مدارس ایالتی، فوت کرد و سرپرستی 6 خواهر و برادر، بعهده مادرشان ماریا الکساندروونا افتاد. مرگ پدر تاثیر سنگینی برلنین گذاشت و تمام نگاهش به برادر بزرکترش معطوف شد. زمانیکه برادرش در دانشگاه مشغول تحصیل بود، الگا خواهر کوچکترش همبازی مهم او محسوب میشد. در بین افراد خانواده همبستگی صمیمی و قوی ای وجود داشت و از موقعیت مالی نسبتا خوبی برخورداربودند و برخی افراد سرشناس آنها را می شناختند. برادر بزرگترش آلکساندر اولیانوف که الگوی حقیقی لنین بود شخصیت مبارز قوی ای داشت و نظرات سازمان اراده مردم را با عده ای از دوستانش علیه استبداد تزاری مخفیانه در پترزبورگ به پیش میبرد بی آنکه لنین در این مورد چیزی بداند. آلکساندر 21 ساله به مادرش گفته بود، ما هم مثل یک پزشک برای درمان جامعه، باید ریشه های بیماری را بشناسیم. او به جانور شناسی علاقه داشت و از دانشگاه جایزه هم گرفته بود برای همین لنین به هم مدرسه ای هایش گفته بود برادر من هرگز یک انقلابی نمیشود چون تابستان گذشته کلی با هم روی زندگی کرم ها و حشرات کار می کردیم. در حالیکه آلکساندر در همان زمان، مارس 1887 رهبری گروهی از دانشجویان را به عهده داشت و مشغول ساختن بمب های دستی برای ترور تزار آلکساندر سوم بود. با خبر های رسیده که تزار به کاخ تابستانی اش میرود تاریخ ترور را جلو انداختند و در اطراف کلیسای سن ایزاک مستقر شدند اما تزار ظاهر نشد و در سری بعد هم به کمین کالسکه او نشستند ولی باز خبری نشد در این زمان سازمان اطلاعاتی اوخرانا به فعالیت آنها مشکوک شده بود و در تعقیب آندره یوشکین به میخانه ای که برخی از آن دانشجویان در آنجا جمع شده بودند یورش میبرد و همه را دستگیر میکند و بعد در خوابگاه دانشگاه، آلکساندر اولیانوف و لوکاشویچ هم به دام می افتند و برنامه عملیات آنها لو میرود. لنین در مدرسه بود که از این خبر شوکه شد و نفس زنان وارد خانه شد و جریان را به مادرش گفت. مادرش بعد از تلاشهای زیاد توانست آلکساندر را ملاقات کند و از او خواست برای نجات جانشان از تزار پوزش بخواهند اما او گقت که اهداف انقلاب را بر همه چیز مقدم میشمارد. در محاکمات او متوجه شد عده زیادی ممکن است اعدام شوند و برای نجات بقیه دست به اعترافات عجیبی زد که اکثرش را خود او انجام نداده بود و سر انجام او در دادگاه نهایی اش نقش وکیل مدافع را خود به عهده گرفت و فریاد زد:
” من میخواستم به مردم تیره بخت روسیه کمک کنم. در یک نظام که حکومت هیچگونه آزادی بیان را اجازه نمیدهد و هر نوع تلاش برای روشن کردن ذهن مردم از راه های قانونی را سرکوب میکند، ترور تنها وسیله ای است که باقی میماند. از این رو هر فرد حساس به بی عدالتی باید به ترور دست یازد. ترور در واقع پاسخ ما به خشونت دولت است. تنها راهی است که از آن طریق، میتوان یک رژیم مستبد را ناگزیر کرد که به مردم آزادی دهد“. وقتی او در نیمکت متهمان نشست، مادرش که از نگرانی به مرز جنون رسیده از او میخواست که از تزار تقاضای عفو کند اما او اعلام کرد” هیچ مرگی شرافتمندانه تر از مرگ به خاطر سعادت مردم نیست” برخی که پوزش خواستند تزار در مجازاتشان تخفیف داد. روزنامه سن پترزبورگ در 8 می 1887 نوشت که آلکساندر اولیانوف به همراه چهار نفر دیگر از دوستانش به دار آویخته شدند وقتی لنین جوان روزنامه را دید فریاد بر آورد ” کاری خواهم کرد که کفاره این گناهشان را پس بدهند” (ص35).
بدون شک در درون او یک روحیه جنون آمیز انتقام جویی شکل گرفت که قادر به هظم و درک آن نمیشد که آیا برای مرگ پدر و جنایت تزار علیه برادرش چه کسانی میبایست بهایش را در آینده به پردازند؟؟
لنین، ا گر چه شاگرد اول دبیرستانش بود اما برادر یک دانشجوی تروریست اعدامی محسوب میشد. با تلاش زیاد مادر و کمک فئودور کرنسکی( پدر کرنسکی وزیر که در اوایل فبریه 1917 سرنگون شد) توانستند مسئولین کشوری را راضی کنند که او در دانشگاه غازان حقوق بخواند. این اولین فرصتی بود که لنین جوان مخفیانه شروع به خواندن کتب و مقالات مارکسیستی کرد. در دوران دانشگاه او ناخواسته به طرف شورش های دانشجویان جذب میشد و سرانجام در یکی ازاعتراضات که او در صف مقدم بود از دانشگاه اخراج شد و زیر نظر پلیس سیاسی قرار گرفت. خانواده به منطقه سامارا نقل مکان داد. لنین در این دوران گروه مخفی مطالعات مارکسیستی خود را شکل داده بود. با تلاش مادرش او توانست در امتحانات نهایی حقوق در سال 1991 شرکت کند و با رتبه اولی پایان نامه را بگیرد و عضو کانون وکلا شود. در همان زمان خواهرش الگا را که در پایتخت تحصیل می کرد بخاطر بیماری تیفوئید (تب روده) از دست میدهد. گر چه او در عرصه حقوق از استعداد سخنوری اش بهره میجوید اما به کار حقوقی علاقه ای نشان نمیدهد. در سال 1892 که شهر سامارا را قحطی میگیرد او میگوید این اشراف به گرسنگان کمک میکنند تا مبادا دهقانان سر به شورش گذارند و تمامی نظم بورژوازی فرو پاشد(ص)59.
لنین در سال 1893 به سن پترزبورگ میرود و عضو سازمان مخفی سوسیال دمکرات بنام پیش کسوتان می شود این زمانیست که رشد صنعتی در این شهر ها آغاز گشته است و برخی از دهقانان از روستاها برای کار در کارخانه ها به شهر میامدند. گروه پیش کسوتان تمرکزشان را به صورت حرفه ای بر روی گروه های کوچک گارگری گذاشته بودند و جزوه مانیفیست کمونیست در این حوزه های آموزشی تعلیم داده میشد. در آنزمان پلیس امنیتی تزار از گسترش حزب اراده مردم که پایه دهقانی وسیعی داشت وحشت داشت و رئیس پلیس اوخرانا گفته بود از دست یک گروه کوچک مارکسیستی تا پنجاه سال آینده کاری بر نمی آید و بیشتر میتواند باعث تضعیف سازمان های مدافع جنبش دهقانی شود از این جهت آثار مارکسیستی پلخانوف و استرووه از اداره بازبینی( سانسور) تزار اجازه چاپ میگرفت. لنین در مقاله ای استرووه را به نقد کشید که از مکتب مارکسیستی دور شده اما از پلخانوف تجلیل کرد.ص61 . لنین در سال 1895 برای درمان پزشکی به اروپا رفت و در آنجا پلخانوف و آکسلرد را بعنوان پایه گذاران مکتب مارکسیسم در روسیه و دیگر رهبران سوسیالیست خارجی ملاقت کرد و آنها شدیداً در طی چند روز بحث و گفتگو در او قدرت عجیبی دیدند و رهبری تشکیلات در داخل را به او سپردند. در اینجا من مطمئن نیستم که او واقعا به جهت مریضی رفته بود و یا اینکه یک ارتباط برنامه ریزی شده از قبل بود، به هر صورت لنین در بازگشت تحت تعقیب اوخرانا قرار گرفته بود و در دسامبر به همراه مارتوف بازداشت میشود و به زندان سن پترزبورگ برده میشوند. مقررات این زندان آنقدر سخت نبود دو بار ملاقاتی در هفته داشتند بار اول نیم ساعت و بار دوم یکساعت که دو ردیف نگهبان هم دور و بر بودند ولی در آن شلوغی لنین میتوانست از اخبار جامعه با خبرشود. مادر و خواهرش برای او مدام بسته های کتاب را می آوردند واو به آنا خواهرش یاد داده بود چگونه در درون کتاب ها رمز نویسی کند. او جزوه ای در اصول تحریک کارگران برای اعتصاب نوشت که در مورد 35000 نفر از کارگران نساجی کارساز افتاد. کتاب رشد سرمایه داری در روسیه را در همان سال 1896 نوشت. او پس از زندان به مدت سه سال به شرق روسیه تبعید شد. لنین از قبل با کروپسکایا زنی که در پترزبورگ در یک مدرسه شبانه به کارگران اصول مارکسیسم را آموزش میداد، آشنا شده بود و با یکدیگر مکاتبه داشتند. در همان زمان کروپسکایا هم به شرق سیبری تبعید شده بود و از دولت تزار درخواست کرد که او را هم به روستای شوشنسکویه پیش نامزدش بفرستند تا در آنجا با هم ازدواج کنند. و این مسئله اتفاق افتاد و او به غیر از همسری، منشی تمام عیاری برای لنین بود. در سال 1997 حزب سوسیال دمکرات روسیه رسما تاسیس شد و زیر نظارت لنین در تبعید سازمان های کارگری را دور هم جمع می کرد. کنفرانس هایی سِری در لهستان و لیتوانی برگذار شد و اتحادیه کارگران یهودی، شکل گرفت که به سازمان بوند معروف شدند که اکثراً از کارگران فنی بودند و سه نماینده در حزب داشتند. حزب یک کمیته مرکزی سه نفره را تعیین کرد و بیانیه ای بعنوان اهداف حزب توسط استرووه نگاشته شد که آنرا نوعی تجدید حیات گروه اراده مردم خطاب کرد که طبعا این متن برای لنین خوشایند نبود. در 1998 حزب آرمان کارگران شکل گرفت که به اکونومیست ها معروف شدند که مرحله کنونی جنبش را نه یک انقلاب تمام عیار کمونیستی بلکه تلاش برای قانونی کردن آزادی بیان، نشر، احزاب و اعتصابات کارگری و اجتماعات مطرح کردند. در همین دوران گروهای مختلف سوسیالیستی که نقش کمونهای دهقانی را برای آزادی از استبداد تزاری مهم میشمردند، حزب سوسیالیست انقلابی را تشکیل دادند. افراد بسیار مبارز قدیمی شناخته شده ای که هر کدام بارها به زندان افتاده و یا ده ها سال تبعید شده بودند درآن حضور داشتند. در میانشان گروهایی هم یگان های رزمی داشتند و ترور رجال حکومتی را بخشی از مبارزه میدانستند بنابر این با خصوصیات جنگی و شورش های پارتیزانی در مناطق روستایی آشنایی داشتند اما مبارزه چریکی، محور برنامه شان نبود نگاه آنان به آزادی اجتماعی مردم از پایین به بالا در انقلاب آینده بود و بر همکاری میان تولید کنندگان و مصرف کنندگان در شکل تعاونی ها تاکید داشتند. آنها میگفتند، انقلاب اجتماعی یک خصوصیت آزادی ملی و عمومی دارد که آرزوهای کارگران، دهقانان، دانشجویان، آموزگاران، نویسندگان و غیره را یکسان در بر میگیرد و پرولتاریا یک تافته جدا بافته از بقیه اقشار اجتماعی نخواهد بود و به مارکسیستها انتقاد می کردند که دهقانان را ارتجاعی تلقی میکنند و نیروی بالقوه سوسیالیستی آنها را نمیبینند از این جهت آنها به اصول پرلتاریایی بلشویک ها بی اعتنا بودند و به یک جمهوری دمکراتیک باور داشتند که اکثریتی از سوسیال دمکراتها بغیر از بخشی از بلشویک ها در این زمینه اتحاد نظر داشتند(.ص105-60)
8ی مارچ، ڕۆژی خرۆشانی ژنانە بۆ ئازادی و یەکسانی و دادپەروەری کۆمەڵایەتی
8ی مارچ، ڕۆژی خرۆشانی ژنانە بۆ ئازادی و یەکسانی و دادپەروەری کۆمەڵایەتی نەك جەژن و ئاهەنگ و بۆنەی پاگەندەکردن بۆ پارتە رامیارییەکان
بەرەو کۆمەڵگەیەکی بێچین و چەوسانەوە