Category Archives: عربی

الديمقراطية التي نريد / 2

 

سامح سعيد عبود

يتفق باعة الديمقراطية المغشوشة والتالفة ومنتهية الصلاحية لدبنا على ما هو معلوم بالضرورة من الحريات والحقوق الإنسانية، إلا أنهم ينهون إعلانهم دائما بتحفظات تخل بتلك الحريات والحقوق الإنسانية وتفقدها معناها، إذ يضعون عشرات القيود على تلك الحريات والحقوق ويضيقون من مجال ممارستها. وغالبا ما تأتى هذه التحفظات تحت شتى الدعاوى التى أبرزها حماية الخصوصية الثقافية أو الدينية أو القومية وغيرها، وتحت دعاوى أن ما تم التعارف عليه عالميا من هذه الحقوق والحريات الإنسانية هو صناعة غربية بالأساس لا تخصنا نحن العرب والمصريين، وكأن قهر الإنسان هو من صفاتنا الأصيلة التى يجب الحفاظ عليها، إلا ان الحقيقة هى أن شوق الإنسان للحرية هو شوق عالمى و نضاله من أجلها لا علاقة له بالحضارات والثقافات والأديان والقوميات.
إن مثل هذا الحديث يتضمن إهانة شخصية لكل فرد منا بما فى ذلك المهووسون الذين يرددونه كالببغاوات التى لا تعقل ما تقول، لأن هذا الحديث و إن كان يأتى على سبيل مدح الذات القومية والدينية، والتعالى بالجهل والتخلف على علم وتقدم الآخرين لا يعنى سوى شىء واحد ، أننا أدنى طبيعيا من المواطن الغربى الذى يستمتع بتلك الحقوق والحريات، و مثل هذا الحديث تماما هو ما رد به المعتمد البريطانى على الوفد المصرى الذى ذهب إليه مطالبا بالاستقلال عام 1919، وهو نفس الحديث الذى يردده العنصريون الغربيين هناك بأننا أقل شأنا من أن نستمتع بالحريات والحقوق الإنسانية، وما حجة الخصوصية المرفوعة خفاقة أمام حرية الفرد باعتباره فرد فى بلادنا، إلا حجة كل الطغاة لتبرير طغيانهم، و ما هى سوى حجة الاستعماريين الذى قال عميدهم فى الهند كبلنج أن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا.
فى مواجهة هوية الفرد وحريته وحقوقه ينصب الفاشيون والشعبويون رايات الدولة والوطن والثقافة والدين والقومية وغيرها ليمسخوا هوية الفرد و يسحقوها، و يقيدوا حقوق الإنسان وحرياته، و ما لم يكن هذا الفرد مخدوعا أومخدرا أو مغسول العقل، فسيكتشف أن الدولة الحرة هى دولة مستبدة بمواطنيها بطبيعتها، و أن الدولة القوية تعنى مواطنين ضعفاء إزاءها، وأن حرية الوطن و استقلاله لا يعنى شيئا طالما كان المواطن نفسه غير حر و غير مستقل، و أن تقييد حقوق المواطن باسم الثقافة والدين و الحضارة والعادات والتقاليد يعنى تقييد حريته فى اختيار ما يشاء من عقائد وأديان، واختيار ما يلتزم به من ثقافات وعادات وتقاليد.

Continue reading الديمقراطية التي نريد / 2

الديمقراطية التى نريدها/ 1

سامح سعيد عبود

فجأة امتلأ السوق السياسى فى مصر وسائر بلاد المنطقة العربية بالضجيج، فبدلا من دعوات الخلافة الإسلامية وتحالف قوى الشعب العامل وديكتاتورية البروليتاريا، أصبح جميع السياسيين ينادون على نوع واحد من السلع بعد ما كانوا يختلفون سابقا فيما يبيعون، والبضاعة الجديدة التى ينادى عليها الجميع كما لا يخفى عليكم هى “الديمقراطية” لما تلاقيه من رواج تلك الأيام فيما يشبه الموضة، و قد دخل فى ضجيج البيع والشراء لا ديمقراطيون أصلاء بحكم انتمائهم الفكرى وتاريخهم السياسى المنافى للديمقراطية برغم أنهم لم يعتذروا عنه، وخصوصا بعد أن أصبح المستهلكون يعزفون عن شراء سلعهم القديمة.
البعض من هؤلاء الباعة يعلنون عن نوعيات مغشوشة من الديمقراطية، والبعض الآخر يحاولون بيع نوعيات تالفة منها، وآخرون يعرضون نوعيات غير صالحة، أو منتهية الصلاحية. و بجولة فى السوق السياسى نكتشف أن النوعيات المعروضة لدى معظم الدكاكين السياسية تبيع ديمقراطيات غير صالحة لاستخدام المواطن المجرد من وسائل الثروة والعنف المادى والمعنوى والمعرفة ، و من ثم فقد رأيت أنه من الواجب علي تحذير أمثال ذلك المواطن، وأول خطوة فى ذلك أن أحدد المواصفات القياسية للديمقراطية الصالحة لاستخدام هذا المواطن، بمعنى قدرتها على أن تشبع احتياجاته الملحة، فى أن يملك تحديد مصيره بنفسه.
لأن الديمقراطية بالتعريف هى حكم الشعب لنفسه، يفرق الفقه الدستورى بين الشعب صاحب السيادة فى النظام الديمقراطى، وبين الدولة برغم أنها نابعة من تلك السيادة على وجه الحصر فى ذلك النظام، فالدولة هى السلطة العامة التى يمكن أن نحلل عناصرها لمواطنين يمارسون السلطة العامة عمليا نيابة عن الشعب كالوزراء والقضاة و ونواب الشعب وغيرهم، وهيئات تضم هؤلاء المواطنين كالوزارات والمحاكم والبرلمانات، و الذين يمارسون وظائف السلطة العامة مثل التنفيذ والقضاء و التشريع.

Continue reading الديمقراطية التى نريدها/ 1

العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال)

سامح سعيد عبود

8 ـ تـــفــكـــيـك الطبقة العاملة

تستمد الرأسمالية وجودها واستمرار هيمنتها الاجتماعية، من قدرتها العالية على تفكيك الطبقة العاملة بشتى السبل، وتحويلها لمجرد أفراد معزولين عن بعضهم البعض حتى يسهل عليها استغلالهم وقهرهم وتضليلهم، كما تواصل الرأسمالية مقاومتها لأى جهود لتوحيد الطبقة العاملة كطبقة فى مواجهتها كطبقة، كما تقاوم الرأسمالية بشتى السبل وصول الطبقة العاملة للوعى بذاتها كطبقة على تناقض جوهرى مع الرأسمالية كطبقة، سواء على مستوى وحدة العمل أو الدولة أو العالم. ومن ثم فإن تلك اللحظات التى حققت فيها الطبقة العاملة انتصاراتها الجزئية والمؤقتة على الرأسمالية عبر التاريخ، ما كان لها أن تتحقق إلا بفضل توحدها و وعيها بذاتها، سواء أكان هذا على مستوى وحدة العمل أو على مستوى الدولة الرأسمالية، إلا أن التحرر النهائى الطبقة العاملة من خضوعها للرأسمالية، لن يتحقق إلا بتوحد الطبقة العاملة عالميا فى مواجهة الرأسمالية عالميا على حد سواء.

الرأسمالية تدرك أن توقف الطبقة العاملة كجماعة بشرية متحدة عن الخضوع لها، يعنى توقف العملية التى تشكل جوهر المجتمع الرأسمالي، و يعنى توقف سيطرتها على إنتاج الاحتياجات المادية ، كما يعنى فى النهاية توقف الرأسمالية عن الاستحواذ على الثروة الاجتماعية، وشل آلة عنفها، وتوقف هيمنتها الفكرية على الطبقة العاملة، ومن هنا فأنها تسعى لنزع الأسلحة التى تملكها الطبقة العاملة، وهى وحدتها ووعيها بذاتها الطبقية، و الخلاصة أن الرأسمالية تكافح باستمرار من أجل تفكيك الطبقة العاملة بوسائل مختلفة كما سيتضح مما يلى.
Continue reading العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال)

الرسالة التضامنیة الی الرفاق التحرریین فی تونس

الرسالة التضامنیة الی الرفاق التحرریین فی تونس

رفاق، نحن (التحرریین کردستان ، العراق و ایران) مثل کافة التحرریین في العالم نراقب بآمعان خطواتکم الثوریة، ففي‌ هذه‌ الفترة حاولنا دون تقصیر و الترخي الایصال صوتکم الی أبعد مکان عن الطریق الصحافة الحرة و الشبکات الاجتماعیة، لا نخفي عنکم بانه‌ ساهمنا قدر الامکان في کافة النشاطات التضامنیة معکم هنا في البلدان الاوروبیة..

انتم لیس وحدکم في نضالاتکم فان کل التحرریین العالم بشکل العام وبالاخص التحرریین في الجزائر والمغرب، لیبیا، مصر والعراق هم متضامنین معکم آملین الاستمرار الشرارة انتفاضتکم، انتم لیس فقط اجبرتم دکتاتوریة علی الفرار و انما اجبرتم کل الدکتاتوریات المجاورة کي یذوقون المرارة ویعشون في القلق و نحن نعرف اجبرتهم لاعطاء الوعود المزورة لآخماد الهیجان الثوري، نحن نعلم ونعترف بأن الاخماد والقمع هیجانکم سیکون هزیمة لنا و کافة الحرکة التحرریة العالمیة .

لکي لا نتیح الفرصة للدولة لکسب الوقت لتقوم بأعادة تنظیم قواتها القمعیة، نحن ینبغي علینا تقویة جمعیاتنا ومجالسنا في المحلات، المعامل، المدارس، المکاتب و الدوائیر ونحاول قدر الامکان تشکیل منظماتناالجماهیریة و المهنیة الحرة والمستقلة عن الاحزاب السیاسیة و الحکومة، لکي نتمکن اعادة تنظم المجتمع عن طریق تلك المنظمات کالسلطة الموازیة والمضادة للسلطة الحکومة الجدیدة، لآجل ذلك لازم ان نعتمد علی تنظیم الصفوفنا بانفسنا أنطلاقآ من القاعدة نحو الاعلی کاسلوب المناقض لکل العادات والعرف البالیة لتنظیم، لاجل ذلك ینبغي الابعاد الآیادي و تأثیرات الاحزاب والنخب السائدة والبائدة عن کافة منظماتنا،اضافتا الی ذلك لازم ان نستفید من کل التجارب التاریخیة الحرکات الثوریة، فعلی السبیل المثال تجربة الثورة الاسبانیة 1936 و الحرکة الادارة الاتیة العمالیة في الارجنتین2001 و الموجة الطلابیة الثوریة في انگلترا 2010..

الی الامام نحو النصر النهائي —- نحو بناء المجتمع اللاطبقي

لا للسیادیة، نعم للحریة والمساوات و العدالة الاجتماعیة

المنتدی التحررین الکردستان (Kurdistan Anarchists Forum- KAF)

العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) ـ تطورات الرأسمالية

سامح سعيد عبود

7 ـ تطورات الرأسمالية

مرت علاقة الإنتاج الرأسمالى بثلاث مراحل أساسية، كان الرأسمال في كل مرحلة منها يتخذ شكلا جديدا سائدا ومسيطرا على ما سبقه من أشكال، وكانت العلاقة بين الأطراف الثلاثة العمال والرأسماليين والدولة، تختلف من مرحلة لمرحلة أخرى، إلا أن الرأسمالية قد بدأت كعلاقة إنتاج قبل هذه المراحل الثلاث كمجرد طريقة فى التبادل والإقراض، و ذلك كرأسمال تجارى ومالى، و قد ظهرت العلاقة الرأسمالية فى الإنتاج فى العصور الوسطى والقديمة فى الإمبراطورية الرومانية و فى مصر الفاطمية مثلا،و لكن لم تصبح تلك العلاقة سائدة فى الإنتاج إلا فى انجلترا أولا ثم امتدت إلى غرب أوروبا ثانيا بدءا من منتصف القرن الثامن عشر مع الثورة الصناعية ثم العالم كله مع أوائل القرن العشرين، و هى المراحل التى تعنيننا فى هذا البحث.

يجب التمييز بين تراكم الرأسمال على أساس الرأسمالية كما سبق شرحه، و التراكم المسمى بالتراكم الأولى لرأسالمال، ان التراكم الأولي يخلق العامل الحر المجرد من الملكية في قطب, وفي قطب آخر الرأسمالي. وهذا يتم بانتزاع ملكية المنتجين الأفراد المستقلين، و يتم بأشد النزعات الى الهدم و التدمير بعدا عن الشفقة وبدافع من احط المشاعر و احقرها و اشدها تفاهة و حقدا. فالملكية الخاصة المكتسبة بعمل المالك الصغير (عمل الفلاح و الحرفي) و القائمة اذا جاز التعبير على اندماج المنتج الفردي المستقل مع ادوات و وسائل عمله تزيحها الملكية الخاصة الرأسمالية التي ترتكز على استثمار قوة عمل العامل، أما فى التراكم الرأسمالى فإن من يتم انتزاع ملكيته ليس هو المنتج الفردى الصغير، بل الرأسمالي الذي يستثمر العديد من العمال. ان انتزاع الملكية فى هذه الحالة يتم بفعل القوانين الملازمة للإنتاج الرأسمالي نفسه عن طريق تمركز رأسالمال. ان رأسماليا واحدا يقضي على الكثيرين من أمثاله. و الى جانب هذا التمركز اي انتزاع بعض الرأسماليين ملكية عدد كبير من امثالهم يتطور الشكل الجماعى فى عملية الإنتاج على مقياس يتسع اكثر فأكثر، كما يتطور تطبيق العلم على التكنيك تطبيقا فطنا و متعقلا، و استثمار الارض استثمارا منهجيا وتحويل وسائل العمل التى يمكن استخدامها فرديا الى وسائل للعمل لا يمكن استعمالها الا استعمالا مشتركا، و توفير جميع وسائل الانتاج باستعمالها كوسائل انتاج لعمل اجتماعي منسق، و دخول جميع الشعوب في شبكة السوق العالمية، و تتطور الى جانب كل ذلك الصفة العالمية للنظام الرأسمالي، و بقدر ما يتناقص باستمرار عدد كبار ملاك الرأسمال الذين يغتصبون و يحتكرون جميع منافع عملية التحول هذه، بقدر ما يشتد و يستشري البؤس و الظلم و الاستعباد و الانحطاط و الاستثمار و بقدر ما يزداد ايضا تمرد الطبقة العاملة التي تتثقف و تتحد و تنتظم بفعل آلية عملية الإنتاج الرأسمالي نفسها” [1]. Continue reading العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) ـ تطورات الرأسمالية

العمال و رأس المال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) /٦

سامح سعيد عبود

٦ـ الاستغلال الرأسمالى

العمل الإنسانى هو المصدر الأوحد لكل ثروة مادية، جنبا إلى جنب مع الطبيعة التى تزود الإنسان بمواد عمله من أراضى ومواد خام وخلافه، و كل ما فى الطبيعة البكر من إمكانيات كامنة لتوليد الثروة الاجتماعية لابد وأنها تحتاج للعمل الإنسانى لتحويل تلك الإمكانية لواقع ملموس من الثروة[1]، فقوة العمل البشرى هى التى تحول الأرض البكر لأرض صالحة إما للبناء أو للزراعة، فتصبح بذلك العمل ثروة اجتماعية، و قوة العمل البشرى هى التى تستخرج ما فى المناجم من معادن، تلك التى تظل بلا قيمة طالما ظلت فى المناجم، و لكنها تصبح بعد استخراجها بقوة العمل البشرى لسطح الأرض مواد لها قيمة معينة، وتكتسب قيمة أعلى عندما يتم توصيلها لأماكن صهرها، وبالصهر والصب والقطع والتشكيل وغيرها من العمليات تتحول تلك المواد الأولية الخام الموجودة فى الطبيعة لأدوات و آلات للعمل ذات قيمة أعلى من قيمة المواد الخام المستخرجة و المنصهرة، و كلما زادت العمليات التى تجرى على نفس الكمية من المعادن المستخرجة من المنجم خلقت منتجات أعلى من قيمتها، و تستطيع قوة العمل البشرى أن تؤثر بأدوات وآلات العمل على المواد الأولية الخام و غير الخام لإنتاج المزيد من أشكال الثروة الاجتماعية، سواء فى شكل منتجات للاستهلاك أو وسائل للإنتاج، التى تتحدد قيمتها بما بذل فيها من عمل بشرى، وهى القيمة التى لا تكتسبها إلا بفضل هذا العمل، والأشياء التى توجد فى الطبيعة البكر، و التى لم يؤثر فيها عمل ما، هى أشياء لا تباع ولا تشترى، و لا ثمن لها، كالهواء و هو أكثر المواد منفعة لحياة الإنسان، و قيمة استعمالية، و الذى برغم من ذلك نتنفسه دون أن يطالبنا أحد بثمنه، إلا إذا بذل فيه عمل ما، سواء بالتنقية و التعبئة مثلا فيصبح بذلك سلعة لها قيمة تبادلية أى ثمن. Continue reading العمال و رأس المال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) /٦

العمال و رأسالمال والدولة سامح سعيد عبودالجزء الأول (الاستغلال) ـ المنتجين الأفراد والتعاون بينهم

المنتجين الفرديين الصغار والتعاون بينهم
يهدف ممارس الإنتاج الفردى الصغير لإنتاج منتج أو تقديم خدمة مع تبادل بسيط يقوم على المقايضة أساسا بين منتجاته أو خدماته و بين منتجات الآخرين أو خدماتهم، و يمارس الفرد سواء كان فلاحا أو حرفيا أو مهنيا العمل فى عقار صغير سواء أكان هذا العقار ملكه شخصيا أو ملك آخرين يستأجره منهم، و باستخدام أدوات عمل يملكها شخصيا أو يستأجرها من آخرين، والشرط الذى لا يجعل ممارس الإنتاج الفردى الصغير يتدهور لوضع القنانة هو عدم وجود السخرة والقهر فى العلاقة الإنتاجية ، بين المؤجرين والمستأجرين،أو بين المنتج الفردى و بين بيروقراطيو الدولة ورجالها، و الشرط الآخر الذى لا يجعل هذا العلاقة من الإنتاج رأسمالية هو أن هذا الفلاح أو الحرفى أو المهنى لا يستخدم عمل الآخرين كعمال مأجورين فى نشاطه الإنتاجى أو الخدمى، و يتحول هذا الإنتاج الفردى لعلاقة إنتاج عائلى عندما يشارك أفراد عائلة المنتج فى نشاطه الإنتاجى أو الخدمى بشرط أن يكون عائد عملهم هو ما يستهلكوه معه من ناتج عملهم، و يتحول الإنتاج الفردى الصغير لإنتاج سلعى بسيط، حين يدخل الإنتاج بأكمله أو فى معظمه إلى السوق ويخضع لقوانينه، وعادة ما يتم فى هذه الحالة تحويل جزء من الفائض من الإنتاج الفردى والعائلى عن طريق السوق إلى طبقات أخرى إقطاعية و رأسمالية و بيروقراطية.
أن من يمارسون الإنتاج الفردى والعائلى والسلعى البسيط فى ظل سيادة علاقات الإنتاج الرأسمالية ، تتفاوت أوزانهم النسبية من مجتمع محلى لآخر فى المجتمعات المحلية الحديثة التى لا تخلو منهم، إلا أنهم لا يشكلون الغالبية من السكان التى يشكلها العمال المأجورين في كل المجتمعات الرأسمالية المحلية متقدمة كانت أو متخلفة، ونستطيع القول أنهم يتقلصون فى المدن حيث تتركز القطاعات الصناعية والمنظمة والحديثة ويتزايدون فى الريف حيث القطاعات الزراعية وغير المنظمة والتقليدية، كما يتقلص حجمهم فى البلاد المتقدمة ويتزايد فى البلاد المتخلفة، فممارسى الإنتاج الفردى و السلعى والعائلى يتقلصون كلما زاد تركز الثروة فى يد الرأسماليين، وتعمقت سيادة علاقة الإنتاج الرأسمالى التى تضغط عليهم وتفلسهم و تسبب تدهور أوضاعهم الاجتماعية، وهم بحكم وضعهم الهامشى يقعون تحت هيمنة كل من الرأسماليين و البيروقراطيين و ملاك العقارات، واستغلالهم، إلا أن بعض هؤلاء يتحولون إلى رأسماليين بتوسع أعمالهم واستخدامهم للعمل المأجور، و بعضهم يتدهورون بالإفلاس إلى وضع العمال أو الأقنان، كما أن بعضهم يجمع بين العمل المأجور والإنتاج الفردى البسيط فى نفس الوقت مما يسبب ظاهرة ازدواج الانتماء الطبقى. Continue reading العمال و رأسالمال والدولة سامح سعيد عبودالجزء الأول (الاستغلال) ـ المنتجين الأفراد والتعاون بينهم

العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) / 4

سامح سعيد عبود

4ـ وحش البيروقراطية الفاسد والمدمر


عرف البشر الإدارة البيروقراطية فى الإنتاج والخدمات عبر التاريخ البشرى المكتوب فقد كان هناك دائما أفراد وجماعات قد لا يملكون وسائل الإنتاج والثروة، ولكنهم يملكون من المعارف والمهارات التى لا تستغنى عنها الطبقات المالكة لممارسة استغلالها وتسلطها وهيمنتها، فاستخدمتهم تلك الطبقات سواء ملاك العبيد والعقارات أو السادة الحكام أو الرأسماليين مقابل أجور ومنافع و امتيازات مختلفة لمساعدتهم فى إدارة شئون الدولة المختلفة، و إدارة وسائل الإنتاج والخدمات التى يملكونها، و جعلتهم يتقاسمون معها الفائض من الإنتاج الذى تستولى عليه تلك الطبقات، و من ثم فالأجور المرتفعة العينية والنقدية التى يحصل عليها البيروقراطيون شكلت دائما نسبة عالية جدا من مجمل الأجور.
كانت الفترة الممتدة من نهاية القرن التاسع عشر إلى نهاية القرن العشرين، هى فترة توسع القطاع العام و تضخم تدخل جهاز الدولة فى الإنتاج والخدمات والائتمان والتجارة، بدءا من المجتمعات البيروقراطية الحديثة التى عرفها الناس باسم الاشتراكية، و التى خلت تماما من علاقة الإنتاج الرأسمالية،و حتى المجتمعات الرأسمالية سواء المتقدمة أو المتخلفة، ففى تلك الفترة تضخم القطاع العام سواء أكان هذا لحد كبير أو لحد متوسط، إذ لم تخلو كل المجتمعات المحلية طوال تلك الفترة من هذا القطاع حتى ولو على نطاق محدود، وقد تجاورت في البلاد الرأسمالية كلتا العلاقتين الإنتاجيتين الرأسمالية و البيروقراطية، مع تفاوت فى درجة السيطرة من أحداهما على الأخرى فى كل بلد على حدة، كما شهدت تلك الفترة أيضا ظاهرة أن المؤسسات الرأسمالية الكبرى نفسها أتاحت للبيروقراطيين العاملين فيها التحكم فى تلك المؤسسات، وسمحت بتوسيع مدى مشاركتهم فى نهب فائض الإنتاج، منذ أن عرفت تلك المؤسسات الانفصال بين الملكية و الإدارة. Continue reading العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) / 4

العمال و رأس المال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) 3ـ العبودية مازالت على الأرض

العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال)

سامح سعيد عبود

3ـ العبودية مازالت على الأرض

من المعتاد فى مصر ان يستخدم رجال الشرطة عربات نقل الركاب الخاصة( الميكروباصات) مجانا وجبرا سواء لأغراض انتقالهم الشخصي أو لأداء بعض مهام عملهم الأمنية بدلا من عربات الشرطة، و هذا مجرد نموذج لمئات الممارسات التى يستغل فيها كل من يملكون سلطة ما الخاضعين لسلطتهم مجانا و جبريا، بالتهديد والوعيد، فمن أساتذة الجامعة الذين يستكتبون طلاب الدراسات العليا أوراقا بحثية ينسبونها لأنفسهم، إلى رؤساء التحرير الذين يستكتبون صغار الصحفيين العاملين تحت إشرافهم لمقالاتهم، وحتى ضباط و ضباط الصف فى الجيش الذين يجبرون المجندين من الحرفين الخاضعين لسلطتهم على أداء خدمات مجانية لهم و لأسرهم، و هى علاقات اجتماعية لا تنتمى للرأسمالية كعلاقة إنتاج بل هى أقرب للقنانة، ولكن تبقى المشكلة فى دراستها، أن مثل هذه الممارسات يصعب اخضاعها لدراسة احصائية لمعرفة حدودها الاجتماعية وحجم مساهمتها الاقتصادية فى المجتمع، لسببين أولهما لأنها تتم عرفيا، و ثانيهما لأنها تتم بشكل سرى، و لكن إذا كان هناك ظواهر محدودة من العبودية والقنانة قد ثبت وجودها فى مجتمعات رأسمالية متقدمة، وردت فى تقارير منظمات دولية حكومية وغير حكومية، فما الذى يمنع من اتساع نطاقها فى المجتمعات المتخلفة، مع الأخذ فى الاعتبار صعوبة رصدها فى هذه الحالة نظرا لتخلف تلك المجتمعات.
*** Continue reading العمال و رأس المال والدولة الجزء الأول (الاستغلال) 3ـ العبودية مازالت على الأرض

العمال و رأسالمال والدولة الجزء الأول (الاستغلال)

سامح سعيد عبود

2- ماضينا المشاعى والعشائرى

 

منذ نحو ثمانية ألف عام، كانت كل المجتمعات البشرية، تقوم على أساس علاقة إنتاج هى المشاعية العشائرية والتى يطلق عليها الشيوعية البدائية، وقد استمرت هذه العلاقة لمئات الألوف من السنين، وفي هذه المجتمعات تكون كل وسائل الإنتاج مملوكة للمجتمع ككل و تستخدم من قبل جميع أفراده، وكان ناتج العمل يتم استهلاكه من كل أفراد العشيرة حسب احتياج كل منهم، وأما الملكية الفردية فمحصورة فى ما يصنعه الأفراد من أدوات لاستخدامهم الشخصى، وقد عرفت هذه المجتمعات العديد من أشكال ممارسة العلاقات الجنسية والأسرية والعديد من قواعد القرابة والنسب، و حيث أن الإنتاجية كانت ضعيفة فلم تكن تسمح بوجود فائض إنتاج يستولى عليه بعض الأفراد دون غيرهم من أفراد العشيرة، وكان جميع أعضاء العشيرة يخضعون للأعراف والتقاليد السائدة بينهم، والتى تكونت بالاتفاق العام عبر أجيالهم المتتالية، والتى لم يكن أحد يجرؤ على انتهاكها، و إلا تعرض لعقاب العشيرة الذى قد يصل للطرد منها، فلم تكن هناك سلطة منفصلة عن أفراد المجتمع، تشرع القوانين و تجبرهم على إطاعة الأوامر بسبب احتكارها لوسائل العنف، ومن ثم فلم توجد فى هذه المجتمعات القوانين والمحاكم التى تعرفها غيرها من المجتمعات، أما الخبرات والمعرفة والحكمة فقد كان يتم تداولها بين أفراد العشيرة شفاهه عبر الأجيال، حيث كان الأقل خبرة ومعرفة وحكمة يتبع الأكثر خبرة ومعرفة وحكمة، وكان تقسيم العمل فيما بين أعضاء العشيرة يقوم على أساس القدرة على إنجازه إذا احتاج العمل لتخصص وخبرة معينة، والقيادة فى العمل الجماعى للعشيرة كانت لامركزية حيث تكون للأكثر خبرة ومعرفة وقدرة وتجربة و الأكفأ، فالمجتمعات المشاعية العشائرية تحدد قراراتها وفق قواعد الديمقراطية المباشرة، ولكن فى نفس الوقت لا تسودها المساواة المطلقة بين أفرادها، حيث تعطى الفرصة للتمايزات بين الأفراد أن تبرز لخدمة العشيرة، و لما كانت المجتمعات المشاعية العشائرية تخلو من تلك السلطة المنفصلة عن إرادة البشر وحريتهم، فأنها كانت تخلو أيضا من استغلال الإنسان للإنسان، و المجتمعات المشاعية العشائرية ظلت تتميز بكونها مجتمعات محافظة، إذ تتغير ببطء نظرا لحالة التوازن والتجانس الداخلى والتكامل بين أفرادها، وهى مجتمعات مقامة على أساس من علاقات القرابة الطبيعية، وليست مقامة على أى أساس سياسى مما شدد من الترابط الاجتماعى والإنسانى بين أفراد هذا المجتمع، ولم تؤسس على أى سلطة سياسية أو دينية، و أما الفرد العادى من أفراد المجتمع المشاعى العشائري فقد كان يشارك بقدر أكبر بكثير فى نظام مجتمعه مما يشارك فيه أعضاء المجتمعات الطبقية الأخرى. Continue reading