Category Archives: كوردی – Kurdi

بەشی كوردی پێگەی ئەناركیستان

یەمەن

یەمەن:

بۆ نزیکەی دوو مانگ دەچێت، جەماوەری ئازادیخوازی یەمەن لە شاری سەنعا، بەردەوام دەچنە سەر شەقام و دەنگی ناڕەزایەتییان بە گوێی ڕژێمەی علی عەبدوڵا و مشەخۆرانی ئەو ولاتەدا دەدەن و دەسەلاتداران بە ئاگر و ئاسن بەرەنگاری داخوازییەکانی خەڵك دەبنەوە و زیندانەکان لە ئازادیخوازان پڕ کردوون.

بەحرەین

بەحرەین:

ماوەی چەند هەفیەیە جەماوەری نارازی و ئازادیخوازی مەنامە وەك هاوچینەکانی لە میسر و تونس ڕژاونەتە سەر شەقامەکان و لەلایەن دەسەڵاتی قەرەقوشی پاشاکانی ئەو وڵاتەوە سەرکوت و کوشتوبڕ دەکرێت، کەچی میدیای جیهانی بە مەبەستەوە پەردەپۆشی هەواڵەکان دەکات و لە ئاستی لەشکرکێشی پاشاکانی (عەرەبستانی سعودیە)دا چاویان دەنووقێنن.

[youtube=http://www.youtube.com/v/vKVPi8z0IYQ&hl]

ئایا ئەگەر وڵاتێکی دیکە بەو کارە هەستایە، دێمۆکراتە-پارلەمانییەکان، هەر وا بێهەڵوێست دەبوون؟

[youtube=http://www.youtube.com/v/LAAqKH8Pstw&hl]

لیبیا:

لیبیا:

ئەوە بۆ چەندین هەفتە دەچێت، جەماوەری نارازی و شارە ئازادکراوەکانی لیبیا، ڕووبەڕووی کوشتن و تیرۆر و بۆمبارانی ئاسمانی و زەمینی دەبنەوە. بەبەرچاوی دەسەلاتدارە دێمۆکراتەکانی دونیاوە ناوچە ئازادکراوە کراونەتە کوشتارگەی ئازادیخوازان. دەوڵەتە بەناو دێمۆکراتە-پارلەمانییەکان نەك هەر پشی ڕژێمە دیکتاتۆرەکەی (قەزافی)یان بەرنەداوە، بەڵکو لەو دەمەدا دەیان ملیارد پارەی نەوتیان بۆ ڕەوانە کرد، تاوەکو باشتر بتوانێت پێداویستییەکانی کوشتوبڕی ئازادیخوازان دابین بکات.

لێرەدا پرسیارێك دێتە کایەوە، بۆ چی لە پرسی (یوگوسلاڤیا)دا، کە دێمۆکراتە جیهانخۆرەکان بێلایەن نامێننەوە، بەڵام لە پرسی لیبیادا، نەك هەر هەڵوێست وەرناگرن، بەڵکو پشتیوانی لە دیکتاۆرەکی بێپەردەی قەزافی دەکەن و گڵۆپی سەوزی بۆ نیشان دەدەن.

عیراق / هەرێمی کوردستان

عیراق / هەرێمی کوردستان:

لە 17ی فێبریوەری 2011ەوە جەماوەری ناڕازی لە شار و شارۆچکەکان دەڕژێنە سەر شەقامەکان و ڕووبەڕووی کوشتن، ڕاونان و فڕاندن و هەڕەشه دەبنەوە. تا ئیستا چەندین کوژراو و بریندار لەنێوان کوژراوەکاندا چەند مێردمناڵێك هەن، کەچی دەوڵەتە دێمۆکراتە پارلەمانییەکانی ئەوروپا، ناوەندە جیهانییەکان و تەکنۆکرات و قسەگەرانی دێمۆکراسی، مێشیك نابێتە میوانیان.

[youtube=http://www.youtube.com/v/O0mjXAr-m-Y&hl]

الأناركية

احمد زکی

الدولة والثورة

وهكذا تختلف الماركسية عن الاناركية في العديد من الاوجه، الا ان هناك بعض التماثل بين المدرستين في عدد من النقاط الفكرية والمنهجية. تشترك الماركسية مع الاناركية في اهداف طويلة المدى (المجتمع الاشتراكي بلا دولة)، وفي العداء لنفس الخصوم السياسيين (المحافظون واليمينيون واحيانا الليبراليون)، ونفس التحديات البنيوية (الرأسمالية والحكومات القائمة). بل طالما شارك العديد من الماركسيين في ثورات اناركية والعديد من الاناركيين في ثورات ماركسية.
ومع ذلك، يختلف الاناركيون مع الماركسيين في كثير من القضايا الهامة ومنها: الدولة، والبناء الطبقي للمجتمع، ومنهج الحتمية التاريخية.
النموذج الكلاسيكي والدامي فعلا للصدام بين الاناركية والماركسية حدث اثناء الحرب الاهلية الروسية (1918 – 1921) في اوكرانيا: قوات الانصار الماخنويين تعرضت للتدمير والقتل والاعتقال على ايدي الجيش الاحمر البلشفي في الوقت الذي كان يحارب فيه هذان الجيشان معا ضد القوات البيضاء وقوات الغزو الالماني النمساوي؛ وحدث ايضا اثناء الحرب الاهلية الاسبانية 1936: الماركسيون الثوريون من حزب العمال للتوحيد الماركسي (POUM)، والسينديكاليون الاناركيون في كونفدرالية العمل الوطنية (CNT)، واناركيو الفدرالية الاناركية الايبيرية (FAI) ثلاثتهم واجهوا القمع وتعرضوا لهجمات القوات المسلحة للحزب الشيوعي الاسباني والكتيبة الدولية الستالينية في الوقت الذي كان الجميع يحاربون ضد الحركة الفاشية بقيادة الجنرال فرانشيسكو فرانكو. هذا بعيدا عن التشهير بالعمالة للقيصر على غير اساس الذي وجهه ماركس وانجلز اكثر من مرة لباكونين في الاممية الاولى، وتصالحوا بعدها لبعض الوقت. الا انه على الجانب الايجابي، تواجدت تاريخيا حركات هجين طابقت فكريا ما بين المدرستين: مثل حركات الماركسيين التحرريين وانصار التسيير الذاتي.

الدولة والثورة
وهكذا تختلف الماركسية عن الاناركية في العديد من الاوجه، الا ان هناك بعض التماثل بين المدرستين في عدد من النقاط الفكرية والمنهجية. تشترك الماركسية مع الاناركية في اهداف طويلة المدى (المجتمع الاشتراكي بلا دولة)، وفي العداء لنفس الخصوم السياسيين (المحافظون واليمينيون واحيانا الليبراليون)، ونفس التحديات البنيوية (الرأسمالية والحكومات القائمة). بل طالما شارك العديد من الماركسيين في ثورات اناركية والعديد من الاناركيين في ثورات ماركسية.
ومع ذلك، يختلف الاناركيون مع الماركسيين في كثير من القضايا الهامة ومنها: الدولة، والبناء الطبقي للمجتمع، ومنهج الحتمية التاريخية.
النموذج الكلاسيكي والدامي فعلا للصدام بين الاناركية والماركسية حدث اثناء الحرب الاهلية الروسية (1918 – 1921) في اوكرانيا: قوات الانصار الماخنويين تعرضت للتدمير والقتل والاعتقال على ايدي الجيش الاحمر البلشفي في الوقت الذي كان يحارب فيه هذان الجيشان معا ضد القوات البيضاء وقوات الغزو الالماني النمساوي؛ وحدث ايضا اثناء الحرب الاهلية الاسبانية 1936: الماركسيون الثوريون من حزب العمال للتوحيد الماركسي (POUM)، والسينديكاليون الاناركيون في كونفدرالية العمل الوطنية (CNT)، واناركيو الفدرالية الاناركية الايبيرية (FAI) ثلاثتهم واجهوا القمع وتعرضوا لهجمات القوات المسلحة للحزب الشيوعي الاسباني والكتيبة الدولية الستالينية في الوقت الذي كان الجميع يحاربون ضد الحركة الفاشية بقيادة الجنرال فرانشيسكو فرانكو. هذا بعيدا عن التشهير بالعمالة للقيصر على غير اساس الذي وجهه ماركس وانجلز اكثر من مرة لباكونين في الاممية الاولى، وتصالحوا بعدها لبعض الوقت. الا انه على الجانب الايجابي، تواجدت تاريخيا حركات هجين طابقت فكريا ما بين المدرستين: مثل حركات الماركسيين التحرريين وانصار التسيير الذاتي.
الدولة:
بالنسبة للماركسيين، اي دولة هي بشكل اصيل ديكتاتورية طبقة على باقي الطبقات الاخرى. لذلك، في اطار النظرية الماركسية، فور ما يختفي التمايز بين الطبقات، سوف تختفي الدولة ايضا.
في اشهر مؤلفات لينين بعد قيام الثورة الروسية في فبراير 1917، الدولة والثورة ، يستند لينين بشدة على شروح لافكار ماركس وانجلز، مدافعا عن خطته للاستيلاء بجهاز حزبه السري على سلطة جهاز الدولة الامبراطورية الروسية المتهاوية تحت ضربات جيوش المحور في الحرب العالمية الاولى، وفراغ السلطة الناتج عن الثورة ضد القيصر وخلعه في ثورة فبراير 1917 الشعبية. في هذا الكتاب يستشهد لينين بفقرة كاملة من كتاب فردريك انجلز الاشهر “اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة”، قام هو نفسه بترجمتها عن الالمانية، عن مفهوم الدولة في النظرية الماركسية:
“لذلك، فالدولة بلا أي قصد اخر هي سلطة مفروضة على المجتمع من خارجه؛ بالضبط كما هي اقل من ان تكون “حقيقة الفكرة الاخلاقية‘، و’صورة وحقيقة العقل‘، بنفس القدر الذي يستمر هيجل في وصفها به. بالاحرى، هي نتاج مجتمع وصل الى مرحلة معينة من التطور؛ انها القبول بأن هذا المجتمع قد وقع في حبائل تناقض مع نفسه غير قابل للحل ، وان هذا المجتمع قد انشق في تناقضات لا يمكن تسويتها، ولا يمتلك حولا ولا طولا للتخلص منها. ولكن بسبب هذه التناقضات، تلك الطبقات بمصالحها الاقتصادية المتصارعة، قد لا تستهلك نفسها ولا مجتمعها في صراع لا طائل من وراءه، ويصبح من الضروري ان تمتلك سلطة، تبدو من الظاهر أنها قائمة فوق المجتمع، تقوم بتطبيب اثار هذا الصراع وتخفيف ويلاته والاحتفاظ به داخل حدود ’النظام العام‘؛ وهذه السلطة، التي تخرج من المجتمع ولكن تضع نفسها فوقه، وتغترب بنفسها اكثر فأكثر عنه، هي الدولة “.
وبهذاالاستشهاد يؤكد لينين حجته في مواجهة خصومه، فيقول: “وطبقا لماركس، الدولة هي اداة الحكم الطبقي، اداة لاضطهاد طبقة بواسطة طبقة اخرى؛ انها عملية خلق ’للنظام العام‘، الذي يعطي شرعية وديمومة لهذا الاضطهاد عن طريق التحكم في درجات سخونة واشتعال الصراع بين الطبقات. ومع ذلك، في رأي السياسيين البرجوازيين الصغار[هنا يقصد لينين ماركسيي الدولية الثانية في اوروبا وروسيا]، النظام العام يعني التصالح بين الطبقات، وليس عدم اضطهاد طبقة بواسطة طبقة اخرى؛ وأن تخفف درجة اشتعال الصراع يعني تصالح الطبقات وليس حرمان الطبقات التي تخضع للاضطهاد من وسائل واساليب كفاحية محددة للاطاحة بظالميهم “.
ومع ذلك، هناك بعض التطابق في الاراء بين الاناركيين والماركسيين. يؤمن الاناركيون ان اي دولة سوف تهيمن عليها لا محالة نخبة سياسية اقتصادية، لذلك تتحول الدولة فعليا فتصبح اداة للسيطرة الطبقية.
وعلى خلاف الاناركيين، يؤمن الماركسيون أن القمع الطبقي الناجح دائما ما يتطلب تقريبا طاقة فائقة للعنف هي الدولة، وان المجتمعات السابقة على الاشتراكية كانت تحكمها طبقات اقلية، لذلك في النظرية الماركسية اي دولة غير اشتراكية تمتلك نفس الخصائص التي ينسبها الاناركيون والاخرون لكل شكل من اشكال الدولة.
المرحلة الانتقالية
تقود نظرية الدولة مباشرة الى السؤال العملي عما يكون عليه شكل المرحلة الانتقالية الى مجتمع حر بلا دولة في رأي كلا من الاناركيين والماركسيين بوصف هذا المجتمع هو الهدف النهائي لكلا منهما.
يؤمن الماركسيون ان الانتقال الناجح للمجتمع الشيوعي المتحرر من الدولة يتطلب قمع الرأسماليين وإلا فإنهم سوف يعيدون تأسيس سيطرتهم الخاصة بعد ان يستجمعوا قواهم مرة اخرى، ولذلك يرى الماركسيون ضرورة لوجود دولة في شكل ما يديرها العمال (ديكتاتورية البروليتاريا) لتأمين المرحلة الانتقالية. يعارض الاناركيون هذا المنطق بقولهم ان “دولة العمال” التي يدافع عنها الماركسيون هي استحالة منطقية، حيث انه فور ان تبدأ اي جماعة في الحكم بواسطة جهاز الدولة، فانهم يتوقفون عن كونهم عمال (هذا اذا كانوا كذلك من الاصل) ويتحولون الى طغاة. ايضا انتقد معظم الاناركيين فكرة ديكتاتورية البروليتاريا على كل من المستوى النظرى والتاريخي. بشكل اساسي، ما يقال لدحضها هو انها ليست الطبقة التي تستولى على السلطة ولكنها الاقلية، اي الحزب بالمعنى اللينيني، وبهذا الشكل تصبح ديكتاتورية ضد البروليتاريا. انهم يشيرون الى التدابير التي اتخذها لينين وتروتسكي وستالين اثناء الثورة الروسية منذ البدايات الاولى عام 1917 كدليل على ذلك. يدعم الاناركيون حججهم بالاشارة الى طبيعة الاتحاد السوفيتي الغير ديموقراطية وطبيعة الدول الاخرى التي تميز نفسها بأنها “ماركسية”، بينما يدعم الماركسيون حججهم بالاشارة الى هزيمة الثورات التي قادها الاناركيون مثل هزيمتهم ابان الحرب الاهلية الاسبانية.
لذلك كلا من الاناركيين والماركسيين يرغبون في “سحق” الدول القائمة. بعد “تحطيم” الدولة، يسعى الماركسيون الى استبدالها فورا بدولة عمال، اي بديكتاتورية البروليتاريا، او تنظيم العمال كطبقة حاكمة. من هذه النقطة، كما عبر عنها فردريك انجلز، سوف تبدأ دولة العمال في الافول. وفي الاخير تتوقف عن الوجود عندما ينهزم التناقض الطبقي تماما. من الناحية الاخرى، يشعر الاناركيون ان اي اعادة خلق لاي نوع من الدولة سوف يضع السلطة في ايدي اقلية ضئيلة، ولسوف يستمر بعدها قمع الدولة. يرد عديد من الماركسيين على ذلك بقولهم ان القمع المنظم والمركزي ضد الطبقة الرأسمالية سوف يكون ضروريا بشكل مطلق، وان البروليتاريا تستطيع تحقيق ذلك على اكمل وجه عن طريق استخدام الدولة. يندمج الموقف الماركسي مع موقف الاناركية في احد نهايات الطيف، حيث ان الاناركيين لا يتفقون بين انفسهم حول اذا ما كان نظاما لمجالس العمال الديموقراطية يحتكر العنف هو نفسه شكل من اشكال الدولة ام لا، بينما يختلف الماركسيون بين بعضهم البعض اختلافا واسعا على الشكل الذي تتخذه ديكتاتورية البروليتاريا.
الاحزاب السياسية
مسألة الاستيلاء على السلطة تستدعي معها مسألة الاحزاب السياسية، وهي ايضا القضية التي تفرق بين الاناركيين والماركسيين. معظم الماركسيين يرون في الاحزاب السياسية ادوات مفيدة بل انها حتى بالنسبة لهم اداة ضرورية للاستيلاء على السلطة، حيث انهم يرون ان الجهود التي يتم تنسيقها بشكل مركزي هي امر ضروري لهزيمة الرأسمالية ودولتها هزيمة تامة؛ وإن الاحزاب ضرورية ايضا من اجل تأسيس هيئة قادرة على الاحتفاظ بالسلطة.
باختصار يمثل الحزب عند الماركسيين فكرة الطليعة السياسية التي استخدمت بشكل واسع ورحب جدا في القرن التاسع عشر لوصف أي فرد، يعتبر من وجه نظر ما، ساعيا لاكتشاف طريق يؤدي إلى مجتمع مستقبلي حر. صك هنري دو سان سيمون مصطلح ’الطليعة‘ في سلسلة من مؤلفاته كتبها في أخريات أيام حياته. وحذا حذوه هذا الذي كان في احد الأوقات سكرتيره واحد حوارييه (وفيما بعد، أنكى منافسيه، أوجست كونت)؛ سان سيمون كان يكتب في ظل الثورة الفرنسية، وكان يسأل بالأساس ما هو الخطأ الذي وقع: انتقال مجتمع العصور الوسطى الإقطاعي الكاثوليكي إلى مجتمع ديموقراطي صناعي عصري لماذا يؤدي هذا الانتقال إلى إنتاج كل هذا العنف والانخلاع الاجتماعي الهائل؟ رأى سان سيمون في الفنانين طليعة مجتمعه الجديد بينما رأى اوجست كونت في العلماء طليعة مجتمعه الفاضل.
الا انه ماركس، هو الذي بدأ في إحداث تغيير له وزنه لمعنى الطليعة عن طريق تقديم فكرته القائلة بأن البروليتاريا هي الطبقة الوحيدة الثورية حقا لأنها ليس لديها ما تخسره عند الغاء الطبقات – هو لم يستخدم حرفيا مصطلح “الطليعة” في كتاباته. والنتيجة، “نعرفها جميعا! فكرة حزب الطليعة الذي ينذر نفسه لكلا من تنظيم هذه الطبقة الأكثر اضطهادا المختارة كوسيط لحركة التاريخ ومن اجل منحها مشروعا فكريا، ولكنه أيضا، حزب الطليعة الذي ينذر نفسه لإشعال شرارة الثورة من خلال استعداده لاستخدام العنف، هذه الفكرة أوضحها لأول مرة لينين في 1902 في كتابه ’ما العمل؟‘ وتردد صداها إلى ما لا نهاية منذ ذلك الحين “.
ففي وقت كتابته “ما العمل؟”، كان لينين شابا روسيا مهاجرا عاد من منفاه في سيبريا ويعيش في جنيف بسويسرا. كتاباته في الصحيفة الروسية الاشتراكية الديموقراطية “الايسكرا” (الشعلة)، وضعته في مركز الجدل المحتدم في ذلك الوقت بين الدوائر الماركسية الاوروبية حول افكار ادوارد برنشتاين “المراجعة او النقدية” للماركسية. كانت المشكلة اكثر الحاحا بالنسبة للينين الشاب حيث ان الماركسيين الروس المنفيين، المعروفين باسم الاقتصاديين، كانوا يدافعون عن افكار برنشتاين بحجة ان الحزب الديموقراطي الاجتماعي الروسي يجب ان يركز على العمل الشرعي الذي يستهدف التحسن الاقتصادي للطبقة العاملة الروسية. رد لينين على ذلك كان جدلا كلاميا ساخنا وضع فيه الخطوط العريضة للحزب الثوري الماركسي، كتاب “ما العمل”.
يشرح لينين هذا المشهد بقوله: “ليس سرا ان هناك تياران قد تكونا في الاممية الاشتراكية الديموقراطية اليوم. يشتعل لهيب الصراع بين هذين التيارين الان، وتتحول اوراق “قرارات الهدنة” الى رماد ودخان. جوهر الاتجاه الجديد، والذي يتبنى اتجاها “نقديا” ضد “التحجر العقائدي البائد” للماركسية، يعرضه برنشتاين بما يكفي من وضوح، ويعلنه ميليران” .
تيار “المراجعة – نقد الماركسية” الذي تزعمه برنشتاين احاط نفسه ببطارية كاملة من “الحجج المنطقية”، ورفض فكرة الافقار المتنامي واشتداد التناقضات داخل المجتمع الرأسمالي، ولم ير تناقضا من حيث المبدأ بين الاشتراكية والليبرالية. ومن هنا رفض هذا التيار المراجع فكرة الصراع الطبقي وبالتالي ديكتاتورية البروليتاريا على ارضية انه لا يمكن تطبيقها على مجتمع ديموقراطي بشكل خاص لأن الحكم فيه يتم طبقا لارادة الاغلبية. وهي النتيجة التي رأى لينين فيها “ليس اكثر ولا اقل من تنويعة جديدة من الانتهازية”… وان ما تتدعيه من “حرية الانتقاد” هو الحرية في تحويل الاشتراكية الديموقراطية الى حزب ديموقراطي للاصلاحات الاجتماعية.
ومن هنا جاءت اول اسس اللينينية: “دون نظرية ثورية لا يمكن ان تكون هناك حركة ثورية… دور مناضلي الطليعة لا يمكن الوفاء به الا بواسطة حزب ترشده اكثر النظريات تقدما” …
حجر الاساس الثاني في اللينينية كانت مقدماته تحليل لينين للاضرابات العمالية في سان بطرسبورج التي حدثت بشكل منهجي خلال تسعينات القرن التاسع عشر في سان بطرسبرج. في نظر لينين، كانت هذه الاضرابات في حد ذاتها، ببساطة كفاح نقابي، تمثل علامة على استيقاظ التناقضات بين العمال واصحاب العمل، ولكن لم يصبح العمال بعد، ولا يمكنهم ان يكونوا على وعي بالتناقضات التي لا يمكن حلها بين مصالحهم وبين كامل النظام السياسي والاجتماعي الحديث. بهذا المعنى، حكم لينين على اضرابات التسعينات، رغم التقدم الهائل الذي تمثله مقارنة “بالتمردات” المبكرة، بأنها “تظل حركة عفوية صرف”.
ترى اللينينية انه لا يمكن ان ينشأ وعي اشتراكي ديموقراطي وسط العمال من تلقاء انفسهم، بل يجب ان يجلب اليهم هذا الوعي من خارجهم: “تاريخ كل البلدان يظهر ان الطبقة العاملة، من خلال جهودها هي الحصرية، لا تستطيع سوى تطوير وعيا نقابيا فقط، اي، الاقتناع بضرورة الاتحاد والتجمع في نقابات، ومحاربة اصحاب العمل والسعي الحثيث لاجبار الحكومات على تمرير القوانين الضرورية لتشريعات العمل، الخ.
“…مذهب الاشتراكية الديموقراطية النظري نهض بشكل مستقل تماما عن النمو العفوي لحركة الطبقة العاملة، نهض كنتيجة طبيعية وحتمية لتطور الفكر وسط النخبة المثقفة الاشتراكية الثورية… ومن هنا، لدينا كل من النهوض العفوي لجماهير العمال، النهوض لحياة واعية وكفاح واع، ولدينا شباب ثوري، مسلح بالنظرية الاشتراكية الديموقراطية، شغوف لبناء اتصال بالعمال… ”
وبالتالي يصل لينين الى اكتشافه المؤسس وهو الحزب الثوري: “الكفاح السياسي للاشتراكية الديموقراطية هو كفاح اكثر تكثيفا واكثر تركيبا بكثير من الكفاح الاقتصادي للعمال ضد اصحاب العمل والحكومة. وبالمثل (فعليا لهذا السبب)، تنظيم حزب اشتراكي ديموقراطي ثوري يجب ان يكون حتميا نوع مختلف عن شكل تنظيم العمال من اجل كفاحهم الاقتصادي هذا…
“انا اشدد على:
1) لا يمكن لحركة ثورية ان تتحمل الصعاب وتبقى دون وجود منظمة ثابتة من قادة يضمنون الاستمرار؛
2) كلما جذب الكفاح العفوي جماهير اعرض، لتشكل اساس الحركة ولتشارك فيها، كلما كانت الحاجة اكثر الحاحا لمثل هذه المنظمة، وكلما كانت الحاجة اعظم لمنظمة متماسكة…؛
3) وأن مثل هذه المنظمة يجب ان تتشكل من اناس منخرطين بشكل محترف في النشاط الثوري؛
4) وانه في دولة استبدادية الحكم، كلما حصرنا عضوية مثل هذه المنظمة اكثر في الناس المنخرطين باحتراف في العمل الثوري والمدربين بشكل محترف على اساليب مكافحة البوليس السياسي، كلما كان اصعب اجتثاث هذه المنظمة وتدميرها؛
5) وبالتالي كان عدد افراد الطبقة العاملة والطبقات الاخرى من المجتمع، الذين سوف يستطيعون الانضمام الى الحركة والقيام بالعمل الايجابي فيها، اعظم… ”
يرى الاناركيون في منظماتهم النقيض من الجماعات الماركسية المغلقة. ففي رأيهم اهتمام الأحزاب “المركزية الديموقراطية” الاكبر ينصب على بلورة تحليل نظرى صحيح وتام، وبناء عليه تطلب هذه المنظمات من اعضائها توحدا ايديولوجيا صارما، وتميل إلى استكمال رؤيتها التفصيلية للمستقبل، بممارسات سلطوية متطرفة داخل التنظيم فى الوقت الحاضر. بينما المنظمات التى يتحدث عنها معظم الاناركيين تتخذ شكل المجالس او الفدراليات او الكونفدراليات تمارس الديموقراطية المباشرة وتسعى لخلق اليات تحقيق الاجماع والتوافق وتبحث عن التعددية بشكل مفتوح. الجدل داخل منظماتهم هذه يركز دائما حول جولات بعينها من الحركة؛ فمن المسلم به عندهم انه لن يستطيع أى احد أبدا ان يحول أحدا أخر إلى وجهة نظره بالكامل. قد يكون الشعار، “لو أنت على استعداد للتصرف كأناركى في هذا الاتجاه فى هذه اللحظة، فرؤيتك طويلة المدى هى شأنك الخاص تماما”. يقول جريبر: “وهذا فقط يبدو معقولا: فلا احد منا يعرف إلى أى مدى سوف تأخذنا هذه المبادئ فعلا، ولا أى تركيب مجتمعى مبنى على أساس هذه الافكار سوف تبدو صورته النهائية الفعلية”. اما بالنسبة لقضية الطليعة او النخبة المثقفة والجماهير، فهم يطرحونها على نحو مختلف نوعيا، “أن التحالفات الثورية تميل دائما للارتكان إلى نوع من الأحلاف بين عناصر المجتمع ’الأقل اغترابا‘ والعناصر ’الأكثر تعرضا للاضطهاد‘. ونستطيع القول، أن الثورات الفعلية مالت للحدوث عندما تداخلت هاتان الشريحتان الاجتماعيتان مع بعضهما البعض بشكل واسع “. وهم يصرون على عدم اعطاء اي وضع خاص متميز للبروليتاريا من خلال سؤال يطرحونه وهو، “لماذا تقريبا يبدو دائما أن الفلاحين والحرفيين، وحتى لدرجة اكبر، العمال الصناعيين الذين كانوا فلاحين وحرفيين منذ وقت قريب، هم الذين أطاحوا فعلا بالأنظمة الرأسمالية؛ وليس أولئك الذين يتعيشون منذ أجيال على العمل المأجور “.
ومع ذلك، يختلف الماركسيون بين بعضهم البعض حول ما اذا كان للحزب الثوري ان يشارك في الانتخابات البرجوازية ام لا، واي دور يجب ان يلعبه الحزب بعد الثورة، وكيف يجب تنظيم هذا الحزب. من ناحية اخرى، يرفض الاناركيون بشكل عام المشاركة في الحكومات، ولهذا هم لا يشكلون احزابا سياسية، حيث انهم يرون اي هيكل ذو بناء هرمي يمتلك ميلا اصيلا نحو التحول الى كيان سلطوي وظالم. الا ان الكثير منهم ينتظمون سياسيا على اساس الديموقراطية المباشرة والفدرالية من اجل المشاركة بشكل اكثر فعالية في الكفاحات الجماهيرية وقيادة الناس نحو الثورة الاشتراكية (عن طريق ضرب النموذج ونشر الافكار).
العنف والثورة
هناك سؤال اخر يتعلق بقوة بنظرية الدولة وهو اذا ما كان استخدام العنف الواسع المنهجي امرا مقبولا ام لا؟ وكيف يتم تطبيق هذا العنف من اجل تحقيق الثورة الناجحة. منطق الاناركيين هو ان كل الدول هي دول “غير شرعية” لأن كل الدول تركن الى استخدام العنف المنهجي، في الوقت الذي ترى فيه الاناركية ان استخدام العنف على نطاق ضيق او حتى استخدام عمليات الاغتيال الذي يستهدف النخب الاجرامية قد يكون مفيدا او حتى ضروريا في بعض الظروف (الدعاية بواسطة الفعل)، اما استخدام العنف الجماعي ضد الناس العاديين – مثل ذلك الذي مارسه ستالين في عمليات التطهير الكبرى، او بواسطة ماو في الثورة الثقافية – هو امر غير مقبول ابدا وغير مبرر. معظم الماركسيين يقدمون منطقا يطرح ان العنف الواسع المدى هو امر مشروع وهكذا “الحرب العادلة” هي امر ممكن، على الاقل في ظروف محددة كالدفاع الجماعي عن النفس، مثلا ضد محاولة انقلاب او ضد غزو امبريالي. وبعض الماركسيين خصوصا الستالينيون يزيدون في منطق استخدام العنف الواسع المدى بقولهم عموما “ان الغاية تبرر الوسيلة”، وهكذا نظريا اي درجة من العنف واهراق الدماء قد تكون مبررة من اجل تحقيق الشيوعية.
من الناحية الاخرى، بعض الاناركيين يرتقون بفكرة الدفاع الجماعي بدلا من فكرة العنف واسع المدى ضد الدولة. فبعضهم يروج للاحتجاجات والمسيرات والاضرابات العامة السلمية، ويرضون عن العنف فقط كدفاع عن النفس في مواجهة التحركات العدوانية التي تقوم بها الدولة لمنع ثورات الاناركيين السلمية. الا ان العديد من الاناركيين الاشتراكيين مثل جماعات الفردويين وجماعات العون المتبادل يفضلون عادة المقاربات الاصلاحية بديلا عن العنف الصريح ويدافعون فقط عن قدر محدود من العنف في ظل شروط مشددة للغاية. الاناركية الاجتماعية المعاصرة غالبا ما تروج لعدم العنف والكفاح السلمي واستخدام العنف فقط في حالات الدفاع عن النفس، ولكنها لا تؤمن بالمقاربات الاصلاحية.
الجدل حول قضية الطبقة
كلا من الماركسيين والاناركيين تستند تحاليلهم للطبقات الاجتماعية على اساس فكرة ان المجتمع ينقسم الى عديد من “الطبقات” المختلفة، لكل واحدة منهن مصالح مختلفة طبقا لشروط وجودها المادي. ولكن الاناركيين والماركسيين يختلفون في اين يمكن لكل منهما رسم الخطوط الفاصلة بين تلك المجموعات الطبقية.
بالنسبة للماركسيين، الطبقتان الاكثر اهمية بالنسبة للتغيير الاجتماعي هما “البرجوازية” (ملاك وسائل الانتاج) و”البروليتاريا” (العمال بالاجر). اعتقد ماركس ان الظروف التاريخية الفريدة التي انشأت طبقة العمال الصناعيين سوف تدفعهم الى تنظيم انفسهم معا والاستيلاء على الدولة ووسائل الانتاج من بين ايدي طبقة البزنس، وتقوم بتحويل الاثنين (الدولة وعلاقات الملكية) الى الشكل التعاوني، من اجل خلق مجتمع لا طبقي يديره العمال من اجل العمال. ماركس يرفض بوضوح لا لبس فيه الفلاحين، و”البرجوازيين الصغار” اصحاب الممتلكات الصغيرة، و”البروليتاريا الرثة” – من العاطلين والطبقات السفلى” – بوصفهم غير قادرين على خلق ثورة.
التحليل الاناركي للطبقة سابق تاريخيا على الماركسية ويتناقض معها. منطق الاناركيين هو انه ليست كامل الطبقة الحاكمة هي التي تهيمن فعلا على الدولة، ولكنها اقلية تشكل جزء من الطبقة الحاكمة (وهكذا تدافع عن مصالحها هي)، ولكن من خلال منظور الاهتمامات الخاصة لهذه الاقلية، وخصوصا هم الاحتفاظ بكرسي السلطة. اقلية من الثوار تستولي على سلطة الدولة وتفرض ارادتها على الشعب سوف تصبح سلطوية بنفس القدر الذي تكون عليه الاقلية الرأسمالية الحاكمة، ولسوف تؤسس نفسها فعليا بوصفها طبقة حاكمة. مثل هذا الوضع تنبأ به باكونين منذ زمن طويل سابق على الثورة الروسية وسقوط الاتحاد السوفيتي .
ايضا وبشكل تقليدي دافع الاناركيون عن ان الثورة الناجحة تحتاج الى دعم الفلاحين وان الثورة تستطيع الحصول على هذا الدعم عن طريق اعادة توزيع الارض على المعدمين منهم وصغار الملاك الفقراء. وبهذا المعنى، يتضح بلا اي لبس ان الاناركيين يرفضون امتلاك الدولة للارض بالارغام، رغم رؤيتهم الايجابية للملكية التعاونية الطوعية وانها اكثر كفاءة ومن هنا دعم الاناركيين لها (فعليا، اثناء الحرب الاهلية الاسبانية اطلق الاناركيون مبادرات لمئات من عمليات انشاء التعاونيات ولكن اقلية صغيرة فقط من هذه التعاونيات امتلكت كامل الارض، وقد اصبح مسموحا للفلاحين الصغار ان يزرعوا مزارعهم الخاصة دون استخدام العمل المأجور).
منطق بعض الاناركيين المعاصرين (خصوصا انصار الباريكون- “اقتصاد المشاركة” ) يقول بأن المجتمع الرأسمالي لديه ثلاث “طبقات” محورية في عملية التغيير الاجتماعي – وليس طبقتان. الاولى هي طبقة العمال (التي تتضمن كل من يدخل بعمله في انتاج او توزيع السلع اضافة الى كثير مما يسمى صناعة “الخدمات”). وبهذا تتضمن هذه الطبقة الفلاحين، المزارعين واصحاب الملكيات الصغيرة، واصحاب البزنس الصغير الذين يعملون مع عمالهم واصحاب الياقات الزرقاء والبيضاء والوردية . الطبقة الثانية هي طبقة المدراء (coordinator) التي تتضمن كل من تصبح طبيعة عمله بشكل اولي تتعلق “بضبط مسار” وادارة عمل الاخرين ويكون ذلك بهدف مصلحة البرجوازية بشكل اولي، وايضا تتعلق بادارة المؤسسات، واعداد وتأسيس الحالة الفكرية الراهنة، او ادارة جهاز الدولة. التعريف الاناركي “لطبقة المدراء ” يتضمن اشخاصا مثل البيروقراطيين، والتكنوقراط، والمدراء ، والاداريين الكبار، ومثقفي الطبقة الوسطى (مثل علماء الاقتصاد، وعلماء السياسة والاجتماع، وعلماء الرياضيات، والفلاسفة، الخ)، وعلماء الطبيعة والقضاة والمحامين وضباط الجيش ومنظمي الاحزاب السياسية والزعماء الخ. واخيرا طبقة النخبة المالكة او “الطبقة الرأسمالية” (والتي تستمد دخلها من خلال سيطرتها على الثروة والارض والملكية والموارد). بل ان هؤلاء الاناركيين يجادلون بالمزيد ان الماركسية تفشل، ولسوف تفشل دائما، لأنها تخلق، وسوف تخلق دائما، ديكتاتورية طبقة المدراء هذه حيث ان “ديكتاتورية البروليتاريا” هي استحالة منطقية. يعتقد البعض ان الماركسية تفشل لان “نمطها الاشتراكي في الانتاج” على المستوى النظري يجعل جهاز الدولة محوريا ويمنحه المكانة والنفوذ مما يجعله بدوره يمنح المكانة والنفوذ لاشخاص من طبقة المدراء هذه ليسيطروا على الدولة ووسائل الانتاج لادارة الطبقة العاملة، متصرفين فعليا بوصفهم طبقة رأسمالية بديلة. ومع ذلك، هذا لا يمثل مشكلة كبيرة امام الماركسيين التحرريين الذين يؤمنون بأن مثل جهاز الدولة هذا يجب ان يعمل من خلال ديموقراطية مشاركة تقودها الطبقة العاملة او حتى في شكل دولة اشبه بدولة الطوائف (Consociational state).
نقاط الاختلاف الرئيسية تتضمن هكذا حقيقة ان الاناركيين لا يميزون بين الفلاحين والبروليتاريا الرثة والبروليتاريا الصناعية وبدلا من ذلك يحددون كل الناس الذين يعملون من اجل تحقيق ربح للاخرين بوصفهم اعضاء في الطبقة العاملة، بغض النظر عن الوظيفة؛ وان الاناركيين يميزون بين النخب الاقتصادية والسياسية التي تضع السياسة ومشاريع الاعمال وبين موظفي الدولة الذين ينفذون هذه السياسات في الوقت الذي يضع الماركسيون المجموعتين في سلة واحدة.
يتهم كلا من الاناركيين والماركسيين بعضهم البعض بأن افكار الاخر تنبع من عقول مثقفي الطبقة الوسطى، بينما يدعي كل منهم ان فكره الخاص ينبع من الطبقة العاملة. فهم يشيرون الى حقيقة ان من ابتدع الماركسية عموما هو حامل لدرجة الدكتوراة، ومدارس الماركسية غالبا ما يطلق عليها اسماء مشتقة من المثقف الذي شكل الحركة من خلال رياضة ذهنية راقية في التنظير الفلسفي والتحليلي. بينما مدارس الاناركية تميل للظهور على اساس مبادئ تنظيمية او شكل من اشكال الممارسة العملية ونادرا (ان لم يكن مطلقا) ما تسمى باسم او تتمحور حول احد الافراد المثقفين. “لدى مدارس الماركسية دائما مؤسسون. وبالضبط، كما أن الماركسية انبثقت من عقل ماركس، فهكذا لدينا اللينينيون Leninists، والماويون Maoists، والالتوسيريون Althusserians. (لاحظ كيف أن القائمة تبدأ برؤساء الدول وتتدرج بلا فواصل حتى تصل إلى أساتذة الجامعات الفرنسيين – الذين بدورهم يستطيعون توليد شيعهم الخاصة: لاكانيون Lacanians، وفوكوديون Foucauldians…). مدارس الأناركية على العكس، تنبثق من بعض أشكال المبادئ التنظيمية أو أشكال الممارسة العملية: النقابيون الأناركيون Anarcho-Syndicalists، الأناركيون الشيوعيون Anarcho-Communists ، والانتفاضويون Insurrectionists ، والبرنامجيون Platformists ، والتعاونيون Cooperatives ، والمجالسيون Councilists ، والفردويون Individualists وهكذا دواليك.”
يدافع الماركسيون عن ان افكارهم ليست ايديولوجيات جديدة ولم تخرج عنوة من فكر المثقفين ولكنها افكار تشكلت من خلال التناقضات الطبقية في كل نمط اقتصادي اجتماعي في التاريخ. هم يدافعون بقولهم ان الاشتراكية الماركسية على وجه اخص نشأت من عقول الطبقة العاملة بسبب التناقض الطبقي للنمط الرأسمالي في الانتاج. بعض الماركسيين موقفهم ايضا ان الاناركية قفزت من افكار البروليتاريا (او حتى البورجوازية الصغيرة) الذين همشتهم الرأسمالية بوصفها كفاح ضد قوى الرأسمالية عشوائي وغشيم ورجعي.
محاور الظلم والاضطهاد الاخرى
التحليل الطبقي الماركسي يؤدي الى نتائج تتعلق بالكيفية التي ينخرط فيها الماركسيون مع حركات التحرر الاخرى في قضايا المرأة والسكان الاصليين وجماعات الاقلية العرقية والاقليات الثقافية مثل المثليين جنسيا. يدعم الماركسيون مثل هذه الحركات التحررية، ليس فقط لانها حركات ذات قيمة في حد ذاتها، ولكن ايضا على ارضية انها حركات ضرورية بالنسبة لثورة الطبقة العاملة، والتي لا يمكن لها ان تنجح دون الوحدة معها. ومع ذلك، يؤمن الماركسيون ان المحاولات التي تقوم بها الجماعات النوعية المضطهدة هذه، على اختلاف مجالاتها، من اجل تحرير نفسها سوف تستمر في الفشل ولا تحقق اهدافها كاملة حتى ينتهي المجتمع الطبقي، ولانه في ظل الرأسمالية والمجتمعات الطبقية الاخرى، السلطة الاجتماعية تستقر على اساس الانتاج.
ينتقد الاناركيون ومعهم اخرون الماركسية لوضعها اولوية للطبقة بهذه الطريقة وينتقدون كذلك تفسير الماركسية لاسباب التغيير التاريخي، ومنطقهم في ذلك ان هذا الموقف الماركسي يخفي انواع اخرى من المظالم الاجتماعية والثقافية، والتي تتواجد لاسباب تتعلق بديناميكياتها الداخلية الخاصة. يرى الاناركيون كل حركات التحرر لهؤلاء المضطهدين حركات مشروعة بشكل اصيل، سواء اكانوا فلاحين ام بروليتاريا، او اخرين، دون الحاجة الى تسكين هذه الحركات في مكان معين بمخطط مسبق للثورة. ومع ذلك، هذا الموقف ليس واحدا عبر كل الحركة الاناركية، فالعديد من الاناركيين يؤمنون ان كفاحات قضية واحدة بمفردها، تصبح محدودة الابعاد للغاية، رغم انهم يشاركونها (مثل الماركسيين) كفاحاتها ويحاولون دفع مواقفها للامام وتحسين اساليب كفاحها بطريقة اناركية.
يميل الماركسيون الى رؤية الناس مشتركين في وعي طبقي معين قائم على اساس الوضع الذي يحتلونه في المجتمع الرأسمالي. يؤمن الماركسيون ان الناس تشترك في مجموعة من القيم والتصورات العقلية الجماعية اقتصادية-اجتماعية وان الحرية تأتي من تحرير الطبقة من قيود وضعها الطبقي، وهكذا يمكننا تمكين المرء الفرد فعليا. الاناركيون من ناحية اخرى يميلون الى رؤية الناس بوصفهم افراد اجتماعيين يعيشون ظرفا مشتركا في المجتمع الرأسمالي، ولكنهم لا يشتركون بالضرورة في وعي طبقي منسجم. يؤمن الاناركيون ان الحرية تنبع من تمكين الفرد حتى يحررون انفسهم من الخضوع والتبعية والطاعة للقوى السلطوية والتراتبية الهرمية، وهكذا يشجعون الافراد على نسج علاقات بشكل حر وجماعي مع بعضهم البعض.
الدين مساحة اخرى للاختلاف بين الاناركيين والماركسين. يرى الماركسيون الدين كاداة برجوازية للهيمنة على عقول الطبقات الدنيا والتبشير للخنوع امام السلطة وقبول الوضع الراهن في مقابل وعود بمكافآت عظيمة في المستقبل. يتفق الاناركيون مع هذا التحليل، ولكنهم لا يعتقدون ان كل الاديان بحكم تكوينها تقوم بهذه الوظيفة. يميل الماركسيون الى تصوير المجتمع الشيوعي الخالي من وجود دولة مجتمعا خال ايضا من وجود الدين، بل انهم احيانا يروجون للعنف ضد رجال الدين والمؤسسات الدينية. رغم ذلك، هناك من الماركسيين الكاثوليك في امريكا اللاتينية الذين يتخذون مواقف ماركسية تحركهم دوافع لاهوت التحرير ومنهم من انضم حتى الى القتال في صفوف رجال حرب العصابات مثل حالة الراهب الكولومبي الشهير كاميليو توريس الذي قاتل في صفوف جيش التحرر الوطني الكولومبي ومات في احد المعارك. يستمر ماركسيون من لاهوت التحرير حتى اليوم في العمل بين صفوف حركة المنظمات الاجتماعية القاعدية كما هي الحالة في حركة الفلاحين بلا ارض البرازيلية. وبينما يروج الاناركيون احيانا للعنف ضد مؤسسات دينية معينة طاغية وسلطوية، فالاناركية اشتهرت تاريخيا انها تتقبل برحابة صدر اكبر الروحانيات الشخصية والاديان التي تدعو للمساواة وتمارسها. ايضا اكتسبت الاناركية تاريخيا دعما اكبر بين الطوائف الدينية وفي اوقات واماكن متنوعة جذبت اشكال اناركية من المسيحية والبوذية والهندوسية والاديان الاخرى عشرات الالاف من الاعضاء. بعض الاناركيون يتصورون مجتمع المستقبل مجتمعا خال من الاديان بينما يتصوره اخرون منهم مجتمعا يحتفظ باشكال مساواتية من الاديان وروحانيات حرة منفتحة.
العلاقة بالسكان الاصليين والامم دون دولة
يختلف الاناركيون والماركسيون فيما بينهما اختلافا بينا في علاقتهم بالسكان الاصليين والاقليات القومية. في البدايات الاولى لكلا الحركتين تنبأ المفكرون من ماركس الى باكونين الى كروبتكين ان الثورة القادمة سوف تكتنس كل التمايزات بين الهويات القومية، وان عمال العالم ليس لديهم “امة”، وان الشكل الطبيعي للاشتراكية كان هو الاممية التي لا تعترف بالحدود ولا تحترمها. ظل هذا هو الموقف الثابت لكل معسكر اليسار المعادي للرأسمالية حتى اوائل القرن العشرين وما زال يمتلك تأثيرا ملموسا في دوائر كلا من الاناركية والماركسية حتى اليوم.
اثناء السنوات التي ادت الى الثورة الروسية، وجد لينين والبلاشفة انه من المناسب قطع وعود بالاستقلال للاقليات القومية من السكان الاصليين العديدين غير الروس الذين يعيشون داخل حدود الامبراطورية القيصرية الشاسعة، خصوصا الاوكرانيين والبولنديين، في مقابل كسب دعمهم ضد القيصر. وفور استيلائهم على السلطة تبخرت كل هذه الوعود وتحطمت كل الحركات القومية في انحاء روسيا كلها وفي انحاء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية فيما بعد وبشكل وحشي، حطمها لينين وتروتسكي وستالين وكل خلفائهم استمروا في نفس السياسة حتى انهيار الاتحاد السوفيتي كوحدة سياسية. في سنوات ما قبل احتدام الحرب العالمية الثانية، تمحورت سياسة الاتحاد السوفيتي الخارجية حول فكرة البلشفية القومية (الاشتراكية في وطن واحد)، عبرها سعت النخبة السياسية البلشفية في روسيا الى تحريض ودعم ثورات شيوعية-قومية في انحاء العالم، ابرزها الثورة في المجر والمانيا، ثم بعدها يقوم المركز بابتلاع المناطق الجديدة المستقلة في كومنولث سوفيتي – وهو الهدف الذي تحقق بعد الحرب العالمية الثانية مع حلف وارسو. فشل محاولة الهبة البلشفية القومية في المانيا عام 1939 عوقت اليسار الالماني، ومهدت الطريق لنهوض النازي واستيلاؤهم على السلطة وكانت الاثار الجانبية لهذه العملية الفاشلة حاسمة في السماح لستالين بالانفراد بسلطة الكرملين وطرد وقتل منافسيه الداخليين. عناصر هذا الفكر استمرت في السياسة الخارجية السوفيتية طوال سنوات الحرب الباردة وساعدت على خلق جاذبية لدعم الحركات الوطنية والمناهضة للامبريالية في انحاء العالم الثالث. وكانت تلك هي ايضا الدوافع التي حكمت معونة روسيا للحزب الشيوعي الصيني اثناء الثورة الصينية، لكن فور استيلاء ماو على السلطة رفض السماح للاتحاد السوفيتي بالسيطرة على السياسة الصينية، مما ادى الى الخلاف مع ستالين الذي تصاعد الى حرب قصيرة بين القوتين. وهو نفس السياق الذي حدث فيما بعد بين الحكام الشيوعيين في الصين وفيتنام.
اثناء الثورة الصينية حدث سياق مواز عندما وعد ماو والحزب الشيوعي الصيني في البداية كل امم الصين العديدة، التي تعيش بلا دولة خاصة بها على ارض الصين الشاسعة ، بالاستقلال وحق تقرير المصير، ثم لم يرفض ماو والحزب الشيوعي الصيني الوفاء بالوعود فور استيلاءهم على السلطة وفقط ولكنهم فعليا قاموا بغزو والحاق التبت، التي كان يعتبرها ماو مقاطعة رجعية. كل الحكومات الشيوعية المتتالية في انحاء العالم اتبعت نفس السياق في اطلاق الوعود اولا للاقليات القومية من السكان الاصليين بحق تقرير المصير من اجل اكتساب تأييدهم ثم المعارضة النشيطة لحقوقهم في تقرير المصير فور استيلاءهم على السلطة. الموقف الثابت الذي لا يلين ولا يتغير، السياسة العامة للحكومات الماركسية بداية من لينين فصاعدا كانت دعم النزعة القومية الثورية وحقوق جماعات الاقلية القومية نظريا ومعارضتها في الممارسة العملية. الاحدث، حركة الساندينستا في نيكاراجوا متهمة، بعد استيلاؤها على السلطة، بتنفيذ حملات تطهير عرقي ضد الشعوب الاصلية في البلاد من اجل الاستيلاء على اراضيهم.
موقف الاناركية هو لحد ما النقيض من ذلك. معظم الاناركيين، تاريخيا وحتى اليوم، يرى في الحدود والتقسيمات القومية امرا مدمرا ويتصورون عالما تتلاشى فيه التمايزات العرقية والعنصرية وتختفي مع الوقت بوصف هذا العالم هو العالم المثال. ومع ذلك، في الممارسة العملية، يقوم بنيان الاناركية على اساس انظمة ذات حجم صغير تتمتع بحق تقرير المصير، والحاكمية المحلية الذاتية، والعون المتبادل الذي يشبع رغبات الاقليات القومية في تقرير مصيرها على اساس من الامر الواقع؛ وبهذا المنوال اصبحت الاناركية تاريخيا متصالحة مع اشكال من القومية المناهضة للدولة. احد ابرز اشكال هذا التعاون بين نزعة الاقليات القومية للاستقلال الذاتي والاناركية كان التعاون مع الحركات التي تناضل من اجل الحكم الذاتي في قطالونيا واقليم الباسك في اسبانيا والذي وجد تعبيرا عنه تحت راية الكونفدرالية الوطنية للعمال اثناء الحرب الاهلية الاسبانية. والاحدث هو محاولة الانصهار الصريح بين الاناركية والتقاليد السياسية للامريكيين الاصليين التي تجد تعبيرا عنها في حركة السكان الاصليين الحديثة (indigenist movement). المنظمات القومية المناهضة للدولة والتي تصف عملها السياسي بصفة الاناركية توجد حاليا في ايرلندا. والعديد من اعضاء حركة الهنود الامريكيين المعاصرة يعتبرون انفسهم اناركيين.

 

 

الأناركية

الدولة والثورة

 

وهكذا تختلف الماركسية عن الاناركية في العديد من الاوجه، الا ان هناك بعض التماثل بين المدرستين في عدد من النقاط الفكرية والمنهجية. تشترك الماركسية مع الاناركية في اهداف طويلة المدى (المجتمع الاشتراكي بلا دولة)، وفي العداء لنفس الخصوم السياسيين (المحافظون واليمينيون واحيانا الليبراليون)، ونفس التحديات البنيوية (الرأسمالية والحكومات القائمة). بل طالما شارك العديد من الماركسيين في ثورات اناركية والعديد من الاناركيين في ثورات ماركسية.
ومع ذلك، يختلف الاناركيون مع الماركسيين في كثير من القضايا الهامة ومنها: الدولة، والبناء الطبقي للمجتمع، ومنهج الحتمية التاريخية.
النموذج الكلاسيكي والدامي فعلا للصدام بين الاناركية والماركسية حدث اثناء الحرب الاهلية الروسية (1918 – 1921) في اوكرانيا: قوات الانصار الماخنويين تعرضت للتدمير والقتل والاعتقال على ايدي الجيش الاحمر البلشفي في الوقت الذي كان يحارب فيه هذان الجيشان معا ضد القوات البيضاء وقوات الغزو الالماني النمساوي؛ وحدث ايضا اثناء الحرب الاهلية الاسبانية 1936: الماركسيون الثوريون من حزب العمال للتوحيد الماركسي (POUM)، والسينديكاليون الاناركيون في كونفدرالية العمل الوطنية (CNT)، واناركيو الفدرالية الاناركية الايبيرية (FAI) ثلاثتهم واجهوا القمع وتعرضوا لهجمات القوات المسلحة للحزب الشيوعي الاسباني والكتيبة الدولية الستالينية في الوقت الذي كان الجميع يحاربون ضد الحركة الفاشية بقيادة الجنرال فرانشيسكو فرانكو. هذا بعيدا عن التشهير بالعمالة للقيصر على غير اساس الذي وجهه ماركس وانجلز اكثر من مرة لباكونين في الاممية الاولى، وتصالحوا بعدها لبعض الوقت. الا انه على الجانب الايجابي، تواجدت تاريخيا حركات هجين طابقت فكريا ما بين المدرستين: مثل حركات الماركسيين التحرريين وانصار التسيير الذاتي.

 

 

الدولة والثورة
وهكذا تختلف الماركسية عن الاناركية في العديد من الاوجه، الا ان هناك بعض التماثل بين المدرستين في عدد من النقاط الفكرية والمنهجية. تشترك الماركسية مع الاناركية في اهداف طويلة المدى (المجتمع الاشتراكي بلا دولة)، وفي العداء لنفس الخصوم السياسيين (المحافظون واليمينيون واحيانا الليبراليون)، ونفس التحديات البنيوية (الرأسمالية والحكومات القائمة). بل طالما شارك العديد من الماركسيين في ثورات اناركية والعديد من الاناركيين في ثورات ماركسية.
ومع ذلك، يختلف الاناركيون مع الماركسيين في كثير من القضايا الهامة ومنها: الدولة، والبناء الطبقي للمجتمع، ومنهج الحتمية التاريخية.
النموذج الكلاسيكي والدامي فعلا للصدام بين الاناركية والماركسية حدث اثناء الحرب الاهلية الروسية (1918 – 1921) في اوكرانيا: قوات الانصار الماخنويين تعرضت للتدمير والقتل والاعتقال على ايدي الجيش الاحمر البلشفي في الوقت الذي كان يحارب فيه هذان الجيشان معا ضد القوات البيضاء وقوات الغزو الالماني النمساوي؛ وحدث ايضا اثناء الحرب الاهلية الاسبانية 1936: الماركسيون الثوريون من حزب العمال للتوحيد الماركسي (POUM)، والسينديكاليون الاناركيون في كونفدرالية العمل الوطنية (CNT)، واناركيو الفدرالية الاناركية الايبيرية (FAI) ثلاثتهم واجهوا القمع وتعرضوا لهجمات القوات المسلحة للحزب الشيوعي الاسباني والكتيبة الدولية الستالينية في الوقت الذي كان الجميع يحاربون ضد الحركة الفاشية بقيادة الجنرال فرانشيسكو فرانكو. هذا بعيدا عن التشهير بالعمالة للقيصر على غير اساس الذي وجهه ماركس وانجلز اكثر من مرة لباكونين في الاممية الاولى، وتصالحوا بعدها لبعض الوقت. الا انه على الجانب الايجابي، تواجدت تاريخيا حركات هجين طابقت فكريا ما بين المدرستين: مثل حركات الماركسيين التحرريين وانصار التسيير الذاتي.
الدولة:
بالنسبة للماركسيين، اي دولة هي بشكل اصيل ديكتاتورية طبقة على باقي الطبقات الاخرى. لذلك، في اطار النظرية الماركسية، فور ما يختفي التمايز بين الطبقات، سوف تختفي الدولة ايضا.
في اشهر مؤلفات لينين بعد قيام الثورة الروسية في فبراير 1917، الدولة والثورة ، يستند لينين بشدة على شروح لافكار ماركس وانجلز، مدافعا عن خطته للاستيلاء بجهاز حزبه السري على سلطة جهاز الدولة الامبراطورية الروسية المتهاوية تحت ضربات جيوش المحور في الحرب العالمية الاولى، وفراغ السلطة الناتج عن الثورة ضد القيصر وخلعه في ثورة فبراير 1917 الشعبية. في هذا الكتاب يستشهد لينين بفقرة كاملة من كتاب فردريك انجلز الاشهر “اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة”، قام هو نفسه بترجمتها عن الالمانية، عن مفهوم الدولة في النظرية الماركسية:
“لذلك، فالدولة بلا أي قصد اخر هي سلطة مفروضة على المجتمع من خارجه؛ بالضبط كما هي اقل من ان تكون “حقيقة الفكرة الاخلاقية‘، و’صورة وحقيقة العقل‘، بنفس القدر الذي يستمر هيجل في وصفها به. بالاحرى، هي نتاج مجتمع وصل الى مرحلة معينة من التطور؛ انها القبول بأن هذا المجتمع قد وقع في حبائل تناقض مع نفسه غير قابل للحل ، وان هذا المجتمع قد انشق في تناقضات لا يمكن تسويتها، ولا يمتلك حولا ولا طولا للتخلص منها. ولكن بسبب هذه التناقضات، تلك الطبقات بمصالحها الاقتصادية المتصارعة، قد لا تستهلك نفسها ولا مجتمعها في صراع لا طائل من وراءه، ويصبح من الضروري ان تمتلك سلطة، تبدو من الظاهر أنها قائمة فوق المجتمع، تقوم بتطبيب اثار هذا الصراع وتخفيف ويلاته والاحتفاظ به داخل حدود ’النظام العام‘؛ وهذه السلطة، التي تخرج من المجتمع ولكن تضع نفسها فوقه، وتغترب بنفسها اكثر فأكثر عنه، هي الدولة “.
وبهذاالاستشهاد يؤكد لينين حجته في مواجهة خصومه، فيقول: “وطبقا لماركس، الدولة هي اداة الحكم الطبقي، اداة لاضطهاد طبقة بواسطة طبقة اخرى؛ انها عملية خلق ’للنظام العام‘، الذي يعطي شرعية وديمومة لهذا الاضطهاد عن طريق التحكم في درجات سخونة واشتعال الصراع بين الطبقات. ومع ذلك، في رأي السياسيين البرجوازيين الصغار[هنا يقصد لينين ماركسيي الدولية الثانية في اوروبا وروسيا]، النظام العام يعني التصالح بين الطبقات، وليس عدم اضطهاد طبقة بواسطة طبقة اخرى؛ وأن تخفف درجة اشتعال الصراع يعني تصالح الطبقات وليس حرمان الطبقات التي تخضع للاضطهاد من وسائل واساليب كفاحية محددة للاطاحة بظالميهم “.
ومع ذلك، هناك بعض التطابق في الاراء بين الاناركيين والماركسيين. يؤمن الاناركيون ان اي دولة سوف تهيمن عليها لا محالة نخبة سياسية اقتصادية، لذلك تتحول الدولة فعليا فتصبح اداة للسيطرة الطبقية.
وعلى خلاف الاناركيين، يؤمن الماركسيون أن القمع الطبقي الناجح دائما ما يتطلب تقريبا طاقة فائقة للعنف هي الدولة، وان المجتمعات السابقة على الاشتراكية كانت تحكمها طبقات اقلية، لذلك في النظرية الماركسية اي دولة غير اشتراكية تمتلك نفس الخصائص التي ينسبها الاناركيون والاخرون لكل شكل من اشكال الدولة.
المرحلة الانتقالية
تقود نظرية الدولة مباشرة الى السؤال العملي عما يكون عليه شكل المرحلة الانتقالية الى مجتمع حر بلا دولة في رأي كلا من الاناركيين والماركسيين بوصف هذا المجتمع هو الهدف النهائي لكلا منهما.
يؤمن الماركسيون ان الانتقال الناجح للمجتمع الشيوعي المتحرر من الدولة يتطلب قمع الرأسماليين وإلا فإنهم سوف يعيدون تأسيس سيطرتهم الخاصة بعد ان يستجمعوا قواهم مرة اخرى، ولذلك يرى الماركسيون ضرورة لوجود دولة في شكل ما يديرها العمال (ديكتاتورية البروليتاريا) لتأمين المرحلة الانتقالية. يعارض الاناركيون هذا المنطق بقولهم ان “دولة العمال” التي يدافع عنها الماركسيون هي استحالة منطقية، حيث انه فور ان تبدأ اي جماعة في الحكم بواسطة جهاز الدولة، فانهم يتوقفون عن كونهم عمال (هذا اذا كانوا كذلك من الاصل) ويتحولون الى طغاة. ايضا انتقد معظم الاناركيين فكرة ديكتاتورية البروليتاريا على كل من المستوى النظرى والتاريخي. بشكل اساسي، ما يقال لدحضها هو انها ليست الطبقة التي تستولى على السلطة ولكنها الاقلية، اي الحزب بالمعنى اللينيني، وبهذا الشكل تصبح ديكتاتورية ضد البروليتاريا. انهم يشيرون الى التدابير التي اتخذها لينين وتروتسكي وستالين اثناء الثورة الروسية منذ البدايات الاولى عام 1917 كدليل على ذلك. يدعم الاناركيون حججهم بالاشارة الى طبيعة الاتحاد السوفيتي الغير ديموقراطية وطبيعة الدول الاخرى التي تميز نفسها بأنها “ماركسية”، بينما يدعم الماركسيون حججهم بالاشارة الى هزيمة الثورات التي قادها الاناركيون مثل هزيمتهم ابان الحرب الاهلية الاسبانية.
لذلك كلا من الاناركيين والماركسيين يرغبون في “سحق” الدول القائمة. بعد “تحطيم” الدولة، يسعى الماركسيون الى استبدالها فورا بدولة عمال، اي بديكتاتورية البروليتاريا، او تنظيم العمال كطبقة حاكمة. من هذه النقطة، كما عبر عنها فردريك انجلز، سوف تبدأ دولة العمال في الافول. وفي الاخير تتوقف عن الوجود عندما ينهزم التناقض الطبقي تماما. من الناحية الاخرى، يشعر الاناركيون ان اي اعادة خلق لاي نوع من الدولة سوف يضع السلطة في ايدي اقلية ضئيلة، ولسوف يستمر بعدها قمع الدولة. يرد عديد من الماركسيين على ذلك بقولهم ان القمع المنظم والمركزي ضد الطبقة الرأسمالية سوف يكون ضروريا بشكل مطلق، وان البروليتاريا تستطيع تحقيق ذلك على اكمل وجه عن طريق استخدام الدولة. يندمج الموقف الماركسي مع موقف الاناركية في احد نهايات الطيف، حيث ان الاناركيين لا يتفقون بين انفسهم حول اذا ما كان نظاما لمجالس العمال الديموقراطية يحتكر العنف هو نفسه شكل من اشكال الدولة ام لا، بينما يختلف الماركسيون بين بعضهم البعض اختلافا واسعا على الشكل الذي تتخذه ديكتاتورية البروليتاريا.
الاحزاب السياسية
مسألة الاستيلاء على السلطة تستدعي معها مسألة الاحزاب السياسية، وهي ايضا القضية التي تفرق بين الاناركيين والماركسيين. معظم الماركسيين يرون في الاحزاب السياسية ادوات مفيدة بل انها حتى بالنسبة لهم اداة ضرورية للاستيلاء على السلطة، حيث انهم يرون ان الجهود التي يتم تنسيقها بشكل مركزي هي امر ضروري لهزيمة الرأسمالية ودولتها هزيمة تامة؛ وإن الاحزاب ضرورية ايضا من اجل تأسيس هيئة قادرة على الاحتفاظ بالسلطة.
باختصار يمثل الحزب عند الماركسيين فكرة الطليعة السياسية التي استخدمت بشكل واسع ورحب جدا في القرن التاسع عشر لوصف أي فرد، يعتبر من وجه نظر ما، ساعيا لاكتشاف طريق يؤدي إلى مجتمع مستقبلي حر. صك هنري دو سان سيمون مصطلح ’الطليعة‘ في سلسلة من مؤلفاته كتبها في أخريات أيام حياته. وحذا حذوه هذا الذي كان في احد الأوقات سكرتيره واحد حوارييه (وفيما بعد، أنكى منافسيه، أوجست كونت)؛ سان سيمون كان يكتب في ظل الثورة الفرنسية، وكان يسأل بالأساس ما هو الخطأ الذي وقع: انتقال مجتمع العصور الوسطى الإقطاعي الكاثوليكي إلى مجتمع ديموقراطي صناعي عصري لماذا يؤدي هذا الانتقال إلى إنتاج كل هذا العنف والانخلاع الاجتماعي الهائل؟ رأى سان سيمون في الفنانين طليعة مجتمعه الجديد بينما رأى اوجست كونت في العلماء طليعة مجتمعه الفاضل.
الا انه ماركس، هو الذي بدأ في إحداث تغيير له وزنه لمعنى الطليعة عن طريق تقديم فكرته القائلة بأن البروليتاريا هي الطبقة الوحيدة الثورية حقا لأنها ليس لديها ما تخسره عند الغاء الطبقات – هو لم يستخدم حرفيا مصطلح “الطليعة” في كتاباته. والنتيجة، “نعرفها جميعا! فكرة حزب الطليعة الذي ينذر نفسه لكلا من تنظيم هذه الطبقة الأكثر اضطهادا المختارة كوسيط لحركة التاريخ ومن اجل منحها مشروعا فكريا، ولكنه أيضا، حزب الطليعة الذي ينذر نفسه لإشعال شرارة الثورة من خلال استعداده لاستخدام العنف، هذه الفكرة أوضحها لأول مرة لينين في 1902 في كتابه ’ما العمل؟‘ وتردد صداها إلى ما لا نهاية منذ ذلك الحين “.
ففي وقت كتابته “ما العمل؟”، كان لينين شابا روسيا مهاجرا عاد من منفاه في سيبريا ويعيش في جنيف بسويسرا. كتاباته في الصحيفة الروسية الاشتراكية الديموقراطية “الايسكرا” (الشعلة)، وضعته في مركز الجدل المحتدم في ذلك الوقت بين الدوائر الماركسية الاوروبية حول افكار ادوارد برنشتاين “المراجعة او النقدية” للماركسية. كانت المشكلة اكثر الحاحا بالنسبة للينين الشاب حيث ان الماركسيين الروس المنفيين، المعروفين باسم الاقتصاديين، كانوا يدافعون عن افكار برنشتاين بحجة ان الحزب الديموقراطي الاجتماعي الروسي يجب ان يركز على العمل الشرعي الذي يستهدف التحسن الاقتصادي للطبقة العاملة الروسية. رد لينين على ذلك كان جدلا كلاميا ساخنا وضع فيه الخطوط العريضة للحزب الثوري الماركسي، كتاب “ما العمل”.
يشرح لينين هذا المشهد بقوله: “ليس سرا ان هناك تياران قد تكونا في الاممية الاشتراكية الديموقراطية اليوم. يشتعل لهيب الصراع بين هذين التيارين الان، وتتحول اوراق “قرارات الهدنة” الى رماد ودخان. جوهر الاتجاه الجديد، والذي يتبنى اتجاها “نقديا” ضد “التحجر العقائدي البائد” للماركسية، يعرضه برنشتاين بما يكفي من وضوح، ويعلنه ميليران” .
تيار “المراجعة – نقد الماركسية” الذي تزعمه برنشتاين احاط نفسه ببطارية كاملة من “الحجج المنطقية”، ورفض فكرة الافقار المتنامي واشتداد التناقضات داخل المجتمع الرأسمالي، ولم ير تناقضا من حيث المبدأ بين الاشتراكية والليبرالية. ومن هنا رفض هذا التيار المراجع فكرة الصراع الطبقي وبالتالي ديكتاتورية البروليتاريا على ارضية انه لا يمكن تطبيقها على مجتمع ديموقراطي بشكل خاص لأن الحكم فيه يتم طبقا لارادة الاغلبية. وهي النتيجة التي رأى لينين فيها “ليس اكثر ولا اقل من تنويعة جديدة من الانتهازية”… وان ما تتدعيه من “حرية الانتقاد” هو الحرية في تحويل الاشتراكية الديموقراطية الى حزب ديموقراطي للاصلاحات الاجتماعية.
ومن هنا جاءت اول اسس اللينينية: “دون نظرية ثورية لا يمكن ان تكون هناك حركة ثورية… دور مناضلي الطليعة لا يمكن الوفاء به الا بواسطة حزب ترشده اكثر النظريات تقدما” …
حجر الاساس الثاني في اللينينية كانت مقدماته تحليل لينين للاضرابات العمالية في سان بطرسبورج التي حدثت بشكل منهجي خلال تسعينات القرن التاسع عشر في سان بطرسبرج. في نظر لينين، كانت هذه الاضرابات في حد ذاتها، ببساطة كفاح نقابي، تمثل علامة على استيقاظ التناقضات بين العمال واصحاب العمل، ولكن لم يصبح العمال بعد، ولا يمكنهم ان يكونوا على وعي بالتناقضات التي لا يمكن حلها بين مصالحهم وبين كامل النظام السياسي والاجتماعي الحديث. بهذا المعنى، حكم لينين على اضرابات التسعينات، رغم التقدم الهائل الذي تمثله مقارنة “بالتمردات” المبكرة، بأنها “تظل حركة عفوية صرف”.
ترى اللينينية انه لا يمكن ان ينشأ وعي اشتراكي ديموقراطي وسط العمال من تلقاء انفسهم، بل يجب ان يجلب اليهم هذا الوعي من خارجهم: “تاريخ كل البلدان يظهر ان الطبقة العاملة، من خلال جهودها هي الحصرية، لا تستطيع سوى تطوير وعيا نقابيا فقط، اي، الاقتناع بضرورة الاتحاد والتجمع في نقابات، ومحاربة اصحاب العمل والسعي الحثيث لاجبار الحكومات على تمرير القوانين الضرورية لتشريعات العمل، الخ.
“…مذهب الاشتراكية الديموقراطية النظري نهض بشكل مستقل تماما عن النمو العفوي لحركة الطبقة العاملة، نهض كنتيجة طبيعية وحتمية لتطور الفكر وسط النخبة المثقفة الاشتراكية الثورية… ومن هنا، لدينا كل من النهوض العفوي لجماهير العمال، النهوض لحياة واعية وكفاح واع، ولدينا شباب ثوري، مسلح بالنظرية الاشتراكية الديموقراطية، شغوف لبناء اتصال بالعمال… ”
وبالتالي يصل لينين الى اكتشافه المؤسس وهو الحزب الثوري: “الكفاح السياسي للاشتراكية الديموقراطية هو كفاح اكثر تكثيفا واكثر تركيبا بكثير من الكفاح الاقتصادي للعمال ضد اصحاب العمل والحكومة. وبالمثل (فعليا لهذا السبب)، تنظيم حزب اشتراكي ديموقراطي ثوري يجب ان يكون حتميا نوع مختلف عن شكل تنظيم العمال من اجل كفاحهم الاقتصادي هذا…
“انا اشدد على:
1) لا يمكن لحركة ثورية ان تتحمل الصعاب وتبقى دون وجود منظمة ثابتة من قادة يضمنون الاستمرار؛
2) كلما جذب الكفاح العفوي جماهير اعرض، لتشكل اساس الحركة ولتشارك فيها، كلما كانت الحاجة اكثر الحاحا لمثل هذه المنظمة، وكلما كانت الحاجة اعظم لمنظمة متماسكة…؛
3) وأن مثل هذه المنظمة يجب ان تتشكل من اناس منخرطين بشكل محترف في النشاط الثوري؛
4) وانه في دولة استبدادية الحكم، كلما حصرنا عضوية مثل هذه المنظمة اكثر في الناس المنخرطين باحتراف في العمل الثوري والمدربين بشكل محترف على اساليب مكافحة البوليس السياسي، كلما كان اصعب اجتثاث هذه المنظمة وتدميرها؛
5) وبالتالي كان عدد افراد الطبقة العاملة والطبقات الاخرى من المجتمع، الذين سوف يستطيعون الانضمام الى الحركة والقيام بالعمل الايجابي فيها، اعظم… ”
يرى الاناركيون في منظماتهم النقيض من الجماعات الماركسية المغلقة. ففي رأيهم اهتمام الأحزاب “المركزية الديموقراطية” الاكبر ينصب على بلورة تحليل نظرى صحيح وتام، وبناء عليه تطلب هذه المنظمات من اعضائها توحدا ايديولوجيا صارما، وتميل إلى استكمال رؤيتها التفصيلية للمستقبل، بممارسات سلطوية متطرفة داخل التنظيم فى الوقت الحاضر. بينما المنظمات التى يتحدث عنها معظم الاناركيين تتخذ شكل المجالس او الفدراليات او الكونفدراليات تمارس الديموقراطية المباشرة وتسعى لخلق اليات تحقيق الاجماع والتوافق وتبحث عن التعددية بشكل مفتوح. الجدل داخل منظماتهم هذه يركز دائما حول جولات بعينها من الحركة؛ فمن المسلم به عندهم انه لن يستطيع أى احد أبدا ان يحول أحدا أخر إلى وجهة نظره بالكامل. قد يكون الشعار، “لو أنت على استعداد للتصرف كأناركى في هذا الاتجاه فى هذه اللحظة، فرؤيتك طويلة المدى هى شأنك الخاص تماما”. يقول جريبر: “وهذا فقط يبدو معقولا: فلا احد منا يعرف إلى أى مدى سوف تأخذنا هذه المبادئ فعلا، ولا أى تركيب مجتمعى مبنى على أساس هذه الافكار سوف تبدو صورته النهائية الفعلية”. اما بالنسبة لقضية الطليعة او النخبة المثقفة والجماهير، فهم يطرحونها على نحو مختلف نوعيا، “أن التحالفات الثورية تميل دائما للارتكان إلى نوع من الأحلاف بين عناصر المجتمع ’الأقل اغترابا‘ والعناصر ’الأكثر تعرضا للاضطهاد‘. ونستطيع القول، أن الثورات الفعلية مالت للحدوث عندما تداخلت هاتان الشريحتان الاجتماعيتان مع بعضهما البعض بشكل واسع “. وهم يصرون على عدم اعطاء اي وضع خاص متميز للبروليتاريا من خلال سؤال يطرحونه وهو، “لماذا تقريبا يبدو دائما أن الفلاحين والحرفيين، وحتى لدرجة اكبر، العمال الصناعيين الذين كانوا فلاحين وحرفيين منذ وقت قريب، هم الذين أطاحوا فعلا بالأنظمة الرأسمالية؛ وليس أولئك الذين يتعيشون منذ أجيال على العمل المأجور “.
ومع ذلك، يختلف الماركسيون بين بعضهم البعض حول ما اذا كان للحزب الثوري ان يشارك في الانتخابات البرجوازية ام لا، واي دور يجب ان يلعبه الحزب بعد الثورة، وكيف يجب تنظيم هذا الحزب. من ناحية اخرى، يرفض الاناركيون بشكل عام المشاركة في الحكومات، ولهذا هم لا يشكلون احزابا سياسية، حيث انهم يرون اي هيكل ذو بناء هرمي يمتلك ميلا اصيلا نحو التحول الى كيان سلطوي وظالم. الا ان الكثير منهم ينتظمون سياسيا على اساس الديموقراطية المباشرة والفدرالية من اجل المشاركة بشكل اكثر فعالية في الكفاحات الجماهيرية وقيادة الناس نحو الثورة الاشتراكية (عن طريق ضرب النموذج ونشر الافكار).
العنف والثورة
هناك سؤال اخر يتعلق بقوة بنظرية الدولة وهو اذا ما كان استخدام العنف الواسع المنهجي امرا مقبولا ام لا؟ وكيف يتم تطبيق هذا العنف من اجل تحقيق الثورة الناجحة. منطق الاناركيين هو ان كل الدول هي دول “غير شرعية” لأن كل الدول تركن الى استخدام العنف المنهجي، في الوقت الذي ترى فيه الاناركية ان استخدام العنف على نطاق ضيق او حتى استخدام عمليات الاغتيال الذي يستهدف النخب الاجرامية قد يكون مفيدا او حتى ضروريا في بعض الظروف (الدعاية بواسطة الفعل)، اما استخدام العنف الجماعي ضد الناس العاديين – مثل ذلك الذي مارسه ستالين في عمليات التطهير الكبرى، او بواسطة ماو في الثورة الثقافية – هو امر غير مقبول ابدا وغير مبرر. معظم الماركسيين يقدمون منطقا يطرح ان العنف الواسع المدى هو امر مشروع وهكذا “الحرب العادلة” هي امر ممكن، على الاقل في ظروف محددة كالدفاع الجماعي عن النفس، مثلا ضد محاولة انقلاب او ضد غزو امبريالي. وبعض الماركسيين خصوصا الستالينيون يزيدون في منطق استخدام العنف الواسع المدى بقولهم عموما “ان الغاية تبرر الوسيلة”، وهكذا نظريا اي درجة من العنف واهراق الدماء قد تكون مبررة من اجل تحقيق الشيوعية.
من الناحية الاخرى، بعض الاناركيين يرتقون بفكرة الدفاع الجماعي بدلا من فكرة العنف واسع المدى ضد الدولة. فبعضهم يروج للاحتجاجات والمسيرات والاضرابات العامة السلمية، ويرضون عن العنف فقط كدفاع عن النفس في مواجهة التحركات العدوانية التي تقوم بها الدولة لمنع ثورات الاناركيين السلمية. الا ان العديد من الاناركيين الاشتراكيين مثل جماعات الفردويين وجماعات العون المتبادل يفضلون عادة المقاربات الاصلاحية بديلا عن العنف الصريح ويدافعون فقط عن قدر محدود من العنف في ظل شروط مشددة للغاية. الاناركية الاجتماعية المعاصرة غالبا ما تروج لعدم العنف والكفاح السلمي واستخدام العنف فقط في حالات الدفاع عن النفس، ولكنها لا تؤمن بالمقاربات الاصلاحية.
الجدل حول قضية الطبقة
كلا من الماركسيين والاناركيين تستند تحاليلهم للطبقات الاجتماعية على اساس فكرة ان المجتمع ينقسم الى عديد من “الطبقات” المختلفة، لكل واحدة منهن مصالح مختلفة طبقا لشروط وجودها المادي. ولكن الاناركيين والماركسيين يختلفون في اين يمكن لكل منهما رسم الخطوط الفاصلة بين تلك المجموعات الطبقية.
بالنسبة للماركسيين، الطبقتان الاكثر اهمية بالنسبة للتغيير الاجتماعي هما “البرجوازية” (ملاك وسائل الانتاج) و”البروليتاريا” (العمال بالاجر). اعتقد ماركس ان الظروف التاريخية الفريدة التي انشأت طبقة العمال الصناعيين سوف تدفعهم الى تنظيم انفسهم معا والاستيلاء على الدولة ووسائل الانتاج من بين ايدي طبقة البزنس، وتقوم بتحويل الاثنين (الدولة وعلاقات الملكية) الى الشكل التعاوني، من اجل خلق مجتمع لا طبقي يديره العمال من اجل العمال. ماركس يرفض بوضوح لا لبس فيه الفلاحين، و”البرجوازيين الصغار” اصحاب الممتلكات الصغيرة، و”البروليتاريا الرثة” – من العاطلين والطبقات السفلى” – بوصفهم غير قادرين على خلق ثورة.
التحليل الاناركي للطبقة سابق تاريخيا على الماركسية ويتناقض معها. منطق الاناركيين هو انه ليست كامل الطبقة الحاكمة هي التي تهيمن فعلا على الدولة، ولكنها اقلية تشكل جزء من الطبقة الحاكمة (وهكذا تدافع عن مصالحها هي)، ولكن من خلال منظور الاهتمامات الخاصة لهذه الاقلية، وخصوصا هم الاحتفاظ بكرسي السلطة. اقلية من الثوار تستولي على سلطة الدولة وتفرض ارادتها على الشعب سوف تصبح سلطوية بنفس القدر الذي تكون عليه الاقلية الرأسمالية الحاكمة، ولسوف تؤسس نفسها فعليا بوصفها طبقة حاكمة. مثل هذا الوضع تنبأ به باكونين منذ زمن طويل سابق على الثورة الروسية وسقوط الاتحاد السوفيتي .
ايضا وبشكل تقليدي دافع الاناركيون عن ان الثورة الناجحة تحتاج الى دعم الفلاحين وان الثورة تستطيع الحصول على هذا الدعم عن طريق اعادة توزيع الارض على المعدمين منهم وصغار الملاك الفقراء. وبهذا المعنى، يتضح بلا اي لبس ان الاناركيين يرفضون امتلاك الدولة للارض بالارغام، رغم رؤيتهم الايجابية للملكية التعاونية الطوعية وانها اكثر كفاءة ومن هنا دعم الاناركيين لها (فعليا، اثناء الحرب الاهلية الاسبانية اطلق الاناركيون مبادرات لمئات من عمليات انشاء التعاونيات ولكن اقلية صغيرة فقط من هذه التعاونيات امتلكت كامل الارض، وقد اصبح مسموحا للفلاحين الصغار ان يزرعوا مزارعهم الخاصة دون استخدام العمل المأجور).
منطق بعض الاناركيين المعاصرين (خصوصا انصار الباريكون- “اقتصاد المشاركة” ) يقول بأن المجتمع الرأسمالي لديه ثلاث “طبقات” محورية في عملية التغيير الاجتماعي – وليس طبقتان. الاولى هي طبقة العمال (التي تتضمن كل من يدخل بعمله في انتاج او توزيع السلع اضافة الى كثير مما يسمى صناعة “الخدمات”). وبهذا تتضمن هذه الطبقة الفلاحين، المزارعين واصحاب الملكيات الصغيرة، واصحاب البزنس الصغير الذين يعملون مع عمالهم واصحاب الياقات الزرقاء والبيضاء والوردية . الطبقة الثانية هي طبقة المدراء (Coordinator) التي تتضمن كل من تصبح طبيعة عمله بشكل اولي تتعلق “بضبط مسار” وادارة عمل الاخرين ويكون ذلك بهدف مصلحة البرجوازية بشكل اولي، وايضا تتعلق بادارة المؤسسات، واعداد وتأسيس الحالة الفكرية الراهنة، او ادارة جهاز الدولة. التعريف الاناركي “لطبقة المدراء ” يتضمن اشخاصا مثل البيروقراطيين، والتكنوقراط، والمدراء ، والاداريين الكبار، ومثقفي الطبقة الوسطى (مثل علماء الاقتصاد، وعلماء السياسة والاجتماع، وعلماء الرياضيات، والفلاسفة، الخ)، وعلماء الطبيعة والقضاة والمحامين وضباط الجيش ومنظمي الاحزاب السياسية والزعماء الخ. واخيرا طبقة النخبة المالكة او “الطبقة الرأسمالية” (والتي تستمد دخلها من خلال سيطرتها على الثروة والارض والملكية والموارد). بل ان هؤلاء الاناركيين يجادلون بالمزيد ان الماركسية تفشل، ولسوف تفشل دائما، لأنها تخلق، وسوف تخلق دائما، ديكتاتورية طبقة المدراء هذه حيث ان “ديكتاتورية البروليتاريا” هي استحالة منطقية. يعتقد البعض ان الماركسية تفشل لان “نمطها الاشتراكي في الانتاج” على المستوى النظري يجعل جهاز الدولة محوريا ويمنحه المكانة والنفوذ مما يجعله بدوره يمنح المكانة والنفوذ لاشخاص من طبقة المدراء هذه ليسيطروا على الدولة ووسائل الانتاج لادارة الطبقة العاملة، متصرفين فعليا بوصفهم طبقة رأسمالية بديلة. ومع ذلك، هذا لا يمثل مشكلة كبيرة امام الماركسيين التحرريين الذين يؤمنون بأن مثل جهاز الدولة هذا يجب ان يعمل من خلال ديموقراطية مشاركة تقودها الطبقة العاملة او حتى في شكل دولة اشبه بدولة الطوائف (Consociational State).
نقاط الاختلاف الرئيسية تتضمن هكذا حقيقة ان الاناركيين لا يميزون بين الفلاحين والبروليتاريا الرثة والبروليتاريا الصناعية وبدلا من ذلك يحددون كل الناس الذين يعملون من اجل تحقيق ربح للاخرين بوصفهم اعضاء في الطبقة العاملة، بغض النظر عن الوظيفة؛ وان الاناركيين يميزون بين النخب الاقتصادية والسياسية التي تضع السياسة ومشاريع الاعمال وبين موظفي الدولة الذين ينفذون هذه السياسات في الوقت الذي يضع الماركسيون المجموعتين في سلة واحدة.
يتهم كلا من الاناركيين والماركسيين بعضهم البعض بأن افكار الاخر تنبع من عقول مثقفي الطبقة الوسطى، بينما يدعي كل منهم ان فكره الخاص ينبع من الطبقة العاملة. فهم يشيرون الى حقيقة ان من ابتدع الماركسية عموما هو حامل لدرجة الدكتوراة، ومدارس الماركسية غالبا ما يطلق عليها اسماء مشتقة من المثقف الذي شكل الحركة من خلال رياضة ذهنية راقية في التنظير الفلسفي والتحليلي. بينما مدارس الاناركية تميل للظهور على اساس مبادئ تنظيمية او شكل من اشكال الممارسة العملية ونادرا (ان لم يكن مطلقا) ما تسمى باسم او تتمحور حول احد الافراد المثقفين. “لدى مدارس الماركسية دائما مؤسسون. وبالضبط، كما أن الماركسية انبثقت من عقل ماركس، فهكذا لدينا اللينينيون Leninists، والماويون Maoists، والالتوسيريون Althusserians. (لاحظ كيف أن القائمة تبدأ برؤساء الدول وتتدرج بلا فواصل حتى تصل إلى أساتذة الجامعات الفرنسيين – الذين بدورهم يستطيعون توليد شيعهم الخاصة: لاكانيون Lacanians، وفوكوديون Foucauldians…). مدارس الأناركية على العكس، تنبثق من بعض أشكال المبادئ التنظيمية أو أشكال الممارسة العملية: النقابيون الأناركيون Anarcho-Syndicalists، الأناركيون الشيوعيون Anarcho-Communists ، والانتفاضويون Insurrectionists ، والبرنامجيون Platformists ، والتعاونيون Cooperatives ، والمجالسيون Councilists ، والفردويون Individualists وهكذا دواليك.”
يدافع الماركسيون عن ان افكارهم ليست ايديولوجيات جديدة ولم تخرج عنوة من فكر المثقفين ولكنها افكار تشكلت من خلال التناقضات الطبقية في كل نمط اقتصادي اجتماعي في التاريخ. هم يدافعون بقولهم ان الاشتراكية الماركسية على وجه اخص نشأت من عقول الطبقة العاملة بسبب التناقض الطبقي للنمط الرأسمالي في الانتاج. بعض الماركسيين موقفهم ايضا ان الاناركية قفزت من افكار البروليتاريا (او حتى البورجوازية الصغيرة) الذين همشتهم الرأسمالية بوصفها كفاح ضد قوى الرأسمالية عشوائي وغشيم ورجعي.
محاور الظلم والاضطهاد الاخرى
التحليل الطبقي الماركسي يؤدي الى نتائج تتعلق بالكيفية التي ينخرط فيها الماركسيون مع حركات التحرر الاخرى في قضايا المرأة والسكان الاصليين وجماعات الاقلية العرقية والاقليات الثقافية مثل المثليين جنسيا. يدعم الماركسيون مثل هذه الحركات التحررية، ليس فقط لانها حركات ذات قيمة في حد ذاتها، ولكن ايضا على ارضية انها حركات ضرورية بالنسبة لثورة الطبقة العاملة، والتي لا يمكن لها ان تنجح دون الوحدة معها. ومع ذلك، يؤمن الماركسيون ان المحاولات التي تقوم بها الجماعات النوعية المضطهدة هذه، على اختلاف مجالاتها، من اجل تحرير نفسها سوف تستمر في الفشل ولا تحقق اهدافها كاملة حتى ينتهي المجتمع الطبقي، ولانه في ظل الرأسمالية والمجتمعات الطبقية الاخرى، السلطة الاجتماعية تستقر على اساس الانتاج.
ينتقد الاناركيون ومعهم اخرون الماركسية لوضعها اولوية للطبقة بهذه الطريقة وينتقدون كذلك تفسير الماركسية لاسباب التغيير التاريخي، ومنطقهم في ذلك ان هذا الموقف الماركسي يخفي انواع اخرى من المظالم الاجتماعية والثقافية، والتي تتواجد لاسباب تتعلق بديناميكياتها الداخلية الخاصة. يرى الاناركيون كل حركات التحرر لهؤلاء المضطهدين حركات مشروعة بشكل اصيل، سواء اكانوا فلاحين ام بروليتاريا، او اخرين، دون الحاجة الى تسكين هذه الحركات في مكان معين بمخطط مسبق للثورة. ومع ذلك، هذا الموقف ليس واحدا عبر كل الحركة الاناركية، فالعديد من الاناركيين يؤمنون ان كفاحات قضية واحدة بمفردها، تصبح محدودة الابعاد للغاية، رغم انهم يشاركونها (مثل الماركسيين) كفاحاتها ويحاولون دفع مواقفها للامام وتحسين اساليب كفاحها بطريقة اناركية.
يميل الماركسيون الى رؤية الناس مشتركين في وعي طبقي معين قائم على اساس الوضع الذي يحتلونه في المجتمع الرأسمالي. يؤمن الماركسيون ان الناس تشترك في مجموعة من القيم والتصورات العقلية الجماعية اقتصادية-اجتماعية وان الحرية تأتي من تحرير الطبقة من قيود وضعها الطبقي، وهكذا يمكننا تمكين المرء الفرد فعليا. الاناركيون من ناحية اخرى يميلون الى رؤية الناس بوصفهم افراد اجتماعيين يعيشون ظرفا مشتركا في المجتمع الرأسمالي، ولكنهم لا يشتركون بالضرورة في وعي طبقي منسجم. يؤمن الاناركيون ان الحرية تنبع من تمكين الفرد حتى يحررون انفسهم من الخضوع والتبعية والطاعة للقوى السلطوية والتراتبية الهرمية، وهكذا يشجعون الافراد على نسج علاقات بشكل حر وجماعي مع بعضهم البعض.
الدين مساحة اخرى للاختلاف بين الاناركيين والماركسين. يرى الماركسيون الدين كاداة برجوازية للهيمنة على عقول الطبقات الدنيا والتبشير للخنوع امام السلطة وقبول الوضع الراهن في مقابل وعود بمكافآت عظيمة في المستقبل. يتفق الاناركيون مع هذا التحليل، ولكنهم لا يعتقدون ان كل الاديان بحكم تكوينها تقوم بهذه الوظيفة. يميل الماركسيون الى تصوير المجتمع الشيوعي الخالي من وجود دولة مجتمعا خال ايضا من وجود الدين، بل انهم احيانا يروجون للعنف ضد رجال الدين والمؤسسات الدينية. رغم ذلك، هناك من الماركسيين الكاثوليك في امريكا اللاتينية الذين يتخذون مواقف ماركسية تحركهم دوافع لاهوت التحرير ومنهم من انضم حتى الى القتال في صفوف رجال حرب العصابات مثل حالة الراهب الكولومبي الشهير كاميليو توريس الذي قاتل في صفوف جيش التحرر الوطني الكولومبي ومات في احد المعارك. يستمر ماركسيون من لاهوت التحرير حتى اليوم في العمل بين صفوف حركة المنظمات الاجتماعية القاعدية كما هي الحالة في حركة الفلاحين بلا ارض البرازيلية. وبينما يروج الاناركيون احيانا للعنف ضد مؤسسات دينية معينة طاغية وسلطوية، فالاناركية اشتهرت تاريخيا انها تتقبل برحابة صدر اكبر الروحانيات الشخصية والاديان التي تدعو للمساواة وتمارسها. ايضا اكتسبت الاناركية تاريخيا دعما اكبر بين الطوائف الدينية وفي اوقات واماكن متنوعة جذبت اشكال اناركية من المسيحية والبوذية والهندوسية والاديان الاخرى عشرات الالاف من الاعضاء. بعض الاناركيون يتصورون مجتمع المستقبل مجتمعا خال من الاديان بينما يتصوره اخرون منهم مجتمعا يحتفظ باشكال مساواتية من الاديان وروحانيات حرة منفتحة.
العلاقة بالسكان الاصليين والامم دون دولة
يختلف الاناركيون والماركسيون فيما بينهما اختلافا بينا في علاقتهم بالسكان الاصليين والاقليات القومية. في البدايات الاولى لكلا الحركتين تنبأ المفكرون من ماركس الى باكونين الى كروبتكين ان الثورة القادمة سوف تكتنس كل التمايزات بين الهويات القومية، وان عمال العالم ليس لديهم “امة”، وان الشكل الطبيعي للاشتراكية كان هو الاممية التي لا تعترف بالحدود ولا تحترمها. ظل هذا هو الموقف الثابت لكل معسكر اليسار المعادي للرأسمالية حتى اوائل القرن العشرين وما زال يمتلك تأثيرا ملموسا في دوائر كلا من الاناركية والماركسية حتى اليوم.
اثناء السنوات التي ادت الى الثورة الروسية، وجد لينين والبلاشفة انه من المناسب قطع وعود بالاستقلال للاقليات القومية من السكان الاصليين العديدين غير الروس الذين يعيشون داخل حدود الامبراطورية القيصرية الشاسعة، خصوصا الاوكرانيين والبولنديين، في مقابل كسب دعمهم ضد القيصر. وفور استيلائهم على السلطة تبخرت كل هذه الوعود وتحطمت كل الحركات القومية في انحاء روسيا كلها وفي انحاء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية فيما بعد وبشكل وحشي، حطمها لينين وتروتسكي وستالين وكل خلفائهم استمروا في نفس السياسة حتى انهيار الاتحاد السوفيتي كوحدة سياسية. في سنوات ما قبل احتدام الحرب العالمية الثانية، تمحورت سياسة الاتحاد السوفيتي الخارجية حول فكرة البلشفية القومية (الاشتراكية في وطن واحد)، عبرها سعت النخبة السياسية البلشفية في روسيا الى تحريض ودعم ثورات شيوعية-قومية في انحاء العالم، ابرزها الثورة في المجر والمانيا، ثم بعدها يقوم المركز بابتلاع المناطق الجديدة المستقلة في كومنولث سوفيتي – وهو الهدف الذي تحقق بعد الحرب العالمية الثانية مع حلف وارسو. فشل محاولة الهبة البلشفية القومية في المانيا عام 1939 عوقت اليسار الالماني، ومهدت الطريق لنهوض النازي واستيلاؤهم على السلطة وكانت الاثار الجانبية لهذه العملية الفاشلة حاسمة في السماح لستالين بالانفراد بسلطة الكرملين وطرد وقتل منافسيه الداخليين. عناصر هذا الفكر استمرت في السياسة الخارجية السوفيتية طوال سنوات الحرب الباردة وساعدت على خلق جاذبية لدعم الحركات الوطنية والمناهضة للامبريالية في انحاء العالم الثالث. وكانت تلك هي ايضا الدوافع التي حكمت معونة روسيا للحزب الشيوعي الصيني اثناء الثورة الصينية، لكن فور استيلاء ماو على السلطة رفض السماح للاتحاد السوفيتي بالسيطرة على السياسة الصينية، مما ادى الى الخلاف مع ستالين الذي تصاعد الى حرب قصيرة بين القوتين. وهو نفس السياق الذي حدث فيما بعد بين الحكام الشيوعيين في الصين وفيتنام.
اثناء الثورة الصينية حدث سياق مواز عندما وعد ماو والحزب الشيوعي الصيني في البداية كل امم الصين العديدة، التي تعيش بلا دولة خاصة بها على ارض الصين الشاسعة ، بالاستقلال وحق تقرير المصير، ثم لم يرفض ماو والحزب الشيوعي الصيني الوفاء بالوعود فور استيلاءهم على السلطة وفقط ولكنهم فعليا قاموا بغزو والحاق التبت، التي كان يعتبرها ماو مقاطعة رجعية. كل الحكومات الشيوعية المتتالية في انحاء العالم اتبعت نفس السياق في اطلاق الوعود اولا للاقليات القومية من السكان الاصليين بحق تقرير المصير من اجل اكتساب تأييدهم ثم المعارضة النشيطة لحقوقهم في تقرير المصير فور استيلاءهم على السلطة. الموقف الثابت الذي لا يلين ولا يتغير، السياسة العامة للحكومات الماركسية بداية من لينين فصاعدا كانت دعم النزعة القومية الثورية وحقوق جماعات الاقلية القومية نظريا ومعارضتها في الممارسة العملية. الاحدث، حركة الساندينستا في نيكاراجوا متهمة، بعد استيلاؤها على السلطة، بتنفيذ حملات تطهير عرقي ضد الشعوب الاصلية في البلاد من اجل الاستيلاء على اراضيهم.
موقف الاناركية هو لحد ما النقيض من ذلك. معظم الاناركيين، تاريخيا وحتى اليوم، يرى في الحدود والتقسيمات القومية امرا مدمرا ويتصورون عالما تتلاشى فيه التمايزات العرقية والعنصرية وتختفي مع الوقت بوصف هذا العالم هو العالم المثال. ومع ذلك، في الممارسة العملية، يقوم بنيان الاناركية على اساس انظمة ذات حجم صغير تتمتع بحق تقرير المصير، والحاكمية المحلية الذاتية، والعون المتبادل الذي يشبع رغبات الاقليات القومية في تقرير مصيرها على اساس من الامر الواقع؛ وبهذا المنوال اصبحت الاناركية تاريخيا متصالحة مع اشكال من القومية المناهضة للدولة. احد ابرز اشكال هذا التعاون بين نزعة الاقليات القومية للاستقلال الذاتي والاناركية كان التعاون مع الحركات التي تناضل من اجل الحكم الذاتي في قطالونيا واقليم الباسك في اسبانيا والذي وجد تعبيرا عنه تحت راية الكونفدرالية الوطنية للعمال اثناء الحرب الاهلية الاسبانية. والاحدث هو محاولة الانصهار الصريح بين الاناركية والتقاليد السياسية للامريكيين الاصليين التي تجد تعبيرا عنها في حركة السكان الاصليين الحديثة (Indigenist Movement). المنظمات القومية المناهضة للدولة والتي تصف عملها السياسي بصفة الاناركية توجد حاليا في ايرلندا. والعديد من اعضاء حركة الهنود الامريكيين المعاصرة يعتبرون انفسهم اناركيين.

 

کاتێك کە مردووەکان دێنە گۆ*

هەژێن

بەرایی: کەس گەمژە نییە، بێجگە لەوانەی کە پێیانوایە، کەسانی دەرەوەی بازنە ڕامیاریی و ڕۆشنبیرییە دەستەبژێرییەکانی خۆیان گەمژەن و بۆ گوزەراندنی ژیان و بەڕێوەبردنی کاروبارەکانی خۆیان پێویستیان بە شوانەیی ئەوان هەیە. لێرەدا مەبەستم کەسێك، دەستەیەك یا پارتێکی دیاریکراو لە دەسەلاتخوازان نییە، بەڵکو مەبەستم هەموو ئەو کەس و لایەنانەیە، کە بۆ سەرمایەگوزاری ڕامیاریی لەسەر خرۆشان و لەخوێنگەوزانی نارازییانی کۆمەڵگە کەوتتونەتە پێشبرکێ و پاشقوڵ لەیەکگرتن و نووسینەوەی مانیفێست و وانەوتنەوە بە خەڵکانی دەرەوەی بازانەکانی دەستەگەریی خۆیان.

لەبەرئەوەی پێشتر، لەمەڕ مانیفێستی دەستەبژێری پۆستمۆدینیستە تەکنۆکراتخوازەکان و کۆمپانیا و لیستی نەوەی سێیەمی جەلالیزم (کۆمپانیای وشە و لیستی گۆڕان) بۆچوونی خۆم لە زۆر بۆنەدا دەربڕیوە، بۆیە لێرەدا لە دووبارەکردنەوەی وەها کارێك خۆم لادەدەم و خۆشم لە دەستچنکردنی ئەو وتارانەی کە لەو دووبازنەدا دەسوڕێنەوە لادەدەم و تەنیا ئاوڕ لە دەستەیەکی بەڕواڵەت ناکۆك و ڕادیکالی ئاراستە دەسەڵاتخوازەکان دەدەمەوە، کە بە گومانی خۆیان لە خۆکاندیتگەرانی دەسەڵات و نوێنەرانی سیستەمی چینایەتی و ئۆپۆزسیۆنە فەرمییەکەی، جیاوازن.

هەڵبەتە لێرەدا ئەوەندەی مەبەستم ئاراستەکردنی پرسیار و خەریککردنی خوێنەرە بە وردبوونەوە لە پرسەکان و دیاردەکان و هەوڵە ڕامیارییەکان و بانگهێشتی خوێنەرانی هێژایە بۆ سەر مێزگردی لێدوان و بۆچوون گۆڕینەوە، ئەوەندە مەبەستم هەڵدانەوەی هەزاران بەیاننامەی لەبارچوو و ناجێگیری و کاتییبوون و ناکۆکبوونی هەڵویستەکانی ئەم ڕەوتە مارکسیستە دەسەڵاتخوازە (کۆمونیزمی کرێکاری ک.ک) لە ڕووداوەکانی 20 ساڵی ڕابوردوودا نییە، کە نەك تەنیا کاتی من، بەڵکو ئەگەر کاتی هەموو ڕەخنەگرانی ئەم ڕەوتە بۆ کۆکردنەوە و بەراوردی بەیاننامە تەمەن چەند چرکەییەکانی تەرخان بکرێت، هێشتا فریا ناکەوین و لەو بڕوایەشدام زۆرێك لە لایەنگرانی، فریای خوێندنەوە و بەراوردی بەیاننامە و هەلوێستەکانی پارت و باڵەکانی خودی ڕەوتەکە نەکەوتبن.

بۆیە لێرەدا دوو نموونە لە پەیوەند بە ناڕەزایەتییەکانی هەنووکەی کۆمەڵگەی کوردستان هەڵدەبژێرم؛ وتاردان و دروشمەکانی «کۆمونیزمی کرێکاری خەسرەو سایە» لە مەیدان ئازادی و مانیفێستی «ڕەوەندی سۆشیالیستی کرێکاری» لەمەڕ بارودۆخی ئێستای کوردستان، کە دیارترین قسەوباسی ئەم ڕەوتەن لە سایت و مەیداندا. بۆ ئەوەی کە سەرنج و پرسیارەکان لە زنجیرەیەکی بەدوای یەکدا هاتوودا دەرکەون و هەردوو باڵی ڕەوتەکە بگرنەوە، لە تازەترینیانەوە دەستپێدەکەم.

 

هەرچەندە وەڵامێکی کورتیش بۆ کادیرە خۆبەرابەرزانەکانی ئەم ڕەوتە، کە دوو هەفتەیە پەیتا پەیتا لە کەنەدا و ئەروپا و ئوسترالیا و تورکییەوە، ژنان و کۆمونیستەکان و ئازادیخوازان بۆ پاشڕەوی و گوێڕایەڵی بانگەواز دەکەن، بەپێویست دەزانم، بەڵام لەبەر دریژبوونەوەی بابەتەکە، ناچارم واز لەو ئاوڕدانەوەیە بهێنم و داوا لە ڕابەرانی بانگەوازکەر بکەم، بەڵکو بانگەوازەکانیان وەربگێڕنە سەر زمانی ئینگلیزی، تاوەکو هاوبیرەکانیان خەم بۆ وەجاخکوێری کارل مارکس لە خۆرهەڵاتی ناویندا نەخۆن! لەملاشەوە ئیتر پێویست ناکات من یا کەسێکی دیکە، ئەو ئەرکە بکێشێت وەك نوکتە بۆ ئاخێوەرانی زمانەکانی دیکەی بگێڕێتەوە و بەو جۆرە ئەرکەکەمان سووکتر دەبێت و ئەوەندە بەسە لەسەر دەقی کوردی بانگەوازەکان بنووسین: «بەبێ توانج، خوێنەری هێژا، پێمەکەنە …»

وەك هەمووان ئاگادارن، ڕەوتی (کۆمونیزمی کرێکاری) لە ڕاپەڕینی ئازاری 1991دا بە دروشمی «ئازادی، یەکسانی، حکومەتی کرێکاری» لە کۆمەڵگەی کوردستاندا دەرکەوت. پاش چەند ساڵێك لە فوکردنەخۆ لە بەیاننامە و وتارەکانیاندا و پوکانەوەی پارتێك کە بۆ ڕزگارکردنی ڕێکخراوەکانی پێش بە پارتبوونی ئەو ڕەوتە پێکهات، دروشمەکەیان گۆڕی و کردیانە «حکومەتی سۆشیالیستی» و «کۆماری سۆشیالیستی». کاتێك کە لە هەڵبژاردنی شارەوانییەکانی کوردستاندا، خۆقەبەکردن و پاگەندەی هێزی سێیەمیان مایەپوچ دەرچوو، جارێکی دیکە دروشمەکەیان گۆڕی و کردیان بە «حکومەتی سکیولار» [سکیولاریست دروستە] و پاشان کە لە نەزۆکی تێزەکە دەسەلاتخوازانەکانیاندا نائومێدی باڵی بەسەر ئەندامانی خوارەوەی ڕێکخستەکانیاندا کێشا و وەك نارنجۆك پارتەکەیان بوو بە هەزار پارچەوە، دیسانەوە کاژێکی دیکەیان گۆڕی و دروشمەکەیان گۆڕی بە «کۆماری ئینسانی» و ئەمەش زۆری نەخایاند بەدەم ڕەشەبایی ڕووداوەکانەوە لەم ڕۆژانەدا دیسانەوە کەوتوونەتەوە کاژگۆڕین و لەلایەك مانیفێست دەردەکەن و لەلایەك لە بەرامبەر حکومەتی تێکنۆکراتەکان، کەوتوونەتە بەرزکردنەوەی دروشمی «حکومەتی نوێنەرایەتی»…

ئەگەر ئەم کاژگۆڕینە بۆ ئەندامانی گوێرایەڵی پارتەکانی ئەو ڕەوتە جێی پرسیار نەبێت و کارایی داچلەکاندنی ئەندامان و لایەنگرانی لە پاشڕەوی شوانە ڕامیارەکان نەبێت، ئەوا لای چاودێران و خوێنەرانی بەسەرنج کۆمەڵێك پرسیار و سەرنجی کەڵەکە کردووە، کە دەکرێت ئەمانە هەندێكیان بن:

جیاوازی نێوان یەك بە یەکی ئەو نیودەرزەنە حکومەتە ڕواڵەت جیازاوازە چییە؟

ئەگەر جیاواز نین، ئەدی پێداویستی و هاندەرەکانی فۆرمۆڵبەندی دروشمە سەرەیاییەکە، کە خودی ڕەوتەکە وەك بەردی بناخەی جیاوازی خۆی لەتەك ڕەوتەکانی دیکەی بزاڤی کۆمونستی (پڕۆ مارکس، ئەنگلس، لێنین) پێناسەی دەکرد، چییە؟

لێرەدا بۆ منی خوێنەر و چاودێری گۆڕانەکانی ئەو ڕەوتە لە دوو ئەگەر بەدەر نین؛ یا ئەو دروشمانە جیاوازن و وازهێنانن لە دروشمە سەرەتاییەکە «ئازادی، یەکسانی، حکومەتی کرێکاری»، یا هەمان ناوەڕۆکیان هەیە و تەنیا بەمەبستی خەڵەتاندن و فێڵکردنن لە جەماوەری ناڕازی دەیانگۆڕن!

ئەگەر لەوەڵامدا دەڵێن، نەخێر. ئەوا بیانەوێت و نەیانەوێت، دان بەوەدا دەنێن، کە بۆ گەیشتن بە ئامانجە ڕامیارییەکانی خۆیان، خەڵك لە خشتە دەبەن. خۆ ئەگەر جیاواز بن و بە گەشە و بەرەوپێشوونی هزری و ئایدیۆلۆجی ڕەوتەکەیان هەژماری بکەن، ئەوا ئێمەی خوێنەر و چاودێر یا جەماوەرێك کە ئەوان پێییانوایە بەبێ شوانەیی پارت و سەرکردەکانی ئەوان، توانای خۆڕزگارکردن و گەییشتنی بە کۆمەڵگەی سۆشیالسیتی نییە، مافی خۆمانە بزانین، ڕەتکردنەوەی دروشمە کۆنەکان و داهێنانی دروشمە تازەکان لەسەر چ بنەمایەک ڕوودەدەن؟ چ ناکۆکییەك یا تەباییەکیان لەتەك کۆمەڵگەی بەلێندراوی ژێر سایەی حکومەتە کاژگۆڕەکانی ئەوان، هەیە؟

ئایا «حکومەتی کرێکاری»، تەنیا میرایەتی کرێکارانە بەسەر کۆمەڵگەدا؟

ئەگەر وەڵام ئەرێیە، ئەدی چین و توێژە نا بۆرجوازییەکانی دیکە چی و لە کۆمەڵگەی داهاتوودا چ ڕۆلێکیان دەبێت؟

ئازادی، چ ڕەهەندیکی هەیە و لەو کۆمەڵگە ئازادەدا کە ئەوان لە بارەیەوە بەڵێن دەبەخشنەوە، ئەگەر هاتوو دانیشتوانی ناوچەیەك، خوازیاری شێوازێکی دیکەی بەرێوەبردن و ڕێکخستنی کۆمەڵگە بوو، وەك ئەوەی کە لە ئۆکرانیای 1917-1921 یا کڕۆنشتات ڕوویدا، هەڵوێستی پارتی پێشڕەو و ڕابەرانی کۆمونیزمی کرێکاری و حکومەتەکەیان چی دەبێت؟

ئەگەر وەڵام ئەرێییە، چ بەڵگە و پێشمەرجێکی بەرنامەیی بۆ سەلماندنی ئەو ئەرێیە هەیە؟

یا بۆ نموونە ناوچەی شارەزوور، دەنگ بە ئیسلامییەکان دەدەن و خوازیاری خەڵافەتی ئیسلامی دەبن، ناوچەی هۆرامان خوازیاری ئۆتۆنومی خۆیان و خوێندن و بەکاربردنی زمانی خۆیان لە بەڕێوەبەرایەتیدا بن، کەرکووك نەیەوێت بە بەڕێوەبەرایەتی ناوەند و هەرێمی کوردستانەوە پەیوەست بێت، میرایەتی نوێنەرایەتی (کۆمونیزمی کرێکاری) چ بریارێك دەدات، پەسەندی ئازادی و مافی ڕەوای تاکیی و جڤاکییان دەکات یا بڕیاری لکاندنەوە و گێڕانەوەی بڕیارەکان بۆ ناوەندی نوێنەرایەتی بە زۆر دەسەپێنێت؟

«یەکسانی»، ئایا هەموو ئەندامانی کۆمەڵگە جوتیار و کرێکار و بێکار و خوێندکار و کەمئەندام و فەرمانبەر و مامۆستا و کەمایەتییەکان و ڕابەرانی پارت و نوێنەرانی هەڵبژێردراو لە بڕیاردان و بەرێوەبردن و جێبەجێکردندا یەکسان دەبن؟ ئەگەر وەڵام ئەرێیە، بە چ میکانیزمێك و لەسەر چ بنەمایەك؟

«کۆماری سۆشیالیستی» چییە و سیستەم و پێکهاتەی بنەما ئابووریی و ڕامیاریی و کارگێڕییەکانی کامانەن؟

ئایا میرایەتی هەر کەسێکە، کە خۆی بە سۆشیالیست بزانێت؟

جیاوازی بنەما ئابوورییەکانی لەتەك کۆمارە سۆشیالیستییە ماویست و کاسترۆئیست و خۆجەئیست و ئیستەکانی دیکە چییە؟

لە بنەمای ئابووریی و ڕامیاریی و کارگێڕییدا، چ جیاوازییەکی لەتەك هەنگاوە پراکتیکییەکانی سۆشیالیزمی لێنین و ستالین و پاشڕەوەکانی دیکەیاندا هەیە؟

«حکومەتی سکیولار» [کوردییە کەی دەکاتە: میرایەتی سکیولاریست]، پەیوەندی بە کۆمونیزمەوە چییە؟

ئەگەر پەیوەندیدارە، ئایا دەتوانین میرایەتیییەکانی ئەوروپا و ئەمەریکا و ئوسترالیا و کەنەدا و تورکیە، بە سۆشیالیستی یا کۆمونیستی ناوبەرین؟

ئەگەر نا، دەکرێت بزانین چۆن و بۆچی جێگەی میرایەتییە کرێکاریی و کۆمارە سۆشیالیستییەکەی کۆمونیزمی کرێکاریی گرتەوە؟

بنەما ئابوورییەکانی «میرایەتی سکیولاریست» چین و پشت بە چ سیستەمێکی ڕامیاریی و کارگێریی دەبەستێت؟

میرایەتی سکیولاریست چییە، ئایا میرایەتییەکان بەخۆیان بە سکیولارستی لەداكبوون و هاتوونەتە ئارا؟

ئەگەر نا، ئەدی بەرهەمی (چی)ن و بۆچی هاتوونەتە ئارا؟

ئایا ئاوا ، کە بۆ لێنینیست، ستالینیست، مائۆئیست، کاسترۆئیستەکان، میرایەتی پارتی کۆمونیست بە نێوی قۆناخی یەکەمی کۆمونیزم دادەنرا و بە پێویست دەزانرا، ئایا میرایەتی سیکیولاریست، لای حیکمەتیستەکان، بە پێشمەرجی شۆڕشە قورمیشییەکەیان دادەنرێت و پێویستە کۆمەڵگە نا ئەوروپی و کریستییەکان تێپەڕی بکەن؟

«جمهوری ئینسانی» [کوردییەکەی دەبێتە : کۆماری مرۆیی] چییە و جیاوازی لەتەك کۆمارەکانی دیکەدا چییە؟

ئایا کۆمارەکانی دیکە هەر لە ئیسلامییەوە بگرە تا سکیولاریستەکان، مرۆیی نین؟

ئەگەر مرۆیی نین، ئەدی چین؟ ئایا بەراز و مانگا و سەگ و فیل فەرمانڕەوایی جیهان دەکەن؟

ئەگەر سکیولاریستەکان مرۆیی نین، ئەدی کو سەردەمێك ڕابەرانی ئەم ڕەوتە خەڵکیان لە پێناودا بەکوشت داوە و دەرخواردی زیندانەکان کردووە و دەیان هاوڕێ و هاوسەنگەرییان لە پێناویدا کردووەتە دوژمنی یەکدی؟

«حکومەتی نوێنەرایەتی» [کە کوردییەکەی دەکاتە: میرایەتی نوێنەرایەتی]، ئایا لە میرایەتی تەکنۆکراتەکان جیاوازە؟ ئەگەر وەڵام ئەرێییە، جیاوازییەکان چین؟

ئایا لەتەك میرایەتی (ینک) و (پدک) کە بە دەنگی خەڵک و هەڵبژاردنیان لەلایەن خەڵکەوە بوون بە نوێنەر و دەسەلاتی نوێنەرایەتییان پێکهێناوە، جیاوازی چییە؟

ئایا نوێنەرایەتی هەر نوێنەرایەتی نییە؟ ئایا شێوازێکی دیکەی هەڵبژاردنی ئەو نوێنەرایەتییە دەگرنەبەر، ئەگەر وەڵام ئەرێیە، کامەیە؟

ئایا «میرایەتی نوێنەرایەتی»، بە سیستەمی پارلەمانی فرەپارتیی لیبرالیستی پشتئەستوورە یا بە سیستەمی تاکپارتیی کۆمونیستی؟

ئەگەر بە سیستەمی فرەپارتیی پشتئەستوورە، ئایا لە باری کەم دەنگیدا باوەڕییان بە میرایەتی هاوپەیمانی لەتەك سکیولاریستەکانی دیکە هەیە؟

ئەگەر نا، ئایا پشت بە سیستەمی تاکپارتیی دەبەستن؟

ئەگەر لە بارێکدا کە زۆرینەی دەنگیان هێنا، دەنگی ئۆپۆزسیۆن و ناڕازییانی میرایەتییەکەیان چی بەسەر دێت؟

ئەی هەڵوێستیان لە بەرامبەر ئەوانەی کە دژی سەروەرین و ناچنە ژێرباری دەسەلاتەکەیان، چی دەبێت؟

ئەگەر لە هەڵبژاردندا نیوەی سەروو 18 ساڵ بەشداری نەکرد و لە نیوەکەی دیکە، (حککک) یا (حککع) زۆرینەی بەدەستهێنا، وەڵامیان بۆ دەنگنەدەران چی دەبێت؟ نیوەی کورسییەکانی پارلەمان یا شورای سەرتاسەری هەرێم خاڵی دەمێننەوە و بڕیارەکان نیوەیی دەبن؟

ئەگەر دەڵێن سیستەمی ناپەرلەمانی و ناپارتیی، ئەدی ڕۆڵ و پێداویستی پارتی پێشڕەو و پێداویستی بوونی پارت چییە؟ بۆ هەموو هەوڵێکیان لەپێناو بەناوکردنی ناڕەزایەتییەکانە بەنێوی خۆیانەوە؟

ئەگەر دەلێن، میرایەتییەکەیان پشت بە کۆبوونەوەی گشتیی و سیستەمی سۆڤیەتی [خۆیان واتەنی شورایی] دەبەستێت، لە وەها بارێکدا، ئەگەر هێزە ئیسلامیەکان زۆرینەی نوێنەرەکانیان هەڵبژێردران و شوراکانیان کردە شوایی ئیسلامی، هەلوێستی پارتی خوازیاری «میرایەتی نوێنەرایەتی» چی دەبێت؟

ئایا میرایەتییە نوێنەرایەتیتەکەی کۆمونیزمی کرێکاری لەتەك میرایەتی پۆستمۆدێرنیستە تەکنۆکراتخوازەکان و میرایەتی پاشاکانی بارزان و تاڵەبان، جیاوازی هەیە؟ ئەگەر جیاوازی هەیە، کامەیە و لە چیدا؛ لە شێوازی هەڵبژاردندا یا لە شێوازی بەرێوەبردندا؟

وەك پێشتر وتم، لەم بابەتەدا تەنیا ئاوڕ لە کاژگۆڕینی دروشمە ستراتیژییەکانی ئەم ڕەوتە دەدەمەوە و ناچمە سەر تێزەکانیان لەمەڕ شۆڕش، خەباتی جەماوەری، شێوازەکانی خەبات و ڕۆڵی خەباتی جەماوەری، کۆمەڵگەی هاوبەش (سۆشیالیستی) و بەڕێوەبەرایەتی و ڕێوشوێنی تاك و مافی کەمایەتی و بڕیاردان و زۆر شتی دیکە… .

لێرەدا واز لە دروشمدەر و بانگەوازگەرەکانی کۆمونیزمی کرێکاری دەهێنم و ڕوودەکەمەوە مانیفێستنووسەکانی ئەو ڕەوتە. هەڵبەتە لەم بارەشدا بە دیاریکراوی تەنیا ڕۆشنایی دەخەمە سەر پاگەندە ژەهراوییەکانیان دژی هزر و ئایدیای سۆشیالیزمی ئازادیخواز (ئەنارکیزمئانارشیزم)، کە زۆر بە دیاریکراوی و بەئەنقەست واژەی ئەنارکیزمیان کردووەتە پاشگری ناسیونالیزم.

یەکێك لە جیاوازییە هەرە بنەڕەتییەکانی ئەنارکیزم لەتەك مارکسیزم و ئیزمەکانی دواتری ئەوەیە، کە ئەنارکیزم؛ ڕەوتێکی هزریییە، نەك ئایدیلۆجیا، کەس ڕابەر و هەڵگری ناوەکەی نییە، ڕەخنەگرتن لێیی دەوڵەمەندی دەکات و کەموکوڕییەکانی پڕدەکاتەوە. بەڵام بە پێچەوانەوە مارکسیزم و ئیزمەکانی دیکە، وەك داهێنان و زانایی ئەم و ئەو و دەقی نەگۆڕ و چوارچێوەی ئامادەکراو لەبەرچاو دەگیردرێن، ئایدیۆلۆجیان و ڕەخنەلێگرتن بەرەو دۆگماتیزمیان دەبات و هەڵگرانیان ناچار بە فتوادەرکردن و بەلادەردانانی ڕەخنەگران و دوژمنناونووسکردنی زێدگەر یا کەمکەرەوانیان دەکات.

لەسەر ئەو بنەمایە، جێی دڵخۆشی دەبوو، ئەگەر مانیفێستنووسانی سۆشیالحیکمەتیست، لە بری پاشگرکردنی بەئەنقەستی (ئەنارکیزم) بۆ ناسیونالیزم و تۆمەتبارکردنی بە جنێوفرۆشی و لەپاڵیەکدادانی وێنەی ئەنارکیزم وەك دژەسەروەری و وێنەی جنێوفرۆشە شارچییەکانی لیستی نەوشیروان [نەوەی سێیەمی جەلالیزم]، ڕەخنەیان ئاراستەی هزر و ئایدیای ئەنارکیستی و ئەنارکیستەکان بکردایە. بەڵام مانیفێستنووسانی کۆمونیزمی کرێکاری، لەبەرئەوەی کە توانای تیئۆریی و ڕادەی دەرك و زانینیان لە ئاستی زانینی وشکە سۆفی خانەقاکاندایە و خۆیان لە باسی ئەنارکیزم وەك هزر و وەك ڕەوتێکی سۆشیالیستی زیندوو نەداوە، لەولاشەوە کینەدۆزی و بەرلوتگیراویان بە سەرهەڵدان و بڵابوونەوەی هزری ئەنارکیستی لە کۆمەڵگەی کوردستاندا، وا تەنگەتاوی کوردوون، ناچار پەنایان بردووەتە بەر شێوازی ماسمیدیای دەسەڵاتدارانی کوردستان و بەهەڵەداوان، دۆ و دۆشاویان تێکەڵکردووە.

«مانیفێستی ڕەوەندی سۆشیالیزمی کرێکاری»

لە باری زمانەوانییەوە «ڕەوەند» لە زمانی کوردیدا بە واتای (خێڵ) دێت و لەوێوە کە خێڵەکان کۆچەربوون و گەرمیان و کوێستانیان کردووە، بۆیە هەنووکەش لە هەندەران ئەم واژەیە بۆ کۆچەرانی کورد بەکاری دەبەن. هەرچەندە من ئەمەم پێ هەڵەیە و پەنابەران و کۆچەرانی ئێستا خێڵ نین و تەنانەت وەك تاکێکی سەربەخۆ لە خێزانیش ڕێگەی هات و نەهاتی هەندەران دەگرنەبەر. بۆیە تەنیا واتای یەکەمیان دروست دەردەچێت، کە بە واتای خێڵ دێت.**

واژەی (ڕەوەند) کە نووسەرانی مانیڤێستەکەی «ڕەوەند»، بەکاریان بردووە، واژەیەکی فارسیییە و بە واتای (ڕەوت)ی کوردی دێت و لێرەدا فێلیان لە خوێنەر کردووە و (ڕەوتی کۆمونیست)یان کردووە بە (ڕەوەندی سۆشیالیست)، تاوەکو لەلایەن کۆنە هاوڕێکانیانەوە بە دژەپارت (ئەنتی پارت) تاوانبار نەکرێن و بەوە تۆمەتباریان نەکەن، کە ئەمانە دەستەگەرن و گەڕاونەتەوە سەر ڕێکخراوەکەی جارانیان، چونکە سەرکردایەتی و بنکردایەتی ئەم (ڕەوت)ەی ئیستا؛ ڕەوتی سۆشیالحیکمەتیست (ڕسک)، یەکێك بوو لە ئەندامانی ناوەندی ڕەوتی کۆمونیست (ڕک)ی جاران، واتە پێش دروستکردنی پارتەکەیان یا ڕاستر بڵێم، پێکەوە لەحیمکردنی سێ ڕێکخراوەکەی جارانی کۆمونیزمی کرێکاری؛ کە (ڕەوتی کۆمونیست، یەکێتی خەباتی کۆمونیزمی کارگەری و سەرنجی کرێکار) بوون.

ئەگەر واز لە واتا و گەیاندنی خێڵایەتی سۆشیالیزمە کرێکارییەکەی ئەم خێڵە (ڕەوەندە) بهێنم، ئەوا دیسانەوە واژەی (سۆشیالیستی) لەبەردەمماندا قوت دەبێتەوە و ناکرێت هەروا بە ئاسانی بازی بەسەردا بدەین.

وەك دەزانین کۆمونیزمی کرێکاری یا ئەوەی کە ئێستا خۆیان بە شانازییەوە بە «کۆمونیزمی حیکمەت» نێوی دەبەن، وەك هێڵێکی ڕامیاریی لە کۆتایی هەشتاکانی سەدەی ڕابوردوودا وەك درێژەی ڕەوتێك کە لە پارتی کۆمونیستی ئێران (حکا)دا بە مارکسیزمی شۆڕشگێڕ ناسرابوو، دەرکەوت و لە سەرەتای نەوەدەکانی سەدەی ڕابوردوودا لە پارتی دایك جیابووەوە. ئەو ڕەوتە هەر لە سەرەتاوە بەیاریکردن بە واژەکان و دانانی پاشگر و ئاوەڵناوی سەرنجراکیش بۆ چەپی ئەوکات، یاری بە هۆشمەندی ناڕازاییانی ئەوکات دەکرد و هەردەم خۆی بە ( ئۆرتۆدۆکسی مارکسیست) دەناساند، واتە وەك لاساییکردنەوەی ڕەوتی گەڕانەوە بۆ سەر مەسیحیەتی سەرەتایی [ئۆرتۆدۆکسی کریستی] پەرەی بە دەمارگیری ناهوشیارانەی لاوانی ناڕازی ئەوکات ، دەدا و لەسەر بیرکردنەوەی ڕێرەویی (مەزهەبی) و ئایینیانەی مارکسیزم، پەروەردەی دەکردن. لەم ڕووەوە دروستبوونی چەند ڕێکخراوی هاوبۆچوون و هاودەم لە شارێکی بچووکی وەك سلێمانی، لەناوەندی خوێندکاران و کۆنە کۆمەڵەیی (کۆڕەك) و کۆنە (کارگەران)دا، بەرهەمی ئایینیبوونی ئەو ڕەوتە بوو، کە هەر کەسێك و دەستە و گروپێك بۆ سەلماندنی ڕاستی و دروستی هەڵوێستەکانی، دەرخکردن و وتنەوەی نووسینەکانی مارکس و ئەنگلس و لێنین و مەنسوری حیکمەتی دەکردە پێوەر و بەرامبەرەکەی بە ناکۆمونیستبوون پێ تاوانبار دەکرد.

ئەوکات ئەگەر کەسێك بیوتایە من سۆشیالیستم، ئەوا دەکەوتە بەر تانە و گارتەپێکردنی ڕابەرانی دەرخکردنی تێکستەکانی پەیامبەرانی کۆمونیزم و تەنانەت هەر بیرکردنەوە و بۆچوونێکی مارکسیستی یا کۆمونیستی دەرەوەی هێڵی کۆمونیزمی کرێکاری (ک.ک)، بە دوژمنی کرێکاران دادەنرا و ئەوکات، دیکتاتۆری پڕۆلیتاریا بۆ مانیفێستنووسەکانی ئێستا، کە خۆیان لە ناوبردنی چ بە باش و چ بە خراپ لادەدەن و لە ناخەوە خەون بەو دیکتاتۆرییە پارتییەوە دەبینن، کە پێی دەوترێت «دیکتاتۆری پڕۆلیتاریا»، مەرجی باوەڕبوون بە کۆمونیزم بوو. ئەوسا ئەگەر بهاتایە و سۆشیالیستێکی سەرلێسێواو پەیدا ببووایە و لەبەرامبەر دروشمە لەبیرکراوەکەی کۆمونیزمی کرێکاری «حکومەتی کرێکاری»، دروشمی وەك «حکومەتی شورایی»، «کۆماری سۆشیالیستی»، «حکومەتی سکیولاریست»، «کۆماری ئینسانی»، «حکومەتی نوێنەرایەتی» بانگەواز بکردایە، ئەگەر پەلاماریان نەدایە و هەڕەشه و چاویان لێ سوور نەکرایەتەوە، ئەوا چەند مانگێك، لاپەڕەی ئۆرگان و بڵاوکراوەکانیان پێ ڕەش دەکردەوە و بازاری پاگەندە هەڵخەڵەتێنەرانەکانیان پێ گەرم دەکرد.

ئەوەشمان لەبیر نەچێت، ڕەوتی (ک.ک)یش وەك ڕەوتەکانی دیکەی بۆلشەڤیزم [ستالینیست، ماویست، ..تد]، سۆشیالیزمیان بە قۆناخی یەکەمی کۆمونیزمەکەیان دادەنا و هەڵگرانی نێوی (سۆشیالیست)یان بە دژە کۆمونیزم و هاوتا بە سۆشیالدێمۆکراسی و ڕەوتی بۆرجوازییانەی ژێر دەواری کۆمونیزم دادەنا. لێرەدا پرسیارێکی چەند دیو یەخەمان دەگرێت؛ ئایا خێڵی سۆشیالیستە کرێکارییەکان یا نووسەرانی مانیفێستی خێڵی سۆشیالیزمی کرێکاری، باوەڕیان بە دواقۆناخی کۆمونیزمەکەی مارکس و ئەنگلس و لێنین و مەنسور نەماوە، یا وەك بازرگانەکان، کاڵاکەیان لە قوتو و کیسەیەکی دیکە و ڕیکلامێکی دیکەدا بە خەڵك دەفرۆشن؟ ئایا خشکەیی دەیانەوێت لە مایەپوچی بەرنامە و تاکتیک و ستراتیجی (ک.ک) خۆیان ڕزگار بکەن، یا سۆشیالیزمە خێڵەکییەکەیان شتێکی تازەیە و دەیانەوێت خۆیان لە ڕابوردوویان داببڕن؟

ئایا ئەم مانیفێستە، ئەڵتەرناتیڤی مانیفێستی 1848ی (مارکس) و (ئەنگلس)ە؟ ئایا ڕەتکردنەوەی «دونیایەکی باشتر»ی (مەنسوری حیکمەت)ە؟ ئەگەر ئەرێ، چۆن دەبێت بە راگوزەریش سەرنج و ڕەخنەیان لە مانیفێستی 1848 یا «دونیای باشتر»، وەك مانیفیست و بەرنامە، نەخەنەڕوو؟ ئەگەر ڕەتکردنەوە نییە و وەك درێژە و تەواوگەری ئەوان هەژماری دەکەن، چۆنە کە هیچ ئاماژەیەکیان پێنەکراوە و لەسەر زیندوومانەوە و وێکهاتنەوەیان لەتەك کەتواری ئێستادا، پێدانەگیراوە؟

ئەوەی کە من بەتەمام لێرەدا وەڵامی بدەمەوە، خاڵ بە خاڵی مانیفێستەکەیان نییە، چونکە من هەر لە بنەڕەتەوە نە باوەڕم بە مارکسیزم هەیە و نە مانیفێستیش بە پێویست دەزانم. لەوانەیە ڕەخنە لە مانیفێستەکە لە ڕوانگەی باڵێك یا هێڵێکی ڕامیاریی نێو ڕەوتی مارکسیستی کۆمونیزم، پێویست بێت یا گرنگی هەبێت، بەلام بۆ من هیچ بە پێویستی نازانم، لەبەر ئەوە خوێنەرانی هێژاش بە ژماردنی مەگەزەوە خەریك ناکەم. تەنیا شتێك کە دەمەوێت، لەسەری بدوێم، پەردەلادانە لەسەر کینەدۆزی مارکسیستە دەسەڵاتخوازەکان*** بەرامبەر ڕەوتی ئەنارکیستییانەی سۆشیالیزم، کە وەك دەنگێکی نوێ، لە کۆمەڵگەکانی خۆرهەڵاتی ناوین و بە دیاریکراویش لە کوردستاندا لە گەشەکردن و هەڵکشاندایە.

کاتێك کە دەستەیەك یا بیریارانێك دێن و لە ڕووی تیئۆرییەوە مانیفێستێك دادەڕێژن، ئەوا ناکرێت و ناتوانن بە نادەربەستی و بە بێ زانیاری لەمەڕ واژەکان و ڕەوتەکان و هێڵە ڕامیارییەکان و بزاڤە کۆمەڵایەتییەکان، بکەونە ڕیزکردنی واژە و دەستەواژەکان لە پەرەگرافی دیوارئاسادا. ئەگەر بێت و کارێکی وا ڕووبدات، ئەوا بێجگە لە ئامانجێکی کینەدۆزانە و خەڵكفریودەرانە، هیچ پاساوێکی دیکەی نییە. ناکرێت کەسێك بێت و مانیفێست بنووسێتەوە و لە ڕووی ڕامیارییەوە بایەخ بۆ کارەکەی خۆی دانەنێت. چونکە کاتێك کە منی خوێنەر بە سەرنجێکی ڕەخنەگرانەوە یا ئارەزوودارانەوە لە پای خوێندەوەی دەقێك دادەنێشم، لایەنی کەم چاوەڕێی ئەوەم لە نووسەر هەیە، کە ئاگای لە بزاڤە کۆمەڵایەتییەکان و ڕەوتە هزرییەکان هەبێت، بەتایبەت ئەوەی کە داڕێژەران [سەرکردایەتی و بنکردایەتی خێڵی سۆشیالحیکمەتیست]ی ئەم مانیفێستەی ئێستا، 163 ساڵ پاش مانیفیستەکەی مارکس و ئەنگلس دەستبەکاربوون ، دوو دەهەیە لە ئەوروپا دەژین و ڕۆژانە خواستراو یا نەخواستراو وێنە و فێلمی هەواڵەکان، دەچنە چاویان و دەبینن، کە کێ لە بزاڤە ناڕازییەکان و لە خەباتی کارخانە و گەڕەك و ئوردوگە و خۆپیشاندانە جیهانیی و لۆکاڵییەکاندا چالاكە و لە دژی سەرمایەداری دەجەنگێت و کێ لە هۆڵی پاڕلەمانەکان و کایە یاساییەکانی بۆرجوازیدا چینە دەکات!

ئەگەر ئامانج لە نووسین، ڕیزکردنی واژە و ڕستەی ناکۆك و بێواتابێت، ئەوا نووسەرانی دەسەڵات و ڕاگەیاندنەکانیان لە داڕێژەرانی مانیفێستی خێڵی سۆشیالحیکمەتیست، بە تواناترن و هیچ پێویست بە ئەرککێشانی بیریارانی خێڵ (ڕەوەند) ناکات و تەنانەت دەسەڵات هەر کەس و گروپێك ڕەخنەی ئاراستە بکات، دەیخاتە خانەی ئەنارکیستئەنارشیستبوونەوە، ئەمەیان هیچ سەیر و سەرنجراکێش نییە، سەیر و سەرنجڕاکێش ئەوەیە، کە قوربانیانی ئەو ژاراوکردنە هۆشییە، دێن و لە بەرامبەر ڕەوتێکی دیکەدا لە بەرامبەر ئایدیا و بۆچوونێکی دیکەی سۆشیالیستیدا دەبنە دەمڕاستی دەسەلات و بنێشتە هەڵبزرکاوەکەی دەمی دەسەڵاتداران و دەستەبژێرە ڕۆشنبیرەکانیان دەجوونەوە.

ئایا ئەمە بۆ کەسێکی بە ئاوەز و هوشیاری سەرەتای هەزارەی سێیەم، شەرمەزاری نییە؟ شەرمەزاری نییە، کە سنووری نێوان خۆت و دەسەلاتێك، کە قوربانی دەستی ئەوی [دەسەڵات] نەناسیت و لە ڕێی خودادا سەرکوتی ڕادیکاڵترین ڕەوتی سۆشیالیستی لە خزمەتی دەسەلاتدا، بکەیت؟

ئایا ئەوەی کە ئەمڕۆ بیریارانی مانیفێستەکەی خێڵی سۆشیالحیکمەتیست شەرم لەوە دەکەن بانگەوازی دیکتاتۆرییەکی پارتەکەیان و ئایدیلۆجیاکەیان بکەن، کە ئەنارکییەکان لە ئینتەرناسیوناڵی یەکەمدا بە کارل مارکس و دەروێشەکانی وتیان «ڕۆژێك دەبێت، دەوڵەتە سوورەکەی ئەنگۆ، ڕووی دەوڵەتە بۆرجوازییەکان سپی دەکاتەوە»، سەلمێنەری ئەو ڕاستییە نییە، کە ئەوسا و ئێستاش ئەوە ئەنارکیستەکان «ئەنارشیستەکان» ئاڵاهەڵگری ئازادیخوازی و سۆشیالیزم بوون و هەن؟

ئایا نەدەبوو شوانەکانی سۆشیالیزمی کرێکاری، ئەوە بزانن، کە ئەمڕۆ چیتر سەرەتای دەهەی نەوەدی سەدەی ڕابوردوو [سەدەی بیست] نییە، کە دەیان و سەدان هەواڵ و وانە و مێژووی شێوێنراویان بۆ ئەندامانیان لە کوردستان و ئێران دەناردەوە و لە دونیای درۆ و دەلەسەی پارتایەتیدا ڕایاندەگرتن. دەبوو ئەوە لەبەرچاوبگرن، کە ئەمڕۆ هەر لاوێکی 10 سالانی کوردستان [نەك تەنیا ڕامکارە سەکسۆکەدار و بۆینباخلەملەکان]، دەتوانێت بەهۆی مۆبایلەکەیەوە سەر بکێشێتە دونیای بێسنووری نادەوڵەتی و نا پارتیی ئینتەرنێت و هەر ئەوەندە بەسە بنووسێت «ئانارشیزم یا ئەنارکیزم– anarchism» و ئیتر لەوێدا پەتی درۆ و بوختان و شێواندن و کینەدۆزی و فریوکاری وشکەسۆفیانەی مارکسیستە دەسەڵاتخوازەکان، کۆتایی دێت!

داڕێژەرانی مانیفێستی خێڵ (ڕەوەند)ی سۆشیالحیکمەتیست، لە لاپەڕە (11)ی مانیفێستەکەیاندا پاش ڕیزکردنی کۆمەڵێك واژەی داتاشراو و داهێنراوی مێشکی خۆیان، لە خاڵی (2 بەشی ناسیوناڵئاناڕشیست:E)دا ڕەوتێك دادەتاشن، کە لە سەراپای مێژووی هەموو بزاڤە ئەنارکییەکاندا پەیدا نییە و نابێت. چونکە ئەوە یەکێکە لە ڕووە پڕشنگدارەکانی هزری ئەنارکی، کە وەك مارکسیزم نەتوانراوە لەلایەن ڕەوتە ناسیونالیستەکانەوە، بکرێتە دێوجامەی بەدەسەلاتگەیشتن یا خۆشاردنەوە لە ژێریدا، لەبەر ئەوەی کە ئەنارکیزم هەم دژی سەروەرییە بەهەموو شێوەکانییەوە، تەنانەت بە دەوڵەتە کرێکارییەکەی مارکس و خێڵی سۆشیالحیکمەتیشەوە، هەم دژی سنوور و ناسیونالیزم و دەستەگەرایی و هەڵپەی دەسەلات و هەڵپەی پلەوپایەی قوچکەیی (هیراشیهرمی)ن، کە بەداخەوە مارکسیستەکانی کوردستان بەتایبەت خێڵی سۆشیالیزم و کۆمونیزمی کرێکاری، لە ڕیزی پێشەوەی دەستەبژێری و شوانەیی و دەسەلاتخوازی و سواربوونی هەوڵی ئازادیخوازانەی جەماوەری نارازیدان.

قسەگەرانی مانیفێستەکەی نائاگایان لە دونیای دەوروبەرایان، نەك تەنیا ڕاستگۆیی ئەوەیان تێدا نییە، کە دیاردەکان وەك خۆیان بنووسنەوە، بەڵکو بوێری ئەوەشیان تێدا نییە، ڕاستەخۆ ڕەخنە لە جنێوفرۆشەکانی نەوەی سێیەمی جەلالیزم (لیستی گۆران) لە مەسینجەرەکان و سایتەکاندا بگرن، کەچی دێن و ڕووزەردانە بۆ ئەوەی لەو (چات ڕووم)انەدا کە بەنێوی جۆراوجۆرەوە بەشداری دەکەن و بەو جنێوانە ئاسوودە دەبن و دنەی جنێوفرۆشی دەدەن و لەو سایتانەدا کە بە جنێوفرۆشیان دەزانن و بەنێوی خوازراوەوە ئەو وتارانەی کە لە سایتەکانی خۆیاندا ڕوویان نییە، بلاویان بکەنەوە، بۆ ئەوێیان ڕەوانە دەکەن، بۆ ئەوەی دەرگەیان بەڕوودا دانەخرێت و لەولاشەوە سۆزی دەسەڵاتداران بۆخۆیان ڕابکێشن و هاوبەرژەوەندیی و هاوکینەیان بەرامبەر ئەنارکیستەکان [ کە لە ئەمەریکاوە تا ئوسرالیا سەرسەخترین جەنگاوەری دژە سەرمایەدارین] لەتەك دەسەڵاتدا وەك پەیمانی چینایەتی دەسەلاتخوازانەیان نوێ بکەنەوە، بنێشتە هەڵبزرکاوی چەندە سەدەی دەمی دەوڵەتمەندان دەجوونەوە!

قسەگەرانی خیڵی سۆشیالیزمی کرێکاری، یا ئەوەتا ‌هێشتا چانسی ئەوەیان نەبووە و دەسەڵاتخوازییان بواری ئەوەی نەداون لە پایە هزرییەکانی ئەنارکیزم وەك ڕەوتێکی سۆشیالیستی ئازادیخوازانە تێبگەن و بەهەڵە ئەم واژەیان بەکار بردووە، یا ئەوە بەمەبەستەوە وەك تەواوکاری ئەرکی دەسەلاتدارانی بۆرجوازی کورد، لە ئەستۆ دەگرن و ناسیونالیستە دەسەلاتخوازە هاوئاراستەکانی خۆیان، کە لە فێرگەکانی دەسەلاتخوازیدا بێجگە لەجنێو و سووکایەتی ڕەگەزیی (سێکسیستی) وەك سوونەتی خێڵەکیانەیان، هێچی دیکە لە ڕەوتی ژیانیاندا فێرنەبوون، بە ئەنارکیست «ئەنارشیست» دەناسێنن!

ئایا ئەم کارە بۆ بیریارانی خۆقەبەکردووی خێڵی سۆشیالحیکمەتیست، هەڵەی دارشتن (ئیملایی)ە یا چەند ساڵ و چەند مانگە بیریان لێکردووەتەوە و بەو پایەبەرزییە لە ئەندێشە و زانست و هوشیاری و پێگەیینی تیئۆری گەیشتوون؟

دواجار وەك لە سەرەتادا وتم، لێرەدا ناچمە سەر لێکدانەوەی بەرنامە و بڕیارنامە و شەکانوتەکانی بنەما ئایدیۆلۆجیییەکانی ئەو ڕەوتە، بەدەم ڕووداوەکانی بیست ساڵی ڕابوردووی عیراق و ناوچەکە و تاوتوێکردنی بڕگە بەبڕگەی مانیفێستی دوابەرەی ڕابەرەکانی، بەڵکو تەنیا بە چەند پرسیارێك کۆتایی بەم وەڵامدانەوەیە**** دەهێنم، بەو هیوایەی لایەنگرانی ئەو دروشم و مانیفێستانە، ئەگەر بۆ جارێکیش بووە، ڕێگە بە خۆیان بدەن و بڕیار و بیرکردنەوە لە خوا و پێخەمبەرە ئایدیۆلۆجییەکانیان بسێننەوە و سنوورەکانی بڤەی ئایدیلۆجیا و ئایینزایی مارکسیزم ببەزێنن.

ئایا قسەگەرانی هێڵی سۆشیالیزم و کۆمونیزمی دەسەڵاتخواز، کە پاشگری کرێکارییان لەخۆیان ناوە، سەرنجی ئەوەیان داوە، کە دێمۆکراتی ڕاستەوخۆ [ئەوەی کە ئەوان نەك ناوێرن نێوی بەرن، بەڵکو لە سێبەرەکەشی سڵدەکەنەوە] خواستی بزاڤە سۆشیالیستییەکانی ولاتە سکیولاریستە دڵخوازەکانی ئەوانە و دروشمی وەك «میرایەتی نوێنەرایەتی» و «دیکتاتۆری پڕۆلیتاریا» جێگەی گاڵتەجاری و پێکەنینن؟

ئایا کاتی ئەوە نەهاتووە لە خەوی شوانەیی پڕۆلیتاریا و پارتی ڕابەر داچڵەکێن و چانسی تێگەیشتن لە زەنگی زنجیرە ڕاپەڕینەکانی ئەم ڕۆژانە بەخۆیان بدەن، تاوەکو لەوە تێبگەن، کە پارتە ڕامیارییەکان لە پاش جەماوەری ڕاپەڕیوەوە باویشكیان دەدا و دەدەن و خەونی بەدەسەڵاتگەیشتنیان لەتەك کفنیاندا زەرد دەبێت؟

ئایا بوار و کاتی ئەوەیان نییە و نەهاتووە، ئەو پرسیارە لەخۆیان بکەن، بۆچی پارتە ڕامیارییەکان لە ماوەی 70 سەرداری بۆلشەڤیزمدا، بەپێچەوانەی خەونی شوێنکەوتووە خۆشباوەڕەکانیانەوە،تەنیا توانییان لەشکرێك سەرباز و ئەندامی گوێرایەڵ و درۆزن و دووڕوو و سەرکوتگەر و مشەخۆر و کینەدۆز و بەچکەدیکتاتۆر، پەروەردە بکەن؟

ئایا ئەگەر بێت و مێژوو بە دڵخوازی شوانە کۆمونیستەکان بسوورێت و لە ناوچەکەی ئێمەدا وەك گوڵی سەربەرد، خێڵەکەی سۆشیالیزمی حیکمەتی یا پارتەکانی دیکەی ئەو ڕەوتە دەسەڵات بگرنە دەست، چ گەرەنتییەکمان دەدەنێ، کە مێژووی پڕ سەرکوتگەریی و شەرمەزاریی 70 ساڵەی سەروەری بۆلشەڤیزم دووبارە نەبێتەوە و ڕووی دیکتاتۆری تەكنۆکراتەکان و کۆمپانییە جیهانلوشەکان سپی نەکەنەوە؟

هەموو پارتێکی کۆمونیست، تەنانەت ئەوانەشیان کە پاشگری جیهانیان بەخۆیانەوە لکاندووە، لە بیرکردنەوە و بەرنامە و ئامانج و کرداردا هەم سنووری وڵاتەکانیان بە فەرمی و ڕەوا دەناسن و هەم خوازیاری داسەپاندنی دەسەڵاتی باشن بەسەر چەوساوانی ئەو وڵاتانەدا. هەم عیراقی، ئێرانی، کوردی و یەهودین و هەم داوای مۆڵەتی یاسایی چالاکی لە دەسەڵاتداران دەکەن و هەم خوازیاری سەروەری یاسا و هەم بەشداری گاڵتەجارییەکانی پارلەمان دەکەن و هەم سەرکۆنەی دەسەڵاتداران دەکەن، بەوەی کە نەیانتوانیوە نوێنەری نەتەوە بن.

ئەگەر لەژێر کارایی و زاڵی پانئێرانی و عیراچییەتیدا ڕەخنەیەکیان لە ناسیونالیزمی کوردیش گردبێت، ئەوا لە بەرامبەردا ئەلتەرناتیڤیان تۆخکردنەوەی عیراقچییەتی و ئێرانچییەتی بووە. چونکە ئەوان دەرکی ڕۆشنیان لە ناسیونالیزم نییە و ناسیونالیزمی کوردیان لە ڕوانگەی ناسیونالیزمی پانفارس یا عیراقچییەوە ڕتکردووەتەوە، نەك لەو ڕوانگەوە کە ناسیونالیزم ئایدیلۆژیای دەوڵەتی بورجوازییە، ئەگینا لایەنی کەم دەیانزانی کە عیراقچییەتی ئێرانچییەتی و کوردستانچییەتی و یەهودیچییەتیش هەر ناسیونالیزمە و دەوڵەتە عیراقی، ئێرانی، بریتانییەکەی ئەوانیش ناسنامەی هاووڵاتی بە دانیشتوانی وڵات دەبەخشێت و ئەوانی دیکەی دەرەوەی سنوورە پیرۆزەکانی ولات، بە بێگانە و میوان و کۆچەرو نایاسایی و لە باسترین باردا بە کرێکاریمیوان تۆمار دەکات. ئایا مێژووی پارت و دەوڵەتە کۆمونیستییەکان، شتێکی جیاواز لەوەمان دەخاتە بەردەست؟

ئەگەر نووسەرانی مانیفێست، تەنیا بۆ چەواشەکاری پەنایان نەبردووەتە بەر داتاشینی دەستەواژەی «ناسیوناڵئاناڕشیست»، با لە میژووی دوور و نزیکدا، با لە گۆشەیەکی جیهانە بەرینەدا تەبایی هزر و ئایدیای ئەنارکی لەتەك ناسیونالیزم و بوونی وەها ئاراستەیەك لە بزاڤە ئەنارکییەکاندا بخەنە ڕوو. بەدبەختی نووسەرانی مانیفێستی خێلی سۆشیالحیکمەتیست لەوەدایە، کە ناسیونالیستە جنێوفرۆشەکان بە خۆشحالییەوە، مارکسیستە دەسەڵاتخوازەکان بۆ گێڕانی سیمینار لە یانە پاڵتۆکییەکانیاندا بانگهێشت دەکەن. بەلام ئەگەر کەسێك بەبێ قوتکردنەوەی پاشگرگەلی وەك “ینک” ، “پدک”، “تاڵەبانی” و “بارزانی” بنووسێت بڕوخێت دەسەڵات، ئەوا دەستبەجێ بەڕێوەبەرانی یانەکان، بە هاودەنگی و هاوکێشی و هاوسەروایی میدیای دەسەڵات و دەستەواژە داتاشراوەکانی نووسەرانی مانیفێستەکەی خێڵ “ڕەوەند”، وەلامی کەسەکە دەدەنەوە و بە ئاژاوەچی تۆمەتباری دەکەن. ئایا ئەم یەکانگیریی و کۆکدەنگییەی میدیای دەسەڵات و جنێودەرەکانی لیستی گۆڕان و نووسەرانی خێڵی سۆشیالحیکمەتیست، ڕێکەوتە، لە نەزانییەوەیە، یا ئەوەتا هاوبەرژەوەندێتی دەسەڵاتخوازانەیان لە بەدەمەوەگرتنی ئەو دەستەواژە ئامادەکراوانەدا، لەژێر ئەو ساباتەدا کۆیاندەکاتەوە؟!!!!

پەراوێز:

* وێڕای ڕێزی تەواوم بۆ مردووان، لێرەدا مەبەستم ئەوەیە، ئەگەر مردوویەك توانای وەگۆهاتنەوەی هەبێت، تەنیا دەتوانێت قسە لەسەر ڕابوردوو یا دووبارەکردنەوەی ڕابوردووە وترا و بیستراوەکانی بکات، چونکە لە ئێستادا ناژی و توانای دەرکردن و تێگەیشتنی کەتواری هەنووکەیی نییە. ڕەوتی کۆمونیزمی کرێکاریش دەیەوێت، کۆمەڵگە لەناو چوارچێوەیەکی پێشتر ئامادەکراو بپەستێوێت، بە واتایەکی دیکە، دەیەوێت لە بری گۆڕینی کەوشێکی بچووك، لە زیادی (پێپا) گەورەکان ببڕێتەوە، تاوەکو لەتەك کڵێشە ئامادەکەدا بگونجێت.

**خوێنەرانی هێژا لەم لینکە (http://www.mediya.net/wane/ferheng/henbane-borine/index.htm)، دەتوانن لە (هەنبانە بۆرینە)دا زانیاری زۆرتر بەدستبهێنن.

*** لێرەدا ڕەخنەم ئاراستەی مارکسیستە ئازادیخوازەکان، ئەوانەی کە باوەڕیان بە بەرنامەڕێژی و پارت و دەوڵەت و «دیکتاتۆری پڕۆلیتاریا» و شوانەیی چەوساوان نییە، نییە. تەنیا ڕووم لەوانەیە، کە لەسەر کێش و سەروای بەهەشت و دۆزەخی ئایینەکان، کۆموڵگە سەرەتاییەکان و کۆمەڵگەی چینایەتی و کۆمەڵگەی سۆشیالیستی لێكدەدەنەوە و خۆیان لە جێی پێخەمبەرەکان دادەنێن و وتەکانیان وەك دەقە ئایینییەکان لە دەرەوەی ڕەخنە ڕادەگرن.

بەستەری، وتاردانەکەی خەسرەو سایە لە مەیدان ئازادی سلێمانی:

http://www.youtube.com/watch?v=RlBVLTyNlHU

بەستەری، مانیفێستی ڕەوەندی سۆشیالیستی کرێکاری:

http://www.dengekan.info/dengekan/11/9384.html

الاناركية الثورة الروسية في اوكرانيا١٩١٧ – ١٩٢١

الاناركية
مجتمع بلا رؤساء
او المدرسة الثورية التي لم يعرفها الشرق
إعداد وعرض: احمد زكي

موجز تاريخ حياة ماخنو
نستور ماخنو ثوري اوكراني، ولد في عائلة فقيرة ببلدة جولاي بولايي، باوكرانيا، وهو اصغر اخواته الخمس. سجلت عائلة ماخنو ابنها من مواليد عام ١٨٨٩ في محاولة لتأجيل تجنيده في الجيش القيصري، ولكنه ولد في ٢٦ اكتوبر ١٨٨٨ ومات في ٢٥ يوليو ١٩٣٤. درس ماخنو في مدرسة دينية بعض الاشياء البسيطة بين الثامنة والثانية عشر من العمر. بعد الثورة الروسية الاولى في ١٩٠٥، انضم ماخنو سريعا لجماعة من الاناركيين وانخرط في عمليات سطو مسلح، ونهب اموال وقتل التجار الاثرياء ورجال الشرطة. في ١٩١٠ صدر ضده حكم بالاعدام شنقا لكن بدلا من ذلك ارسلوه الى سجن بوتيرسكايا بموسكو حيث امضى هناك ستة اعوام. سمحت له فترة السجن ترقية تعليمه ومعارفه، من خلال رفاق الزنزانة (من اهم من ساعده على ذلك كان بيوتر اركينوف). بعد ثورة فبراير ١٩١٧، اطلق سراح ماخنو، لينضم الى الحركة الثورية في اوكرانيا وساعد في تنظيم عملية مصادرة اموال وممتلكات كبار ملاك الاراضي والرأسماليين هناك.
في اوائل عام ١٩١٨، وقعت الحكومة البلشفية الجديدة في روسيا معاهدة برست ليتوفسك للسلام مع قوى المحور، ولكنها بموجب هذه المعاهدة تنازلت عن مساحات واسعة من المناطق التي كانت تحت حكمها ومن ضمنها اوكرانيا. لم يرغب سكان اوكرانيا في الوقوع تحت حكم قوات المحور، ولهذا نشب التمرد هناك. تشكلت وحدات من الانصار وشنت حرب عصابات ضد القوات الالمانية والنمساوية، وسرعان ما اتخذ هذا التمرد نبرة سياسية اناركية. كان نستور ماخنو واحد من المنظمين الرئيسيين لجماعات الانصار تلك، والتي توحدت في جيش الانتفاضة الثوري لكل اوكرانيا، وايضا اطلق عليه اسم الجيش الاسود (لان مقاتليه كانوا يحاربون تحت علم الاناركية الاسود)، واطلق عليهم ايضا “الماخنويين” او “ماخنوفشيشينا”. دخل الجيش الثوري لانتفاضة اوكرانيا عدد من المعارك ضد البيض (الثورة المضادة) ومرتكبي مذابح معاداة السامية. في المناطق التي طرد منها جيش اوكرانيا الثوري الجيوش المعارضة، سعى القرويون (والعمال) الى الغاء الرأسمالية والدولة من خلال تنظيم انفسهم في مجالس قروية، وكوميونات ومجالس حرة. تمت مصادرة المصانع والارض الزراعية ووضعت تحت سيطرة اسمية للعمال والفلاحين، ولكن من شغل منصب العمد والعديد من المناصب الرسمية اتوا مباشرة من بين صفوف انصار ماخنو العسكريين، بدلا من الشغيلة المحليين. وّهو محل جدل حتى اليوم اذا ما كانت حكومة ماخنو اكثر ديموقراطية في تلك الفترة ام لا.
المنطقة المحررة (اوكرانيا الاناركية)
وجد الهيتمان ، بافلو سكوروباديسكي، رئيس الحكومة الالعوبة في الدولة الاوكرانية، صعوبات جمة في محاولاته للسيطرة على اوكرانيا بينما يواجه جيش ماخنو التحرري. وهكذا، تم استدعاؤه الى المانيا بعد انهيار الجبهة الغربية الالمانية. في مارس ١٩١٨، نجح الجيش الثوري الاوكراني في هزيمة القوات الالمانية والنمساوية والقوميين الاوكرانيين بزعامة سايمون بيتلورا، والعديد من قطاعات الجيش الابيض.
عند هذه النقطة، تحول الدور العسكري لماخنو الذي اضطلع به في سنوات عمره الاولى الى دور تنظيمي. اصدر المؤتمر الاول لكونفدرالية الجماعات الاناركية، المسماة الناباط (“الجرس”)، خمس نقاط رئيسية: الشك في كل الاحزاب السياسية، ورفض كل الديكتاتوريات (وبشكل رئيسي تلك التي تفرض على الشعب من اعلى)؛ ونفي اي مفهوم للدولة، ورفض اي “فترة انتقالية” او “استبداد البروليتاريا”، والادارة الذاتية لكل العمال من خلال مجالس العمال الحرة (السوفيتات). وفي الوقت الذي دافع فيه البلاشفة عن منطق ان مفهومهم “ديكتاتورية البروليتاريا” يعني بالدقة “حكم مجالس العمال”، عارض برنامج ماخنو هذا التدبير البلشفي “الانتقالي” الذي يخفي تحته “ديكتاتورية الحزب”.
زعم انصار ماخنو، من نوفمبر ١٩١٨ حتى يونيو ١٩١٩، انهم يخلقون مجتمعا اناركيا في اوكرانيا يمارس العمال والفلاحون فيه الحكم بطريقة ديموقراطية.
الثورة المضادة: الضربات المضادة البيضاء والحمراء
قاوم الماخنويون محاولات اجتياح الجيش الابيض الاوكراني للبلاد من الجنوب والشرق لمدة ثلاث اشهر قبل ان تنضم الى مجهودهم الحربي وحدات الجيش البلشفي. ولكن حتى بعد انضمام الجيش البلشفي للحرب، حافظ الاناركيون على استمرار هياكلهم السياسية الرئيسية مستقلة ورفضوا القبول بالقوميساريين السياسيين ا لذين عينهم البلاشفة. قبل الجيش الاحمر مؤقتا هذه الشروط، ولكن سرعان ما توقف البلاشفة عن امداد الماخنويين بالامدادات الرئيسية، مثل الحبوب والفحم. تم حظر صحيفة الناباط (كونفدرالية الجماعات الاناركية الاوكرانية) واعلن المؤتمر الثالث خصوصا مؤتمر بافل ديبينكو) تجريم الماخنوية والثورة المضادة، ورد مؤتمر الاناركيين على ذلك في تساؤل علني، “هل يمكن ان يوجد قانون يصنعه قلة من الاشخاص يسمون انفسهم ثوريين، تسمح لهؤلاء ان يعلنوا تجريم شعب بأكمله اكثر ثورية منهم؟ ” التبرير الذي اعطته الصحافة البولشفية لهذا الصدام مع الاناركيين هو ان “دولة ماخنو الاناركية” هي نظام حكم امير حرب مناصبها المدنية يعين هو والقادة العسكريون الاخرون اشخاصها (ولا ينتخبون)، وأن ماخنو نفسه رفض تزويد عمال السكك الحديدية وعمال التلغراف السوفيت بالطعام، وان “القسم الخاص” للهيئة الاناركية يقوم بعمليات اعدام وتعذيب سرية، وان قوات ماخنو قد اغارت على قوافل الجيش الاحمر التي تحمل الامداد والتموين، وسرقت سيارة مدرعة من بريانسك كانت في انتظار اصلاح عطب بها يقوم به الاناركيون، وان الناباط مسئول عن اعمال دموية ارهابية في المدن الروسية.
ارسل لينين سريعا ليف كامينييف الى اوكرانيا، حيث عقد هناك لقاءا وديا مع ماخنو. بعد مغادرة كامنييف لاوكرانيا، اوقع ماخنو برسالتين ارسلت بهما قيادة البلاشفة لجيشهم في اوكرانيا، الاولى تصدر اوامر للجيش الاحمر بالهجوم على قوات ماخنو، والثانية تأمر باغتياله. ارسل تروتسكي، بعد المؤتمر الرابع للكونفدرالية الاناركية فورا، باوامر صريحة للقبض على كل عضو من اعضاء المؤتمر، ثم اعلن ما شاع بعدها انه “من الافضل التخلي عن اوكرانيا باكملها وتسليمها لقوات دينيكن هناك (الجيش الابيض) من السماح بتوسع سيطرة اتباع ماخنو” . واستمر الجدل حول ان تروتسكي كان يفضل التعامل مع قوات الحرس الابيض في جبهة اوكرانيا عن التعامل مع جيش فلاحين محايد، حيث كان الجيش الاحمر وقتها في مواجهة مع البيض والقوات الاجنبية حينئذ في جميع الاتجاهات. رد ماخنو على الهجوم الاحمر هذا كان هو الهرب مع اقرب مساعديه. تعرضت قوات تروتسكي بعدها الى ضربة قوية من قوات دينيكن ارغمته على الانسحاب من اوكرانيا. اعاد ماخنو تشكيل قواته واجبر قوات دينيكين المنهكة على التراجع، وحافظ على تماسك جيش الانتفاضة الثوري لاوكرانيا.
جماعة ماخنو
ازدادت قوة وشعبية ماخنو كثيرا، وتحولت الحركة الماخنوية مرة اخرى الى ادارة عملية التنظيم الذاتي للبلاد، واتبعت المبادئ الاناركية بتحطيم السجون ومراكز الشرطة واطلقت حرية التعبير والضمير وانشاء الجمعيات وحرية الصحافة. انخفضت قوات ماخنو للنصف نتيجة لتفشي وباء التيفوس في صفوفها، حينئذ بدأ تروتسكي يمارس ضرباته العدائية ضدهم مرة اخرى.
عقدت هدنة جديدة بين قوات ماخنو والحرس الاحمر في اكتوبر ١٩٢٠ عندما اقتربت القوتان من المقاطعات التي يسيطر عليها جيش رانجل الابيض. كانت القوات الماخنوية لا تزال ترحب بمساعدة الجيش الاحمر، ولكن عندما تم القضاء على البيض تماما وطردهم من منطقة القرم، انقلب الشيوعيون على ماخنو مرة اخرى. اوقع ماخنو بثلاث رسائل سرية من لينين الى كريستيان راكوفسكي، رئيس حكومة البلاشفة في اوكرانيا. كانت اوامر لينين هي القبض على كل اعضاء منظمة ماخنو ومحاكمتهم كمجرمين جنائيين معتادين.
المنفى
في اغسطس ١٩٢١، اضطر ماخنو وقد استنفذ البلاشفة قواه الى ان يخرج في النهاية من اوكرانيا مطاردا، حيث فر اولا الى رومانيا، ثم الى بولندا واخيرا وصل الى باريس. في ١٩٢٦، وقد انضم الى منفيين روس اخرين في باريس كجزء من جماعة “دييلو ترودا” (قضية العمال)، شارك ماخنو في كتابة ونشر البرنامج التنظيمي للشيوعيين التحررين، الذي طرح افكارا في كيفية تنظيم الاناركيين لانفسهم على اسس مستمدة من تجاربهم في اوكرانيا الثورية وهزيمتهم على ايدي البلاشفة. رفض معظم الاناركيون هذه الوثيقة بشكل اولي عند صدورها، ولكنها اليوم تتمتع بقبول واسع. لا تزال هذه الوثيقة محل جدل ونقاش حتى اليوم، وتستمر في اثارة الهام بعض الاناركيين بسبب وضوح افكارها وحيوية الهياكل التنظيمية التي تقترحها، في نفس الوقت الذي تستثير فيه من الناحية الاخرى نقد الاخرين ، الذين رأوا فيها تزمتا شديدا وانها تبني تراتب هرمي قاسي.
في نهاية حياته، عاش ماخنو في باريس، وعمل كنجار وفني ديكورات في اوبرا باريس وستديوهات السينما هناك.
مات ماخنو عام ١٩٣٤. بعد وفاته بثلاث ايام اقيم حفل تأبين له، بحضور ٥٠٠ شخص في مدافن بير لا شيز الشهيرة.

زيارتي للكرملين بقلم نستور ماخنو
مقدمة المترجم
زار الاناركي الاوكراني الفلاح نستور ماخنو موسكو في يونيو ١٩١٨ وقام بعقد لقاءات مكثفة مع الزعيمين البلشفيين سفردلوف ولينين. بعد ذلك بسنوات عدة، كتب ماخنو، في منفاه بفرنسا، مذكراته عن السنتين الصاخبتين ١٩١٧ ١٩١٨. “زيارتي للكرملين” هي ترجمة لفصلين يعرضان لقاءات ماخنو مع العمالقة البلاشفة. هناك مقتطفات عدة عن هذه اللقاءات في اعمال شتى بالانجليزية ولكن الرواية الكاملة لهذه اللقاءات تظهر هنا لاول مرة (١٩٧٩) .
موسكو في يونيو 1918
تمتع نظام حكم البلاشفة في يونيو 1918 بفترة استرخاء قصيرة بعد التقلصات العنيفة للثورة والحرب الاهلية. لم يكن البلاشفة في اوضاع خطر عسكري مباشر، رغم حصار القوات المعادية لهم من كل الجوانب. عنق الزجاجة اللطيف هذا، الذي استمر من معاهدة بريست ليتوفسك (مارس 1918) الى انهيار قوات المحور في اخر السنة، سمح للبولشفيك بتماسك وتمتين قوتهم السياسية والعسكرية.
من وجهة نظر الاناركيين الروس، مثلت معاهدة بريست ليتوفسك مصدرا للثورة. دفع البلاشفة، باتفاقهم مع قوات المحور، ثمنا فادحا تمثل في تنازل عن اراض وعن ثروات طبيعية. الا انه، بل والاكثر اهمية، فضل البلاشفة صنع حلف مع الامبرياليين على ان يحاولوا نشر الثورة من خلال المبادرات الشعبية، وخصوصا، حروب الانصار .
بعد صلح بريست ليتوفسك (مع الالمان) بوقت قصير انقلب البلاشفة ضد حلفائهم اللدودين، الاشتراكيون الثوريون اليساريون والاناركيين. جهاز التشيكا، الذي كان السبب الظاهري وراء انشاءه هو قمع قوى الثورة المضادة، اطلقوه على منتقدي البلاشفة من ارضية يسارية. الذريعة المباشرة لقمع اناركيي موسكو نشأت عندما اشتكى ممثل الحكومة الامريكية من سرقة سيارته واتهم الاناركيين. (طبقا لممثل الحكومة البريطانية، بروس لوكهارت، لقد كانت سيارة تروتسكي هي السيارة التي سرقت). في ليلة الحادي عشر من ابريل، اغارت التشيكا على 26 مركزا اناركيا. اكبر تلك المراكز، بيت الاناركية في شارع مالايا ديميتروفكا (مقر الغرفة التجارية سابقا) حيث كان مسرحا لاشرس المعارك. قتل في المعركة عشرات من الاناركيين ورجال التشيكا وقبض على المئات اثناء الاهوال التي دامت طوال الليل . تكررت هذه المعركة التي لا مثيل لها في عدة مدن روسية اخرى.
القمع الرسمي للاناركيين لم يمر دون مضاعفات داخل صفوف الحزب الشيوعي نفسه . لوقت بعد صلح برست ليتوفسك، مجموعة داخل المستوى القيادي الاعلى للبلاشفة وبالاشتراك مع بوخارين تدبروا امر صنع مؤامرة انقلابية ضد لينين، من اجل ايقاف الانزلاق السريع للثورة نحو اليمين. ولكن سرعان ما ارتد هؤلاء المنشقون الى موقف الطاعة والتأييد غير النقدي للنظام .
اوكرانيا في ١٩١٨
في الوقت الذي تبددت فيه الثورة نفسها توا في روسيا، لم تكن الثورة في اوكرانيا قد بدأت بعد. كانت اوكرانيا بشكل غالب منطقة فلاحية: في ١٩١٨ فقط ١% من السكان كان من الممكن تصنيفهم عمال صناعيين وتركزوا في قليل من المراكز في شرق وجنوب البلاد. استجاب الفلاحون في اوكرانيا ببطء للاطاحة بسلطة القيصر والفراغ السياسي الناجم عن ذلك. ولكن الثورة اكتسبت تدريجيا حيوية وقوة دفع، حتى اصبحت حركة شاملة بمقاييس يقل نظيرها في تاريخ الهبات الشعبية .
بعد ثورة فبراير 1917، تولت الحكم في كييف حكومة قومية ضعيفة، الرادا المركزية . هذه الحكومة فشلت في الحصول على اعتراف بشرعيتها سواء من الحكومة المؤقتة في بتروجراد او النظام البلشفي الذي خلفها. في اوائل عام 1918 قام الجيش البلشفي تحت قيادة الجنرال انطونوف بغزو اوكرانيا. لم تستطع الرادا المركزية حشد التأييد الشعبي لصد القوات الغازية، التي تكونت تقريبا من جنود كلهم غير اوكرانيين. بعد ان احتل الغزاة كييف في اوائل فبراير، وقعت الرادا المركزية معاهدة سلام مع قوى المحور وسعت الى الحصول على عون عسكري في مواجهة البلاشفة. عندئذ دخلت القوات الالمانية والنمساوية اوكرانيا، وطهرتها من القوات الروسية وجماعات الانصار الاخرى على اختلاف توجهاتها بنهاية ابريل. قوات المحور، فور احتلالهم اوكرانيا، شرعت في نهب البلاد من كل مؤنها الغذائية والمواد الخام الاخرى التي يستطيعون الوصول اليها. قوات الاحتلال هذه، وقد اكتشفت ان الرادا المركزية هي غصة في الحلق اكثر منها عونا في هذا المشروع، دبرت انقلابا بواسطة بافل سكوروبادسكي احد ملاك الاراضي الارستقراطيين في 29 ابريل. اعلن سكوروبادسكي نفسه “هيتمان” لكل اوكرانيا. جسد استيلاء الهيتمانات على السلطة عودة الى الرجعية الاقطاعية التامة بازياءها الفضفاضة الفخمة واحتفالاتها التاريخية الدينية. اضطرت العناصر الثورية في الريف الى العمل تحت الارض او في المنفى.
ماخنو
كان نستور ماخنو في السابعة والعشرين من العمر عندما زار العاصمة الروسية في 1918. امضى ماخنو ثلث حياته خلف القضبان، ومنهم سبعة سنوات في سجن بوتيركي بموسكو. ماخنو، وقد قبض عليه عام 1908 بسبب نشاطاته الاناركية في منطقة قريته التي ولد فيها جويلاي-بولاي، صدر ضده حكم بالاشغال الشاقة مدى الحياة . عاد ماخنو، وقد حررته ثورة فبراير، الى قريته. كان ماخنو هو الباقي الوحيد من المجموعة الثورية التي سحقها القيصر منذ عقد مضى . القى ماخنو بنفسه فورا في تنظيم النقابات، والكميونات، والسوفيتات – وكان من النادر ان تجد امتداد لسلطة الرادا المركزية في المناطق الاوكرانية التي نشط فيها ماخنو؛ وقد شرعت جماعات الفلاحين المحلية في نزع ملكية اراضي النبلاء بمبادراتهم الخاصة. عندما قام البلاشفة بغزو اوكرانيا للمرة الاولى في يناير 1918، ساعدهم ماخنو وجماعته من الانصار الاناركيين بطردهم لقوات الرادا المركزية الضعيفة من الضفة اليسرى لنهر الاكريلن (شرق نهر الدنيبر). بعدها بثلاثة اشهر، عندما اضطر البلاشفة للتراجع والخروج من الاطراف الشرقية لاوكرنيا نتيجة ضغط قوات التحالف النمساوي الالماني وقوات الرادا المركزية، تراجع معهم انصار ماخنو والعصابات الاناركية الاخرى. بنهاية ابريل عقد مؤتمر للاناركيين الاوكرانيين في البلدة الساحلية تاجانروج، التي كانت تحت السيطرة البلشفية بشكل مؤقت. قرر المؤتمر سياسات تنظيم حركة سرية في القرى الاوكرانية. فوض المؤتمر ماخنو للقيام برحلة الى موسكو لمدة شهرين للاتصال بالمجموعات الاناركية الاخرى ولتحديد اتجاهات البلاشفة نحو الانشطة الاناركية في اوكرانيا . شق ماخنو طريقه ببطء عبر مراعي روسيا السوفيتية الفتية، وقد فلت من الهلاك باعجوبة عديد من المرات. عقد ماخنو، وقد وصل الى موسكو مع بداية يونيو، لقاءات مع اناركيين قياديين اضافة الى ممثلين لفصائل سياسية اخرى. كان اليسار المعادي للبلاشفة يمثل وجودا هشا في الحياة السياسية هناك، لا تزال السلطات تتحمله، ولكنه محروم من حرية الحركة. ماخنو، وقد جاء من منطقة لا يزال النشاط الثوري فيها صاعدا وإن لم يسقط النظام الاجتماعي القديم فيها بعد، نفد صبره من الركود والانهزامية التي صادفها في موسكو. في مذكراته كتب ماخنو يسب “الثورة الورقية” للمثقفين الروس في مقابل الحركة الاناركية الناهضة التي كان يتوقع صعودها في اوكرانيا .
لينين وسفردلوف
كان غرض ماخنو الظاهري من زيارة الكرملين هو تقديم طلب للحصول على بطاقة لغرفة خالية. ولكن من المؤكد انه كان يأمل في التعرف السليم من القادة البلاشفة على اتجاهاتهم نحو الثورة الفلاحية في اوكرانيا. نجح ماخنو في ذلك نجاحا باهرا. في يونيو 1918 كانت الحكومة البلشفية لا تزال تتمتع بمرونة كافية ولا تتمسك بالرسميات لدرجة ان “فلاح نصف متعلم” (كما كان ماخنو يصف نفسه) يمكنه التجول عبر اروقة السلطة ويتقابل وجها لوجه مع اشد زعمائها سطوة. بعد لقاء عابر مع بوخارين، تكلم ماخنو بعد ذلك مع سكرتير سفردلوف، ثم مع سفردلوف نفسه، الذي قدمه فيما بعد الى لينين. كان القادة البلاشفة بشكل عام من الشباب، ولم يكن عمرهم اكبر كثيرا من سن ماخنو، رغم تاريخهم الطويل في تجارب الحركة الثورية. كان عمر بوخارين 30، وسفردلوف 33 حين قابلهما ماخنو. كان عمر لينين وقتها 48 سنة، وكان مساعدوه يشيروا اليه منذ زمن طويل باسم “الرجل العجوز”. عند لحظة معينة في 1918 صرح لينين بملاحظة الى تروتسكي، “هل لو قتلنا على ايدي الجنرالات البيض، انت وانا، هل تعتقد ان بوخارين وسفردلوف سوف يستطيعان ادارة الامور؟ ” وهذا يشير الى ان ماخنو استطاع مقابلة ثلاث من الاربع قيادات بلشفية الجبابرة (بدا ان تروتسكي كان في موسكو حينذاك ولكنه كان مشغولا تماما في تنظيم الجيش الاحمر).
قليلا ما يتذكر الناس ياكوف سفردلوف هذه الايام بسبب موته المبكر في مارس 1919، ضحية لوباء الانفلونزا الذي اجتاح العالم. ولكن في 1918، بوصفه رئيسا للجنة المركزية التنفيذية لسوفيتات عموم روسيا فقد كان سفردلوف من الناحية الفنية رئيسا للدولة السوفيتية. وما هو اكثر مغزى من الناحية العملية، كان سفردلوف ايضا السكرتير العام بحكم الامر الواقع للحزب الشيوعي الروسي، وهوالمنصب الذي اصبح اكثر شهرة حين شغله فعليا جوزيف ستالين، خلفا لسفردلوف.
المؤهلات التي حملها سفردلوف لهذه المناصب المرموقة هي السنوات العديدة التي قضاها في خدمة العمل السري البلشفي وخضوعه المطلق للقائد لينين. سفردلوف، على غير منوال زملائه في سدة السلطة العليا بالحزب، لم يمتلك شهرة كمنظر. فعليا، وطبقا لمخطوط سيرة ذاتية كتبه زعيم بلشفي اخر، سفردلوف “لم يمتلك افكار… لم يخرج منه ابدا شيئا اصيلا”. ولكن سفردلوف كان مرموقا بالاحرى لمواهبه التنظيمية ومعرفته الموسوعية بالحزب . نتيجة لقدراته البارعة كسكرتير للحزب، كانوا يستدعون سفردلوف دائما لاعطاء احكام سريعة عن شخصية من سيتولى منصبا معينا من اعضاء الحزب. من المفترض انها موهبته في التقاط قدر الناس هي السبب الذي جعله يمنح هذا الوقت الطويل لمحرض فلاح غامض ويضعه امام لينين.
المقابلات
حيث ان هذه اللقاءات كتب عنها ماخنو بعد سنوات عديدة من وقوعها، من الضروري ان نتدبر امر دقة روايته. الشاهد ان الزعماء البلاشفة تركوا انطباعا قويا على ماخنو ومن الضروري انه ناقش مقابلاته تلك مع هؤلاء الرجال بدقة شديدة مع رفاقه في موسكو. لذا بينما لا نستطيع ان نأخذ الرواية على انها محضر اجتماع، يبدو من المعقول ان نشير الى انها تمثل صورة قريبة لما حصل فعليا.
ولكن يجب ان نتذكر ان ماخنو في كتابته لمذكراته، وهو مجهود بذله بعناد في ظل ظروف شديدة الصعوبة، لم يكن ماخنو مهتما اوليا بتلبية مطالب المؤرخين المحترفين. بل الاحرى انه كان يكتب الى الفلاحين والعمال الاوكرانيين الذين حاول ان يحمل راية طموحاتهم وآمالهم، شارحا تفسيرا للثورة الضائعة. وعلى اتصال بذلك، صدق اصطدامات ماخنو مع البلاشفة على السيادة الاوكرانية هي امر مفتوح للتساؤل. انه يصور سفردلوف ولينين بوصفهم شوفينيين روس عظام ويصور نفسه كمؤيد لشكل ما من الاستقلال الذاتي الاوكراني . هناك قليل من الشك في ان سفردلوف ولينين كانا يعارضان الاستقلال الذاتي الاوكراني في 1918، ولكن بالنسبة لماخنو في ذلك الوقت “الاوكرانية” كانت شيئا ما سياسيا اكثر منه مخططا قوميا، يحتكره لانفسهم اعداءه من انصار الرادا المركزية. لذا تشديد منتقديه على هويته القومية ربما كان اسقاطا جاء في مرحلة تالية. اراء ماخنو في المسألة القومية تعرضت بشكل جلي لبعض التطورات في اثناء منفاه، رغم ان ايمانه بمناهضة فكرة الدولة يبرئه من كونه قوميا.

رواية ماخنو: اللقاءات الاولى
وصلت الى بوابات الكرملين عازما على رؤية لينين، واذا كان ممكنا، سفردلوف، وان اجري محادثات معهما. كان هناك جنديا يجلس خلف باب صغير. سلمته تصريحا باسمي صادر عن سوفيت موسكو. بعد ان قرأه بعناية، اصدر لي اذنا بالمرور، وارفقه بالتصريح، ومررت عبر الباب الى داخل الكرملين. في الداخل كان احد جنود حملة البنادق اللاتفيين يروح جيئة وذهابا . درت حوله وبدأت الدخول الى الميدان الرئيسي عندما وجدت نفسي وجها لوجه مع حارس اخر. سألته ان يدلني على المبنى الذي من المفترض ان اتوجه اليه. بداية من هذه اللحظة، اصبحت حرا في ان اتجول، وفي ان اقف للفرجة على المدافع والدانات المتنوعة التي يعود زمانها الى ايام بطرس الاكبر، وان اتوقف امام جرس القيصر العظيم والعجائب الاخرى المشهورة بالكرملين، او حرا في ان اذهب مباشرة الى داخل احد القصور.
دلفت يسارا وابتلعتني احد تلك القصور (نسيت اسمه) وقفزت على درجات السلم حتى الطابق الثالث. ثم سرت بخطوات واسعة بامتداد الردهة الطويلة الخالية من الناس حيث كانت اللافتات المعلقة على الابواب تقرأ “اللجنة المركزية للحزب” او “المكتبة”. وبما انني لا احتاج الى اي منهما، واصلت طريقي دون ان ادري هل يوجد احد خلف هذه الابواب ام لا.
بعض هذه اللوحات لم تحمل اسماءا عليها، لذا رجعت بخطواتي الى الوراء، وتوقفت امام احداها التي تحمل لافتة “اللجنة المركزية للحزب”، وخبطت على الباب. “ادخل”، اجابني احد الاصوات من الداخل. داخل الغرفة كان يجلس ثلاثة من الناس معا غارقين في صمت تام. بدا انني اميز من بينهم زاجورسكي الذي كنت قد رأيته قبلها بيومين او ثلاثة في احد نوادي الحزب البلشفي. سألت هؤلاء الناس اين استطيع ان اجد مكتب السكرتير التنفيذي للجنة المركزية.
احد الثلاثة (بوخارين إن لم اكن مخطئا)، نهض وامسك بحقيبته تحت ابطه. قال الرجل، مخاطبا زملاءه بصوت عال للدرجة التي تجعلني اسمعه، “انا راحل، ولسوف ارشد هذا الرفيق إلى مكتب اللجنة المركزية التنفيذية”، مشيرا لي بطرف ذقنه وقد استدار نحو الباب. شكرت الحاضرين وتركتهم مع الرجل الذي اعتقدت انه بوخارين.
الممر الى القاعة كان صامتا صمت القبور.
سألني مرشدي من اين انت.
اجبته، “من اوكرانيا”. عندها سألني عديد من الاسئلة عن الارهاب المستشري في اوكرانيا واراد ان يعرف كيف استطعت ان اصل الى موسكو.
عند وصولنا الى السلم، توقفنا لنستمر في الحديث. اخيرا، اشار الرجل الذي جعلته الصدفة دليلي داخل الكرملين الى الباب الذي على يمين مدخل الممر حيث قال لي انني سوف اجد هناك من يجيبني على ما اريد.
وبعد ان تصافحنا بالايدي، مضى الرجل اسفل الدرج وغادر المبنى.
مضيت الى الباب وخبطت عليه ثم دخلت. سألتني فتاة عما اريد.
اجبتها، “اود ان ارى رئيس اللجنة التنفيذية لمندوبي سوفيتات العمال والفلاحين، والجنود والقوزاق، الرفيق سفردلوف”.
دون ان تتفوه بكلمة واحدة، جلست الفتاة امام طاولة، واخذت اوراق التصريح واذن الدخول، ودرستهم بامعان، ثم سجلت بعض بياناتهم، وكتبت تصريح مرور اخر سجلت عليه رقم الحجرة التي من المفترض ان امضي اليها.
في الحجرة التي ارسلتني الفتاة اليها وجدت سكرتير اللجنة المركزية التنفيذية، رجل متين البنيان، تبدو عليه علامات التغذية الجيدة ولكن بملامح مرهقة. طلب مني اوراقي وسلمتها له. وجد الرجل في الاوراق ما اثار اهتمامه وبدأ يسألني بعض الاسئلة:
“اذا انت من جنوب روسيا يا رفيق؟”
“نعم، انا من اوكرانيا”.
” كنت توا رئيسا للجنة الدفاع عن الثورة في زمن كيرينسكي؟ ”
“نعم”
“اذا انت اشتراكي ثوري؟” (بمعنى، انت عضو في الحزب الاشتراكي الثوري)
“لا!”
“ما هي علاقاتك او ماذا كانت علاقاتك بالحزب الشيوعي في منطقتك؟”
اجبته، “انا اعرف شخصيا العديد من مقاتلي الحزب البلشفي”. وعددت له اسماء رئيس اللجنة الثورية في الكسندروفسك، الرفيق ميخائيليفيتش، وبعض المقاتلين الاخرين من ايكاترينوسلاف.
صمت السكرتير للحظة، ثم سألني عن عقلية الفلاحين في “جنوب روسيا”، وعن سلوكهم نحو القوات الالمانية وجنود الرادا المركزية، وعن اتجاهاتهم نحو السلطة السوفيتية الخ.
اعطيته اجابات مختصرة بدا ظاهرا انها نالت رضاه؛ وفعليا كنت آسفا على انني كنت غير قادر على شرحها له بمزيد من الاستفاضة.
في النهاية اتصل الرجل تليفونيا باحد الاشخاص ثم دعاني الى الذهاب الى مكتب رئيس اللجنة المركزية التنفيذية، الرفيق سفردلوف.
مقابلتي مع سفردلوف
في طريقي الى هناك سرحت بخاطري في الروايات التي تنشرها قوى الثورة المضادة، بل وحتى ينشرها اصدقائي انفسهم الذين كانوا اعداءا لسياسات لينين وسفردلوف وتروتسكي، وهي الروايات التي تقول حرفيا ان من المستحيل ان تستطيع الوصول الى هذه الالهة الارضية. فمن المفترض انهم محاطون بكتائب من الحراس الشخصيين، لن يسمح سوى رئيس الحرس هذا بلقائهم الا لمن يوافق هو شخصيا عليهم.
الان، وقد اصطحبني سكرتير اللجنة التنفيذية المركزية، ادركت سخافة هذه الروايات.
فتح سفردلوف لنا الباب بنفسه وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة سرور، تشيع منها روح الالفة، واخذني من يدي، ليجلسني على كرسي بمساند. رجع سكرتير اللجنة التنفيذية المركزية الى مكتبه. بدت اثار النعمة على الرفيق سفردلوف اكثر من سكرتيره. وبدا سفردلوف ايضا اكثر اهتماما بما نقل اليه عما يحدث في اوكرانيا خلال الشهرين او الثلاثة الماضيين. دخل سفردلوف في الموضوع مباشرة قائلا لي:
“وهكذا، قد اتيت يا رفيق من جنوب بلادنا المعذب. اي عمل كنت تضطلع به هناك؟”
“العمل الذي تنخرط فيه الجماهير العظيمة من العمال الثوريين في اوكرانيا. هؤلاء العمال، وقد شاركوا بدورهم في الثورة، مستمرون في الكفاح من اجل تحررهم الشامل. مكاني بين صفوفهم، اذا ما كان لي ان اقول هذا، هو ان اتقدم الصفوف نحو هذه الغاية. اليوم، بسبب انهيار الجبهة الثورية الاوكرانية، وجدت نفسي بشكل مؤقت اهيم على وجهي في موسكو”.
صاح سفردلوف، مقاطعا لي، “ماذا تقول يا رفيق؟ فلاحو الجنوب معظمهم من الكولاك او من انصار الرادا المركزية”.
انفجرت في الضحك ثم وصفت له باختصار ولكن بشكل دقيق ومحكم حركة الفلاحين التي نظمها الاناركيون في منطقة جولاي-بولايي ضد قوات الاحتلال النمساوي الالماني وجنود الرادا المركزية.
ورغم عدم الراحة الذي شعر به سفردلوف بشكل واضح استمر في الحديث:
“اذا، لماذا لم يدعم هؤلاء الفلاحون وحدات حرسنا الاحمر؟ طبقا لمعلوماتنا فلاحو الجنوب تسممهم افكار الشوفينية الاوكرانية المتطرفة وهم في كل مكان رحبوا بالقوات الالمانية وقوات الرادا المركزية في حماسة بوصفهم محررين لهم”.
بدأت مستفزا افند معلومات سفردلوف عن حملة اوكرانيا. اعترفت له انني بنفسي كنت منظما ورئيسا لعديد من كتائب الفلاحين المتطوعين التي قادت كفاحا ثوريا ضد الالمان والرادا المركزية. اكدت له ان الفلاحين يستطيعون تجنيد وحشد جيشا قويا من بين صفوفهم لمقاتلة هؤلاء الاعداء ولكنهم لم يروا بوضوح الغرض من وراء هذه الحرب الثورية. وحدات الحرس الاحمر، وهي تحارب من قطارتها المدرعة، تحافظ على بقاءها قريبة من خطوط السكك الحديدية. انهم يرتدون للخلف عند اول هجوم معاكس دون ان يقلقوا انفسهم حتى بالتقاط جنودهم المتخلفين عنهم، منسحبين عشرات الاميال بغض النظر سواء أكان العدو يتقدم خلفهم ام لا. وشكوت من ان هذه الوحدات لا تشيع الثقة في الفلاحين الذين يقعون تحت رحمة عشماوي الثورة، حيث انهم بلا سلاح ومعزولين داخل قراهم. في الواقع، قطارات الحرس الاحمر المدرعة لم تكلف نفسها ابدا عبء ارسال فصائل من الحرس الاحمر للقرى القريبة من الخط الحديدي. الحرس الاحمر حتى لم يعط السلاح للفلاحين ولم يشجعهم على التمرد ضد اعداء الثورة، ولا على الانضمام للكفاح بانفسهم.
انصت لي سفردلوف بانتباه، صائحا من وقت لاخر، “هل هذا ممكن؟” اشرت الى ان العديد من وحدات الحرس الاحمر تنتمي لجماعات بوجدانوف، وسفيرسكاي، وسابلين واخرين. وقد اصبحت اكثر استقرار ورصانة، اشرت الى ان الحرس الاحمر لا يمكنه اشاعة الثقة في جموع الفلاحين طالما ركز تحركاته على الدفاع عن طريق السكك الحديدية مستخدما القطارات المدرعة التي تسمح لهم بشن هجمات سريعا ولكنهم غالبا ما يتراجعون. ومع ذلك هذه الجموع ما زالت ترى في الثورة وسيلة للتخلص من ظالميهم – ليس فقط كبار ملاك الارض واغنياء الكولاك، ولكن ايضا التخلص من خدمهم، موظفي الدولة بسلطتهم الادارية والسياسية. وهكذا الفلاحون مستعدون للدفاع وصد غزوات اليونكر البروسيين ، اضافة الى صد قوات الهيتمان (زعماء العشائر الاوكرانيين).
قال سفردلوف، “نعم، اعتقد انك على حق فيما يتعلق بالحرس الاحمر… ولكننا قد اعدنا تنظيمهم الان داخل الجيش الاحمر الذي يبني قواته حاليا . لو ان الفلاحين في الجنوب انغرست فيهم الروح الثورية كما جاء في وصفك، فلسوف تكون هناك فرصة طيبة لكنس الالمان من هناك ولسوف يعض الهيتمان التراب في وقت قصير. عندئذ سوف تنتصر سلطة السوفيت في اوكرانيا ايضا”.
“سوف يعتمد ذلك على تنظيم حركة سرية في اوكرانيا. شخصيا انا اعتبر هذه الحركة اكثر ضرورة من اي وقت سبق. بشرط اذا اتخذت هذه الحركة شكلا نضاليا مقاتلا، فإنها سوف تحث جماهير الفلاحين على اعلان التمرد في المدن والقرى ضد الالمان والهيتمان. دون انتفاضة ذات طابع ثوري بشكل جوهري في داخل اوكرانيا، لن يضطر الالمان النمساويون مجبرين على اخلاء البلاد ولن يكون ممكنا تهديد الهيتمان ومؤيديه او اجبارهم على الفرار مع حماتهم. لا تنس انه بسبب معاهدة بريست-ليتوفسك والعوامل السياسية المتعلقة بالقوى الاجنبية التي يجب ان تأخذها ثورتنا في الحسبان، اي هجوم يقوم به الجيش الاحمر في هذا الوقت هو امر لا يمكن تصوره” .
في الوقت الذي كنت اطرح فيه وجهة نظري، كان الرفيق سفردلوف يدون ملاحظاته.
قال سفردلوف، “في هذه الحالة انا اشاركك وجهة النظر بالكامل، ولكن ماذا تكون؟ شيوعي ام اشتراكي ثوري يساري؟ حيث انك اوكراني كما استطيع ان اقول من اللغة التي تستخدمها، ولكن الى اي من الحزبين تنتمي، هذا ما لا استطيع تحديده”.
هذا السؤال، بينما لم يمثل مفاجأة حين وجهه لي سفردلوف، (سكرتير اللجنة المركزية التنفيذية كان قد سألني نفس السؤال توا) وضعني في موقف محير. ماذا يتوجب على قوله؟ هل اقول لسفردلوف بصراحة انني شيوعي اناركي، رفيقا وصديقا لهؤلاء الذين سحقهم حزبه ودولته منذ شهرين سابقين في موسكو ومدن اخرى، ام اخفي نفسي تحت لافتة اخرى؟
احسست بالارتباك وشعر سفردلوف بذلك. لم ارد كشف تصوراتي عن الثورة الاجتماعية وعن اتجاهاتي السياسية في منتصف المقابلة معه. اخفاء هويتي كان امرا ممجوجا بنفس القدر. لذا، وبعد التفكير لعدة ثوان، قلت لسفردلوف: “لماذا انت مهتم لهذه الدرجة بانتماءاتي السياسية؟ اوراقي تظهر لك من اكون، ومن اين اتيت، والدور الذي لعبته في منطقة بعينها، وتنظيمي لعمال المدن والقرى اضافة الى تنظيمي لجماعات الانصار وكتائب المتطوعين للقتال ضد الثورة المضادة التي تجتاح اوكرانيا. اليس هذا كافيا بالنسبة لك؟”
اعتذر الرفيق سفردلوف وسألني الا اشك في شرفه كثوري او اشك في انه يفقد الثقة في. كان اعتذاره صادقا للدرجة التي جعلتني اشعر بالذنب، ودون اي تردد، اعلنته انني شيوعي اناركي من نوع باكونين-كروبوتكين .
تسائل سفردلوف، بابتسامة صديقة، “اي نوع من الشيوعيين الاناركيين انت يا رفيق، حيث انك تقف مدافعا عن تنظيم الجماهير العاملة وتوجيههم نحو الكفاح ضد السلطة الرأسمالية؟”
ولدهشة رئيس اللجنة المركزية التنفيذية، اجبته:
“الاناركية هي ايديولوجية واقعية جدا حتى انها لا تبني فهم خاص للعالم المعاصر والاحداث الواقعية. الدور الذي قام به الذين يمارسون الشيوعية الاناركية في هذه الاحداث مبني على فهم واضح للهدف المفترض تحقيقه والوسائل التي من المفترض ان تستخدم للوصول اليه..”
اخبرني سفردلوف، “ليس لدي اعتراض على ذلك، ولكنك لا تشبه على الاقل اولئك الاناركيين الموسكوفيين الذين اقاموا بشارع مالايا ديميتروفكا”، واراد سفردلوف التوسع في هذا الموضوع، ولكنني قاطعته قائلا:
“سحق الاناركيين في مالايا ديمتروفكا بواسطة حزبك هو مأساة يجب الا تتكرر في المستقبل لمصلحة الثورة…”
تمتم سفردلوف ببعض الكلمات المدغمة في لحيته، وقد نهض من كرسيه، اتى الي، ووضع راحتيه على كتفي وقال:
“ارى انك شخص مطلع جدا على ما يحدث منذ انسحابنا من اوكرانيا وخصوصا المشاعر الحقيقية لدى الفلاحين. ايليتش، رفيقنا لينين، من المؤكد انه سوف يكون مسرورا بالاستماع اليك. هل تود ان احادثه على الهاتف؟”
اجبت انه لا يوجد الكثير مما اود اضافته لفائدة الرفيق لينين، ولكن سفردلوف كان قد التقط الهاتف توا، ناصحا لينين بأن لديه الان بين يديه رفيقا يملك معلومات هامة جدا عن الفلاحين في جنوب روسيا وعن اتجاهاتهم نحو قوى الاحتلال الالماني. ودون تطويل سأل سفردلوف لينين متى يمكنه رؤيتي.
بعد لحظة وضع سفردلوف سماعة التليفون، وكتب تصريح مرور لي يسمح بعودتي في اليوم التالي. قال لي وهو يسلمني اياه:
“غدا، في الواحدة بعد الظهر تماما، تعالى الى هنا مباشرة. سوف نمضي معا الى مكتب الرفيق لينين… هل استطيع الاعتماد عليك؟”
اجبته، “اعتمد علي. لكن هل استطيع ان احصل على وثيقة من سكرتارية اللجنة المركزية تصرح لسوفيت موسكو ان يعطيني سكنا مؤقتا ومجانيا؟ والا سوف اكون مرغما على قضاء الليل راقدا على دكة في حديقة عامة”.
“سوف نرتب كل شيء غدا”، اجابني سفردلوف. وبعد سلامي عليه، اتبعت طريقي للخروج من قصر القيصر الى بوابات الكرملين، دائرا مرة اخرى حول الحرس اللاتفي، وصفوف المدافع والدانات العتيقة، ملقيا بنظرة سريعة على مدفع القيصر العظيم. حتى الغد….
لم ارجع الى الشقة التي تخص قسم الفلاحين بكونجرس السوفيت، الذي كان يترأسه بورتسيف، وهو زميل الزنزانة السابق للرفيق اركينوف . وفر بورتسيف ملجأ للعديد من الرفاق منهم اركينوف الذين تحولوا تدريجيا الى عبء ثقيل عليه. بدلا من ذلك ذهبت لأرى رئيس المركز النقابي، الذي خدم ايضا في السجن مع اركينوف. وعندما لم اجده مرحبا بضيافتي لدرجة كبيرة ذهبت لاعثر على احد المشهورين وسط الرفاق بانه “الاحمق”، الاناركي ماسلوف.
اعلنت للرفيق ماسلوف، وقد عرفته من خلال خدمتنا في الاشغال الشاقة معا، انني سوف اقيم معه، حيث انني لا اجد مكانا اقضي فيه الليل.
لم يعارض الرفيق ماسلوف ومكثت معه. فعليا اظهر لي ماسلوف ضيافة خاصة رغم انتقاداتي له على سلوكه الانفرادي العجيب الذي كان يمنعه من انشاء علاقات اخوية برفاقه السابقين في منظمات موسكو للشيوعيين الاناركيين.
مقابلتي مع لينين
في اليوم التالي، في الواحدة ظهرا، اظهرت نفسي مرة اخرى في الكرملين لاجد الرفيق سفردلوف. قادني الرفيق مباشرة الى لينين. رحب الاخير بي بطريقة ودية. امسكني من ذراع وربت على كتفي بيده الاخرى، وقادني الى مقعد بمساند. بعد ان طلب من سفردلوف ان يجلس في مقعد اخر، ذهب الى سكرتيرته وطلب منها قائلا، “لو سمحت لا تقاطعوننا حتى الساعة الثانية”. ثم جلس مقابلي وبدأ يوجه الاسئلة.
سؤاله الاول كان: “من اي منطقة انت؟” ثم: “كيف يفهم الفلاحون في منطقتك شعار كل السلطة للسوفيت في القرى وماذا كان رد الفعل عند اعداء هذا الشعار – عند الرادا المركزية على وجه الخصوص؟” اخيرا: “هل تمرد الفلاحون في منطقتك ضد الغزاة الالمان النمساويين؟ لو ان الاجابة بنعم، ماذا كان ينقص التمرد الفلاحي حتى يتحول الى انتفاضة عامة بالتنسيق مع عمل وحدات الحرس الاحمر، الذي يدافع عن اراضينا المحتلة بمثل هذه الشجاعة الرائعة؟”
كانت اجاباتي على كل هذه الاسئلة اجابات مقتضبة. لينين، بألمعيته الفريدة الخاصة، سعى ليضع اسئلته بطريقة تمكنني من اجابتها نقطة بنقطة. مثلا، سؤال: “كيف فهم الفلاحون في منطقتك شعار كل السلطة لسوفيت القرى؟” كرره لينين ثلاث مرات. وقد ادهشته اجابتي:
“فهم الفلاحون هذا الشعار بطريقتهم الخاصة. طبقا لتفسيرهم له، كل السلطة ، في كل جوانب الحياة، يجب ان تعرف بوعي وارادة الشعب العامل. يفهم الفلاحون ان سوفيتات العمال والفلاحين في قرى البلاد والمقاطعات ليست اكثر ولا اقل من وسائل في ايدي المنظمات الثورية والادارة الذاتية الاقتصادية للشعب العامل في الكفاح ضد البرجوازية وخدمها، الاشتراكيين اليمينيين وحكومتهم الائتلافية “.
سأل لينين، “هل تعتقد ان هذه الطريقة في تفسير شعارنا هي طريقة صحيحة؟”
اجبته، “نعم”.
“حسنا، اذا، الفلاحون في منطقتك اصابتهم عدوى الاناركية!”
“وهل هذا امر سيء؟”
اجابني لينين، “ليس هذا ما اعنيه. على العكس، نحن مسرورون لان ذلك سوف يعني انتصار الشيوعية على الرأسمالية”، واضاف، “ولكني اشك اذا ما كانت هذه الظاهرة تلقائية؛ انها نتيجة دعاية اناركية ولن تدوم. بل انني حتى لأميل الى الاعتقاد بأن هذه الحماسة الثورية، التي سحقتها الثورة المضادة المنتصرة قبل ان تمتلك الفرصة لخلق منظمة واحدة، قد اختفت توا”.
اشرت الى لينين ان القائد السياسي يجب الا يكون متشائما او متشككا.
قاطعنا سفردلوف، “لذلك طبقا لما تقوله، يجب ان نشجع مثل هذه الميول الاناركية في حياة جماهير الفلاحين؟”
اجبت، “اوه، فحزبك لن يشجعهم”.
امسك لينين بالفرصة.
“ولماذا يتوجب علينا ان نشجعهم؟ حتى نقسم القوى الثورية للبروليتاريا، ونمهد الطريق للثورة المضادة وننتهي بتدمير انفسنا وتدمير البروليتاريا؟”
لم استطع كظم غضبي وانزعجت تماما. اشرت الى لينين ان الاناركية والاناركيين لا يوحدهم شيء مشترك مع الثورة المضادة ولا يرشدون البروليتاريا في هذا الاتجاه.
سألني لينين، “وهل هذا ما قلته؟” واضاف، “انا احاول القول ان الاناركيين، وينقصهم المنظمات الجماهيرية، ليسوا في وضع يستطيعون فيه تنظيم البروليتاريا والفلاحين الفقراء. وبالنتيجة، هم ليسوا في وضع يستطيعون فيه استنهاضهم للدفاع، باوسع معنى للكلمة، عن ذلك الذي قمنا بقهره، وهو الامر العزيز جدا لدينا”.
تحول اللقاء الى الاسئلة الاخرى التي وضعها لينين. اجبرني لينين ان اجيب على احد هذه الاسئلة، وهو سؤال “وحدات الحرس الاحمر والشجاعة الثورية التي دافع بها عن اراضينا المشتركة التي خضعت للغزو”، طلب مني ان اجيب عليه بشكل كامل قدر الامكان. اثار السؤال قلقي بشكل واضح او ان السؤال ذكرني بما قد انجزته تشكيلات الحرس الاحمر مؤخرا في اوكرانيا، من المفترض انها قد حققت الاهداف التي وضعها لها لينين وحزبه، الذين باسمهم ارسلت هذه الوحدات من بتروجراد الى المدن الاخرى الكبرى في اطراف روسيا. اتذكر عاطفة لينين، عاطفة رجل يكافح بإيمان ضد نظام اجتماعي كرهه من اعماقه وكم تمنى تدميره، عندما قلت له:
“حيث انني شاركت في نزع سلاح العديد من القوزاق المنسحبين من الجبهة الالمانية بنهاية ديسمبر 1917 وبدايات 1918، فأنا على علم جيد “بالشجاعة الثورية” لوحدات الحرس الاحمر وبشجاعة قادته خصوصا . لكن ما يبدو لي، يا رفيق لينين، انه كونك تتلقى معلوماتك من ثاني وثالث مصدر، فهذا ما يجعلك تبالغ في مدح ادائهم”.
“كيف ذلك؟ هل تختلف في الحكم عليهم؟”
“اظهر الحرس الاحمر روحا ثورية وشجاعة، لكن ليس بالطريقة التي تصفها. كفاح الحرس الاحمر ضد الهايداماك التابعين للرادا المركزية ، وخصوصا، كفاحهم ضد القوات الالمانية، به لحظات معروفة تكشف فيها ان الروح الثورية والشجاعة، اضافة الى تحركات الحرس الاحمر وقادتهم، كانت في غاية الضعف. بالتأكيد في معظم الاحيان كل ذلك يمكن رده الى حقيقة ان قطاعات الحرس الاحمر تشكلت بسرعة وعملت ضد عدو بطريقة مختلفة تماما عن طريقة حرب الانصار او الوحدات النظامية.
“يجب ان تعرف ان الحرس الاحمر، بغض النظر عن اعدادهم، ينفذون هجومهم ضد الاعداء بالتحرك على طول خطوط السكك الحديدية. ولكن المناطق التي تقع على بعد عشرة الى خمسة عشر ميلا من خط السكة الحديد لا يحتلونها؛ المدافعون عن الثورة او الثورة المضادة يستطيعون المجيئ والذهاب في هذه المنطقة بحرية. لهذا السبب، تنجح الهجمات المفاجئة تقريبا لا محالة. فقط بالقرب من المدن والبلدات على طريق السكك الحديدية فتح الحرس الاحمر جبهة يشن منها هجماته. ولكن مناطق المؤخرة والضواحي القريبة من تقاطع السكك الحديدية ظلت كلها بلا مدافعين. انهار الاندفاع الهجومي للثورة في وجه الضربات المضادة. وما ان تنتهي وحدات الحرس الاحمر من توزيع تواجدها في منطقة معينة حتى تقوم القوى المضادة للثورة بمهاجمتها واجبارهم على الانسحاب في قطاراتهم المدرعة. في الواقع لم ير الناس حتى الحرس الاحمر ولذلك لم يؤيدونهم”.
سأل لينين، “وماذا يفعل المحرضون الثوريون في القرى؟ هل لا يقومون بتجهيز البروليتاريا الزراعية حتى يزودوا الحرس الثوري الذي يمر بالقرب من اماكنهم بدماء جديدة من القوات، او حتى يشكلوا فيالق جديدة من الحرس الاحمر لاتخاذ مواقع هجومية ضد الثورة المضادة؟”
“لا تذهب بعيدا. عدد المحرضين الثوريين قليل للغاية في القرى، ولا يستطيعون فعل الكثير. ولكن في كل يوم مئات من المحرضين والمؤيدون السريون للثورة المضادة يظهرون في القرى. في بلدي والمناطق المحلية المحيطة، من المبالغة ان تتوقع الكثير من المحرضين الثورين في خلق قوات جديدة وتنظيمهم ضد الثورة المضادة. هذه الاوقات تتطلب اعمال حاسمة من كل الثوريين في كل اوجه الحياة واوجه كفاح العمال. الا تضع هذا في اعتبارك، خصوصا في اوكرانيا، فذلك يسمح لقوى الثورة المضادة التي تساند الهيتمان ان تتطور بقوتها وتزيد من تماسك سلطتها”.
ظل سفردلوف يركز نظراته احيانا علي، واحيانا اخرى على لينين. بالنسبة للاخير، اطبق لينين اصابع يديه، ومال برأسه، وشرد في افكاره. ثم، مد قامته وقال: “كل ما قلته لي توا هو امر مؤسف”. واضاف، مستديرا الى سفردلوف، “باعادة تنظيم الحرس الاحمر داخل الجيش الاحمر نحن نسير على الطريق الصحيح الى انتصار البروليتاريا على البرجوازية”.
اجاب سفردلوف بحماسة، “نعم، نعم”.
ثم قال لي لينين، “أي اعمال تنوي القيام بها في موسكو؟”
اجبت انني لن امكث طويلا. تمشيا مع القرار الذي اتخذه مؤتمر جماعات الانصار المقام في تاجانروج، سوف اعود الى اوكرانيا في اوائل يوليو.
سألني لينين، “هل سوف تعود سرا؟”
أجبته، “نعم”.
علق لينين تعليقه الخاص، مخاطبا سفردلوف، “يمتلئ الاناركيون دائما بانكار الذات، انهم جاهزون للتضحية والفداء. ولكنهم متعصبون تعصبا اعمى، انهم يتجاهلون الحاضر ويفكرون فقط في المستقبل البعيد”. وبالاشارة الى ان ذلك ليس موجها لي، اضاف لينين، “انت، يا رفيق، كما اعتقد، تمتلك مسلكا واقعيا نحو مشاكل زماننا. لو ان فقط ثلث الاناركيين في روسيا على شاكلتك، فلسوف نكون نحن الشيوعيون مستعدون للتعاون معهم في ظل شروط معينة بهدف التنظيم الحر للمنتجين”.
في هذه اللحظة شعرت شعورا عميقا من الاحترام للينين ينهض داخلي، رغم اقتناعي الحالي انه مسئول عن افناء التنظيم الاناركي في موسكو، الذي كان علامة على تدمير المنظمات المماثلة في العديد من المدن الاخرى. وفي ضميري كنت خجلا من نفسي. وانا ابحث عن رد يجب ان اوجهه للينين، قلت له عينا في عين:
“الثورة ومواقعها عزيزة جدا بالنسبة للشيوعيين الاناركيين؛ وفي هذا المقام الشيوعيون الاناركيون مثلهم مثل كل الثوريين الحقيقيين”.
صاح لينين فورا، ضاحكا، “اوه، لا تقل لنا ذلك. نحن نعرف الاناركيين كما نعرفك. في الجزء الاعظم ليس لديهم اي فكرة عن الحاضر، او على الاقل هم لا يشغلون انفسهم به الا في القليل جدا. ولكن الحاضر هو امر جدي لدرجة انه عندما لا يفكر الثوريون به او لا يتخذون موقفا باسلوب ايجابي يتعلق به يصبح ذلك مشينا. معظم الاناركيون يفكرون ويكتبون عن المستقبل دون فهم للحاضر. وهذا ما يقسمنا، الشيوعيون وانتم”.
مع هذه الكلمات، نهض لينين من كرسيه واخذ يخطو جيئة وذهابا.
“نعم، نعم، الاناركيون اقوياء في مجال الافكار عن المستقبل – في الحاضر، هم لا يستقرون باقدامهم على ارض. مسلكهم يرثى له ولأن تعصبهم الاعمى خالي من المضمون، لا يمتلكون صلات حقيقية بهذا المستقبل الذي يحلمون به”.
اكتسى وجه سفردلوف بابتسامة شريرة، والتفت لي، قائلا: “لا تستطيع ان تجادل في ان فلاديمير ايليتش على حق في تعليقاته”.
اسرع لينين مضيفا: “هل يقر الاناركيون ابدا بافتقادهم للواقعية في الحياة اليومية الحاضرة؟ لماذا، انهم حتى لا يفكرون فيها”.
ردا على ذلك، اخبرت لينين وسفردلوف انني فلاح نصف متعلم ولا استطيع المجادلة باسلوب سليم في الرأي المثقف الخبير الذي ادلى به لينين حول الاناركيين.
“ولكني يجب ان اخبرك، ايها الرفيق لينين، ان تأكيدك على ان الاناركيين لا يفهمون ’الحاضر‘ بشكل واقعي، وانهم لا يمتلكون صلة به وهلمجرا، هو رأي خاطئ بشكل جوهري. الشيوعيون الاناركيون في اوكرانيا (او ’جنوب روسيا‘ بالنسبة لكم ايها البلاشفة الشيوعيون الذين يحاولون تجنب كلمة اوكرانيا)، اقول، الشيوعيون الاناركيون قد اعطوا توا عديد من البراهين على انهم منزرعون بشدة في ’الحاضر‘. نضال الريف الاوكراني الثوري بأكمله ضد الرادا المركزية تم تنفيذه في ظل التوجيه الايديولوجي للشيوعيين الاناركيين وجزئيا ايضا من الاشتراكيين الثوريين (الذين بالطبع يمتلكون اهداف مختلفة كليا عن اهداف الشيوعيين الاناركيين في كفاحهم ضد الرادا المركزية). لم يمتلك بلاشفتكم الا فيما ندر اي وجود في قرانا. واينما تغلغلوا ظل نفوذهم في حدوده الدنيا. تقريبا كل الكوميونات او الجمعيات الفلاحية في اوكرانيا تشكلت بايحاء من الشيوعيين الاناركيين. الكفاح المسلح للشعب العامل ضد الثورة المضادة عموما وضد الغزو الالماني النمساوي خصوصا اضطلعت به الجماهير يدا بيد مع التوجيه الايديولوجي والعضوي للشيوعيين الاناركيين حصريا.
“من المؤكد، انه ليس من مصلحة حزبك ان تعطينا استحقاقا وجدارة في كل ذلك، ولكنها تلك هي الحقائق وانت لا تستطيع دحضها. انت تعرف بدقة تماما، كما اتخيل، القوة الفعلية والطاقة القتالية للقوات الثورية الحرة في اوكرانيا. لم يكن دون سبب انك اثرت امر شجاعتهم التي دافعوا بها بشكل بطولي عن المواقع الثورية المشتركة. من بينهم، على الاقل نصفهم حارب رافعا الراية الاناركية – موكروسوف، وماريا نيكيفوروفا ، وتشدردنياك، وجارين، ولوينيف والعديد من قادة القوات الاخرين الموالين للثورة ممن سيأخذون وقتا طويلا حتى نذكر اسماءهم كلهم – كلهم شيوعيون اناركيون. استطيع الحديث عن المجموعة التي انتمي اليها بنفسي وعن كل جماعات الانصار الاخرى و’كتائب المتطوعين‘ للدفاع عن الثورة التي قمنا بتشكيلها والتي لا تستطيع قيادة الحرس الاحمر الاستغناء عنها.
“كل ذلك يظهر لك كم انت على خطأ، ايها الرفيق لينين، بادعاء اننا، نحن الشيوعيون الاناركيون، لا تقف اقدامنا على ارض، وان مسلكنا نحو ’الحاضر‘ امر يرثى له واننا مغرمون جدا بأن نعيش في احلام حول المستقبل. ما قلته لكم في سياق حوارنا اليوم لا يمكن وضعه محل تساؤل لان ما قلته هو الحق وصحيح. الرواية التي قصصتها عليكم تناقض الاستنتاجات التي عبرتم عنها نحونا. كل شخص يستطيع ان يرى كم نحن “مزروعون” في الحاضر، حيث اننا نعمل ونسعى نحو ايجاد الوسائل التي تجلب المستقبل الذي نرغب به، واننا في الواقع نتعامل جديا مع هذه المشكلة”.
في هذه اللحظة تطلعت الى سفردلوف. كان وجهه قد اصطبغ بالاحمرار ولكنه كان ما زال مبتسما. بالنسبة للينين، وقد فرد ذراعيه، قال: “ربما اكون مخطئا”.
“نعم، نعم، في هذه الحالة، ايها الرفيق لينين، كنت قاسيا جدا علينا، نحن الشيوعيون الاناركيون، ببساطة، كما اعتقد، لان معلوماتكم فقيرة حول الوضع الحقيقي في اوكرانيا وحول الدور الذي لعبناه هناك”.
“ربما لا استطيع المجادلة في ذلك. ولكن على اية حال الخطأ لا يمكن تجنبه، خصوصا في الاوضاع الراهنة”، هذه كانت اجابة لينين.
لينين وقد لاحظ انني اشعر بسخونة ما بسبب ياقة القميص، بذل اقصى ما عنده لتهدئتي بطريقة ابوية، ملتويا بالحوار بشكل حاد تماما الى موضوع اخر. ولكن طبعي السيئ، اذا ما كان لي ان اقول ذلك، لم يسمح لي بان اترك نفسي للدخول في مزيد من النقاش، رغم كل الاحترام الذي بثه لينين في داخلي ناحيته. شعرت بالاهانة. رغم انني عرفت ان امامي رجل حقيقي، الا ان هناك عديد من الموضوعات الاخرى ممكن ان اتناولها معه وهناك الكثير مما استطيع تعلمه منه، ولكن حالتي الذهنية كانت قد تبدلت. لم تعد اجاباتي تفصيلية؛ شيئا ما داخلي اصبح مطعونا ومررت باحساس من اللفظ.
تأثر لينين بشدة من التعامل مع هذا التغيير في موقفي نحو الحوار. سعى لينين جاهدا لصرف غضبي بالحديث عن اشياء اخرى. وسألني فجأة، وقد لاحظ انني استعيد لياقتي السابقة نتيجة فصاحته وبلاغته في الحديث: “اذا انت تنوي العودة الى اوكرانيا سرا؟”
اجبت، “نعم”.
“هل استطيع تقديم اي مساعدة؟”
قلت، “بكل سرور”.
سأل لينين، ملتفتا الى سفردلوف، “من هو المسئول حاليا عن ارسال عملاءنا داخل الجنوب؟”
رد سفردلوف، “اما الرفيق كاربينكو او الرفيق زاتونسكي. سوف اتيقن من منهما”. وبينما يتصل سفردلوف هاتفيا ليكتشف من منهما المسئول عن ارسال عملاء تحت غطاء الى اوكرانيا، حاول لينين اقناعي ان موقف الحزب الشيوعي فيما يتعلق بالاناركيين ليس عدائيا لهذه الدرجة التي يبدو اني اعتقدها.
قال لينين، “لو اننا اضطررنا الى ان نتخذ اجراءات نشيطة قوية لخلع الاناركيين من مبنى معين يحتلونه في مالايا ديميتروفسكا، كانوا يأوون فيه عصابات من هنا او من اماكن اخرى، فالمسئولية لا تقع علينا ولكن على الاناركيين الذين نصبوا انفسهم هناك. يجب ان تفهم اننا صرحنا لهم باحتلال مبنى اخر ليس بعيد عن المبنى الذي احتلوه في شارع مالايا ديميتروفكا وانهم احرار في القيام بعملهم بطريقتهم الخاصة”.
سألت لينين، “هل تمتلك اي دليل يبرهن على ان الاناركيين في مالايا ديمتروفسكا كانوا يأوون عصابات؟”
اجاب لينين، “نعم، جمعت المفوضية الاستثنائية دليلا وتحققت منه. والا لما اصدر الحزب اوامر بالاجراءات التي اتخذت”.
في الاثناء جلس سفردلوف معنا مرة اخرى واعلن ان الرفيق كاربينكو هو المسئول عن تمرير العملاء السريون، ولكن الرفيق زاتونسكي ايضا خبير بذلك ولديه معلومات جيدة عن هذا الموضوع.
صاح لينين مباشرة: “اذا، يا رفيق، اذهب غدا بعد الظهر او حينما يتفق لك الى الرفيق كاربنكو واطلب منه اي شيء انت تحتاجه لدخول اوكرانيا سرا. سوف يعطيك طريقا تسلكه لعبور الحدود”.
سألت، “اي حدود؟”
قال لينين بعصبية، “الا تعلم اخر ما حدث؟ اقيمت حدود بين روسيا واوكرانيا . هناك قوات المانية تحرس هذه الحدود الان”.
اجبت، “اذا انت تعتبر اوكرانيا بوصفها ’جنوب روسيا‘”.
تمتم لينين، “ان تعتبر هو شيء، يا رفيق، وان ترى الاشياء كما هي فذلك امر اخر”.
قبل ان يتاح لي الوقت لارد، اضاف لينين: “اخبر الرفيق كاربنكو انني ارسلتك. اذا لم يصدقك، فليطلبني فقط في التليفون. هذا هو العنوان حيث يمكنك ان تجده”.
بعدئذ وقفنا كلنا، وتصافحنا بالايدي، وبعد تبادل الشكر، بطريقة ودية كما كان ظاهرا، غادرت مكتب لينين، ونسيت حتى ان اذكر سفردلوف ان يأمر سكرتيره ان يوقع التأشيرة الضرورية على وثائقي التي سوف تخولني امكانية الحصول على غرفة مجانية من سوفيت موسكو.
وجدت نفسي سريعا عند بوابات الكرملين وفورا مضيت لأرى الرفيق بورتسيف.
خاتمة
بفضل مساعدة لينين، استطاع ماخنو العودة الى اوكرانيا بعد رحلة طويلة وخطيرة. زود البلاشفة ماخنو بجواز سفر كمدرس؛ وحاولوا ايضا تجنيده كواحد من عملائهم في اوكرانيا، ولكنه رفض عرضهم. عند وصول ماخنو الى منشأه الاصلي في جولاي-بولاي، علم انه في غيابه احرقوا بيت امه حتى سوي بالارض وان اخيه الاكبر، الغير لائق للحرب، قتلته القوات الرجعية .
هناك دليل ضئيل على ان مقابلة ماخنو مع سفردلوف ولينين تكتسب اي اهمية تاريخية. استمر البلاشفة في اتباع سياسة غير تنويرية نحو اوكرانيا. نادى البلاشفة، وهم مخطئون في حساب قوتهم بالريف، بهبة جماهيرية في 7 اغسطس 1918، مما جعلها تتسبب في عموم الفوضى . وعندما غزا البلاشفة اوكرانيا للمرة الثانية في نهاية عام 1918، كرروا كل الاخطاء نفسها في تعاملهم مع الفلاحين بنفس النتائج السابقة . وللمفارقة، افكار ماخنو عن شن ’حرب الشعب‘ في الريف حاكاها فعليا الزعماء الماركسيون اللينينيون في العالم الثالث – من اجل غايات مختلفة تماما.
مضى ماخنو في تنظيم الحركة التي حملت اسمه، الماخنوية، والتي ناضلت لمدة ثلاث سنوات لتأسيس مجتمعا اناركيا في جنوب شرق اوكرانيا. ومن وجهة نظر عسكرية صرف، جيش انصار ماخنو قام بنصيب كبير في نتائج الحرب الاهلية: اعطى العديد من المقاتلين الاناركيين ارواحهم في معركة مستميتة مع جيوش الجنرال الابيض ’دينيكن‘ ونجحوا في قطع خطوط امداده عندما كانت قواته تقترب بالضبط من موسكو.
تتبع لينين وتروتسكي اخبار نشاطات ماخنو باهتمام بالغ . عند لحظة معينة فكر لينين وتروتسكي حتى في فصل جزء من اوكرانيا وتركه للاناركيين لتنفيذ تجربتهم الاجتماعية . ولكن في النهاية اغرقوا الماخنوية في بحار دماء الاف الفلاحين الذين تم اعدامهم .
عندما زارت ايما جولدمان والكسندر بيركمان لينين في 1920 لطلب العفو في قضية الاناركيين في السجون الروسية، صاح لينين مغضبا: “اناركيون؟ كلام فارغ! لدينا عصابات في السجون، وماخنويون، ولكن لا يوجد اناركيون ايديولوجيون” .

محاولة لتفكيك الخطابات الدينية السائدة أو محاولة لإعادة اكتشاف الإنسان في الخطابات الدينية السائدة

مازن كم الماز

الحقيقة أن الجانب الإنساني في الشخصيات التاريخية الواقعية و التي تتعرض لعملية نزع لإنسانيتها من خلال عملية تطويبها و تحويلها إلى رافعة لمقدس ديني ما ( و إيديولوجي مؤخرا ) هو الضحية الأولى لهذه العملية .. النبي محمد , يسوع , موسى , الحسين , عائشة , الصحابة , الأئمة , جمعهم أشخاص حقيقيون , بشر عاشوا كسائر البشر , لكن الخطابات الدينية السائدة بتطويبهم ألغت وجودهم و تاريخهم الفعلي كبشر , أنكرت عليهم إنسانيتهم في سبيل مقدسها , “لتسمو” بهم إلى رموز فوق إنسانية لمقدسها المزعوم , لقد أعادت مؤسسات الكهنوت الديني ( و الإيديولوجي في وقت لاحق ) كتابة التاريخ الفعلي لهؤلاء البشر بما يتوافق تماما مع إنكارها هذا لإنسانيتهم لتتمكن في نهاية المطاف من تحويلهم إلى أنبياء , قديسين , آلهة , الخ .. لا يمكن للقديسين خلافا للبشر العاديين , و لا يسمح لهم , بارتكاب الأخطاء الإنسانية العادية , التافهة و الكبيرة منها , إن الصورة السائدة تصورهم على أنهم لا يخطئون , و بالتالي يعاد إنتاج تاريخهم الفعلي بعد أسطرتهم , تحويلهم إلى أسطورة , لكن حقيقتهم البشرية ترفض إلا أن تطل علينا باستمرار من وقائع حياتهم المسكوت عنها , و التي شكلت على الأغلب المنطلق في “بطولتهم” الرمزية طالما أنهم حتى اليوم هم الأبطال المنصبون لحياتنا و تاريخنا , لا يكفي أبو طالب مثلا أنه حمى ابن أخيه من ألد أعدائه , أبي سفيان , الخطاب السائد يعيد قراءة الواقع , و هو يخلق منطقه الخاص ليبرر قلبه للواقع , أبو سفيان أسلم الأمر الذي لم يفعله أبو طالب , هكذا يصبح العدو الأول لمحمد في مركز القراءة الجديدة للتاريخ بينما يطرد أبو طالب خارجها , هذا طبعا مثل مصلحة لسلطة قائمة , امتلكت و نسبت لنفسها الحق في إعادة تفسير التاريخ بما يناسبها , يبقى الشيعة المساكين مضطرين للزعم باستمرار أن أبا طالب قد أسلم ليدافعوا هم أيضا عن قراءتهم المزيفة على طريقتهم للتاريخ , لكن هذه قضية ثانوية في محاولتنا هذه لإعادة قراءة التاريخ , فما نريد الحفر عنه هم البشر الفعليون , كما عاشوا فعلا , في هذه القراءات المزورة للتاريخ , مثلا طريقة صياغة ما تسمى بحادثة الإفك , أو قصة الاتهام الذي نسب مثلا لزوجة النبي محمد المفضلة عائشة يصور على أنه مادة لجدال بين حق مطلق يمثله إله محمد و نبيه و شر مطلق يمثله الأشرار الذين “اتهموا” عائشة بالزنا , وجود عائشة هنا هامشي ثانوي و خاضع كلية لأولوية الدفاع عن محمد و إلهه , هذه الواقعة التاريخية تساوي تماما واقعة أن يسوع قد ولد من أم غير متزوجة و التي تحول من واقعة إنسانية عادية و مكررة إلى “معجزة” , الحقيقة أن هذه الوقائع في الحقيقة وقائع بشرية بسيطة و عادية بمعنى تكرارها لا بمعنى أنها غير مهمة , بل هي ذات أهمية هائلة لمن عاشوها , الأنا الأعلى الأخلاقي هنا يعامل الزنا كجريمة أخلاقية , لكن الأكيد أن ممارسة الجنس ليست جريمة إنسانية , إنها حالة إنسانية , صحيح أن الجنس شيء معقد و مركب , صحيح مثلا أن الإنسان يشترك في هذه الغريزة مع الحيوانات , بل الكائنات المتطورة كلها , التي تتكاثر جنسيا , لكن هذا لا يقلل من إنسانية الغريزة و الممارسة الجنسية , صحيح أن للجنس وظيفة أكبر من الفرد , ما يسميه علماء البيولوجيا الحفاظ على الجنس , لكن الأكيد أيضا أنه من أهم أشكال و أسباب الإشباع الفردي , حتى وظائف أكثر أولية كالطعام و الشراب , أي الكفاح في سبيل البقاء أو العمل الإنساني , تساهم أيضا في خلق الإشباع الإنساني الفردي بقدر ما تملك مهمة اجتماعية أخرى و لا أقول أكثر أهمية , طالما كان الجنس حالة إنسانية مركبة , مثلا يمكن للإنسان أن يمارس المثلية الجنسية بدافع الكبت الجنسي و القمع الجسدي أو على العكس كخيار حر و طوعي لتلبية أو إشباع حر لرغبة إنسانية بامتياز , و طالما كانت نظرة الأنا الإنسانية للجنس نظرة فصامية مشتتة بين غرائز الهو و توبيخ الأنا الأعلى القمعي , طالما احتفظ الكثيرون بشخصيتين , واحدة تتناسب مع اشتراطات الأنا الأعلى الأخلاقية و أخرى تبحث عن إرضاء و إشباع غرائز الهو و لو عن طريق ممارسة الجنس أو وسائل بلوغ اللذة الجنسية الأخرى مع المومسات أو حتى الأطفال أو المحارم , باختصار ليس فعل الزنا أو الجنس جريمة إنسانية , إنه حالة إنسانية واقعية جرت و تجري و ستجري كل دقيقة .. يمكن القول استنادا إلى استقراء المسكوت عنه في التاريخ أن محمد كان شخصا إيروسيا شبقا , و لو أن توجهه نحو تلبية رغباته الجسدية جاء متأخرا , ربما بسبب ضغوط الدعوة و حاجته ليحتفظ بصورة طهرية ما قبل أن ينتصر دينه عمليا و يصبح من الممكن أن يعتمد بدلا من تلك الصورة الطهرية على دعم الوحي له في تلبية و إشباع رغباته الإنسانية , مع هذا الانتصار سيبدأ محمد بالالتفات إلى جسده الذي أصبح متعبا بعض الشيء , متقدما في السن أيضا , لا يمكن القول بأن علاقة محمد بخديجة كانت قائمة على الشهوة , لقد كانت عقلانية أكثر منها شهوانية , تماما على عكس علاقته بعائشة , فعائشة رغم أنها لم تكن على قدر هائل من الجمال الجسدي , لكنها كانت جسدا قادرا على أن يمنحه إشباعا هائلا , جسد أنثوي غض , فتي , سنها الصغير , و حقيقة أنها عذراء , سيجعل هذا من عائشة أقرب نسائه إلى قلبه و جسده , هكذا ستنشأ علاقة نموذجية بين زوج كهل و زوجة شابة تلعب دور الزوجة المفضلة أو المدللة , لكن الغيرة تشكل جزءا ضروريا من مثل هذه العلاقة , هذه الغيرة التي ستتصاعد في قلب الزوج تدريجيا , ليس فقط تجاه عائشة , بل كل نسائه , ليبدأ بفرض الحجاب , ثم منعهن من الخروج إلى الأسواق و الاختلاط بالرجال .. بالنسبة لعائشة لا بد أن ممارسة الجنس في سن مبكرة جدا مع رجل كهل كانت تحمل أو تخلق مشاعرا متناقضة , لقد مارست عائشة الجنس قبل أن تكون قادرة على الاستمتاع بذلك و هذا يترك لدى المرأة ذكريات مختلفة عن فعل الممارسة الجنسية , خليط من الإشباع الطفولي و إرهاصات اللذة الجسدية الثائرة و إنهاء طفولتها الفعلية للقيام بلعب دور الزوجة و ربما الكراهية الدفينة الممزوجة بالإحساس بالدونية من ممارسة الجنس و من الشريك الجنسي نفسه , المنطق الإنساني البسيط يقول أن عائشة الإنسان , المرأة , قد تمارس فعلا الجنس إذا توفرت لها الفرصة مع شخص آخر , أصغر سنا , أقرب إلى الصورة الذكورية التي تحرك شهوة المرأة من زوجها الكهل , نقطة أخرى هامة هي أن إشباع المرأة المتزوجة يكون عادة أكبر بكثير مع عشيقها من زوجها , أن الجنس مع العشيق يكون لاهبا , مقارنة بالجنس الروتيني مع الزوج , لكن بغض النظر عن الاحتمالات المرتبطة بما قامت به عائشة بالفعل , فإن عائشة اضطرت للتوقف عن ممارسة الجنس أيضا في سن صغيرة , كانت كسائر أزواج النبي ممنوعة من أن تتزوج ثانية بعد موت النبي , و هذا الانقطاع المبكر عن ممارسة الجنس و لفترة طويلة حتى الموت بينما كانت الرغبة ما تزال مشتعلة في الجسد الفتي هي على الأغلب السبب وراء انغماس عائشة في الألاعيب و المؤامرات السياسية التي بدأت في الفترة الأخيرة من حكم عثمان بن عفان و بعد أن خسرت معركة الجمل و فشلت محاولاتها الأخيرة لتولية أحد إخوتها خلافة المسلمين , انتهت بها إلى مواقفها المتزمتة و المعادية للمرأة في فتاواها و الأحاديث التي نقلتها عن زوجها الرسول , إن هذا الانقطاع المبكر و الطويل عن الجنس إضافة إلى الرض الهائل الناتج عن اتهامها بالخيانة الزوجية يقود بشكل طبيعي إلى إنكار و من ثم كره الممارسة و الغريزة الجنسيتين في نهاية الأمر , إلى أن تصبح هي نفسها بمواقفها المعادية لجنسها , أن تصبح تجسيدا للأنا الأعلى الأخلاقي الذي حاكمها يوما و ما زال لأنها امرأة ..
لا شك أن يسوع , كطفل لامرأة , لأم , غير متزوجة قد عانى من عقدة أوديب مقلوبة , من ألم داخلي هائل , سببه له النظام الأخلاقي السائد , الابن هنا يحاول أن يعوض عن الأب المفقود بصورة خيالية لأب ما , عدا عن محاولة التوفيق بين كراهية الأم و تحميلها مسؤولية آلامه و بين حبها الطبيعي كمصدر للحياة , كمأوى و كملجأ من الآلام التي يعانيها بسبب موقف المحيط الرافض له …. الحقيقة أن هذا التوتر الهائل بين أنا متألمة و أنا أعلى تواصل التوبيخ باستمرار و تكرس عند الأولى شعورا هائلا بالدونية و بالرفض , من السهل جدا أن يحل على الصعيد السيكولوجي باعتبار أن الأب المفقود ليس إلا الرب , الأب … لكن حتى في لحظة تغلبها الفصامي الشيزوفيريني على ألمها تبقى الأنا عند يسوع تشعر بالمهانة أمام الأنا الأعلى الأخلاقية , المنافقة بالمناسبة , للأخلاقيين و رجال الدين و حتى الرأي العام المجتمعي , فيعلن يسوع في هذه اللحظة أن الجنس لا يجب فقط تقنينه أخلاقيا و اجتماعيا لصالح الأسرة الأحادية كتعبير عن انتصار الجنس الذكوري و إخضاع الجنس الأنثوي كما تفعل سائر الأديان , بل يعلن أن الجنس , الزواج , هو رباط مقدس , يسوع بذلك يكرس عقدة نقصه أمام الأنا الأعلى الأخلاقية التي سببت له كل تلك الآلام بالتأكيد , إنه يعلن هزيمته أمامها , انكساره , إن الله – الأب لا ينقذ يسوع فقط من توتره , من صراعه الداخلي و من الرفض الخارجي له كابن لأم غير متزوجة , بل إن تلك الأنا الأعلى تتحد بالله , بصورة الأب المفقود , لتجعل تلك الوصفة الأخلاقية جزءا من أهم أجزاء المقدس , من الرب نفسه , هكذا يهزم يسوع في لحظة انتصاره الفصامي , و يخلق بالضرورة , يؤبد , بتماهيه بالأنا الأعلى التي واصلت تعذيبه و الاعتداء عليه طوال حياته , أسباب إنجاب أطفال مثله , محكومين مثله بالألم و المعاناة , بتحويله الوصفة الأخلاقية السائدة إلى أقصى أشكالها الممكنة جمودا و رفضا و عداءا لإنسانية و لجسد الإنسان , إن الله – الأب لن ينقذ البشرية عن طريق آلام ابنه المنبوذ يسوع , بل سيقسمها فقط بين قلة في النعيم و غالبية في الجحيم , إن يسوع المستسلم للأنا الأعلى , الذي يقدس الأنا الأعلى , بإعلانها على أنها هي الله – الأب , لا ينقذ البشرية , إنه يكبلها من جديد …. في الحقيقة إن هؤلاء البشر هم أبطال التاريخ الإنساني الفعلي , التراجيديا الإنسانية الفعلية , التي بدأنا بروايتها و تمثيلها منذ ظهر الإنسان الأول الواعي على هذه الأرض و حتى الغد البعيد , و لذلك فهم مثل هاملت تماما , و مثل أبطال الأساطير اليونانية يشدنا إليهم ما يشدنا في هؤلاء الأبطال من صراع مضن مع مصائرهم , مع العالم و مع رغباتهم , مع الخيانة , و الهزيمة , أي باختصار كل ما هو إنساني , لا يعني هذا أنهم لم يكونوا فصاميين أو عصابيين , أو أنهم لم يمارسوا الخداع , أو أنهم في نفس الوقت لم يكونوا صادقين في ما قالوه و زعموا أنهم رأوه و اعتقدوا به , إن الخداع ليس فعل شيطاني , إنه مثل الزنا أو الجنس , فعل إنساني بامتياز , و في الأغلب يكون خداع النفس ( المرضي أو الهستيري حتى أحيانا ) هو المدخل لخداع الآخرين , و إيهام النفس هو المدخل لإيهام الآخرين , إن التسامي كعملية سيكولوجية يحاول أن يقلب الأدنى , التافه , الإنساني , الغرائزي , في نظر الأنا الأعلى الأخلاقي إلى ما هو سامي , فوق إنساني , فوق غرائزي , في محاولة لإخفاء أصوله الغرائزية الإنسانية , إنه يبقى مشدودا إلى حالته الغرائزية الإنسانية الأولية , لكن بشكل منافق … لا شك أن التراجيديا الإنسانية الفعلية تتضمن أكثر من مجرد الغرائز التي يكبتها الأنا الأعلى , مثلا كانت العادة في العالم المتحضر في عصر المسيح أن الأباطرة , الفراعنة , الملوك , هم من يعلنون أنفسهم , أو يعلنهم الكهنة آلهة أو أبناء للآلهة , كان أكبر فعل هرطقي في العالم القديم يومها هو إعلان يسوع , الابن الذي ولدته مريم دون زوج , ابنا للإله – الرب , ملكا لليهود , لا شك أن هذا كان يومها أخطر مؤامرة على الأنا الأعلى – السلطة , و لهذا على الأغلب ظهر المسيحيون الأوائل بين الفقراء و المحرومين و لهذا على الأغلب كان يسوع قادرا على أن يلهمهم تلك القوة الاستثنائية في مواجهة بطش أباطرة روما – آلهة العالم القديم , و لكن ما في كل قصص التراجيديا الإنسانية – التي تقترب هنا من الملهاة – يظهر كهنة يقومون بتطويب يسوع , “تخليصه” من إنسانيته , من آلامه الإنسانية , ليصنعوا قصة آلامه الإلهية , المقدسة , ليندمج أخيرا آلهة العالم القديم بإله المحرومين المهرطق – يسوع , لتصبح المسيحية دينا للإمبراطورية , و ليحكم الأباطرة باسم يسوع نفسه هذه المرة …. إن عملية تطويب القديسين و الأنبياء و الآلهة هي أسوأ و أحط و أكثر جبنا مما فعله شكسبير مثلا مع هاملت , فعندما لا تستطيع أن تكون بطلا فقد تمارس بطولتك بأن تكتب عن الأبطال , كما نفعل نحن , لكن عملية تطويب يسوع و عائشة هي أحط و أكثر همجية و لا إنسانية , إنها عملية توظيف هؤلاء الأبطال الفعليين للتراجيديا الإنسانية الواقعية لصالح قوى سلطوية , لكي يقوموا بوظيفة مباشرة في بنية و خطاب هذه السلطات القائمة , الأشخاص التافهون , الذين يقومون بفعل التطويب هذا , بفعل الأسطرة هذا , يقنعون بدور موظفين في بنى السلطات القائمة , و هم لأنهم متميزون فقط في فعل التطويب , في فعل التقديس و إزالة الأنسنة عن هؤلاء الأبطال الفعليين فإنهم مناسبون تماما لممارسة دور كهنوت دين السلطة القائمة , إنهم تافهون و جبناء لدرجة أنهم لا يستطيعون ممارسة البطولة الإنسانية أو حتى الحديث عنها لذلك فإنهم يخلقون وهم البطولة الإلهية , أنا أعتقد أنه هنا بالتحديد تكمن قوة تحليل نيتشه , عندما يمزق القناع الذي وضعه هؤلاء الكهنة على وجوه أبطال تاريخنا البشري و يكشف عن جوهر و حقيقة معاناتهم و آلامهم الإنسانية , هذا ما أظن أنه يشكل الجانب الثوري , و ربما الأناركي , في فلسفة نيتشه عن التاريخ و الإنسان …. إن الأفعال الكبرى , أفعال التمرد على ما يبدو أنه مصير إنساني محتوم , أي على القدر , تماما كما في الأساطير اليونانية , يحفز الرغبة في تقديس أبطال هذه الأفعال , ربما لن يكون غريبا مثلا أن يجد رجلا مثل علي بن أبي طالب أو الحسين كل هؤلاء الناس ليعلنوه إماما أو حتى إلها , حتى خصم الحسين في كربلاء , يزيد , يوجد من يؤلهه , لكن فقط كامتداد للمتمرد الكوني الأول , الشيطان نفسه , خصم الإله الدائم و خصم كل الآلهة …. لا نستطيع أن نحكم كيف تصرفت عائشة بالفعل عندما جاءتها فرصة ممارسة الجنس مع شخص غير زوجها , و لا يمكن لأحد أن يقطع بما حدث فعلا , لهذا بالتحديد جرى حسم القضية فقط بواسطة تلك القوة التي لا نستطيع مجادلتها و التي يزعم محمد أنها تعرف السر و أخفى , أي الله نفسه , و هنا إما عليك أن تفعل كما فعل محمد نفسه أو أن تستمر في التفكير دون طائل … أخيرا , كانت عائشة و يسوع أمثلة لبشر مضطهدين , لبشر مكبوتين , قمعهم النظام الأخلاقي و الاجتماعي السائد , بينما كان ردهم إنسانيا بامتياز , أي متناقضا بقدر ما أن الإنسان يبقى أسير تناقضاته الداخلية و تناقضات عالمه , عالم السادة , لم يكونا أحرارا و متمردين مثل سبارتاكوس الذي أطاح بسيفه و بثورته , بالأنا الأعلى – السلطة في هذا العالم من ألفه إلى يائه و حلم بتغييره كلية و إقامة عالم جديد تماما , كانا أضعف من هذا , مثلنا , مثل غالبية البشر , فتمردوا قليلا و خضعوا كثيرا , و أعاد وعيهم إنتاج مأساتهم في صدامهم مع النظام الذي قمعهم و نبذهم بشكل إنساني بامتياز , قائم على الوهم , بالضرورة , و في لحظة ما , تحولوا إلى جزء من منظومة القمع و الكبت السائدة كرموز في الأنا الأعلى لحالة فوق إنسانية , لكبت جديد قديم , لهذا بالذات يبقى سبارتاكوس هامشيا في قراءة السادة للتاريخ , فهو يبقى حاضرا على الدوام كإنسان , من دم و لحم , كحالة إنسانية أبدا عصية على التطويب , و يبقى مع ذلك ممتلكا ذلك السحر الخاص الاستثنائي للثوار , الخارجين على كل اشتراطات الأنا الأعلى , و لذلك دوما كان يبعث من جديد , لأنه الإنسان الذي يخلق تاريخه مرة أخرى بثورته , بينما يخلقها في بقية الأوقات كهنة السادة و سيدهم – أناهم الأعلى …………….

بحران ساختار سلطه در تاریخ معاصر جنبش-های افقی و آنارشیک و جایگاه اسلاوی ژیژک/13

م_ع آوریل 2009

لنین در تدارک قیام 1905

در آنزمان حکومت تزاری اشتباه بزرگی کرده بود و درگیر جنگ با ارتش ژاپن شده بود که ارتشش چند بار شکست خورد و غرش های طغیان در داخل کشور به گوش میرسید و دربار تزاریسم به طرز اسفباری غرق در دسیسه ها و توطئه چینی ها شده بود لیبرال ها زمینه مشروطه خواهی را در حکومت دامن میزدند حتی شاهزادگانی چون دالگورکوف، ایوان پترو نکویچ، فئودور کوکوشین و نابوکف زیر رهبری پرفسور پل میلیوکوف سازمان اتحاد برای آزادی را تأسیس کردند و در تابستان بعد به سال 1905 به حزب دمکرات مشروطه خواه تغییر نام داد و به کادت ها معروف شدندکه استرووه مارکسیسم پیشین حالا سردبیری روزنامه اش را از آلمان به عهده داشت. در این اوضاع بحرانی شاهزاده میرسکی که یک لیبرال بود پست وزرات کشور را به عهده گرفت و شرایط آزادی مطبوعات را تا حدی فراهم آورد تا فضای تنش آزادیخواهی آرام گیرد. تجمع ها مدام در شهر های روسیه بر پا میشد در سن پطرزبورگ کنگره بزرگی از جانب اقشار مردمی برپا شد و خواهان آزادی مطبوعات، بیان، برابری اقلیت های ملی و ایجاد مجلس موسسان بودند. دستگاه پلیسی اخرانا اجبارا به یک فضای بازتر امکان میداد تا مردم از جانب احزاب سوسیالیستی بیشتر از این تحریک نشوند. کشیشی به نام گاپون( از ااعضا مخفی اخرانا، از کتاب اسناد تاریخ روسیه) در راس این کنگره سعی می کرد مردم را در چهار چوب قوانین حکومتی تزار به پیش برد. کم کم همین تظاهرات کنترل شده با شمایلی از قدیسین مسیحی به همراه خانواده هایشان به طرف کاخ تزار به راه افتادند تیپ گارد سلطنتی بر روی آنها آتش گشود و هفصد نفر کوچک و بزرگ بیرحمانه کشته شدند. رویداد یکشنبه خونین موجی از اعتراضات و اعتصابات را در سال 1905 به راه انداخت بی آنکه سازمانی براین اوضاع کنترل داشته باشد مردم در زمینه وسیعی از خواست های اجتماعی شان، خواهان آزادی بودند. در اواخر 1905 کارگران راه آهن سراسری روسیه اعتصاب کردند و دولت فلج شد در همان زمان یک حکومت شورای نمایندگان کارگران در سن پطرزبورگ شکل گرفت که یک وکیل دادگستری به نام خروستالف ریاست آنرا داشت و نیکلای آوکستیف از حزب سوسیالیست انقلابی چپ و تروتسکی از جناح منشویک معاونین او شدند و اکثریتی از کارگران در آن عضو بودند این شورا ربطی به جناح های مختلف حزبی نداشت و تلاش می کرد در جهت تشکیل یک پارلمان کارگری حرکت کند اما منشویک ها از آن دفاع کردند. لنین کنگره سوم سوسیال دمکراسی را در ماه می 1905 در لندن تشکیل داد که تنها، اعضاء حزب بلشویک که اکثراً در خارج بودند در آن شرکت کردند و خط بورژوایی منشویک ها شدیداً تکفیر شد و اعضاء حزب بر رهبری لنین مهر قطعی زدند. اما شورای کارگران در داخل روسیه قدرتمند شده بود و مرتب دست به اعتصاب میزدند. مغازه ها بسته میشد و جریان امور جامعه را به طرف تشکیل مجلس موسسان سوق میدادند. وزرای تزار میگفتند که در حال حاضر دو تا قدرت در جامعه حکومت میکند پس باید حق آزادی عمومی داده شود تا نمایندگان مردم در مجلس دوما بتوانند خواسته های عمومی خود را مطرح سازند تا دست به شورش نزنند. ترتسکی در روزنامه شورا نوشت که تزار وعده های زیادی در قانون اساسی داده ولی استبداد تره پوف(فرمانده نظامی سن پطرزبورگ) همچنان بر سر جایش باقی است. این شرایطی است که سربازان و ملوانان هنوز به سَمت شورا نیامده اند و شورا خواست حقوق اضافی و 8 ساعت کار برای کارگران و ضمنا مسئله خلع سلاح ارتش را مطرح کرده بود. نخست وزیر جدید با سیاست بازی های چپ و راست درون دربار تزاریسم دست به تهدید گردانندگان شورا زد. در نوامبر 1905 ملوانان پادگان کرونشتات دست به شورش زدند و رهبرانشان دستگیر شدند اعتصابات به نفع شورش ملوانان اوج گرفت و خواستار انحلال دادگاه های نظامی و لغو مجازات اعدام شدند. ص143-94

لنین برای بر پایی قیام مسلحانه در نوامبر همان سال وارد روسیه شد. لنین اسلحه زیادی در دست گروهای رزمی بلشویک ها قرار داده بود. حزب بلشویک از طریق دوستان و خانواده های مرفه اعضا روشنفکر و تحصیل کرده کمک مالی میشدند در ضمن بانک زنی و سرقت های مسلحانه همواره در دستور کار بود. برای لنین، محور شعارهای قیام مسلحانه، تشکیل یک ارتش انقلابی و تاسیس یک حکومت آهنین به رهبری حزب خودش بعد از پیروزی بود. اما لنین سیاستمدارانه ترجیح داد در مقابل قدرت شورا، دیگر عرض اندام نکند هر چند در اوایل آن را محکوم کرده بود. او خوب میدانست که حزبش دارای یک تشکیلات منظم است و در شرایط فروپاشی تزار از آن به خوبی استفاده خواهد کرد. از این جهت به طرفدارانش میگفت: فعلا وقت را برای مسایل حزبی تلف نکنید که این افراد اعضای بلشویک هستند یا نه، تمام طرح های قبلی را به دور بریزید، بمب های دستی بسازید جوانان دیگر را درگیر جوخه های رزمی کنید کلانتری ها را بگیرید از این طریق ما بعدها دارای صدها رزمنده و جنگجو خواهیم بود که قادرند صدها هزار نفر را رهبری کنند.ص115

قیام در سن پطرزبورگ افت کرد اما در مسکو آغاز گشت و لنین تمام نیرویش را به آنجا خواند و این عملیات را از فنلاند فرماندهی می کرد سنگر های دفاعی در شهر ساخته شد گروه های عملیاتی سه یا چهار نفره بعد از حملات ضربتی پراکنده میشدند. سرانجام بعد از یک هفته با رسیدن هنگ کمکی و ارتش توپخانه سن پطرزبورگ، سنگر های انقلابیون کاملاً درهم شکسته شد. لنین قبلا هم گفته بود: ما بر اساس خیالبافی زندگی نمیکنیمما هنوز خیلی ضعیف هستیم و طبیعتا شکست خواهیم خورد. ولی ما خواستار برپایی یک قیام در راستای متزلزل کردن نظام استبدادی و به حرکت در آوردن توده های مردم هستیم. وظیفه بعدی ما این است که توده های مردم را وادار به به پذیرش مرام خود کنیم. این است نکته اصلی! خودِ قیام مهم است و نه پیروزی یا شکست آن. این حرف که ما نمیتوانیم پیروز شویم و لذا نباید قیام کنیم، از دهان افراد بزدلی خارج میشود که ما باید رابطه امان را با آنان قطع کنیم.ص113

واقعیت این است که قدرت ها،کشورها و ژنرالها برای مردم و سربازان ذره ای ارزش قایل نیستند مردم تنها وسیله ای برای قدرت نمایی های آنها در بدست آوردن فتوحات بیشتر کشوری و یا فرقه ای خود هستند. تمام تاریخ جنگ های اول و دوم بیانگر سادیسم جاه طلبانه قدرت هاست که برای غارت منافع مالی و قدرتی بیشتر، چطور افراد را گوشت دم توپ می کردند، بر روی مین های دشمن میفرستادند و یا به طور آزمایشی آن ها را برای گشودن یک شکاف در جبهه دشمن به پیش میراندند و آن ها فریاد میزدند ما زیر تیربار و توپخانه دشمن قرار گرفته ایم، پاسخ این بود، از دستور سر پیچی نکنید برید جلو، و سربازان میدانستند که اگر فرارکنند توسط ارتش خود از پشت سر تیرباران میشوند. ده ها فیلم مستند تنها در آمریکا از استراتژی های پیروزمندانه ژنرال ها و سرهنگها در جنگ ها تهیه شده است که بر روی یونیفرم هایشان جای خالی ای برای مدال های جنایتشان باقی نمانده است. مسئله اینجا نفی مبارزات، مقاومت ها، قیام ها و انقلابات مردمی برای آزادی شان نیست بلکه وسیله شدن آنها در دستان فرقه ها و احزاب قدرتی برای منافع سود جویانه شان به نام آزادی، وطن پرستی و جز آن است که مورد برخورد ما واقع میشوند. نگاه کنید به اکثر جنگ های فرقه ای چریکی و پارتیزانی که امروزه توسط سیاست های کثیف غربی و حتی شرقی در آفریقا و تقریبا کل دنیا دامن زده شده است، در حالیکه مبارزه چریکی چه گوارا از یک کیفیت عشق واقعی برای آزادی انسان ها سرچشمه میگرفت، صرفنظر از برخی اشتباهاتش که قربانی جاه طلبی های دولت فیدل کاسترو شد.

بعد از شکست قیام در مسکو برخی از سران اصلی شورا، دستگیر و تبعید شدند. روزنامه هایی که از چشم تزار تندرو به حساب می آمدند بسته شد. تزار از ترس اینکه اگر برگذاری مجلس دوما را هم منحل کند دوباره باعث آشوب خواهد شد، ترجیح داد جلوی آنرا نگیرد. کادت ها و منشویک ها از این موقعیت بهترین بهره برداری کردند. جریانات دهقانی و گروه های مستقل کارگری هم در آن شرکت کردند. پلخانوف و منشویک ها برنامه انتخابات آینده پارلمان کشور جدید سرمایه داری را طراحی می کردند، اما مشروطه خواهان این دفعه دست بالا را در دوما داشتند. لنین حتی از جانب اکثریتی از بلشویک ها به خاطر تک روی ها و سیاست های ماجراجویانه اش به سبک نچایف ها شدیداً مورد برخورد قرار گرفت که تنها باعث خونریزی و کدورت بین نیروهای مختلف اجتماعی و کارگری شده بود. لنین بعد ها اعتراف کرد که تحریم دوما به نفع بلشویک ها نبود. هر چند قبل از برگذاری دوما، لنین زیر فشار چنین انتقاد هایی مانور سازش و نزدیکی با منشویک ها را به اجرا در آورد. کنگره چهارم حزب سوسیال دمکرات روسیه در آوریل 1906 این بار در سوئد برپا شد و صرفاً یک وحدت صوری بود وپنجمین کنگره کل حزب در آوریل 1907 در لندن برگذار شد که این بار بلشویک ها اکثریت را آوردند، و همانطور که لنین در کنگره چهارم به لونا چارسکی گفته بود زمانیکه ما اکثریت را به دست گیریم خواستار شدیدترین انضباط در حزب خواهیم شد. وقتی اعضا حزب به روسیه برگشتند لنین در پی نقشه کشیدن برای قیام بود. از آنجایی که حزب بلشویک روی شورای سربازان نفوذ داشت از آنها خواست روی منشویک ها و دیگر گروه های کارگری برای اجرای برنامه قیام فشار بیاورند. در این زمان استولوپین وزیر وقت تزار چندین جاسوس در درون احزاب سوسیالیست داشت و به دنبال بهانه ای میگشت که مجلس دوما را منحل کند و لو رفتن سند قیام لنین زمینه ای شد که اکثر سران سوسیال دمکرات را دستگیر و تبعید کنند. در این دوران فضای بازتر سیاسی ای به وجود آمده بود و روزنامه های سوسیالیست کم وبیش بیرون می آمدند و اگر یکی بسته میشد به نام جدیدی دوباره شروع به کار می کرد. اتحادیه های کارگری به طور علنی از اوضاع موجود انتقاد می کردند و لنین اعتقاد داشت این علنی بودن باعث سستی کارگران در مبارزه انقلابی میشود. اما به زودی تصمیم گرفت نفوذش را در آنها بیشتر کند.

مالینوفسکی در پشت پرده لنین ؟!

در سال 1906 اتحادیه کارگران فلز کار در سن پطرزبورگ یکی از قوی ترین سازمان های کارگری شده بود و یکی ازسخنگویان این اتحادیه، کارگری بود به نام مالینوفسکی که توانایی شگرفی در جذب کارگران داشت و منشویک ها قادر شدند او را به کمپ خود بکشانند. در سال 2009 او دو بار توسط دستگاه پلیسی دستگیر شد اما در بار دوم با وجود اینکه جرمش سنگینتر از دیگران بود اما به زودی آزاد شد و این بار او به یکی از مهمترین یاران لنین تبدیل شد و اکثر ماموریت ها و اجرای برنامه های مخفی در روسیه به ریاست او پیش میرفت. قدرت بحثش در دفاع از بلشویک ها و جذب کارگران شایان ذکر است. اما برخی گردهمایی های مخفی منشویک ها مدام لو میرفت و بسیاری زندانی و تبعید شدند. در سال1910 کم کم از جانب منشویک ها زمزمه اینکه مالینوفسکی جاسوس سازمان اخرانا تزاری است بلند شد. به تدریج چند تا از جلسات و ارتباطات مخفی بلشویک ها هم با حملات اخرانا روبرو میشد، بوخارین و چند نفر دیگر از بلشویک ها شک شان از مالنوفسکی را به لنین ابراز کردند مورد برخورد شدید او واقع شدند که آنها ناآگاهانه به دام توطئه ها و سیاست های تخریب گرایی منشویک ها علیه بلشویک ها افتاده اند. حتی زمانیکه در تابستان 1913 استالین مخفیانه برای شرکت در یک مهمانی به خاطر جمع آوری کمک مالی به حزب از تبعید به سن پطرزبورگ (پتروگراد) آمده بود، مورد حمله پلیس اخرانا واقع شده و با تنی چند دوباره به سیبری تبعید میشوند و مالنوفسکی آن شب در مهمانی حضور داشت. در عین حال اعضای مخفی منشویک ها در اتحادیه ها مدام به دست اخرانا افتاده و بعد بلشویک ها به راحتی در آن ها نفوذ می کردند. مالنوفسکی در برابر این اتهامات، حملات آتشینی به خیانت کاری های لیبرالی منشویک ها میکرد که آنها بزدلند و برای مقاصدشان دست به هر تهمتی میزنند. در این دوران چندین نشست بین بلشویک ها و منشویکها انجام شد تا اینکه در اوت 1913 یک گنگره در گالیسی با حضور 22 نفر از بلشویک ها بطور مخفیانه شکل گرفت. لنین، زینوویف و مالینوفسکی در میان آنان بودند، هدف این بود که بلشویک ها در برنامه بعدی مجلس دوما به ریاست مالینوفسکی، سیاست منشویک ها را کاملاً افشاء کرده و به جدایی کامل خودشان از هیئت مختلط سوسیال دمکرات ها پایان دهند. حالا دیگر لنین و زینوویف علیه منشویک ها در روزنامه پراودا (ستاره) می نوشتند و مالینوفسکی یکی از محبوب ترین افراد در میان کارگران به شمار میرفت.

در آوریل 1914 تزار از رشدسیاست های چپ و لیبرال ها و کرنسکی در دوما خسته شده بود، تصمیم گرفت تا بساط همه آن هارا بر چیند و این در شرایطی است که بعد از شکست قیام، یک روال نسبتا عادی بر روسیه مستولی بود. بلشویک ها در دوما به تبلیغ نظرات خود می پرداختند اما در آن روز مالینوفسکی سیاست های تزار را شدیداً افشا می کرد و به اخطار های رئیس دوما توجه نمی کرد تا اینکه گاردهای مجلس او را از پای تریبون پایین کشیدند. او از اعضاء بلشویک حاضر در آنجا خواست که دوما را تحریم و ترک کنند، زیرا ما فقط داریم به تقویت ارتجاع می پردازیم. اما آنها چنین حرکتی را نقض برنامه و دستورات حزب میدانستند ولی مالینوفسکی استعفانامه اش را روی میز رودزیانکو رئیس دوما گذاشت و دوما را ترک گفت. روزنامه ها نوشتند که در صفوف بلشویک ها شکاف ایجاد شده است. رابط های حزبی بلشویک، موضوع را سریعا به کمیته مرکزی در اروپا گزارش دادند. چندین بار از او خواسته شد که برای سرپیچی از اصول تشکیلات در کمیته پاسخ گویی به حزب بلشویک حاضر شود ولی او امتنان کرد. در جلسه بعدی دوما، معاون رئیس مجلس عنوان کرد که ما فهمیده ایم مالینوفسکی در دستگاه جاسوسی اخرانا کار میکند. منشویک ها با بررسی سوابق او شواهد محکمی دال بر جاسوس بودن مالینوفسکی بدست آوردند، بخصوص که بیشترین ضربات از جاسوسی را آنها متحمل شده بودند. رهبران منشویک به فوریت یک بیانیه امضاء شده برای محاکمه مالینوفسکی در کنگره حزب به عنوان جاسوس اخرانا بیرون دادند. لنین، زینوویف و کامنف مقاله مشترکی در پراودا نوشتند که ما هرگز اجازه نمیدهیم نمایندگان بورژوازی بر مسند داوری در باره یک سخنگوی پرولتاریای انقلابی بنشینند.

در ماه مِی 1914 مالنوفسکی به ملاقات لنین در گالیسی میرود و چند هفته آنجا میماند و در 25 می، مالنوفسکی نامه ای به امضاء خودش در روزنامه پراودا با این مضمون منتشر میکند: ” با اینکه به دلایل شخصی، فعالیت های سیاسی خود را قطع کرده ام ولی همچنان یک بلشویک سر سخت باقی میمانمو بعداً پاسخ این گستاخی منشویک های مرتجع را در یک کشور آزاد جواب خواهم داد “. لنین هم در سرمقاله روزنامه از بلشویک ها خواست که به خائنین منشویک اجازه ندهید به یاران شما افترا زنند. در سال 1915 روزنامۀ سوزیا دمکرات بلشویک ها در خارج کشور این خبر را درج کرد که مالینوفسکی در جنگ کشته شده است(ص161). چگونه یک عضو برجسته حزب بلشویک میتواند در جنگ روسیه و آلمان که از جانب خودشان تحریم و محکوم شده بود کشته شود؟ در انقلاب فبریه 1917 دولت تزار سرنگون شد و حکومت موقت کرنسکی پرونده های سِری اوخرانا را گشود و معلوم شد مالینوفسکی به نام پورت نوی جاسوس اخرانا بوده است. جزییات امر نشان میداد او چقدر حقوق میگرفته، چگونه گزارش میداده و با فهرستی از برنامۀ بازداشت ها و غیره. اما لنین در برابر این افشای دردناک،تنها پاسخ داد: او گرچه بسیاری را نابود ساخت اما حزب ما چنان قوی و بزرگ شده بود که او قادر نبود جلوی رشدش را بگیرد.(ص233)در اینجا لنین باسیاست از موضوع اصلی تفره میرود که او تنها مسحور سخنوری های جسورانه، قدرتمند و آتشین مالنوفسکی در دفاع شعار گونه اش از حزب بلشویک شده بود زیرا برای امثال لنین روحیات عاطفی و انگیزه های انسانی به لحاظ عناصر واقعی مبارزاتی، کوچکترین ارزشی نداشت. اما مالنوفسکی ناگهان در نوامبر 1918 در مسکو آفتابی شد. محاکمه به فوریت پشت درهای بسته صورت گرفت. مالنوفسکی تلاشی نکرد که اتهامات را رد کند. اما او گفت قبلا در سال 1914 در گالیسی، نزد لنین همۀ اعترافاتش را کرده بود. آیا هیچکس جرات داشت لنین را برای این موضوع مورد خطاب قرار دهد. آنگونه که الگا آنیکست شاهد عینی بلشویک میگوید، در طول محاکمه تمام مدت لنین سرش پایین بود و تنها گاهی با حالتی تردیدآمیز به او نگاه می کرد و سرش را تکان می داد. همه حاضرین بلشویک از چهره لنین این برداشت را می کردند که شاید او درخواست بخشش کند حداقل مالنوفسکی چنین اطمینانی را داشت. همه فریاد میزدند این خائن را تیرباران کنید، و سرانجام حکم صادره تیرباران شد. مالنوفسکی به لرزه افتاد و با حالتی باور نکردنی لنین را نگاه می کرد او را بیرون برده و تیرباران کردند(ص339). شاید ما هرگز نفهمیم که سال1914 درآن چند هفته درگالیسی بین آندو چه گذشته بود؟ اگر لنین چنانکه نشان داد از شیقتگان راه نچایف ها بود و به هر توطئه ای که به نفع قدرت او بود دست میزد، حتی آنگونه که بکار گیری افرادی در درون سازمان اطلاعاتی دشمن، لازم شمرده میشد. آیا مالنوفسکی یک جاسوس دو جانبه لنین بود؟ چیزی که امروزه در دستگاه های جاسوسی کشورهای جهان امری رایج است.